هدنة هشة وإعمار معلق.. إيران وإسرائيل بين وقف النار ومآسي غزة
بين معاول الإعمار في طهران، وصواريخ غزة، وتغريدات ترامب، تبدو منطقة الشرق الأوسط وكأنها على حافة هدنة هشة قد تنفجر في أي لحظة. وما بين دعوات السلام ومشاهد الدمار، لا تزال الإجابات الكبرى غائبة عن سؤال واحد يشغل الجميع: إلى أين تتجه الحرب القادمة؟
اتهامات متبادلة ومجزرة اللحظات الأخيرة.. غموض يلف صاروخ بئر السبع
قبل دقائق معدودة من دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل حيّز التنفيذ، دوّت انفجارات عنيفة في مدينة بئر السبع جنوب إسرائيل، حيث قُتل ما لا يقل عن أربعة أشخاص في ضربة صاروخية استهدفت مبنى سكنيًا، وأدت إلى دمار واسع النطاق، وفقًا لتأكيدات منظمات الإغاثة.
وقال إيليا إسحاق توبول، رئيس فرع بئر السبع في منظمة “يونايتد هتسلاه” للاستجابة للطوارئ، إن المنطقة السكنية تعرضت لضربة مباشرة تسببت بخسائر بشرية ومادية كبيرة، مشيرًا إلى حالة من الفوضى والرعب بين السكان.
ورغم أن الجيش الإسرائيلي أكد أنه رصد مجموعة صواريخ أُطلقت من داخل الأراضي الإيرانية باتجاه شمال البلاد، فإن الرواية الإيرانية جاءت نقيضة تمامًا لما أُعلن من تل أبيب.
ففي تصريحات رسمية صباح الثلاثاء، نفت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية بشكل قاطع أي إطلاق صواريخ من جانب طهران بعد دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، مشددة على التزامها الكامل بالهدنة.
كما أكد التلفزيون الرسمي الإيراني أنه لم تُنفذ أي عمليات قصف من إيران في الساعات الأخيرة، معتبرًا أن الاتهامات الإسرائيلية تهدف إلى “تأجيج التوتر” أو “خلق مبرر سياسي لاستمرار التصعيد”.
هذا التضارب بين الطرفين يعيد تسليط الضوء على هشاشة الاتفاق ومدى التزام الطرفين ببنوده، ويطرح تساؤلات عن الطرف المسؤول عن “الطلقة الأخيرة” التي سبقت الهدوء الهش.
الحكومة الإيرانية تستعد للإعمار.. والحديث عن استهداف المنشآت المدنية
في أعقاب 12 يومًا من المواجهة العسكرية المباشرة بين إيران وإسرائيل، بدأت طهران صباح الثلاثاء خطوات أولية لتقييم حجم الدمار الذي خلّفته الضربات الإسرائيلية، تمهيدًا لانطلاق عملية إعادة الإعمار. هذا في وقتٍ ساد فيه هدوء نسبي إثر سريان اتفاق وقف إطلاق نار لا يبدو أنه متماسك ولا مضمون.
أعلنت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، أن طهران تعرضت لهجمات إسرائيلية استهدفت مناطق سكنية، ومراكز بحثية، ومنشآت صحية ومدنية، مؤكدة أن البلاد تواجه مهمة ضخمة تتطلب حشد الموارد لإعادة بناء ما تم تدميره. وتحدثت مهاجراني في تصريحات رسمية عن “عملية إعادة إعمار كبرى” يجري التحضير لها بالتزامن مع وقف إطلاق النار المؤقت.
في الوقت نفسه، نقل موقع “نور نيوز” الرسمي عن الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، تأكيده على التزام طهران باتفاق التهدئة “ما لم تنتهكه إسرائيل”. وقال بزشكيان إن بلاده لا تزال منفتحة على الحوار، ومستعدة للدفاع عن حقوق الشعب الإيراني عبر المفاوضات السياسية.
ترامب يعود إلى المشهد.. ويهاجم إسرائيل ويغازل الصين
في مفارقة لافتة، عاد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى الأضواء عبر تصريحات مثيرة أطلقها من منصته “تروث سوشل”، إذ قال إن الصين باتت قادرة على شراء النفط الإيراني دون قيود، ودعاها إلى شراء النفط الأمريكي أيضًا. ترامب، المعروف بسياسة “الضغط الأقصى” على إيران خلال فترة حكمه، أقر ضمنيًا بانهيار العقوبات الاقتصادية التي فرضها سابقًا.
وفي موقف نادر، انتقد ترامب كلا الطرفين، الإيراني والإسرائيلي، قائلًا إنهما خرقا اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنه سابقًا، وأعرب عن عدم رضاه عن أي منهما، مع تركيز خاص على “تصرفات إسرائيل”. وهو ما فتح باب التساؤلات حول تغيرات محتملة في سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط.
غزة في قلب المأساة.. تصعيد جديد وصرخات دولية للتهدئة
رغم التوصل إلى هدنة مؤقتة بين إيران وإسرائيل، لم تنجح هذه التهدئة في وقف نزيف الدم الفلسطيني. فقد أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي بلغ أكثر من 55 ألف قتيل، أغلبهم من النساء والأطفال، بينما أكد مسعفون أن القوات الإسرائيلية قتلت ما لا يقل عن 40 فلسطينيًا في الساعات الماضية فقط.
