أعلنت البعثة الأثرية المصرية الفرنسية المشتركة عن اكتشاف مدينة متكاملة تعود إلى عصر الدولة الوسطى “2050 – 1710 قبل الميلاد”، وذلك داخل الركن الجنوبي الشرقي من معبد الكرنك بمحافظة الأقصر، في كشف أثري استثنائي يلقي الضوء على جانب غير موثق من الحضارة المصرية القديمة.
ويُعتقد أن المدينة المكتشفة، التي لم يُشر إليها في أعمال المستكشف الفرنسي جورج لاجران بين عامي 1895 و1910، كانت مأهولة ونشطة لأكثر من ألف عام، ما يجعلها من أقدم مراكز الحياة اليومية المرتبطة بالمعبد.
وتضم المدينة مبانٍ من الطوب اللبن مزودة بأفران ومعدات لصناعة الخبز وطهي الطعام، إلى جانب أدوات تخزين، ما يشير إلى أن الموقع كان مركزًا حيويًا للمعيشة والعمل اليومي، ومرتبطًا بالخدمات المخصصة للعاملين في المعبد،
كما عثر على مجموعة من الحُلي والمصوغات التجميلية، يرجح أنها كانت تخص نساء أو عاملات بالموقع، وهو ما يعكس بعدًا اجتماعيًا ومعيشيًا غنيًا، يؤكد أن المدينة لم تكن مجرد منطقة خدمة، بل كانت نابضة بالحياة ومتكاملة الأركان
وأوضحت البعثة أن المنطقة هجرت خلال نهاية الأسرة السابعة عشرة وبداية الأسرة الثامنة عشرة، حيث تحولت إلى مكب نفايات. لكن أعيد استخدامها لاحقًا في عصر الأسرة الثامنة عشرة بإقامة وحدات تخزين جديدة فوق الطبقات القديمة، ما يشير إلى استمرار الأهمية الوظيفية للموقع في فترات لاحقة.
ومن أبرز القطع الأثرية التي تم العثور عليها، شظايا فخارية مزججة باللون الأزرق، تتطابق تمام مع تصميم إناء “نمست” المعروض حاليًا في متحف اللوفر بباريس، والذي يعود لعهد الملك أمنحتب الثالث، مما يفتح الباب أمام فرضيات مثيرة حول ارتباط الموقع بالقصر الملكي أو بأحد الطقوس الدينية الكبرى في مصر القديمة.
ويمثل هذا الاكتشاف نافذة جديدة لفهم أنماط الحياة والمعمار اليومي في عصور لم تكن موثقة من قبل داخل نطاق معبد الكرنك، ويعزز مكانة الأقصر كمركز عالمي للآثار والاكتشافات الكبرى.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.