نزيف من الدم داخل جيش الإحتلال .. وتزايد حالات الإنتحار هذا العام وموجة من الغضب داخل الكنيست

12

طلقات إسرائيلية على صدور إسرائيلية

كتب : أحمد سمير

فى مشهد غير معتاد داخل أروقة جيش الإحتلال فقد تحولت الصفوف الأمامية للجيش الإسرائيلى إلى ساحات دم صامته ليس بفعل رصاص من جهه أخرى ولكن بطلقات أيادى إسرائيلية على صدروها , فى تزايد غير مسبوق لحالات الإنتحار داخل صفوف قوات جيش الإحتلال خاصة داخل وحدات النخبه والقتال , الارقام تتحدث عن نفسها وصمت مطبق قابله إنفجار سياسى داخل الكنيسيت الإسرائيلى , وقد إرتفعات أصوات النواب مطالبه بتدخل سريع لحل هذا الأمر ومسائلة قادة قوات الإحتلال بما يحدث داخل وحداتهم , وعن فشل وحدات الدعم النفسى فى إنقاذ أرواح الجنود ويعتبر عام 2025 هو العام الأسود وفقا لتقاير الجيش النفسية والمعطيات تشير إلى وجود أزمة صامته داخل الجيش الاسرائيلى كشفت عن مدى ضعف وهشاشة الجيش الذى كان يعتقد أن منظومة متماسكة لا تخترق .
بداية لماذا تزايدت حالات الإنتحار داخل صفوف قوات الإحتلال رغم وجود وحدة دعم نفسى بالجيش
على الرغم من إمتلاكة أقدم وحدات للدعم النفسى فى الجيوش الحديثه والتى تعرف بـ” الرفا النفسى ” إلا أن حالات الإنتحار التى تزايدت هذا العام نتج عنها وجود عدد من الإشكالات , ضعف الثقة فى الجهاز النفسى العسكرى جعلت العديد من الجنود يترددون فى طلب المساعدة النفسيه خوفاً من الخضوع لتقييم قد يؤثر على مستقبلهم العسكرى أو المدنى فيما بعد , إضافة إلى الأجواء التنافسيه القتالية فقد ينظر إلى من يطلب الدعم النفسى على أنه غير لائق للخدمة , الأمر يدفع الجنود الى الكتمان , فى يونيو من هذا العام شهدت أول خمس شهور إنتحار 18 جندى إسرائيلى , لتصل نسبة الجنود المنتحرين إلى 38% مقارنة لعام 2024 وهى النسبة الأعلى منذ 15 عام وفقا لما ذكرته صحيفة ” هارتس ” الإسرائيلية مع إعتراف رسمى للجيش بهذا الأمر .
إضافة إلى تقصير فى التدخل المبكر ينم عن نقص فى كبير فى عدد الإخصائيين النفسيين بالمقارنة لعدد الجنود , مما يحد من قدرة الوحدة على إكتشاف الحالات الخطر فى وقت مبكر , مع عدم وجود آليه فحص فعالة يستطيع القادة من خلالها رصد التغييرات الخطيرة فى سلوك المجندين , هذا ما قد أكده تحقيق تم بثه لقناة ” كان 11″ العبرية فى مايو 2025 أفاد بأن نسبة الإستجابة النفسيه للجنود بالوحدات القتالية لاتتجاوز 35% بسبب نقص الكودار والخوف من الوصمة الإجتماعية .
وحدات النخبة تدفع الثمن الأكبر
ووفقا لعدد دلائل أكدت أن ظروف الخدمة العسكرية المتوترة داخل الجيش الإسرائيلى بأن عددا من المنتحرين ينتمون إلى وحدات النخبه كـ ” الكوماندوز ” , لواء جولانى ” حيث يعتبرا من أكبر الوحدات ذات طبيعة قتال عالية الضغط , وفى أغلب الأوقات يتعرض أفرادها لصدما نفسية نتيجة المهام القتالية المباشرة أو التعامل مع المدنيين فى المناطق المحتلة .

