من هدم الأبراج إلى ورقة الغاز.. معركة إسرائيل مع غزة تمتد إلى مصر والقاهرة ترد بثبات دبلوماسى
كتب: عبدالله عمارة
أوضح الدكتور إسماعيل تركي، خبير العلاقات الدولية، أن الاحتلال الإسرائيلي يهدف من خلال تدمير البنايات العالية والأبراج بمدينة غزة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، وهي محو مظاهر العمران وكسر الإرادة في نفوس المواطنين، وتحويل مدينة غزة إلى سياسة الأرض المحروقة التي تجبر سكانها على تركها وتهجيرهم قسريًا واستحالة عودتهم إليها مرة أخرى، حيث سيتم تسوية المدينة من كل البنايات.
وأضاف إسماعيل تركي، في تصريحات خاصة لـ”نافذة الشرق”، أن تدمير الاحتلال الإسرائيلي للأبراج السكنية والتجارية في قطاع غزة ليس مجرد عمل عسكري عشوائي، بل هو جزء من استراتيجية متعددة الأوجه تهدف إلى تحقيق أهداف عسكرية ونفسية.
لماذا يدمر الاحتلال أبراج غزة؟
وأشار “تركي”، إلى أنه من ناحية الأهداف العسكرية يهدف الاحتلال إلى تدمير البنية التحتية لحركة حماس والمنظمات الفلسطينية الأخرى، حيث يروج الجيش الإسرائيلي إلى أن هذه الأبراج قد تحتوي على مراكز قيادة، وغرف عمليات، أو مخازن أسلحة، أو حتى أداة للمراقبة والرصد، وأن تدميرها يقطع خطوط الإمداد والاتصال للمقاومة.
وأكد خبير العلاقات الدولية، أن حقيقة الأمر أن كل هذه ذرائع كاذبة لتمرير سياسة الأرض المحروقة وجعل قطاع غزة مكان لا يمكن العيش به، وإجبار أهله على التهجير القسري.
ولفت إلى أن الاحتلال يهدف أيضًا إلى بث الرعب واليأس في نفوس المدنيين الفلسطينيين من تدمير هذه الأبراج التي يقطنها آلاف الأشخاص، ويرسل رسالة واضحة بأن لا أحد في غزة بمأمن، مما يدفع السكان إلى النزوح.
وأوضح الدكتور إسماعيل تركي، أن الاستراتيجية النفسية تسعى إلى كسر إرادة الصمود لدى الشعب الفلسطيني، وقطع الروابط الإنسانية والنفسية بأماكن عيشهم حتى يسهل تهجيرهم.
ما أهداف التوسع البري للاحتلال في غزة؟
وأكد “تركي”، أن توسيع الاحتلال الإسرائيلي لعملياته البرية في قطاع غزة، خاصة في مدينة غزة المكتظة بالسكان، يسلط الضوء على نوايا دولة الاحتلال حول مخطط التهجير القسري للفلسطينيين من خلال دفع السكان نحو الحدود المصرية تمهيدًا لتهجيرهم بشكل دائم من القطاع.
وأوضح خبير العلاقات الدولية، أن تنفيذ مخطط التهجير القسري يواجه تحديات كبيرة وعقبات دولية ومحلية، أولها الرفض المصري، حيث ترفض مصر بشكل قاطع أي محاولة لتهجير الفلسطينيين نحو أراضيها وتعتبر ذلك تهديدًا للأمن القومي.
وأضاف أن الموقف المصري تم إعلانه بشكل واضح وصريح لا يقبل التأويل، بأن عملية التهجير هي خط أحمر بالنسبة لمصر والأردن وباقي الدول العربية، وأن مصر لن تسمح به تحت أي ظروف، طوعيا كان أو قسريًا، مؤقت أو دائم، وقد استعدت مصر لهذا الأمر بشكل كامل ليس من خلال الرفض فقط ولكن أيضًا من خلال الجهود الدبلوماسية وإنشاء شبكة حماية دبلوماسية مع الدول التي من الممكن أن تكون وجهات محتملة لتهجير الفلسطينيين إليها ورفضت هذه الدول ذلك رفضًا قاطعًا.
وأشار الخبير، إلى أن هناك أيضًا الضغط الدولي، حيث ترفض العديد من الدول والمنظمات الدولية هذا المخطط وتعتبره جريمة حرب وانتهاكًا للقانون الدولي وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة والمادة 49 التي تحظر تهجير السكان بشكل قسري تحت الحماية وقت النزاعات والحروب.
