رغم دخان الحرب.. روسيا تفتح مظلة الدعم لطهران وتعلنها بقوة تسوية النووي مستمرة

1

كتب ـ أحمد خالد

تصاعدت الأحداث بين إيران وإسرائيل، خلال الساعات القليلة الماضية، بعدما قصفت الأخيرة عدة مواقع داخل العاصمة الإيرانية طهران، مخلفة خسائر في مباني، مما دفع إيران للرد بصواريخ مخلفة هى الأخرى خسائر مادية في قلب تل أبيب.

وترجع تلك الأحداث إلى رغبة إسرائيل في منع إيران من امتلاك سلاح نووي قد يهددها مستقبلا، حيث أن الأخيرة تملك قوة عسكرية كبيرة جعلت جيشها يحتل المرتبة الرابعة عشر في ترتيب جيوش العالم.

وأعلنت روسيا صراحة مساندة تقديم مظلة الدعم لإيران وكذلك دعم تسوية البرنامج النووي الإيراني.

وصرح نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، أنه ينبغي مضاعفة الجهود للوصل إلى حل، مشيرًا إلى إن موسكو مستعدة للمساعدة بأفكار ووسائل عملية، وفق وسائل إعلام محلية.

وأضاف ريابكوف: “مستعدون لتقديم المساعدة لواشنطن وطهران، ليس فقط على الصعيد السياسي وفي شكل أفكار يمكن الاستفادة منها بعملية التفاوض، بل أيضاً على الصعيد العملي من خلال تصدير المواد النووية الزائدة التي تنتجها إيران، وتعديلها لاحقاً لإنتاج وقود للمفاعلات على سبيل المثال”.

جوهر الخلاف

وفي الوقت الحالي، يعد مصير تخصيب اليورانيوم في إيران جوهر الخلاف بين الولايات المتحدة وإيران، إذ يشدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أنه لا يمكن السماح لإيران بتطوير سلاح نووي.

ومن جهته، أشار المرشد الإيراني علي خامنئي إلى إن طهران لن تتنازل عن التخصيب، كما أكدت طهران أن من حقها استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، لكن برنامجها لتخصيب اليورانيوم الذي تمضي فيه سريعاً أثار مخاوف من أنها تريد تصنيع سلاح نووي، حسب رويترز.

من جهتها، ترغب الولايات المتحدة في شحن كل اليورانيوم عالي التخصيب إلى خارج إيران التي تقول إنها لن تخرج إلا الكميات الزائدة عن السقف المتفق عليه في اتفاق عام 2015.

وفي وقت سابق، ذكر الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ ترامب في مكالمة هاتفية أنه مستعد للاستفادة من شراكة بلاده الوثيقة مع طهران للمساعدة في المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني.

زاسبكين: مصلحة روسيا تكمن في إفشال مخطط إسرائيل المدعوم أمريكيا وأوروبيا

قال إلكسندر زاسبكين، الدبلوماسي الروسي السابق، إن مصلحة روسيا تكمن في إفشال مخطط إسرائيل المدعوم أمريكيا واوروبيا، مشيرًا إلى أن روسيا تتصرف على الصعيد السياسي في سبيل عودة التفاوض الخاص بالبرنامج النووي الايراني من خلال التعاون مع ايران كشريك استراتيجي والتواصل مع الاطراف المعنية الاخرى خاصةً ادارة ألرئيس ترامب الذي قد يتردد في موضوع تاييد تصرفات إسرائيل في ضوء التطورات القادمة.

وأكد أنه حال حصل تغيير الوضع باتجاه تنشيط الجهود السياسية الدبلوماسية، فروسيا ستكون قادرة على لعب دورًا ملموسًا في إيجاد قواسم مشتركة ووضع ضمانات اخذا في الاعتبار ان إيران على الارجح لن تعتمد على ضمانات أمريكية أو أوروبية.

رضا فرحات: موسكو تنظر إلى إيران باعتبارها حليفا مهما في معسكر مناهض للهيمنة الغربية

من جانبه قال اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر أستاذ العلوم السياسية، إن موقف روسيا من دعم إيران في حال تطور المواجهة بينها وبين إسرائيل يحمل أبعادا استراتيجية معقدة ترتبط بتوازنات القوى في الشرق الأوسط والمصالح الجيوسياسية الكبرى. فروسيا تدير علاقتها مع إيران من منطلقات براجماتية ترتبط أولا بمصالحها في سوريا والمنطقة عموما، وثانيا بسياق المواجهة الكبرى بينها وبين الغرب، خاصة بعد الحرب الأوكرانية والعقوبات الغربية المفروضة عليها.

وأضاف فرحات أن موسكو تنظر إلى إيران باعتبارها حليفا مهما في معسكر مناهض للهيمنة الغربية، وبالتالي فهي تحرص على تعزيز الشراكة معها سواء عسكريا أو اقتصاديا، لكنها في الوقت نفسه لا ترغب في الانخراط المباشر في حرب إقليمية واسعة ضد إسرائيل، لأنها تدرك أن ذلك سيجعلها في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وهو ما تحاول روسيا تجنبه في ظل انشغالها بأوكرانيا والضغوط الاقتصادية التي تعاني منها.

وأشار فرحات إلى أن روسيا قد تقدم دعما غير مباشر لإيران عبر تبادل المعلومات أو التنسيق السياسي، لكنها لن تذهب نحو دعم عسكري مباشر في صراع إيراني–إسرائيلي واسع النطاق، لأن ذلك من شأنه أن يخلخل توازنات دقيقة تحفظ لموسكو دور الوسيط أحيانا واللاعب المؤثر في ملفات مثل سوريا وفلسطين وحتى مفاوضات النووي الإيراني.

وأوضح أن الموقف الروسي يتسم بالحذر الشديد، فهي ترفض التصعيد الإسرائيلي في غزة وتنتقده سياسيا، لكنها في ذات الوقت لا تملك نية حقيقية في تصعيد الموقف لصالح إيران بشكل يضعها في مواجهة حاسمة مع الغرب أو إسرائيل ومن ثم، فإن ما يصدر عن روسيا حتى الآن هو أقرب لمواقف دعم سياسي لإيران، دون ترجمة ذلك إلى تحرك عسكري أو تدخل مباشر في الصراع.

وأكد فرحات أن المتغيرات على الأرض هي التي ستحدد مدى تطور الموقف الروسي، خاصة إذا توسع نطاق المواجهة وشاركت فيه قوى إقليمية كبرى، لكن حتى الآن تحرص موسكو على البقاء ضمن نطاق الفاعل المحسوب الذي يحافظ على تحالفاته دون التضحية بمصالحه الدولية أو الإقليمية مشيرا إلى أن المنطقة تمر بلحظة حرجة، وأن الحل الوحيد يكمن في وقف التصعيد والعودة لمسار التسويات السياسية العادلة والشاملة.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.