فرنسا والسعودية تضعان خطة لتحويل حماس إلى كيان سياسي.. هل تقبل الحركة بنزع سلاحها من غزة؟

2

كتب: محمود حجازى

في تطور لافت يكشف عن جهود دبلوماسية متصاعدة لإنهاء الصراع المستعر في قطاع غزة، كشفت تقارير، أن المملكة العربية السعودية وفرنسا تعملان سويًا على صياغة خطة لنزع سلاح حركة حماس وتحويلها إلى كيان سياسي يشارك في مستقبل الحكم الفلسطيني. خطوةٌ تبدو، وفق مراقبين، محاولة لتفكيك عقدة “اليوم التالي” في غزة، وفتح باب لتسوية سياسية شاملة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

ونقلت التقارير عن مصادر مطلعة، أن الجانب السعودي بدأ بالفعل تواصله مع قيادات من حركة حماس بشأن المقترح، بينما لم يتضح بعد ما إذا كانت فرنسا قد باشرت اتصالات مباشرة مع الحركة، إلا أن التنسيق بين الجانبين – السعودي والفرنسي – جارٍ على مستوى عالٍ.

ووفقًا للتقرير، تهدف الخطة إلى إيجاد معادلة جديدة تضمن بقاء حماس كقوة سياسية ضمن النظام الفلسطيني، مقابل تخليها الكامل عن السلاح، وهو ما قد يساهم في إعادة هيكلة القطاع سياسيًا وأمنيًا، ويفتح الباب أمام حكومة وحدة وطنية فلسطينية مستقبلية.

اللواء فرج: مطلب أمريكي وإسرائيلي قديم.. والموافقة مرتبطة بضمانات

وفي هذا السياق، كشف الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء سمير فرج، عن موقف حماس وكذلك مدى قابلية ذلك على أرض الواقع، في ظل مشهد معقد من كل ناحية

وفي تصريحات خاصة لـنافذة الشرق، أكد أن “مطلب نزع سلاح حماس وتحولها إلى حزب سياسي ليس جديدًا، بل طرح منذ مدة طويلة، وتبنته كل من إسرائيل والولايات المتحدة”.

وقال فرج في تصريحات خاصة لـ نافذة الشرق: “خلال الوساطات السابقة، تعهدت حماس لمصر بأنها حال انسحابها من قطاع غزة، ستُخلي الساحة لعناصر من السلطة الفلسطينية في رام الله. وهذا كان من الشروط الرئيسية التي تمسكت بها إسرائيل وأمريكا قبل أي حديث عن تهدئة دائمة أو حل سياسي”.

لكنه أشار إلى أن مسألة نزع السلاح لا تزال غامضة من جهة موقف حماس: “حتى الآن، ليس معروفًا ما إذا كانت الحركة ستقبل بتسليم سلاحها، خاصة أن هذا السلاح طالما اعتبرته جزءًا من مشروع المقاومة. لكن إن حدثت الموافقة، فمن المؤكد أن حماس ستطلب ضمانات متعددة، أبرزها عدم ملاحقة قادتها من قبل إسرائيل”.

ويرى فرج أن “هناك ضغوطًا داخلية كبيرة تمارس على حماس من الشعب في غزة، خاصة بعد الدمار الهائل الناتج عن الحرب، إضافة إلى اللغة التي تحدث بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤخرًا، والتي قد توحي باتجاه نحو إعادة ترتيب البيت الفلسطيني”.

سيناريوهات ما بعد نزع السلاح.. الاعتراف بفلسطين ومحو الحجج الإسرائيلية

ويضيف اللواء فرج لـنافذة الشرق: “إذا وافقت حماس على نزع السلاح، فستسقط الحجة الأساسية التي تتذرع بها إسرائيل في استمرار عدوانها، وهي وجود خطر أمني مصدره سلاح حماس. حينها، ستكون إسرائيل مطالبة بالانسحاب الفوري من الأراضي الفلسطينية، وفتح الباب أمام مسار سلام حقيقي”.

ويتابع: “الاتجاه العالمي يتغير لصالح الاعتراف بالدولة الفلسطينية، خاصة من دول مثل فرنسا وبريطانيا، وهو ما يجعل فكرة الكفاح المسلح تفقد بريقها في ظل إمكانية تحقيق الأهداف الوطنية عبر المسار السياسي والدبلوماسي”.

وأكد أن “مصر كانت ولا تزال تنادي بإقامة دولة فلسطينية كحل وحيد للصراع، وكان هذا واضحًا في كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة خلال القمة العربية، عندما قال: ‘لا سلام دون دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية'”.

كما نوه بدور السعودية في هذا السياق، مؤكدًا أن “الرياض أعلنت صراحة أنه لا تطبيع مع إسرائيل إلا بإقامة دولة فلسطينية، ما يعني أن هناك جبهة عربية مؤثرة تدفع في اتجاه حل سياسي شامل وعادل”.

حماس بين الضغط والمشاركة السياسية

وحول مستقبل حماس إذا ما تم نزع سلاحها، يرى اللواء فرج أن “أمامها فرصة للانخراط في العملية السياسية بطريقة طبيعية، من خلال تأسيس حزب سياسي والمشاركة في الانتخابات، وهو ما قد يضمن لها تمثيلاً ضمن النظام الفلسطيني، دون حاجة لحمل السلاح”.

وأضاف: “تحول حماس إلى كيان سياسي يمكن أن يكون بداية مرحلة جديدة، لكنها مشروطة بحسن النوايا من الأطراف كافة، وضمانات تحمي الحركة من الاستهداف، وتضمن لها التمثيل السياسي في أي تسوية مستقبلية”.

إشارات نحو التسوية.. لكنها مرهونة بقرارات صعبة

يشير اللواء سمير فرج إلى أنه في المجمل، يمكن القول إن الخطة الفرنسية السعودية تعكس تحولًا في التعاطي الدولي مع ملف غزة، عبر محاولة فصل المسار السياسي عن المسلح، وإعادة بناء النظام الفلسطيني على أساس مشاركة أوسع، واستيعاب مكونات المقاومة في صيغة مدنية.

يتابع: لكن تبقى الأسئلة الكبرى معلقة: هل تقبل حماس فعلاً بتسليم سلاحها؟ وهل تضمن الرياض وباريس ترتيبات تكفل للحركة الوجود السياسي دون ملاحقة؟ وهل تذعن إسرائيل لضغوط دولية تقود في النهاية إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟”، مختتما: “هذه أسئلة قد تحدد ملامح المرحلة المقبلة، وسط مشهد إقليمي ودولي متغير، وضغوط شعبية فلسطينية متزايدة، وصراع طويل لم يعرف بعد محطته الأخيرة”.

عوائق التنفيذ.. وموقف إسرائيل

ورغم مؤشرات تشير إلى تقدم في المشاورات، إلا أن طريق تنفيذ الخطة لا يزال مليئًا بالعقبات. فإسرائيل، بحسب التقرير، تعارض بشدة أي تصور يسمح لحماس بالبقاء كقوة سياسية بعد الحرب، وتصر على تفكيك الحركة بالكامل، عسكريًا وسياسيًا، وهي نقطة خلاف جوهرية مع المبادرة السعودية-الفرنسية.

كما أن غياب ضمانات دولية حتى الآن بشأن حماية قادة حماس من الملاحقة، يمثل أحد أبرز المخاوف التي قد تعرقل قبول الحركة بالمبادرة، إضافة إلى انعدام الثقة المتراكم بين حماس وبعض أطراف النظام الإقليمي والدولي.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.