الهدنة بين طهران وتل أبيب أثارت آمالًا دولية ومحلية بإمكانية إنهاء الحرب في غزة المستمرة منذ أكثر من 20 شهرًا. وأفادت مصادر مقربة من حركة حماس بأن هناك جهودًا متجددة لاستئناف مفاوضات وقف إطلاق النار، رغم الخلافات العميقة حول شروط الانسحاب الإسرائيلي.
في هذا السياق، دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني، فريدريش ميرتس، إلى هدنة عاجلة في غزة، مشددين على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية ووقف تدهور الأوضاع في القطاع المحاصر.
الانقسام داخل إسرائيل.. رهائن غزة في الواجهة
على الجانب الإسرائيلي، تتزايد الضغوط الشعبية والسياسية لإنهاء الحرب في غزة في أعقاب هدنة إيران. فقد طالب أقارب الرهائن المحتجزين لدى حماس ببدء مفاوضات فورية تؤدي إلى الإفراج عنهم ووقف الحرب. وأصدر منتدى أسر الرهائن بيانًا قال فيه: “إذا انتهت الحرب مع إيران خلال 12 يومًا، فقد آن أوان إنهاء حرب غزة المستمرة منذ أكثر من 620 يومًا”.
لكن هذه الدعوات وُوجهت برفض قاطع من اليمين الإسرائيلي المتشدد، حيث أكد وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ضرورة “إتمام المهمة” بتدمير حركة حماس واستعادة الرهائن بالقوة. كما أطلق زعيم المعارضة، يائير لابيد، دعوة واضحة لوقف العمليات العسكرية، قائلًا: “الآن غزة.. حان وقت إنهاء الحرب هناك أيضًا”.
ميدانيًا، واصلت إسرائيل استنفارها الأمني، فقد دوت صفارات الإنذار في عدة مناطق بعد دخول الهدنة حيّز التنفيذ. وادعت وسائل إعلام إيرانية أن طهران أطلقت “الطلقة الأخيرة” قبل سريان الاتفاق، بينما نقلت القناة 12 العبرية عن مسؤول أمني أن استمرار الهجمات الإيرانية يدفع إسرائيل إلى “دراسة خيارات الرد”.
وسط هذه الفوضى، عبّر سكان إسرائيل عن استيائهم من غياب الشفافية الرسمية، وكتب بعضهم أن المواطنين يضطرون لمعرفة تفاصيل الاتفاقات من تصريحات البيت الأبيض أو الإعلام الإيراني.
اللواء الغباري يكشف كواليس التنسيق الخفي بين واشنطن وطهران ويهاجم استغلال نتنياهو لغزة
في تصريحات خاصة لـ”نافذة الشرق”، أكد اللواء الدكتور محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق، أن ما قام به الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من ضرب المفاعلات النووية الإيرانية كان يتم بالتنسيق مع إيران نفسها.
وأوضح الغباري أن طهران كانت مطالبة بالرد، ولكن بطريقة مماثلة، إذ قامت بإبلاغ الإدارة الأمريكية مسبقًا بنيّتها ضرب قاعدة “العديد”، الأمر الذي حال دون وقوع خسائر تُذكر، وهو ما يشير إلى وجود اتفاق مسبق بين الطرفين.
وأضاف أن “الولايات المتحدة لا تزال صاحبة القرار النهائي، وهي تسعى حاليًا لفرض وقفٍ لإطلاق النار من خلال المفاوضات، حتى وإن بدا أن هناك بعض التباطؤ، إلا أن المفاوضات في نهاية المطاف ستتم”.
وفيما يتعلق بإمكانيات إيران العسكرية، شدد الغباري على أن طهران لا تملك القدرة على ضرب أهداف داخل الولايات المتحدة، نظرًا لعدم امتلاكها صواريخ عابرة للقارات. وأشار إلى أن الدول التي تملك هذه النوعية من الصواريخ حاليًا تقتصر على الصين وروسيا.
وبيّن أن أقصى مدى لصاروخ “الفاتح”، الذي تستخدمه إيران، لا يتجاوز 2200 كيلومتر، في حين أن المسافة بين إيران والولايات المتحدة لا تقل عن 10 آلاف كيلومتر.
وفي سياقٍ آخر، قال اللواء الغباري إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يفرض سيطرته الكاملة على قطاع غزة، ويستخدمه كستار لأي تحركات أو قرارات قد يُقدم عليها لاحقًا.وبيّن أن أقصى مدى لصاروخ “الفاتح”، الذي تستخدمه إيران، لا يتجاوز 2200 كيلومتر، في حين أن المسافة بين إيران والولايات المتحدة لا تقل عن 10 آلاف كيلومتر.
وفي سياقٍ آخر، قال اللواء الغباري إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يفرض سيطرته الكاملة على قطاع غزة، ويستخدمه كستار لأي تحركات أو قرارات قد يُقدم عليها لاحقًا.وبيّن أن أقصى مدى لصاروخ “الفاتح”، الذي تستخدمه إيران، لا يتجاوز 2200 كيلومتر، في حين أن المسافة بين إيران والولايات المتحدة لا تقل عن 10 آلاف كيلومتر.
وفي سياقٍ آخر، قال اللواء الغباري إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يفرض سيطرته الكاملة على قطاع غزة، ويستخدمه كستار لأي تحركات أو قرارات قد يُقدم عليها لاحقًا.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.