إذن من كل ما سبق نستنتج أن البيئة العسكرية لدى قوات جيش الإحتلال قد تساهم وبشكل محلوظ فى تفاقم الأزمات النفسية لدى المجندين , بشكل متسارع خاصة فى السنوات الأخيرة نظرا لمبدأ التجنيد الإجبارى الذى يطبق على الرجال والنساء الأمر الذى يعنى أن البعض منهم يدخل الجيش وهو غير مستعد نفسيا و ليست لديه الرغبه فى الخدمة , كما أن هناك بعض الحالات تكون لدى بعض الجنود خلفيات إجتماعية مضطربة مما يزيد من إستعدادهم للإنتحار فى أى وقت , من المؤكد أن الوضع الأمنى فى الأراضى المحتله من أهم الأسباب التى تؤدى إلى هذا الأمر نظرا لأن الجنود يطلب منهم تنفيذ مداهمات وحمالات إعتقال وتفتيش منازل أو مواجهات فى مناطق مأهوله بالسكان , الأمر الذى يؤدى فى النهاية إلى صدمات أخلاقية تظل معهم حتى بعد إنتهاء الخدمة العسكرية , ولعل من أبرز الأسباب التى تؤدى إلى القيام بالإنتحار هو الإنعزال الإجتماعى داخل جيش قوات الإحتلال , وتوجيه عدد من الإنتقادات بكونه لا يوفر بيئة دعم إجتماعى للجنود , كما أن الجنود أصحاب الأصول الإثيوبيه , والروسيه , والعربية فى أوقات كثيره يعانون من التمييز الداخلى مما قد يزيد من شعورهم بالعزله والضغوط , فقد أكد أطباء نفسيون مدنيون بأن الكثير من الجنود التى قد إنتهت خدمتهم يلجأون للعلاج الخاص بعد الخدمة لكن معظمهم لا يستطيع تحمل التكاليف , خاصة الذين يعانون من إضطراب ما بعد الصدمة .
تصدع الصورة الأسطورية للجيش
إذن من هنا نستطيع أن نقول بأن هناك ضغوط يواجهها جنود قوات الإحتلال بعد إنهاء الخدمة العسكرية , المشكلة لا تنتهى بالخروج من الجيش ولكن فى صعوبة التأقلم مع الحياة المدنية , وعدم القدرة على العودة إلى حياة طبيعيه خاصة الجنود الذى قد خدموا فى مناطق مشتعله وخاضوا معارك فقد نجدهم يعانون من إضطرابات ما بعد الصدمة , القلق , الإكتئاب , بعض الأحيان الدخول فى الإدمان .
أيضا عدم المراقبة النفسيه بعد إنهاء الخدمة وعدم المتابعه المستمرة للأفراد , الأمر الذى أدى إلى تأخر كبير فى معالجة طلبات الدعم النفسى أو تعويضات ما بعد الخدمة مما يزيد شعود الجندى بالخزلان بعد التضحية , نجد أن نسبة كبيرة من الجنود المسرحين تواجههم مشاكل إقتصادية , فى إستكمال دراسة , أو ايجاد فرصة عمل , مما يؤدى إلى الشعود باليأس خاصة إذا كانوا يعانون من صعوبات نفسيه دون علاج .
نستطيع أن نقول بأن هذه الظاهره بالفعل تهدد صورة جيش الإحتلال بكونها قد أطلقت على نفسها أمام دول العالم بكونها ” لا تقهر ” , ولكن كيف تستطيع قيادات الجيش الحفاظ على هذه الصورة أمام المجمتع الداخلى فى إسرائيل نظرا لكونه يقدم بالداخل الإسرائيلى كمؤسسة جامعه , ومصدر فخر وطنى , إذا فى حالة وجود أى تصدع داخلى سيعد خطراً على هذه الهوية , ومع تزايد حالات الإنتحار سوف يُطرح أهم الأسئلة حول إهمال من داخل المؤسسة العسكرية الأمر الذى يؤدى إلى أزمة ثقة بين الشعب والمؤسسة العسكرية .
عاصفة سياسية في الكنيست
أما عن الكنيسيت الإسرائيلى فقد شهد فعليا فى7 يوليو 2025 نقاشاً محتدماً بين أعضاء لجنتى الأمن والخارجية ,وفقا لتغطية موقع ” يديعوت أحرنوت ” لهذه الجلسه فقد إتهم النائب ” أورون مارجليت ” قيادة الجيش بدفن التقارير وتضليل الرأى العام , وطالبت النائبه ” عميت كوهين ” بفتح تحقيق مستقبلى فى أدء وحدة الصحة النفسية والبعض الأخر من النواب واصفين هذا الوضع بـ” نزيف الصمت ” ويجب وقفه على الفور , وقد طالت النقاشات وزير الدفاع الإسرائيلى ” يواف غالانت ” الذى بدوره قد أقر بأن المشكلة حقيقية وتتطلب مراجعه عميقه , رافضا توجيه إتهامات الإهمال بقوله ” إن الجيش يعمل على زيادة التوعية , والتدريب النفسى للقادة ” .

