“نائبة التعليم تكشف لـ«نافذة الشرق» تفاصيل نظام البكالوريا الجديد: وداعًا لبعبع الثانوية العامة”| حوار خاص
حوار عبد الرحمن السيد
بعد موافقة مجلس النواب نهائيًا على تعديلات قانون التعليم الجديد، والتي تضمنت استحداث نظام “البكالوريا المصري” كمسار اختياري إلى جانب نظام الثانوية العامة التقليدي، بات من الواضح أن الدولة تخطو خطوات جادة نحو إصلاح جذري في منظومة التعليم الثانوي، يهدف إلى التخفيف من الضغوط النفسية، وتوفير فرص عادلة ومتعددة للطلاب.
في هذا الإطار، أجرت “نافذة الشرق” حوارًا موسعًا مع النائبة الدكتورة جيهان البيومي، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، للحديث عن تفاصيل القانون الجديد، مزاياه، آلية تطبيقه، وما يحمله من وعود بتغيير واقع التعليم الثانوي في مصر.
وإليكم نص الحوار كاملًا:
س: بداية.. ما أبرز ملامح التعديلات التي أقرها مجلس النواب على قانون التعليم؟
ج: التعديلات التي وافق عليها البرلمان نهائيًا تضمنت استحداث نظام “البكالوريا المصري” إلى جانب النظام التقليدي للثانوية العامة، بحيث يتم تطبيق النظامين بالتوازي داخل المدارس، ويكون من حق الطالب أو ولي الأمر اختيار النظام الأنسب له. الهدف هو تقديم بدائل عادلة ومنصفة تراعى الفروق الفردية، وتخفف الضغط النفسي الكبير الذي كان مرتبطًا بنظام الثانوية العامة القائم على امتحان واحد مصيري.
س: كيف يمكن أن يغير نظام البكالوريا الجديد من شكل المرحلة الثانوية؟
ج: نظام البكالوريا سيحدث نقلة كبيرة، لأنه يتيح للطالب أكثر من فرصة لتحسين المجموع، دون أن يُحسب ذلك رسوبًا. الفكرة الأساسية أن يكون هناك مساحة للتقييم المتعدد، وتخفيف فكرة “الفرصة الواحدة” التي كانت ترهب الطلاب والأسر لسنوات طويلة. النظام الجديد سيعطي الطالب حق إعادة امتحان المادة التي لم يحصل فيها على مجموع مرتفع، ويتم احتساب الدرجة الأعلى.
س: وهل ترين أن هذه التعديلات ستقضي على “بعبع” الثانوية العامة؟
ج: بالتأكيد. ما كان يؤرق الأسر المصرية طوال عقود هو أن مصير الطالب مرتبط بيوم واحد فقط، وفي حال حدوث أي ظرف طارئ – مثل مرض أو توتر أو حادث – يضيع مجهود سنة كاملة. النظام الجديد يغير هذه المعادلة، ويمنح الطالب فرصة جديدة دون أن يعاقب على رغبته في تحسين مستواه.
س: كيف جرت المناقشات داخل لجنة التعليم حول مشروع القانون قبل الموافقة النهائية؟
ج: عندما جاء وزير التربية والتعليم إلى اللجنة، كان هناك توافق على ضرورة الإصلاح، ولكننا أبدينا ملاحظات حازمة بشأن بعض المواد. كانت هناك نصوص تمنح الوزارة صلاحيات مطلقة، مثل تغيير النظام التعليمي أو وضع برامج جديدة دون الرجوع للبرلمان، وهو أمر غير دستوري. وقد تم حذف هذه المواد بالكامل خلال المناقشات، لضمان وجود رقابة برلمانية حقيقية، وعدم التفرد باتخاذ قرارات مصيرية تؤثر على مستقبل الطلاب.
س: هل ستضطر الأسر لنقل أبنائها إلى مدارس أخرى إذا اختاروا نظام البكالوريا؟
ج: لا إطلاقًا. النظامان سيطبقان داخل نفس المدرسة، ولن يُطلب من الطالب تغيير مدرسته. نحن حريصون على راحة أولياء الأمور والطلاب، وهدفنا هو التيسير لا التعقيد.
