بين الإنكار والتقدير: تباين القراءات لتأثير حركات التضامن مع القضية الفلسطينية

10

كتبت بسمة هاني
في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وتنامي مشاهد التضامن الشعبي والرسمي حول العالم، يثور الجدل حول مدى قدرة هذه التحركات على إحداث تغيير حقيقي في سياسات الحكومات الغربية تجاه إسرائيل.

قال ا لكاتب ووالمحلل السياسي ورئيس المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية مسارات الدكتور هاني المصري من فلسطين إن المقاربات تجاه تأثير الحركات الشعبية وغير الشعبية المتضامنة مع القضية الفلسطينية متباينة.
ولفت إلى أن هناك من يقلّل من أهميتها ويعتبرها مجرد مظاهرات شوارع لا تؤثر على القرارات الكبرى.
وأوضح أن مقاربة أخرى ترى أن دولة الاحتلال، بفعل أزماتها الداخلية والتحركات الشعبية ضدها، باتت في عزلة خانقة، على وشك الانهيار السياسي والأخلاقي، وأن النصر الفلسطيني مسألة وقت.

التحركات الواقعية وتغيير المزاج الدولي

وأشار إلى وجود مقاربة واقعية تثمّن هذه التحركات، حتى تلك التي تنطلق من داخل دولة الاحتلال نفسها، مؤكداً أنها بدأت تؤثر على مواقف بعض الحكومات الغربية.
وشدد على أن تغيرات ملموسة ظهرت في الرأي العام في دول داعمة تقليديًا لإسرائيل مثل فرنسا وكندا وبريطانيا، وأن هذه التحولات بدأت تجد طريقها إلى السياسات الرسمية.
ونوّه إلى أن الانقسام وصل حتى داخل الحزب الجمهوري الأمريكي، خاصة في تيار “أمريكا أولًا” المؤيد لترامب، كما برز في بريطانيا حزب جديد يقوده جيرمي كوبان، استقطب خلال أيام 650 عضوا، بينهم منشقون عن حزب العمال الحاكم، في رقم غير مسبوق.

إنجازات محدودة ولكن مؤثرة

وأكد أن هذه التحركات، ورغم فشلها في وقف الإبادة والتجويع، نجحت في إحراج صناع القرار في واشنطن وتل أبيب، ودفعهم إلى التراجع عن الحصار الخانق الذي بدأ في الثاني من آذار بمنع دخول الغذاء والدواء إلى غزة.

وأوضح أن الضغط الشعبي والدولي أسهم في إدخال مساعدات، بداية بشكل محدود، ثم على نطاق أكبر، وإن جرى ذلك ضمن هندسة ممنهجة لضمان عدم وصولها لمستحقيها.
وأشار إلى أن ما يُعرف بـ”منظمة غزة اللا إنسانية” تحولت إلى أداة حرب عبر إنشاء أربعة مراكز كانت بمثابة “مصائد موت”، أدت إلى استشهاد نحو 1500 شخص وإصابة أضعافهم أثناء محاولة الحصول على المساعدات.

سيناريو غياب التضامن

ولفت إلى أنه لو غاب هذا التضامن العالمي، لكانت الحرب أكثر دموية، وربما اكتمل احتلال القطاع وبدأت عمليات التهجير والاستيطان فيه كما في الضفة.

وشدد على أن هذه الحركات لم توقف الحرب، لكنها كبّلت يد الاحتلال ومنعت تحقيق كامل أهدافه، وجعلت واشنطن وتل أبيب تحسبان ألف حساب لعقوبات أو عزلة دولية أو مقاطعة شاملة محتملة.

مؤشرات تحول في السياسات الدولية

وأشار إلى أن بعض الدول الحليفة لإسرائيل أعلنت نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر المقبل، فيما أوقفت ألمانيا توريد السلاح، وظهرت عقوبات جزئية مرشحة للتصاعد مع استمرار صمود المقاومة وتفاقم الأزمات الداخلية في إسرائيل.

شرط التأثير الفعلي

وشدد على أن ترجمة هذا الزخم الشعبي إلى تغيير سياسي فعلي يتطلب ارتقاء الأداء السياسي الفلسطيني عن مستواه الحالي، وتحوّل الموقف الرسمي العربي من التصريحات إلى خطوات عملية، عبر استخدام أوراق القوة العربية في العلاقات مع الغرب.

ونوه إلى أن المطلوب هو رؤية وطنية وثورية واقعية، بعيدة عن التخاذل أو المغامرة غير المحسوبة، تقوم على وحدة الهدف والأدوات، أو على الأقل تنسيق الجهود بحيث يعمل كل فصيل منفردا لكن في الاتجاه نفسه.

وأكد أن المشروع الصهيوني يستهدف الشعب الفلسطيني بأسره، أرضًا وحقوقًا ومؤسسات، ما يستدعي موقفًا وطنيًا موحدًا أو متكاملًا لمواجهة المخاطر والفرص على حد سواء.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.