وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان: وساطة أميركية وجهود دولية تنجح في تجنب التصعيد
كتب: محمد عبدالوهاب
شهدت شبه القارة الهندية خلال الأيام الماضية تصاعدًا خطيرًا في التوترات العسكرية بين الجارتين النوويتين، الهند وباكستان، على خلفية سلسلة من الهجمات المتبادلة عبر الخط الحدودي الفاصل في إقليم كشمير المتنازع عليه. إلا أن الساعات الأخيرة حملت أنباء إيجابية، حيث أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين، بوساطة أميركية شاركت فيها أطراف دولية أخرى وفى هدا السياق أكد الدكتور نزار نزال الباحث السياسي والمختص بالشأن الاسرائيلي والباحث في قضايا الصراع في تصريحات خاصه لموقع “نافذة الشرق” أنه لم يكن هناك نية لدى باكستان والهند لإشحال حرب مفتوحة، مؤكدا ان انعكاس واسقاطات هذه الحرب لن تكون على الهند وعلى باكستان وحدها، لان الدولتين نووييتين.
وأكد نزار نزال، أن الطرفان تناغم مباشرهً مع العرض الامريكي، حيث ان امريكا غير معنيه في هذه الحرب ولا تريد لها أن تستمر على العالم، مضيفًا أننا الآن نتحدث عن قوتين كبيرتين، لديهما اسلحه غير تقليديه، مؤكدًا أن الاشتباك الذي حصل ما بين الهند وبين باكستان جوياً واسُقطت فيه طائرات غربيه هذا اثر بشكل سلبي، وخشيت الولايات المتحده الامريكيه وفرنسا من الإستمرار في هذة الحرب، وأن يكون هناك انتكاسات للسلاح الغربي.
الامر الذي سيؤدي الى عزوف الدول عن شراء هذه الاسلحه بعد ان تم اسقاط رافال من خلال طائرات صينيه جي 10، وبالتالي كان للولايات المتحده الامريكيه اثر ولكن لم يكن فرض بمعنى ان الباكستانيين والهنود غير معنيين بهذه الحرب،.
وقال نزار، لم يكن للولايات المتحده الامريكيه إذكاء بإشعال فتيل هذه النار ولا تريد لهذه النار ان تستمر لانه ذلك يتعارض مع مصالح الولايات المتحده الأمريكية
الإعلان الأميركي عن وقف إطلاق النار
كان دونالد ترامب أول من أعلن عن التوصل إلى الاتفاق، حيث كتب عبر منصته الاجتماعية “تروث سوشال” أن الهند وباكستان “وافقتا على وقف إطلاق نار كامل وفوري”، مشيرًا إلى أن المحادثات جرت بوساطة من الولايات المتحدة. وأضاف ترامب في منشوره: “تهانينا لكلا البلدين لاستخدام المنطق السليم والذكاء المبهر. شكرا لكم على اهتمامكم بهذه المسألة”، في إشادة واضحة بالاستجابة السريعة من الطرفين لنداءات التهدئة.
وعلى الرغم من أن ترامب لا يشغل حاليًا أي منصب رسمي في الإدارة الأميركية، فإن إعلانه جاء متزامنًا مع تصريحات رسمية من وزارة الخارجية الأميركية، أكدت مشاركة واشنطن في جهود الوساطة، ما يعكس أن لترامب دورًا رمزيًا أو ربما تنسيقيًا في المفاوضات، خاصة مع حرصه على لعب دور الوسيط الدولي خلال ولايته السابقة.
دور الخارجية الأميركية
أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، أن وزير الخارجية ماركو روبيو أجرى محادثات هاتفية يوم السبت مع مسؤولين في الحكومة الهندية، وكذلك مع رئيس أركان الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير. وأوضحت بروس أن روبيو شدد خلال هذه الاتصالات على ضرورة التهدئة وضبط النفس، وضرورة التوصل إلى حل دبلوماسي لخفض التصعيد العسكري.
وقالت بروس في بيان للصحافة: “الولايات المتحدة ملتزمة بالحفاظ على الاستقرار في جنوب آسيا، وتدعم الجهود الثنائية والدولية لتجنب المواجهة العسكرية بين الدول النووية”. وأضافت أن المحادثات التي أجراها الوزير روبيو ساهمت في بناء أرضية مشتركة بين الجانبين.
