هجوم كشمير الدموي يُشعل فتيل الحرب بين الهند وباكستان.. المنطقة على شفا كارثة نووية

20

كتب: اسلام ماجد

عادت أجواء التوتر العسكري والسياسي بين الهند وباكستان إلى الواجهة من جديد، بعد الهجوم الدامي الذي وقع في منطقة باهالجام بكشمير، وأسفر عن مقتل ستة وعشرين سائحًا، معظمهم من المواطنين الهنود، مما أثار أزمة إقليمية حادة ألقت بظلالها على مستقبل العلاقات بين الجارتين النوويتين.

وقع الهجوم يوم الثلاثاء في وجهة سياحية شهيرة تقع ضمن إقليم كشمير المتنازع عليه، حيث أطلق مسلحون مجهولون النار على زوار كانوا يتجولون في منطقة جبلية وعرة لا يمكن الوصول إليها إلا سيرًا على الأقدام أو عبر الخيول، مما أسفر عن مذبحة مروعة أثارت صدمة كبيرة داخل الهند وخارجها.

في أعقاب الحادثة، قطع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي زيارته الرسمية للمملكة العربية السعودية بعد لقائه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وعاد إلى بلاده ليشرف بنفسه على تطورات الموقف الأمني، متوعدًا بملاحقة منفذي الهجوم ومن يدعمهم حتى “أقاصي الأرض”، حسب تعبيره.

اتهامات متبادلة وتصعيد خطير

وجهت نيودلهي أصابع الاتهام سريعًا إلى باكستان، متهمة إياها بدعم الجماعات الإرهابية التي تنشط في إقليم كشمير، رغم إعلان جماعة مسلحة غير معروفة تدعى جبهة المقاومة مسؤوليتها عن الهجوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو إعلان لم يتم التحقق منه بشكل مستقل حتى الآن.

جبهة المقاومة، المعروفة اختصارًا بـ TRF، ظهرت عام 2019، وتعد من الجماعات المسلحة حديثة النشأة، وقد صنفتها السلطات الهندية منظمة إرهابية وربطتها بجماعة لشكر طيبة المحظورة، التي سبق لها تنفيذ هجمات دامية من أبرزها هجمات مومباي عام 2008.

مع تزايد حدة الاتهامات، أعلنت الهند اتخاذ سلسلة من الإجراءات العقابية ضد باكستان، شملت تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية، وإغلاق معبر حدودي رئيسي، ووقف العمل بمعاهدة مياه نهر السند الهامة، التي تنظم تقاسم المياه بين البلدين منذ أكثر من ستة عقود.

واعتبرت الحكومة الهندية أن دعم باكستان للجماعات الإرهابية يمثل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، ما دفعها إلى اتخاذ خطوات تصعيدية غير مسبوقة، تضمنت طرد مستشارين عسكريين باكستانيين من أراضيها، وفرض مزيد من القيود على منح التأشيرات للمواطنين الباكستانيين.

ردت باكستان سريعًا على الخطوات الهندية بإجراءات مماثلة، إذ أعلنت تعليق التجارة مع الهند، وأغلقت مجالها الجوي أمام الطيران الهندي، وطردت دبلوماسيين هنودًا من إسلام آباد، معتبرة أن الإجراءات الهندية “أحادية الجانب وغير مسؤولة وتفتقر إلى أي أساس قانوني”.

في غضون ذلك، تزايد القلق الإقليمي والدولي من احتمالات انزلاق البلدين إلى مواجهة عسكرية جديدة، خصوصًا في ظل تصريحات قادة الجانبين المتوترة، والتصعيد الإعلامي المتبادل بين العاصمتين.

تاريخيًا، تعد منطقة كشمير واحدة من أخطر بؤر النزاع في العالم، إذ تطالب بها كل من الهند وباكستان بالكامل، رغم تقاسم السيطرة الفعلية عليها منذ عام 1947، وخاض البلدان بسببها ثلاث حروب دموية، ولا تزال المنطقة تشهد باستمرار مواجهات عنيفة بين المجموعات المسلحة وقوات الأمن الهندية.

ورغم تأكيد الحكومة الهندية على تراجع العمليات المسلحة في كشمير منذ إلغاء الحكم الذاتي الخاص بالإقليم عام 2019، إلا أن الهجوم الأخير فضح هشاشة الوضع الأمني وأثار تساؤلات حول مدى قدرة نيودلهي على السيطرة على الأوضاع في واحدة من أكثر المناطق عسكرة في العالم.

مخاوف وتحذيرات من انفجار وشيك

شهود العيان الذين نجوا من الهجوم المروع تحدثوا عن مشاهد رعب مطلقة، مؤكدين أن المسلحين استهدفوا الرجال البالغين بالنيران من مسافة قريبة، وأن بعض الضحايا تعرضوا للإعدام الميداني بعد اتهامهم بدعم رئيس الوزراء مودي، مما يكشف عن دافع سياسي وراء الجريمة.

