فنجان القهوة: بين الأزمة العالمية والحلول المحلية

1

كتب: هشام عامر

تعتبر القهوة رفيق أساسي للملايين حول العالم، لكن يبدو أن هذا الرفيق يمر بأزمة حقيقية تهدد سعره داخل الأسواق، ففي الأيام القليلة الماضية، شهدت أسعار البن العالمية قفزة مفاجئة بنسبة تقدر بـ 5.2%، وهو ارتفاع حاد لم تشهده الأسواق منذ فترة، هذا الارتفاع يأتي في ظل قرارات تجارية وسياسية، أبرزها التعريفة الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على البن البرازيلي، وهو ما أثار مخاوف من تداعيات اقتصادية قد تصل إلى مستهلكي البن في مصر.

ولفهم أعمق لهذه الأزمة، كان لموقع «نافذة الشرق» حوار خاص مع الدكتور “مصطفى النجار” رئيس قطاع الإرشاد الزراعي السابق بوزارة الزراعة، حيث كشف لنا عن كواليس ما يحدث في السوق العالمي، مشيراً إلى أن ارتفاع سعر البن عائد إلى بعض العوامل المتداخه، وليس بسبب التعريفة الجمركية فقط، والأسباب الرئيسية لهذا الارتفاع تشمل، التوقعات بانخفاض الإنتاج في البرازيل بسبب الظروف الجوية، وتزايد الطلب العالمي على القهوة، بالإضافة إلى التعريفة الجمركية مما أدى إلى نقص في المعروض.

وضح الدكتور “مصطفي” أن قرار التعريفة الجمركية علي البرازيل له تأثير مباشر على حركة التجارة العالمية، فعندما تفرض الولايات المتحدة، وهي أكبر مستورد للبن، تعريفة على البن البرازيلي، فإن ذلك يقلل من جاذبية المنتج البرازيلي داخل السوق الأمريكية، هذا الأمر يدفع البرازيل أيضاً للبحث عن أسواق جديدة، مما يؤدي إلى إعادة توجيه جزء من صادراتها إلى دول أخرى، وفي المقابل قد تتجه الولايات المتحدة إلى استيراد البن من دول أخرى مثل فيتنام أو كولومبيا، وهو ما يخلق حالة من الاضطراب في سلاسل الإمداد العالمية ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل عام.

والجدير بالذكر، أنه على الرغم من الارتفاع العالمي، يلاحظ أن سعر البن في السوق المصري مازال مستقرًا نسبيًا، حيث أشار ” النجار” أن هذا الاستقرار يعود إلى عدة أسباب، أولها هو أن التجار المحليين عادة ما يكون لديهم مخزون استراتيجي من البن يكفيهم لفترة، وهو ما يمكنهم من امتصاص الصدمات السعرية قصيرة المدى، وأيضاً صفقات الاستيراد تتم بعقود آجلة، وبالتالي فإن الأسعار الجديدة لن تنعكس على الأسواق إلا بعد انتهاء المخزون الحالي.

كما يؤكد “النجار” أن تلك الزيادة في الأسعار المحلية أمر شبه حتمي، ومن المتوقع أن تبدأ في الظهور خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، بمجرد استنفاد المخزون الحالي وبدء صفقات الاستيراد الجديدة بالأسعار العالمية المرتفعة، مشيراً إلى أن أسعار البن في مصر تتحدد بناءً على عدة عوامل، أبرزها سعر البورصة العالمية للبن، وسعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري، بالإضافة إلى تكاليف الشحن والتأمين والجمارك، فكل هذه العوامل تتضافر لتحديد السعر النهائي الذي يدفعه المستهلك.

أما عن مسألة زراعة البن في مصر، فيؤكد الدكتور “النجار” أن مصر لا تزرع البن تجاريًا في الوقت الحالي، وأن كل احتياجاتها يتم استيرادها بالكامل، ويعود ذلك إلى أن البن يتطلب ظروفًا مناخية معينة غير متوفره داخل مصر، مثل ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة لفترات طويلة، وهو ما لا يجعل زراعته مجدية اقتصاديًا، ويستبعد “النجار” أن تعود زراعة البن في مصر في المدى القريب، مشيرًا إلى أن الأمر يتطلب استثمارات ضخمة وتغييرات جذرية في سياسات الزراعة، وهو ما لا يبدو مطروحًا في الوقت الحالي.

وختاماً، يظل فنجان القهوة محط اهتمام من الملايين حول العالم، ليس فقط كمشروب يومي، ولكن أيضاً كسلعة عالمية تتأثر بالمتغيرات الاقتصادية والسياسية، فمع استمرار تقلبات الأسعار العالمية، قد يجد المستهلك المواطن المصري نفسه أمام خيارات محدودة، فهل سيضطر لتقليل استهلاكه من القهوة، أم أن التجار سيجدون حلولًا بديلة للتخفيف من حدة الأزمة؟ السؤال يظل مطروحًا في انتظار ما سوف تسفر عنه الأيام المقبلة.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.