س: ما هي الرسوم المقررة لإعادة الامتحان وتحسين المجموع؟
ج: في البداية كانت وزارة التعليم تقترح أن تكون رسوم الإعادة 500 جنيه للمادة، لكن هذا الرقم قوبل باعتراض واسع داخل البرلمان وخلال جلسات الحوار المجتمعي. لذلك تم خفضها إلى 200 جنيه فقط. وإذا رأت الوزارة لاحقًا ضرورة زيادة الرسوم بسبب التكاليف التشغيلية، فإنها ستتقدم بطلب لرئيس الوزراء، على ألا تتجاوز الزيادة حدًّا أقصى قدره 400 جنيه للمادة.
س: هل تعتقدين أن أولياء الأمور والطلاب سيتقبلون نظام البكالوريا بسهولة؟
ج: أنا أراهن على ذلك. البكالوريا المصرية ستنال قبولًا واسعًا من الطلاب، لأنها تقدم عدد مواد أقل، وتوفر هدوءًا نفسيًا وفرصة للتحسين، وتزيل الضغوط المرتبطة بالرسوب أو اليوم الواحد. من خلال قراءتي للمجتمع، أتوقع أن نسبة كبيرة من الطلاب – ربما الأغلبية – ستتجه لاختيار هذا النظام خلال السنوات القادمة.
س: وماذا عن تطبيق القانون؟ متى يدخل النظام الجديد حيز التنفيذ؟
ج: القانون دخل حيز التنفيذ فعليًا بعد موافقة المجلس عليه نهائيًا، وسيتم تطبيق نظام البكالوريا على الطلاب الجدد في المرحلة الثانوية بدءًا من العام الدراسي المقبل. أي أن طلاب الشهادة الإعدادية حاليًا سيكون أمامهم حرية الاختيار بين النظامين قبل دخول الصف الأول الثانوي.
س: كيف ترين أثر هذا التحول على جودة التعليم ومستقبل مصر؟
ج: نحن أمام مرحلة جديدة من تطوير التعليم، وهذه التعديلات خطوة أولى في مسار طويل. لكن الأهم أنها تنطلق من رؤية واضحة تسعى لتحقيق العدالة، والاهتمام بالطالب من الناحية النفسية والمعرفية. النظام الجديد يقربنا أكثر من النظم التعليمية الحديثة، التي تقوم على المرونة والتنوع في أدوات التقييم، وليس فقط الحفظ والتلقين.
س: هل هناك مخاوف من عدم جاهزية المدارس لتطبيق النظام الجديد؟
ج: بطبيعة الحال، أي تغيير كبير يُقابل ببعض التحديات، لكن وزارة التربية والتعليم وضعت خطة مرحلية للتنفيذ، تشمل تدريب المعلمين، وتطوير المناهج، وتوفير بنية تحتية رقمية. ووجود النظامين معًا داخل المدارس يسهل عملية الانتقال التدريجي دون إرباك.
س: ما رسالتك لأولياء الأمور والطلاب في ظل هذا التحول الجذري؟
ج: رسالتي بسيطة: لا تخافوا من التغيير، فهذه التعديلات جاءت استجابة لمعاناة حقيقية عاشها المجتمع لسنوات. البكالوريا ليست تجربة بل رؤية متكاملة لإصلاح التعليم، تمنح أبناءكم فرصة حقيقية للنجاح دون ضغط نفسي. المستقبل يتطلب تعليمًا مختلفًا، ونحن نتحرك في هذا الاتجاه بكل جدية.
بهذه الرؤية النائبة جيهان البيومي أن نظام البكالوريا المصري ليس مجرد تعديل قانوني، بل بداية لعصر جديد في التعليم الثانوي، عنوانه: الحرية، العدالة، وتكافؤ الفرص. ويبقى الرهان الأكبر على التنفيذ السليم، والتواصل المستمر مع المجتمع لضمان نجاح هذا التحول التاريخي في مسيرة التعليم المصري.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.