هل يفتح تصعيد موسكو الباب أمام حرب أوروبية روسية قد تتحول إلى صراع عالمي؟.. خبير يوضح
كتب: عبدالله عمارة
شنت روسيا أوسع هجوم جوي على أوكرانيا منذ بداية الحرب، في تصعيد عسكري غير مسبوق، بينما تعالت أصوات أوروبية تعلن استعدادها للمواجهة المباشرة مع موسكو، ما يفتح الباب أمام تساؤلات بشأن مستقبل الأمن في القارة العجوز.
واستهدفت موسكو العاصمة كييف بطائرات مسيّرة وصواريخ، في الهجوم الأكبر منذ اندلاع الحرب، ما أسفر عن مقتل شخصين على الأقل، وتصاعد أعمدة الدخان من سطح مبنى حكومي رئيسي في وسط المدينة.
وقال الدكتور نبيل رشوان، المتخصص في الشؤون الروسية، ردًا على سؤال حول الجديد في الضربة الروسية مقارنةً بالسابقة وكيف استقبلت أوكرانيا الهجوم وتعاملت معه، إن الهجوم كان كثيفًا جدًا، لدرجة أنه شاركت فيه 747 طائرة حسب ما ذكر البعض، بينما أكد آخرون أن العدد بلغ 751 طائرة، بالإضافة إلى 4 صواريخ من نوع «إسكندر إم»، مشيرًا إلى أن هذا الهجوم استهدف مدينة عاصمة مكتظة بالمباني والسكان، ما يجعل حتى استهداف أي هدف عسكري أمرًا غير مضمون.
الضغوط الروسية على كييف
وأضاف رشوان أن روسيا نفذت ذلك باعتباره نوعًا من الضغط على كييف والقيادة الأوكرانية، بهدف دفعهم إلى الرضوخ للشروط الروسية أو قبول الرئيس الأوكراني الذهاب للتفاوض مع الرئيس فلاديمير بوتين في موسكو، وهو ما يُعتبر نوعًا من الاستسلام بالنسبة لهم، لافتًا إلى أن القيادة الأوكرانية قد تسعى في حالة حدوث تفاوض لعقد اللقاء في عاصمة أو مكان محايد.
وأكد أن ما جرى يُعد نوعًا من الضغط الروسي سواء على القيادة أو على الشعب الأوكراني، بغرض دفع الشعب إلى التمرد أو مطالبة القيادة بالتفاوض وقبول أي شروط، وهو ما لم يحدث حتى الآن، مرجحًا أن تكون الضربة مجرد إنذار لأوكرانيا، خاصة بعدما أعلنت إنتاج نوع من الصواريخ بعيدة المدى نسبيًا باسم «فلامنجو»، التي يمكن استخدامها في قصف الأراضي الروسية، إلى جانب حصولها على نحو 3500 صاروخ أمريكي من طراز «ERAM» بتمويل أوروبي، حيث اعتبر أن هذا الهجوم العنيف ربما جاء كرسالة تحذير لأوكرانيا من استخدام هذه الأسلحة وتذكيرها بعواقب ذلك.
وشدد على أن السبب الأقوى هو محاولة إجبار الشعب الأوكراني على التمرد على قيادته، أو دفع القيادة الأوكرانية إلى القبول بأي شروط لتحقيق السلام.
وفي رده على سؤال حول أسباب التلويح الأوروبي بالمواجهة الآن، وإمكانية أن يفتح ذلك الباب لحرب أوروبية–روسية شاملة، أكد رشوان أن الحرب لن تكون أوروبية–روسية فقط، بل ستتحول إلى حرب عالمية، مبينًا أن معظم الدول الأوروبية أعضاء في حلف الناتو، وأن المادة الخامسة من ميثاق الحلف تنص على أن أي عدوان على دولة عضو يُعتبر عدوانًا على الجميع، ما يعني أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها ستشارك بالضرورة.
سيناريوهات انضمام أوكرانيا للناتو
وأوضح أن المسألة ليست كما يتصور البعض، فالأوروبيون يسعون لشيء آخر، يتمثل في ضم أوكرانيا إلى الناتو أو إلى صيغة “الناتو لايت”، كاشفًا أن المقصود بـ”الناتو لايت” هو تقديم ضمان أمني لأوكرانيا من خلال تغطيتها بالمادة الخامسة دون إرسال قوات فعلية، وهو اقتراح تقدمت به رئيسة وزراء إيطاليا.
واستبعد رشوان أن تشارك الصين في هذه الحرب، بينما رجّح أن تنخرط كوريا الشمالية، أما إيران فمن الصعب أن تدخل في مواجهة مباشرة مع الأوروبيين لانشغالها ببرنامجها النووي ومع الولايات المتحدة وإسرائيل، موضحًا أن إيران ما زالت تجتمع مع “الترويكا” الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) في مفاوضات متعلقة بالملف النووي، ورغم عدم التوصل لنتائج، إلا أن الأوروبيين يظلون طرفًا مهمًا بالنسبة لطهران، حيث أكد أن أقصى ما تقدمه إيران في هذا السياق هو تزويد روسيا بالطائرات المسيّرة وبعض الصواريخ، لكنها لن تشارك في الحرب.
وعن مدى اقتراب المواجهة، أوضح رشوان أنه كان يتوقع منذ البداية دخول الناتو في هذه العملية بدرجة كبيرة، مشيرًا إلى أن أوكرانيا لن تحسم الأمر عسكريًا، وكذلك دول الناتو، لكن الهدف هو إضعاف روسيا عسكريًا وفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية عليها.
وأشار إلى أن دخول الناتو سيكون من منطلق حفظ الأمن في أوكرانيا أو تقديم ضمانات أمنية تحول دون اعتداء روسيا، مؤكدًا أن هذه الخطوة ستجعل قوات الناتو موجودة فعليًا في أوكرانيا وعلى مقربة من الحدود الروسية، وهو ما حاولت موسكو منعه منذ بداية عمليتها العسكرية في 2022.
الموقف الروسي من الاتحاد الأوروبي والناتو
وأوضح أن روسيا لا تعارض انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، لكنها ترفض قطعًا انضمامها إلى الناتو، نظرًا لأن ذلك سيجلب قوات الحلف وينشرها على أراضيها، مستشهدًا بجمهوريات البلطيق التي خرجت من الاتحاد السوفيتي ولم تتعرض لأي اعتداء بعد انضمامها السريع إلى الناتو.
وتستمر الحرب منذ أكثر من ثلاث سنوات، وتسيطر روسيا في الوقت الحالي على نحو 20% من الأراضي الأوكرانية، فيما تشير التقديرات إلى سقوط عشرات الآلاف من القتلى وتشريد ملايين الأشخاص، لتُوصف بأنها أكثر الحروب دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.