جهود دولية متعددة
في الوقت نفسه، لم تكن الولايات المتحدة الطرف الوحيد الذي تدخل لاحتواء الأزمة، إذ تشير مصادر دبلوماسية إلى أن عدة دول بينها الصين وروسيا والمملكة المتحدة مارست ضغوطًا دبلوماسية مكثفة على كل من نيودلهي وإسلام أباد للجلوس إلى طاولة التفاوض ووقف التصعيد.
وذكرت وسائل إعلام هندية أن مسؤولين من وزارة الخارجية الصينية تواصلوا مع نظرائهم في باكستان والهند خلال الأيام الماضية، كما أعرب الكرملين عن “قلقه العميق” حيال التصعيد الأخير، ودعا الطرفين إلى الالتزام بمسؤولياتهما كقوتين نوويتين.
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان رسمي إلى “ضبط النفس وتجنب أي أعمال قد تؤدي إلى تدهور الوضع”، وعرض المساعدة في التوسط بين الطرفين، وهو اقتراح لم يلق ترحيبًا مباشرًا من أي من الجانبين، لكنه يعكس حجم القلق الدولي من تدحرج الأمور نحو نزاع واسع.
خلفية التصعيد.. بين الهند وباكستان
شهدت المناطق الحدودية بين الهند وباكستان، خاصة في إقليم كشمير، خلال الأيام الماضية تبادلًا كثيفًا لإطلاق النار بين القوات الهندية والباكستانية، ما أسفر عن مقتل عدد من الجنود والمدنيين على الجانبين. وتبادلت الدولتان الاتهامات بالمسؤولية عن التصعيد، حيث اتهمت الهند باكستان بدعم جماعات مسلحة تنشط في الجزء الهندي من كشمير، فيما قالت إسلام أباد إن القوات الهندية شنت هجمات “استفزازية” عبر الحدود.
ويُعد إقليم كشمير بؤرة توتر تاريخية بين الدولتين منذ استقلالهما عام 1947، إذ خاضتا ثلاث حروب بسبب هذا النزاع. وعلى الرغم من اتفاقيات وقف إطلاق النار المتكررة، إلا أن الانتهاكات مستمرة، وغالبًا ما تتسبب حوادث محلية في تفجير موجات تصعيد عسكري خطير.
ردود الفعل الإقليمية
في الهند، رحبت وسائل الإعلام المقربة من الحكومة بالاتفاق، واعتبرته انتصارًا للدبلوماسية الهندية التي نجحت في الحفاظ على هيبة الدولة، دون الانجرار إلى حرب شاملة. وأشارت تقارير صحفية إلى أن رئيس الوزراء ناريندرا مودي أجرى مشاورات مع كبار القادة العسكريين فور الإعلان عن الاتفاق.
أما في باكستان، فقد رحب مكتب رئيس الوزراء شهباز شريف بوقف إطلاق النار، مؤكدًا أن بلاده “تسعى دائمًا للسلام، لكن لا يمكنها التهاون مع أي تهديدات لسيادتها”. ودعت باكستان إلى استمرار الحوار السياسي لحل الخلافات المزمنة، خاصة قضية كشمير.
آفاق مستقبلية.. الاتفاق الحالي لا يُعد حلًا دائمًا
يرى مراقبون أن الاتفاق الحالي لا يُعد حلًا دائمًا بقدر ما هو إجراء احترازي لمنع اندلاع نزاع أكبر، خاصة في ظل امتلاك الجانبين لترسانات نووية كبيرة. ويُتوقع أن تستأنف القنوات الدبلوماسية بين الجانبين نشاطها خلال الأيام المقبلة، وسط دعوات دولية لتفعيل آليات المراقبة والتفاوض تحت رعاية الأمم المتحدة أو أطراف ثالثة.
ورغم التهدئة، لا تزال حالة التوتر قائمة، ويخشى محللون من إمكانية انهيار الاتفاق في حال وقوع أي هجوم جديد أو اشتباك حدودي غير محسوب.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.