هدنة على حافة الانهيار.. 3 شروط جديدة من حماس تغيّر قواعد التفاوض في غزة

12

كتب: عبدالله عمارة
بعد تجدد الآمال في التوصل إلى هدنة في قطاع غزة مع الردود الإيجابية المبدئية من إسرائيل وحماس على مبادرة أمريكية وتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قرب التوصل إلى اتفاق، بدأت تخفت هذه الآمال مع حالة ترقب حذر رافق طرح حركة حماس ثلاثة شروط جديدة ضمن تعديلات عرضتها حماس على المبادرة، وصفها البعض بأنها “تغيّر قواعد التفاوض”.
وتضع هذه الشروط، التي تأتي في ظل تصعيد إسرائيلي عسكري وسياسي مستمر، الكرة في ملعب إسرائيل وتطرح تساؤلات حول مدى استعدادها لتقديم التنازلات.
شروط حماس تنقل المفاوضات إلى مرحلة جديدة
من جانبه، أكد الدكتور إسماعيل تركي، أستاذ العلوم السياسية، أن الشروط الثلاثة التي طرحتها حماس تُعيد تشكيل طاولة المفاوضات.

دكتور اسماعيل تركى استاذ العلوم السياسية


وأوضح من خلال تسريبات أن حماس طرحت ثلاثة تعديلات أو شروط:

  • أول هذه الشروط تطلب حماس الحصول على ضمانات أمريكية قوية بأن إسرائيل لن تستأنف القتال من جانب واحد بعد فترة الهدنة المتفق عليها وهي الستين يومًا.
  • ثاني الشروط تطالب حماس بـتحسين آلية إدخال المساعدات الإنسانية، ويشمل ذلك إعادة تفويض الأمم المتحدة بإدارة إيصال المساعدات إلى غزة، مع استبعاد المنظمات المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، أي العودة إلى تقديم المساعدات بنفس الآلية السابقة من خلال المنظمات الدولية الأممية والهلال الأحمر.
  • ثالث هذه الشروط، تطالب حماس بـانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى المواقع التي كان يحتلها قبل تاريخ 3 مارس، أي ضمن خطوط وقف إطلاق النار في اتفاق الهدنة الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير قبل أن تخترقه إسرائيل وتُصعد من عملياتها العسكرية في القطاع.
    هل تعتبر إسرائيل شروط حماس تعجيزية؟
    وحول مدى استعداد إسرائيل لتقديم تنازلات، أوضح تركي، في تصريحات خاصة لـ”نافذة الشرق”: “أرى من وجهة نظري أن هناك تباينًا في ردود الفعل الإسرائيلية على شروط حماس الجديدة. فبينما يرى البعض أن هذه الشروط (تعجيزية)، يرى آخرون أنها تعكس الحد الأدنى لمطالب حماس للحفاظ على ما تعتبره صمود المقاومة أمام العدوان الإسرائيلي”.
    الحكومة الإسرائيلية ترفض التنازلات.. واليمين يشترط الاستسلام
    وأضاف: “بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، تبدو هذه الشروط صعبة القبول، خاصة شرط وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل، حيث ترى إسرائيل أن ذلك سيسمح لحماس بإعادة تنظيم صفوفها وتعزيز قدراتها العسكرية، كما أن أي تنازلات كبيرة قد تواجه معارضة شديدة من اليمين المتطرف في الحكومة، الذي يطالب بالقضاء التام على حماس، ونزع سلاحها وتحقيق نصر عسكري حاسم، ويرى أنه قد تجاوز هذه الأفكار بسيطرته على أكثر من 70% من قطاع غزة والقضاء على معظم قدرات حماس، وليس باستطاعتها فرض شروطها ضمن اتفاق سلام، بل يجب عليها الاستسلام”.
    أصوات إسرائيلية تدعو للمرونة خوفًا من الخسائر
    وتابع تركي: “ومع ذلك، هناك أصوات داخل إسرائيل تدعو إلى قدر من المرونة، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية وتزايد تكلفة الحرب البشرية والاقتصادية، وسقوط عدد أكبر من أفراد جيش الاحتلال ضمن عمليات نوعية تقوم بها المقاومة هذه الأيام. وتبقى مسألة استعداد إسرائيل لتقديم تنازلات مرهونة بالحسابات الداخلية المعقدة والضغوط الخارجية المتزايدة”.
    مصر تسابق الزمن لإنقاذ الهدنة في غزة
    وفيما يتعلق بالدور المصري، قال الدكتور إسماعيل تركي:
    “في ظل هذه المتغيرات والمحددات تواصل مصر بذل جهودها الحثيثة كوسيط رئيسي في مفاوضات الهدنة، فبعد طرح حماس للشروط الجديدة ضمن الرد الإيجابي على المبادرة الأمريكية، تكثف مصر اتصالاتها مع جميع الأطراف المعنية (حماس وإسرائيل والإدارة الأمريكية وحتى قطر) لمحاولة سد الفجوات وتقريب المسافات ووجهات النظر وتجاوز العقبات”.
    القاهرة تسعى لتقريب وجهات النظر والبحث عن حلول وسط
    وأضاف: “تهدف مصر إلى العمل على شرح شروط حماس للأطراف الأخرى ومحاولة فهم دوافعها بشكل دقيق، والبحث عن أرضية مشتركة بين مطالب حماس ومخاوف إسرائيل، وقد تقدم في بعض الأمور حلول وسط تحاول من خلالها موافقة جميع الأطراف أو على الأقل تكون مقبولة للتفاوض عليها. وتواجه مصر تحديًا كبيرًا في هذه المرحلة، حيث أصبحت الفجوة بين مواقف الطرفين أكبر، مما يتطلب دبلوماسية مكثفة وجهودًا مضنية لمنع انهيار كامل لعملية التفاوض”.
    خلافات داخل إسرائيل بين الجيش والحكومة بسبب شروط الهدنة
    وأشار تركي إلى أن الشروط الجديدة لحماس ساهمت في تفاقم الخلافات داخل إسرائيل، قائلاً: “يبدو أن الشروط الجديدة التي طرحتها حماس قد فاقمت من الخلافات القائمة بالفعل بين المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل، حيث يميل بعض القادة العسكريين إلى تقديم المرونة في المفاوضات لتحقيق أهداف معينة، مثل استعادة الأسرى وتقليل الخسائر. وقد يكون لديهم تقييم مختلف بشأن مدى واقعية القضاء التام على حماس، واحتلال القطاع بشكل كامل، وقد يفضلون التوصل إلى صفقة لإنهاء القتال”.
    وتابع: “أما الحكومة الإسرائيلية، وخاصة تيار اليمين المتطرف، فيميل إلى التمسك بمواقف أكثر تشددًا، ويرفض ما يعتبره منح مكافأة لحماس على هجماتها. حيث يرى هذا التيار أن أي تنازل كبير سيُعتبر ضعفًا وسيؤدي إلى تعزيز مكانة حماس”.
    خلاف قد يؤثر على مسار الحرب والمفاوضات
    واختتم تركي بالقول: “هذه الخلافات ليست جديدة، لكنها تظهر على السطح بشكل أكبر مع كل جولة مفاوضات لوقف العدوان الإسرائيلي واستعادة الأسرى، فتداعيات هذا الخلاف قد تؤثر على القرارات المستقبلية بشأن مسار الحرب والمفاوضات، وقد تدفع باتجاه تصعيد إضافي في حال عدم التوصل إلى حل وسط، وعقد صفقة لوقف العدوان الإسرائيلي واستعادة الأسرى وإدخال المساعدات”.
    ترامب متفائل ونتنياهو في طريقه لواشنطن
    وأعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع.
    وسُئل ترامب على متن الطائرة الرئاسية إن كان متفائلًا بشأن التوصل إلى وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحماس، فأجاب:
    “كثيرًا”، مشيرًا إلى أن “الأمر يتغير بين يوم وآخر”.
    وتعليقًا على إعلان حماس استعدادها للتفاوض حول مقترح وقف إطلاق النار في قطاع غزة، قال ترامب: “هذا جيد، لم يتم إبلاغي بالأمر، علينا إنجاز ذلك، علينا أن نفعل شيئًا بشأن غزة”.
    ويقابل هذا التفاؤل إعلانًا عن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن الأسبوع الجاري (المقرر يوم 7 يوليو 2025)، بهدف مناقشة تفاصيل وقف إطلاق النار، ملف الرهائن، والأمن الإقليمي مع الرئيس ترامب، وفق ما أكّده مسؤولون أمريكيون.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.