المحطة الأخيرة.. هل يمرر مجلس النواب مشروع قانون الإيجار القديم؟
عبد الرحمن السيد
يستعد مجلس النواب لمناقشة مشروع قانون جديد بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والمعروف بقانون “الإيجار القديم”، في جلسة مرتقبة اليوم، وسط حالة من الجدل والانقسام بين النواب، بين من يعتبره تصحيحًا تاريخيًا لأوضاع قانونية مجحفة، ومن يراه مساسًا بحقوق ملايين المستأجرين.
مشروع القانون الجديد يأتي بعد رفض واسع لمشروع سابق قدمته الحكومة، والذي كان ينص على إنهاء العلاقة الإيجارية لجميع الوحدات السكنية خلال خمس سنوات، وهو ما قوبل برفض نيابي وشعبي واسع. المشروع الحالي يوسع هذه المهلة لتكون سبع سنوات للأماكن السكنية وخمس سنوات للأماكن غير السكنية المؤجرة لأشخاص طبيعيين.
مضمون مشروع القانون
وفقًا للنص الكامل الذي حصل عليه “نافذة الشرق”، فإن مشروع القانون الجديد يشمل الأحكام التالية:
أولًا: إنهاء العلاقة الإيجارية تدريجيًا
تنتهي عقود الإيجار للوحدات السكنية بعد سبع سنوات من تطبيق القانون.
تنتهي عقود الإيجار لغير غرض السكنى (مثل المحلات) بعد خمس سنوات. وهي نفس الأمر فيما يخص الوحدات المؤجرة للأشخاص الاعتباريين وهو قانون أقره مجلس النواب في عام 2025.
يُمنح المستأجر الأولوية في الحصول على وحدة سكنية أو تجارية بديلة من الدولة بنظام الإيجار أو التمليك حال تقديمه إقرارًا بالإخلاء.
ثانيًا: تقسيم المناطق وزيادة القيمة الإيجارية
يتم تشكيل لجان على مستوى المحافظات لتقسيم المناطق إلى: متميزة، متوسطة، واقتصادية.
الزيادة في القيمة الإيجارية ستكون مرتبطة بهذه التقسيمات:
20 ضعف الإيجار القديم للوحدات في المناطق المتميزة (حد أدنى 1000 جنيه).
10 أضعاف الإيجار في المناطق المتوسطة (حد أدنى 400 جنيه).
10 أضعاف الإيجار في المناطق الاقتصادية (حد أدنى 250 جنيه).
لحين انتهاء عمل اللجان، يُلزم المستأجر بدفع 250 جنيهًا شهريًا كحد أدنى، مع تسوية الفروق لاحقًا بأقساط.
ثالثًا: الزيادة السنوية
تُزاد القيمة الإيجارية بنسبة 15% سنويًا بعد تطبيق القانون.
رابعًا: حالات الإخلاء قبل المدة المحددة
يلتزم المستأجر بالإخلاء حال:
- ثبوت تركه الوحدة مغلقة أكثر من سنة.
- امتلاكه وحدة أخرى صالحة للاستخدام في نفس الغرض.
في حال الامتناع عن الإخلاء، يحق للمالك التقدم بطلب إلى قاضي الأمور الوقتية لطرد المستأجر دون إخلال بحقه في التعويض.
خامسًا: الإلغاء التدريجي للقوانين القديمة
تُلغى القوانين المنظمة للإيجار القديم بعد سبع سنوات من تاريخ تطبيق القانون الجديد.
انقسام نيابي.. مؤيدون ومعارضون
رغم إقرار مشروع القانون في لجنة الإسكان بمجلس النواب، لا يزال الجدل محتدمًا داخل قاعة البرلمان، خاصة في ظل تصريحات عدد من النواب المعارضين.
النائب عاطف مغاوري أعلن اعتراضه الصريح، مؤكدًا أن مشروع القانون مخالف للدستور ويغيّر مراكز قانونية مستقرة منذ عقود”.