انتشرت صور ومقاطع فيديو الحادثة كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، موثقة مشاهد الدماء والرعب والدمار، مما فاقم مشاعر الغضب الشعبي والحزن الجماعي داخل الهند.

في المقابل، نفت باكستان بشكل قاطع أي علاقة لها بالهجوم، داعية إلى تقديم أدلة واضحة على الاتهامات الموجهة إليها، ومحذرة من أن تعليق العمل بمعاهدة مياه نهر السند قد يُعتبر عملًا عدائيًا قد يدفع بالأمور إلى مزيد من التصعيد.

على الأرض، يعيش سكان كشمير حالة من الخوف والقلق، خصوصًا مع الانتشار المكثف لقوات الجيش والشرطة، وإغلاق بعض المدارس والشركات بعد الحادثة، فيما تتواصل المظاهرات الغاضبة في العديد من المدن الكشميرية تنديدًا بالعنف والإرهاب.

وأشار العديد من أصحاب الأعمال في كشمير إلى أن موسم السياحة قد تعرض لضربة قاصمة بعد الهجوم، مما يهدد أرزاق الآلاف ويزيد من معاناتهم الاقتصادية.

تحليل خبير: الحرب الشاملة مستبعدة ولكن الخطر قائم

وفي سياق متصل، أكد الدكتور راشد صلاح أبورمية، دكتور في إعلام الذكاء الاصطناعي وباحث دكتوراه في الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والإستراتيجية، أن احتمال اندلاع حرب شاملة بين الهند وباكستان، رغم التوتر الشديد، يبدو ضعيفًا.

وأوضح أبورمية أن السبب في ذلك يعود إلى امتلاك الطرفين أسلحة نووية تجعل الحرب المفتوحة محفوفة بمخاطر كارثية لا يرغب أي منهما في تحملها، مضيفًا أن الطرفين غالبًا ما يلجآن إلى التصعيد المحدود أو الحروب بالوكالة أو الضغط الدبلوماسي والإعلامي دون الوصول إلى مواجهة كبرى.

وأضاف أبورمية أن الأزمة الأخيرة شهدت تصعيدًا كبيرًا من قبل باكستان، التي هددت بإعلان الحرب، إلا أن هناك تحركًا دوليًا تقوده قوى كبرى مثل الصين وأمريكا للتهدئة، لأن أي نزاع مباشر بين بلدين نوويين قد يؤدي إلى كارثة إقليمية أو عالمية، رغم التوترات والتصعيد الظاهري.

وأشار إلى أن التوترات ستستمر، وقد تقع اشتباكات محدودة أو أعمال انتقامية، إلا أن حربًا شاملةً بالمعنى التقليدي مستبعدة حاليًا، إلا إذا حدث خطأ فادح أو تصعيد غير محسوب.

الذكاء الاصطناعي لاعب جديد في صراع الهند وباكستان

وعن دور الذكاء الاصطناعي في هذه الأزمة، أشار أبورمية إلى أن الذكاء الاصطناعي يشارك بقوة في مرحلة التوتر الحالية من خلال المراقبة والتحليل، إذ تستخدم الهند وباكستان تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور الجوية والبيانات الاستخباراتية عبر الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة، لرصد تحركات القوات والاستعدادات العسكرية بدقة عالية.

كما يستخدم الذكاء الاصطناعي في إدارة حملات التأثير الإعلامي الضخمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبر التضخيم الإعلامي أو تزييف الحقائق باستخدام تقنيات مثل التزييف العميق “Deepfake”، حيث أكد أبورمية مشاهدته لصور تم التلاعب بها بالذكاء الاصطناعي، منها صور تُظهر بقرًا فوق دبابات باكستانية، وهي صور غير حقيقية.

كما أشار أبورمية ، إلى أن الذكاء الاصطناعي سيكون له دور رئيسي من خلال الأسلحة ذاتية التشغيل مثل الطائرات المسيّرة القتالية، التي تحدد الأهداف وتضربها بدون تدخل بشري مباشر، بالإضافة إلى أنظمة الدفاع والهجوم السيبراني، التي تستخدم لاختراق شبكات الكهرباء والأقمار الصناعية وأنظمة القيادة العسكرية.

وأكد أن هناك أنظمة ذكاء اصطناعي متخصصة برصد التحركات النووية المبكرة، للتصرف الفوري في حال تم رصد تحريك أو تجهيز أسلحة نووية للطرف الآخر.

واختتم أبورمية تحليله بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي لن يكون مجرد أداة، بل سيكون عنصرًا حاسمًا في تحديد مسار الصراع وربما نتائجه، ما يجعل الوضع أكثر خطورة بسبب احتمالية ارتكاب أخطاء كارثية نتيجة الاعتماد الزائد عليه.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.