وأكد أن أحد أهم العقبات أمام خطط التهجير التي تحاول دولة الاحتلال القيام بها هو الصمود الفلسطيني الأسطوري، حيث يرفض الشعب الفلسطيني ترك أرضه مهما واجه من ظروف وتحديات وعمليات قصف وإبادة وحصار خانق وعمليات تجويع وصلت حد المجاعة، مما يشكل عقبة أمام خطط الاحتلال.
ما التحديات التي تواجه مصر في مواجهة المخطط الإسرائيلي؟
ولفت إسماعيل تركي، إلى أن التحديات التي تواجه مصر أمام مخاوف التهجير القسري لسكان القطاع تتمثل في مخاوفها من نجاح دولة الاحتلال الإسرائيلي في تصفية القضية الفلسطينية وتهجير شعبها، وهو أمر لا يمكن لمصر القبول به أو المشاركة فيه، حيث أنه ظلم تاريخي.
وأوضح “تركي”، أن مصر تسعى لمساعدة الفلسطينيين للحصول على حقوقهم المشروعة وحق تقرير المصير الذي يكفله القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وأضاف أن هناك تخوفًا آخر يتمثل في نقل الصراع إلى مناطق أخرى من بينها سيناء، أحد الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل، فوجود الفلسطينيين في سيناء هو تهديد مباشر للأمن القومي المصري ويقوض عملية السلام القائمة منذ عقود.
وأكد أن مصر تحاول الحفاظ على أمنها القومي ومساعدة الفلسطينيين في نيل حقوقهم المشروعة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة قادرة على العيش بسلام، بمعنى آخر تحاول مصر الحفاظ على عناصر قيام الدولة الفلسطينية: الشعب، والأرض، والسلطة، والاعتراف الدولي، وهو ما تبذل في سبيله كل الجهود على كافة المسارات.
هل يستخدم نتنياهو ورقة الغاز للضغط على مصر؟
وأشار “تركي”، إلى أن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتعليق المفاوضات حول اتفاق الغاز مع مصر مرتبط بالموقف المصري الداعم للحق الفلسطيني ومواجهة الخطط الإسرائيلية وتكذيب الروايات الإسرائيلية الكاذبة.
وأوضح أن هذا القرار لا يعدو كونه محاولة للضغط على مصر في سياق مفاوضات وقف إطلاق النار، وقد يكون إرضاءً لليمين المتطرف، وقد يهدف أيضًا إلى إعادة تقييم شروط الاتفاقية لضمان مصالح إسرائيل الاقتصادية.
وأكد خبير العلاقات الدولية، أن مصر تستطيع التعامل مع هذا الموقف من خلال عدة خيارات، فقد تستخدم قنواتها الدبلوماسية للضغط على إسرائيل للعودة إلى المفاوضات.
وأضاف أنه قد تبدأ مصر في البحث عن مصادر طاقة بديلة مثل زيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة أو استيراد الغاز من دول أخرى، حيث ستبحث القاهرة عن بدائل أخرى، فالسوق مفتوح والدول العربية تمتلك من الإنتاج ما يمكن أن يغطي القدر الذي تحتاجه مصر، إضافة إلى توسع نشاط البحث والتنقيب عن الغاز في الأراضي المصرية والمناطق الاقتصادية.
وأشار الخبير، إلى أنه قد تتخذ مصر مواقف سياسية أكثر حزمًا تجاه إسرائيل إذا استمرت في تعليق الاتفاقية، الأمر الذي يوضح النهج الذي تتخذه إسرائيل في محاولة التصعيد العسكري في قطاع غزة والتصعيد السياسي والدبلوماسي والاقتصادي مع مصر.
واختتم الدكتور إسماعيل تركي، بالتأكيد على أن هذا النهج أصبح مفهومًا ومعلومًا بسبب ثبات الموقف المصري والدفاع عن حقوق الفلسطينيين ومواجهة الخطط الإسرائيلية الخاصة بتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين، فمصر لم تفرط ولم تتنازل ولم تساوم بشأن دعم الفلسطينيين، وتضغط من أجل وقف العدوان الإسرائيلي وإدخال المساعدات والاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.