وأكد “المغاوري”، في تصريحات خاصة لـ نافذة الشرق أن مشروع قانون الحكومة بشأن الإيجار القديم يحمي الملاك على حساب ملايين المستأجرين من الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
وأضاف أن المادة (2) الخاصة بإنهاء العلاقة الإيجارية تمثل تهديدًا مباشرًا للسلم الاجتماعي، في ظل غياب ضمانات حقيقية لتوفير بدائل سكنية مناسبة.
في المقابل، دافع النائب محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب عن مشروع القانون، معتبرًا إياه “خطوة ضرورية لتصحيح مظالم تاريخية”، مؤكدًا أن:القانون يمنح مهلة كافية للتكيف”.
هناك مواد تضمن أولوية المستأجر في الحصول على وحدة بديلة.
الزيادة في الإيجار ستكون تدريجية ومرتبطة بتقييم عادل حسب طبيعة المنطقة.
موقف الأحزاب: ترقب من مستقبل وطن
رغم أن حزب مستقبل وطن أقر مشروع القانون خلال مناقشات لجنة الإسكان، إلا أنه لم يُعلن موقفًا رسميًا واضحًا حتى الآن من التصويت العام داخل الجلسة. ويترقب المتابعون كيف سيصوت الحزب صاحب الأغلبية، لا سيما في ظل وجود انقسام داخلي بشأن توقيت القانون وتأثيره الانتخابي والاجتماعي.
موقف الحكومة
تؤكد أن مشروع قانون الإيجار القديم تم إعداده بعناية ويُعد خطوة حاسمة لإعادة التوازن بين حقوق المؤجر والمستأجر. وأكد المستشار محمود فوزي أن القانون يمد مهلة الإخلاء إلى سبع سنوات بدل خمس، ما يمنح المستأجرين فترة انتقالية كافية، بينما يحقق حماية للملاك ويعالج التجاوزات، لا سيما في الوحدات المغلقة، حسب قوله .
معالجة مشكلة الوحدات غير المستغلة
لفت فوزي الانتباه إلى أن القانون يعالج إشكالية الوحدات السكنية المغلقة، فرَّقها إلى سبب موافق عليه للإخلاء إن ثبت تركها مغلقة لأكثر من سنة، مشيرًا إلى أن “هذه حماية للملكية” . وأضاف: “لا يوجد أي مبرر لاستمرار غلقها وحرمان أصحابها منها لسبب غير معلوم” .
ضمانات اجتماعية وبدائل مشروعة
طمأن فوزي بأن الدولة «لن تترك أحدًا في الشارع أو بلا مأوى»، مؤكدًا أن القانون منح «أحقية» (وليس أولوية فقط) لأولئك المتضررين، خاصة كبار السن والمستأجرين الأصليين، للحصول على وحدات بديلة من الدولة . كما أعلن أن الدولة ستجري تعدادًا شاملاً عام 2027 لتأسيس خريطة دقيقة للإيجار القديم، لتمكين تطبيق القانون بكفاءة وعدالة .
جدل مجتمعي أوسع
الشارع المصري يشهد حالة من الترقب والقلق، إذ يرى البعض في القانون الجديد فرصة لإعادة التوازن بين المالك والمستأجر، بعد أن ظلت القيمة الإيجارية لبعض الوحدات السكنية لا تتجاوز عشرات الجنيهات لعقود.
في حين يخشى آخرون من أن يؤدي تطبيق القانون بصيغته الحالية إلى تشريد فئات غير قادرة على إيجاد سكن بديل، خاصة كبار السن وأسر محدودي الدخل، في ظل أزمات السكن المتراكمة وارتفاع أسعار الإيجارات الجديدة.
القانون الجديد يمثل المحطة الأخيرة في مسار طويل من محاولات تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، وتبقى كلمة الحسم في يد البرلمان الذي يواجه تحديًا بالغ الحساسية: كيف يوازن بين العدالة القانونية والعدالة الاجتماعية؟ وكيف يتجنب تحول التصحيح القانوني إلى أزمة اجتماعية؟
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.