السفير معلوف يعلّق على تصريحات ترامب… والدكتور نزار نزال يوضح تداعيات التصعيد الإقليمي (خاص نافذة الشرق)
كتبت بسمة هانى
في ظل التصريحات المفاجئة التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الحوثيين والصين وكندا، تبرز تساؤلات حول مدى جديتها وانعكاساتها على السياسات الأمريكية المقبلة.
وفي هذا السياق، يوضح السفير مسعود معلوف من واشنطن، والدكتور نزار نزال من جنين، أبعاد هذه المواقف وما تحمله من دلالات سياسية وإقليمية معقدة.
قال السفير مسعود معلوف من واشنطن في حديث خاص لموقع نافذة الشرق إن التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الحوثيين، وكندا، والصين، تأتي ضمن سياق معروف عنه يتميز بالعشوائية والاندفاع، مشيراً إلى أن مواقفه غالباً ما تُفاجئ المتابعين، وتثير الجدل حول نواياه الحقيقية.
وأكد السفير معلوف أن إعلان ترامب عن وقف الهجمات الأمريكية ضد الحوثيين بدعوى أنهم “اعترفوا بالهزيمة”، هو أمر لا يستند إلى أي واقع ملموس، موضحاً أن “لا أحد سمع من الحوثيين أي إعلان بالهزيمة، بل على العكس، ما زالوا يؤكدون استمرارهم في العمليات العسكرية، خاصة ضد إسرائيل”.
وشدد معلوف على أن هذا الموقف يمثل سابقة غريبة في تعامل ترامب مع النزاعات الإقليمية، حيث يظهر وكأنه يتحدث باسم الحوثيين، مختلقاً تصريحاً لم يصدر عنهم، وذلك فقط لتبرير انسحاب مفاجئ من مشهد المواجهة معهم.
ولفت إلى أن هذه الخطوة قد تكون نابعة من رغبة ترامب في إبعاد نفسه عن مسار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتركه وحيداً في الساحة العسكرية مع الحوثيين.
البعد الإسرائيلي اليمني: خلط في الأوراق
وفي هذا الإطار، يصرّح الدكتور نزار نزال، المحلل السياسي والباحث في قضايا الصراع من جنين، لموقع نافذة الشرق، بأن الضربات الإسرائيلية الأخيرة على مواقع الحوثيين تعيد تشكيل معادلة الصراع في المنطقة، خصوصاً بعد تطورات خطيرة كاستهداف مطار بن غوريون.
وأشار الدكتور نزال إلى أن إعلان ترامب وقف العمليات ضد الحوثيين بالتزامن مع التصعيد الإسرائيلي يخلق حالة من الالتباس، ويعزز فرضية وجود تفاهمات أو رسائل مبطنة من واشنطن إلى تل أبيب أو العكس. ونوّه إلى أن الحوثيين سيعتبرون هذا التغير تكتيكاً لا استراتيجية، وسيتم الرد عليه بشكل مباشر وقوي.
وأكد نزال أن هذا النوع من التصريحات والمواقف يعزز فرص التصعيد وليس التهدئة، مشيراً إلى أن المنطقة مقبلة على موجة جديدة من الفعل ورد الفعل، مع احتمالية اتساع دائرة الصراع لتشمل أطرافاً إقليمية أخرى.
وأوضح أن الحوثيين يملكون أوراق ردع قد تُستخدم قريباً، ولا يُتوقع أن تمر الضربات الإسرائيلية دون ردّ.
ترامب والصين: “لعبة البوكر” على المسرح العالمي
قال السفير معلوف إن ترامب في تعاطيه مع الصين لا يتبع سياسة تقليدية مبنية على موازين المصالح الاقتصادية والاستراتيجية، بل يبدو وكأنه يخوض “لعبة بوكر سياسية”، يتقدم فيها بخطوة ليرى رد الفعل، ثم يناور بخطوة أخرى.
وشدد معلوف على أن هذه الطريقة قد تكون فعالة في إدارة الأعمال أو في حملات إعلامية، لكنها لا تصلح كمنهج لإدارة العلاقات الدولية المعقدة، خاصة مع قوة كبرى مثل الصين. وأشار إلى أن ترامب يهوى الظهور بمظهر المتحكم بمصائر الشعوب والقرارات الدولية، لكنه حتى الآن لم يحقق أي نتائج ملموسة تصب في مصلحة المواطن الأمريكي.
وأوضح معلوف أن نسبة التأييد الشعبي له تراجعت بشكل واضح من 56% عقب توليه الرئاسة إلى 49% حالياً، ما يعكس فقداناً تدريجياً للثقة، خاصة في ظل ما يراه الكثيرون تخبطاً في المواقف.
الملف الكندي: طموح غير واقعي وتصريحات متطرفة
قال السفير معلوف إن موقف ترامب من كندا، وخاصة ما أعلنه مؤخراً عن رغبته في ضمها لتكون “الولاية الحادية والخمسين”، يُعدّ مثيراً للدهشة وغير واقعي على الإطلاق.
ولفت معلوف إلى أن تصريحات ترامب أتت قبل أن يلتقي حتى مع رئيس الوزراء الكندي الجديد، مارك كارمن، الذي ردّ بدوره بحزم قائلاً: “كندا ليست للبيع”، نافياً قطعياً أي احتمال للانضمام إلى الولايات المتحدة.
وأكد معلوف أن الرد الكندي الواضح لم يمنع ترامب من الاستمرار في طرح هذه الفكرة الغريبة، بل ذهب للرد عليه قائلاً: “لا تقل أبداً أبداً، فالأمور تتغير”.
وأوضح أن هذا الإصرار يعكس توجهات يمينية متطرفة ومزاجاً سياسياً يتغذى على المفاجآت، دون أن يأخذ بعين الاعتبار مواقف الطرف الآخر أو حقائق الجغرافيا والسيادة الوطنية.
آفاق المرحلة المقبلة: بين المزايدات والحقائق الميدانية
وفي هذا الإطار، يصرّح الدكتور نزار نزال بأن المنطقة تدخل مرحلة شديدة الحساسية، إذ أن تداخل الأدوار بين الولايات المتحدة وإسرائيل في الملف اليمني، وتضارب التصريحات بين التهدئة والتصعيد، كلها مؤشرات على غياب خطة واضحة.
وأشار نزال إلى أن الولايات المتحدة أنفقت أكثر من 10 مليارات دولار على عملياتها في اليمن خلال 45 يوماً، وهو مبلغ هائل يكشف عن حجم التورط الأمريكي. ولفت إلى أن محاولات واشنطن لتحريك وساطات من سلطنة عمان لا تبدو فعالة، في ظل رفض يمني رسمي لأي حوار لا يحترم شروطهم السياسية والعسكرية.
وأكد نزال أن التوتر لن يهدأ في المدى القريب، خصوصاً في ظل استعداد الحوثيين لتصعيد مختلف قد يطال مصالح حيوية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. ونوّه إلى أن أي تصعيد إضافي قد يفتح الباب على جبهات أخرى، ويعيد تشكيل التحالفات الإقليمية بطريقة لا يمكن التنبؤ بعواقبها.
السفير مسعود معلوف بواشنطن

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.