ينعكس هذا الأمر على الرادع العسكرى فهذه الظاهره تأخذنا إلى سؤال يجب طرحه هل الجيش الإسرائيلى ينهار نفسيا من الداخل ؟
فى هذا التوقيت وفتح الحكومة الإسرائيلية أكثر من جبهه للحرب أمام ” حزب الله , وحماس , وغيرهم ” وتصاعد الحملات بالضفة الغربية وغزة فإنها تهز ثقة الجنود بأنفسهم وقادتهم الأمر الذى يؤدى فى النهاية إلى ضعف فاعليتهم القتالية .

وفى تصريح خاص للكاتبة والباحثة السياسية الدكتورة ” أمانى القرم ” لموقع نافذة الشرق قد أفادت فيه ” بأن هذا الأمر يشكل قلقاً لدى المسؤلين الإسرائيليين لما له من أثر على صورة الجيش وهيبته الأخلاقية , التى يدعى أنه يمثلها خاصة خلال العامين السابقين إبان الحرب الشرسة على ” غزة ” .
مضيفة : بأن النسبة تزداد بين جنود الاحتياط أكثر من الجنود النظاميين , وفى محاولة للجيش الإسرائيلى لمنع حالات الإنتحار منذ فترة والحد من هذه الظاهره قام بفتح خط مساعدة يعمل على مدار الساعة طوال أيام الإسبوع , أكدت تقارير بأنه فى عام 2023 قد إستقبل 3900 مكالمة تم على أثرها إستدعاء 800 ضابط صحة نفسيه لمساعدة الجنود .
مؤكده : بأن هناك أسباب ترجع لتزايد هذه الظاهره لعل أبرزها ..
1ـ عدم القدرة على التكيف مع ظروف الحرب خاصة وأن الحرب فى القطاع المحتل إستمرت لفترة طويلة دون وضع خط زمنى لها , وضمن ظروف شديدة القسوة بالنسبة للإسرائيليين أيضا , مما أدى إلى قلق كبير لدى الجنود , لينتهى الأمر إلى صدمات نفسيه وإضطرابات دائمة , خاصة وأن الحكومة الإسرائيلية منذ بداية الحرب التى وضعت لها أهدافا وأولويات لم تكن إعادة المتختطفين من ضمن الأولويات الأولى , بل القضاء على حماس كانت هى أولى أولوياتهم بمعنى أعمق أن حياة الجنود الأسرى لاتهم مقارنة بالنصر الكامل .
2ـ الخوف الشديد من الأسر لخلفية سابقة لدى الجنود عن صعوبة المقاومة فى غزة , لأن الصورة المكونة لغزة داخل ذهن الجندى الإسرائيلى بكونه مكان يبتلع الجنود الإسرائيليين ويأسرهم , فضلا عن إتباع الجيش قاعدة ” هانيبال ” عند تعرض أى جندى لمحاولة الأسر .
3- هول ما قام به الجنود الإسرائيليين من مذابح ومجازر وهدم للمنازل , الصورة تستمر بذهنهم وقد أعرب الكثير منهم بأن رائحة الموت والجثث تظل بأنفاسهم حتى بعد عودتهم من الحرب , وهو ما يعرف بإجهاد ما بعد الصدمة وربما البعض منهم يشعر بتأنيب الضمير.
4ـ محاولة الجيش سد النقص فى عدد جنود الإحتياط بسبب طول مدة الحرب , من خلال تجنيد أشخاص لا يتم التدقيق فى حالاتهم العقلية أول ظروفهم النفسيه .

مختتمه : بأن مسألة إنتحار الجنود داخل الجيش الإسرائيلى تواجه جدلا , كبيرا فى الداخل الإسرائيلى على الصعيد المجتمعى فـ ” العائلات التى ترسل أبنائها للجيش تقول كيف نعطيكم جنديا سليما , ويعود فى كيس للجثث ” أو على الصعيد المسائلات الرسمية حول جدوى إرهاق الجيش والحروب المفتوحة

جرحٌ صامت أم انهيار قادم؟
ما يحدث داخل الجيش الإسرائيلى عام 2025 ليس مجرد أرقام فى تقارير داخليه ولكن ناقوس خطر ينذر بأزمة مؤسسية مزدودجه , الجنود الذين يطلب منهم أن يكونوا أدوات ردع أصبحوا بحاجة لردع إنهيارهم الداخلى .. يبقى السؤال معلقا ً هل تتحرك إسرائيل لعلاج جرحها الصامت أم ستواصل دفنه فى جداول الإحصاء؟

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.