إزالة سوريا من قائمة “الدول المارقة”: خطوة رمزية أم تحوّل استراتيجي؟(خاص)

بسمة هانى

في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات السياسية، أقر مجلس الشيوخ الأميركي إزالة اسم سوريا من قائمة “الدول المارقة”، وهي تسمية غير رسمية طالما استخدمتها الولايات المتحدة لتبرير سياسات العزل والضغط على خصومها. هذا القرار، وإن كان يحمل دلالة رمزية، لا يعني بالضرورة تحولاً حقيقياً في السياسة الأميركية تجاه دمشق. في هذا السياق، يوضح الدكتور عبدالله نعمة، دكتور العلاقات الدولية والمحلل السياسي اللبناني، في حديث خاص لموقع نافذة الشرق، أبعاد هذا القرار وخلفياته وتداعياته المحتملة.

قال الدكتور عبدالله نعمة، دكتور العلاقات الدولية والباحث الاستراتيجي والمحلل السياسي اللبناني، في حديث خاص لموقع نافذة الشرق، إن قرار مجلس الشيوخ الأميركي بإزالة اسم سوريا من قائمة “الدول المارقة” يحمل دلالات سياسية أكثر منه تحولاً عملياً في العلاقات بين واشنطن ودمشق.

مفهوم “الدولة المارقة”: تصنيف سياسي غير رسمي

ولفت الدكتور نعمة إلى أن مصطلح “الدولة المارقة” لا يمثل تصنيفًا قانونيًا أو رسميًا ضمن مؤسسات الحكومة الأميركية، بل هو توصيف سياسي تستخدمه الإدارات الأميركية في خطاباتها لتبرير سياسات العزل أو ممارسة الضغوط على دول معينة.

وأوضح أن هذا التصنيف استخدم في مراحل مختلفة ضد دول مثل سوريا، إيران، العراق، كوريا الشمالية، كوبا، ليبيا، وفنزويلا، بهدف تصويرها كتهديد للأمن العالمي أو لرفضها الالتزام بالقوانين الدولية أو الاتفاقات النووية.

دلالة القرار: إشارة سياسية مشروطة

وأشار نعمة إلى أن إزالة سوريا من قائمة “الدول المارقة” لا تعني بالضرورة تحسناً في العلاقات الثنائية أو رفع العقوبات المفروضة، بل قد تكون بمثابة إشارة سياسية إلى أن الولايات المتحدة بصدد إعادة تقييم سلوك الدولة المعنية، وربما تفتح المجال أمام بعض أشكال التعاون المشروط، لا سيما في مجالات محددة مثل الطاقة النووية المدنية.

استمرار العقوبات وقيود الدعم العسكري والاقتصادي

وشدد نعمة على أن سوريا ما تزال مصنفة كدولة راعية للإرهاب، وهو ما يترتب عليه استمرار فرض مجموعة من القيود الصارمة، مثل حظر المساعدات الخارجية، وتقييد صادرات الأسلحة، وفرض ضوابط على المواد ذات الاستخدام المزدوج (التي يمكن استخدامها في المجالين المدني والعسكري)، إضافة إلى عقوبات مالية وإجرائية أخرى.

من إدارة كلينتون إلى بوش: تصعيد في استخدام التصنيف

ونوه نعمة إلى أن مصطلح “الدولة المارقة” برز بشكل واضح خلال إدارة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، قبل أن يتم تعزيزه وتوسيعه بشكل أكبر في عهد جورج دبليو بوش، الذي استخدم هذا التوصيف ضمن استراتيجية “محور الشر” لتبرير التدخلات الخارجية والضغط الدولي على عدد من الدول.

رسالة سياسية أكثر من كونها تحولاً دبلوماسياً

وأكد نعمة أن هذا القرار، رغم رمزيته، لا يغيّر كثيراً من واقع العلاقات الأميركية السورية، طالما أن التصنيفات الأخرى الأكثر تأثيرًا، مثل “دولة راعية للإرهاب”، لا تزال سارية. وبالتالي، فإن التغيير الحقيقي في العلاقات يتطلب خطوات ملموسة من الطرفين، تتجاوز التصنيفات الخطابية .

إزالة سوريا من قائمة “الدول المارقة”… نتيجة لتحولات إقليمية وضغوط دولية

قال الدكتور عبدالله نعمة، دكتور العلاقات الدولية والمحلل السياسي اللبناني، إن إزالة اسم سوريا من قائمة “الدول المارقة” الأميركية لا يمكن فصلها عن مجموعة من المتغيرات الإقليمية والدولية، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة جاءت كجزء من مسار سياسي جديد في الشرق الأوسط، تشارك في صياغته قوى إقليمية وازنة.

دور السعودية وحلفاء سوريا في التحول

وأشار الدكتور نعمة إلى أن الدور السعودي كان حاسمًا في الدفع بهذا الاتجاه، خصوصًا عبر جهودها السياسية وضغوطها المتواصلة خلال فترة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مؤكدًا أن الرياض عملت على تخفيف حدة السياسات الأميركية تجاه دمشق، بما في ذلك المطالبة بمراجعة العقوبات وتسهيل بعض أشكال التعاون.

لحظة إقليمية تستفيد منها سوريا

ولفت إلى أن ما نشهده اليوم هو انعكاس لتحول كبير في مقاربة العديد من الدول الإقليمية تجاه سوريا، وعلى رأسها السعودية، دول الخليج، تركيا، وحتى إسرائيل، وهو ما يُظهر أن سوريا بدأت تركب موجة التغيير في الشرق الأوسط الجديد، وتُعيد تموضعها في الخارطة السياسية الإقليمية.

فرصة سياسية ولكن مشروطة

وأكد الدكتور عبدالله نعمة أن هذه الخطوة من قبل الولايات المتحدة لا تعني نهاية للعقوبات أو عودة كاملة للعلاقات الطبيعية، لكنها بمثابة “نافذة سياسية” تمنح دمشق فرصة مشروطة لإثبات نواياها وتغيير سلوكها في ملفات محددة، خصوصًا في ظل المتغيرات الجيوسياسية التي تعيد رسم موازين القوى في المنطقة.