إرهاب الساحل الإفريقي.. خبرات الشرق الأوسط تشعل بؤرة الصراع الأخطر في العالم”
كتب : أحمد سمير
يشهد اليوم مشهد أمنى شديد التعقيد فى قلب منطقة الساحل الإفريقى الممتدة من موريتانيا غربا إلى السودان شرقا ً, حيث تجتمع خبرات قتالية وتقنيات متطورة قادمة من بؤر الصراع فى الشرق الأوسط , مع واقع محلى مثقل بالتهميش والفقر مع الفراغ الأمنى لتصبح من أخطر بؤرالإرهاب فى العالم , فبعد أن كانت تعانى من نزاعات محلية , وصراعات قبلية ، أصبحت اليوم تشهد تمددا لموجات من العنف المسلح تغذيها خبرات وتكتيكات قادمة من بؤر الصراع فى الشرق الأوسط
فقد أشارت تقارير دولية إلى أن مقاتلين سابقين من ساحات سوريا , والعراق نقلوا معهم أساليب تفخيخ وأسلحة مبتكرة , كانت قد برزت بوضوح فى معارك الموصل لتجد طريقاً آخر لها ومسرحا جديداً للأحداث داخل جماعات مسلحة فى النيجر ومالى , ليتحول مسرح الأحداث إلى النسخه الإفريقية مقتبسه من صراعات الشرق الأوسط
إنتقال السلاح والخبرة ..
خلال عقد الحرب على تنظيم ” داعش , والقاعدة ” فى سوريا والعراق قد ظهر جيل جديد من المقاتلين المرتزقة قد إكتسب خبرة ميدانية عالية .
كشفت تقارير للأمم المتحده والهيئات المتخصصة فى مكافحة الإرهاب , أن موجات من المقاتلين العابرين للحدود الذى قد إنضموا فى صفوف التنظيمات المتطرفة بالعراق , وسوريا قد أصبحوا اليوم مدربين ومخططين ميدانيين فى جماعات الساحل , هذا العناصر لم تجلب العقيدة القتالية معها فقط بل أضافت تقنيات حرب المدن , وإستخدام العبوات الناسفه المبتكرة ieds .
أكدت التقارير الفنية أن صنع العبوات الناسفة الأخيرة قد إنتقل عبر قنوات مهربة ومقاتلين , بل وأنظمة تعليمية على الأرض , فمشروع توثيق العبوات الناسفة فى غرب إفريقيا حاليا بين إستخدام مكونات مستورده وتقنيات معقدة .
وبحسب تحليلات إستراتيجة وثقت هذا الإنتشار فقد أكدت بفتح قنوات لتعليم الأسلوب القتالى الحديث الأمر لم يقتصر فقط على مهربون ومقاتلون متحولون , بل شمل وساطة فكرية مثل المنصات الإعلامية ” دروس عبر الإنترنت ” , وبيئات تدريب فى بلدان ثالثة , إضافة إلى توظيف الطائرات المسيرة للإستطلاع والهجوم , وجميع ما سبق قد أثبت فاعليته المدمرة فى بيئات القتال بالشرق الأوسط .
ومع هزيمة هذه التظيمات فى معاقلها الرئسية لم يختفى هؤلاء المقاتلون بل أعادوا نشر أنفسهم مرة أخرى البعض منهم إنتقل إلى ليبيا ومن هناك تسلل إلى دول الساحل الإفريقى من خلال شبكات تهريب للسلاح والبشر , مستفيدين من المساحات الصحراوية المفتوحة وضعف الرقابة الحدودية .
تحول مكان الصراع وتحويلة إلى مصدر تكتيكى ..
الحرب السورية , والعراقية كانت مجرد مختبر تكتيكى ” حرب بلدة لبلدة أخرى , وجود إنفاق , شبكات لوجيستيه ” , هذه الحروب قد نتج عنها عناصر قادرة على نقل أفضل , وأخطر والممارسات التكتيكية , ما يجعلنا أن نطلق عليها مصطلح ” صادرات الصراع ” , فقد إستفادت الجماعات المسلحة والجهادية من هذه الخبرات لتحسين ضربتها وجعلها أكثر تنظيم مثل ” إستخدام عبوات ناسفة ضد مدرعات , إستخدام تكتيكات متطوره للهجوم على الكمائن ” , هذه الخلفية المنظمة فى الشرق الأوسط جعلت الأمر أسهل تعلماً على أرض الساحل .
