زيارة الكونجرس إلى بكين بسبب مفاوضات “تيك توك”.. كسر جمود أم ورقة ضغط جديدة في صراع الهيمنة بين أمريكا والصين؟
كتب ـ أحمد خالد
جاءت زيارة وفد الكونجرس لبكين بسبب مفاوضات منصة “تيك توك” عقب مكالمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي، لتفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم.
أكد الدكتور رضا فرحات، خبير العلاقات الدولية، أن الزيارة النادرة لوفد من مجلس النواب الأمريكي إلى بكين بعد نحو ست سنوات من القطيعة السياسية والبرلمانية، تحمل في طياتها دلالات مهمة، ليس فقط في ما يتعلق بملف “تيك توك” الذي أصبح عنوانا للصراع التقني بين أكبر اقتصادين في العالم، وإنما أيضا في إطار اختبار جدية الطرفين في فتح قنوات حوار مباشرة بعد فترة طويلة من التوتر الحاد.
وأوضح فرحات أن توقيت الزيارة لا يمكن فصله عن الاتصال الأخير بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ، وهو اتصال أعاد بعض الأجواء الإيجابية وفتح الباب أمام حوار متعدد المستويات، سواء على مستوى القمم الرئاسية أو من خلال التبادل البرلماني والدبلوماسي و هذه الزيارة جاءت لتترجم هذا المناخ الجديد إلى خطوات عملية على الأرض، خصوصا أن الصين وأمريكا تدركان أن استمرار القطيعة التامة يضر بمصالح الطرفين في لحظة عالمية بالغة التعقيد اقتصاديا وجيوسياسيا.
وأشار خبير العلاقات الدولية إلى أن “تيك توك” تجاوز كونه مجرد تطبيق ترفيهي أو منصة تواصل اجتماعي إلى كونه رمزا للتفوق التكنولوجي الآسيوي ومجالا حساسا يتعلق بالسيادة الرقمية وواشنطن تتخوف من استخدام بيانات المستخدمين الأمريكيين في إطار يهدد أمنها القومي، بينما ترى بكين أن الضغوط المستمرة لإجبار الشركة على بيع عملياتها أو تغيير هياكل ملكيتها ما هي إلا محاولة لفرض وصاية سياسية واقتصادية على شركاتها الكبرى ومن هنا، أصبح “تيك توك” ورقة ضغط و مساومة في مسار العلاقات بين البلدين.
وأضاف فرحات أن البعض يقرأ هذه الزيارة في إطار البحث عن “صفقة” تجارية أو تقنية جديدة، لكن القراءة الأكثر واقعية تشير إلى أنها محاولة لوضع إطار عمل مرحلي يخفف من حدة الأزمة ويمنع تفاقمها، وليس بالضرورة الوصول إلى تسوية نهائية وقد تشمل هذه التفاهمات ترتيبات جديدة بشأن إدارة البيانات أو مشاركة شركات أمريكية في الهيكل الاستثماري أو آليات رقابة أكثر شفافية على الخوارزميات، وهو ما يمكن أن يرضي واشنطن دون أن يشكل إملاء كاملا على بكين.
وأكد نائب رئيس حزب المؤتمر أن أهمية الزيارة لا تقف عند حدود ملف “تيك توك”، إذ إن هناك ملفات أخرى لا تقل خطورة، من بينها التجارة البينية، ومستقبل سلاسل الإمداد العالمية، والأمن التكنولوجي، كما أن الحوار البرلماني يعطي مساحة لتخفيف المخاطر العسكرية في بحر الصين الجنوبي وتايوان، وهو ما يمثل بعدا استراتيجيا لا يقل أهمية عن الملفات الاقتصادية.
واعتبر فرحات أن الزيارة قد تشكل بداية “ذوبان نسبي للجليد”، لكنها في النهاية تعكس أكثر من كونها عملية مصالحة شاملة؛ إنها خطوة في اتجاه “إدارة التنافس” بدلا من تركه يتفاقم إلى مواجهة مفتوحة والتنافس الاستراتيجي بين واشنطن وبكين سيظل قائما، خاصة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والموارد النادرة والسيطرة على الأسواق العالمية مؤكدا أن الرسالة الأساسية لهذه الزيارة هي أن الطرفين يسعيان إلى الحفاظ على خيوط اتصال مفتوحة تمنع الانزلاق نحو صدام مباشر، مع إبقاء أوراق الضغط المتبادلة قائمة وبالتالي، فإن “تيك توك” ليس مجرد قضية اقتصادية أو تطبيق ترفيهي، بل أصبح رمزا لمعركة أوسع حول من يمتلك مفاتيح المستقبل الرقمي والهيمنة الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.