جماعات الساحل تعتمد على محورين رئيسيين ..
اولهما : تحالفات مرتبطة بتنظيم القاعدة كـ ” جماعة نصر الإسلام والمسلمين ” , والتى توسع نشاطها من خلال تحالفات محلية مع مليشيات قبلية .
ثانيهما : تحالفات مرتبطة بتنظيم داعش كـ ” ولاية الصحراء الكبرى ” , التى تتبنى تكتيكات أكثر عنفاً وتركز على السيطرة الميدانية .
لكن المشهد يعتبر أكثر تعقيدا مما نراه هذه التنظيمات تجتمع مع شبكات تهريب المخدرات والتجارة الغير مشروعه , لتتحول فى النهاية إلى كيانات مهجنه تجمع بين التطرف الدينى والجريمة المنظمة , لنجد فى النهاية أن هذه الجماعات أصبحت تدير إقتصاد ” ظل متكامل ” , مما يجعلها دول موازية فى مناطق نفوذها .
إذن من المهم أن نسأل هل تهمش الأقليات يعتبر سببا فى ما يحدث الآن بدول الساحل الإفريقى ..؟
فى قرى ومناطق نائيه من ” مالى , النيجر , وبركينا فاسو ” يعيش الألاف من أبناء الأقليات الإثنية مثل ” الطوارق , والفولانى ” فى عزلة تامة عن خدمات الدولة , هناك تنعد المدارس والمراكز الصحية والبنية التحتيه , البطالة بين الشباب والتى قد وصلت إلى ما يزيد عن 60 % , النزاعات على المراعى والمياة الأزمة تتفاقم مع التغيرات المناخية , أضف إلى ذلك الشعور التاريخى بالظلم الذى يدفع الكثير من الشباب للإتجاه نحو الجماعات المسلحة نظراً لقيام بعض الجماعات بسرد قصص الإقصاء والظلم لصياغة خطاب مضاد للدولة , كى تجذب به الشباب المحرومين ” كيفية التوظيف السياسى للألم الإجتماعى” .
ومع إنسحاب القوات الفرنسية وقوات الأمم المتحده من ” مالى , وبعض أجزاء من بوركينا فاسو , والنيجر ” ظهرت روسيا كبديل عسكرى وسياسى .
فهناك شركات أمنية خاصة مثل ” فانجر” , قد وفرت تدريبات , معدات , وتدخلات مباشرة فى القتال , لكن كل هذا الوجود لم ينجح فى خفض معدلات الهجمات , بل تزامن معه إرتفاع عمليات الخطف , وتوسيع نطاع الهجمات لتصل إلى منطاق كانت مستقرة نسبياً , مع تزايد التوتر بين الأنظمة الإنقلابيه والدول الغربية .
من هنا يمكننا القول أن بأن عمليات الخطف التى تتم هدفها الأساسى هو الفدية والتى تلعب دوراً هاما فى تمويل الجماعات والتنظيمات المسلحة , التى من أعمق دوافعها إظهار قدرتها على إستنزاف الخصم كى تحصل على تسهيلات سياسية , او إطلاق سراح سجناء , أو إنشاء سوق إستغلال إقليمى لذلك الفدية عبارة عن أداة وليست غاية فى كل الحالات .
علاقة الإنظمة الإنقلابيه فى الساحل بالجماعات المسلحة ..
عبارة عن توظيف متبادل ليست مواجهة فقط السنوات الأخيرة قد أظهرت نمط معقد فى بعض البلدان التى قامت بإنقلابات ” مالى , بوركينا فاسو ” فقد سعت إلى إستغلال هذا الجماعات كى تمنحها شرعية السلطة , أو لتصفية خصوم داخليين , أو للإستفادة من شبكات العنف .
فى المقابل تستفيد هذا الجماعات من ضعف المؤسسات لتوسيع مساحات العمل , هذا التوظيف له العديد من المخاطر والذى بدوره من الممكن أن يقود إلى تقوية شبكات لا تخضع لرقابة ولا تسعى للإستقرار , من الممكن أن يوقع هذا التوظيف الدولة فى شراكات قصيرة الأجل تضعف من الشرعية وتطيل مدة النزاع .
سؤال أخير هو الأهم نحو السيناريو المستقبلى لدول الساحل فى ظل توسعات الجماعات والتنظيمات المسلحة ..؟؟
التصعيد الشامل وتوسع الجماعات نحو الجنوب , تهديد موانىء خليج غينيا وتحويل الساحل إلى مركز إقليمى للإرهاب …
السيناريو الأول : التوسع وقيام محاور فوضى , فمع توسع الجماعات فى الجنوب والشرق تتحالف مع شبكات إجرامية وتتحول إلى قوة شبه دولية محلية , تستطيع أن تفرض سيطرتها على مناطق كبيرة , نتيجة موجات نزوج كبرى تقوم بتعطيل طرق التجارة الإقليمية .
ومع تصاعد تدخلات دولية متعددة الأطرف من الممكن أن يؤدى الأمر إلى منافسات إقليمية ينتهى بصراع بين المستعمرين الجدد , من الممكن حدوث هجمات منسقة على عواصم إقليمة , للحصول على ضرائب على نطاق إقليمى بالإتفاق مع جهات خارجية لإمدادهم بالأسلحة .
السيناريو الثانى : وجود هجين من الجماعات الجهادية والعصابات المسلحة , تعمل على أهم الموارد ” الطرق , المناجم , التهريب ” مع إستمرارية الخطف لتمويل العمليات دون محاولة السيطرة على الدولة , وذلك لن يحدث الإ فى حالة وجود أمنى ضعيف , إستنزاف إقتصادى وتهديد دائم للشركات والمنظمات الإنسانية , الأمر الذى سيؤدى إلى زيادة فى الحوادث الصغيره المنتظمة والتجارة غير المشروعه .
السيناريو الثالث : إستجابة إقليمية متعددة الأوجه , تعتمد على تحالات إقليمية عسكرية ومدنية فعالة بدعم دولى يرتكز على بناء حكم محلى شامل , وعملية تنمية مجمتعية لمعالجة التهميش , ينتج عن هذا إحتواء تدريجى مع برامج إندماج سكانى وإستعادة خدمات الدولة , تقليل التجنيد فى الجماعات الجهادية ,
يعتبر هذا السيناريو هو الأصعب تنفيذا ولكنه الأكثر إستدامه .
وفى تصريح خاص للخبير العسكرى والإستراتيجى اللواء ” أحمد كامل ” لموقع نافذة الشرق .
فقد أكد سيادته أن جميع الجماعات الإرهابية في العالم تحت أى مسمى جديد تعود إلى أصلها الاول وهو التنظيم العالمى للإخوان المسلمين والتى بدورها قد ولدت من رحم الغرب ممنوحة أيدولوجية عقائدية موحده .
مشيراً إلى أن كل هذه التنظيمات تخدم بل وتنفذ أجندة غربية تعمل على مصالحها بصفه عامه وخاصة , مثلما حدث في مصر والوطن العربى مما يسمى بـ ” الخريف العربى ” .
مضيفا ً أن هذه الجماعات تستخدم الآن في منطقة الساحل الإفريقى لضمان التواجد والنفوذ الغربى بالقارة الإفريقية بعد تنامى الدور الصينى , والروسى والصراع على الثروات ومناجم المعادن الإفريقية .
مكملاً أن هناك بعض الدول الإفريقية حاولت ونجحت في تقليص الدور الغربى لديها خاصة فرنسا والتى نهبت ثروات العديد من البلاد الإفريقية , وظهور جماعة فانجر الروسيه , وعزم الصين على تشكيل العديد من الجماعات الأمنية من الضباط والجنود السابقين بالجيش الصينى .
موضحا ً أن كل ما يحدث في المنطقة الغرض منه عدم الإستقرار وإعتماد هذه الدول على الغرب لتحقيق الأمن والحفاظ على إستمرار الأنظمة الحاكمة لتحقيق المذيد من نهب ثروات البلاد الإفريقية والتدخل في السياسات الداخليه لهذه الدول
مختتما حديثه بدور الأزهر الشريف في محاربة هذا التوجه والذى بدوره يقوم بإرسال الكثير من علماء المسلمين لهذه المناطق كى يواجهوا خطر عمليات التبشير الغربية .
وفى النهاية إرهاب الساحل لم يعد قضية إقليمية معزولة , بل جزء من شبكة صراعات دولية وإقليمية إشتركت فيها خبرات الشرق الأوسط , ومولتها أطماع قوى كبرى غربية , وأوجاع الفقر والتهميش المحلى من خلال هذا المعادلة الصعبة السؤال يظل دون إجابة واضحه , هل تسير دول الساحل نحول طرق الحل الشامل أم تتجه أكثر نحول هاوية الفوضى ..
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.