إنتشارجدري القرود يزيد من حدة القلق العالمي: تهديد مستمر ومخاوف من التوسع الجغرافي

كتب: ضحى ناصر

في صدمة أثارت المخاوف أعلن المدير العام لـ منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، أن مرض جدري القرود يزال يشكل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليًا، جاء ذلك في بيان صادر عقب الاجتماع الرابع للجنة الطوارئ المعنية باللوائح الصحية الدولية بشأن تطورات المرض.

مدير منظمة الصحة يعلن إرتفاع معدلات الإصابة

كما أعلن تيدروس أن استمرار ارتفاع معدلات الإصابة بجدري القرود، لا سيما في مناطق غرب أفريقيا، يُعد سببًا كافيًا للإبقاء على حالة الطوارئ الصحية، مشيرًا إلى أن الوضع الراهن ما زال يستوفي المعايير المنصوص عليها في اللوائح الصحية الدولية بشأن الأوبئة ذات الأهمية العالمية.

وكانت لجنة الطوارئ قد أبلغت أدهانوم بأن المرض لا يزال يُشكّل تهديدًا دوليًا، على الرغم من التقدم الذي أحرزته بعض الدول في تعزيز قدراتها على الاستجابة والاحتواء في اجتماعها والذي عُقد في الخامس من يونيو الجاري.

مسببات المرض

ويوضح الدكتور أحمد سمير البهواشي إستشاري الباطنة والحميات و الأمراض المعدية في تصريحات خاصة لنافذة الشرق أن مرض جدري القرود هو مرض فيروسي نادر يسببه فيروس جدري القرود، الذي ينتمي إلى عائلة الفيروسات الجُدرية (نفس عائلة الجدري البشري) ذو سلالتين .

السلالة الأولى : تنتشر في وسط أفريقيا (حوض الكونغو)، وتسبب أعراضًا أشد ومعدل وفيات 3–10%.
السلالة الثانية و تنتشر في غرب أفريقيا، وتسبب مرضًا أخف ومعدل وفيات <1%، وهي المسؤولة عن التفشيات العالمية الحديثة .

ينتقل من الحيوانات (خاصة القوارض الأفريقية كالسناجب)،عبر العضات أو الخدوش أو ملامسة سوائلها أو لحومها غير المطبوخة . كما ينتقل بين البشر عبر التلامس المباشر مع الطفح الجلدي أو سوائل الجسم (مثل السوائل من البثور).

المخالطة اللصيقة (التقبيل، العلاقة الحميمة، الرذاذ التنفسي عند التحدث مطولًا وجهًا لوجه).

‎ملامسة أسطح ملوثة (ملابس، أغطية، أدوات الطعام )
‎و من الأم للجنين أثناء الحمل أو الولادة

أعراض المرض

ويضيف البهواشي أن من أبرز الأعراض المتعارف عليها لمرض جدرى القرود

أعراض جدري القرود
تظهر الأعراض بعد 5–21 يومًا من العدوى
(متوسط 6–13 يومًا)، وتستمر من 2–4 أسابيع. وتنقسم إلى مرحلتين:
المرحلة المبكرة (0–5 أيام)
حمى وقشعريرة.
صداع شديد، آلام عضلية
إرهاق وتورم الغدد الليمفاوية
التهاب الحلق أو احتقان الأنف

ثم مرحلة الطفح الجلدي (يبدأ بعد 1–3 أيام من الحمى) ويبدأ في الوجه، اليدين، القدمين الأعضاء التناسلية، الشرج، الفم.

المضاعفات المحتملة :

كما أوضح إستشاري الحميات أن من بين أبرز المضاعفات المرتبطة بجدري القرود مايلي

  • التهابات جلدية بكتيرية: تقرحات عميقة قد تترك ندوبًا دائمة.
  • التهاب الدماغ أو عضلة القلب: نادر لكنه قاتل.
  • الجفاف الحاد: بسبب القيء والإسهال المصاحب للحالات الشديدة.
  • فقدان البصر: إذا وصل الفيروس إلى القرنية
  • الوفاة بنسبة ١- ١٠ ٪ حسب سلالة الفيروس

هل هناك مؤشرات على تحوله الى نمط أكثر انتشارا

يؤكد إستشاري الأمراض المعدية أنه بناءً على أحدث البيانات، فإن انتشار جدري القرود يتزايد بشكل ملحوظ، لا سيما في وسط وشرق أفريقيا، مع وجود علامات مقلقة على الانتشار الجغرافي وتطور ديناميكيات انتقال العدوى
فهناك ارتفاع في عدد الحالات في المناطق الموبوءة جمهورية الكونغو الديمقراطية: و التي تُعدّ بؤرة تفشي المرض الحالي، حيث سُجّلت أكثر من 40,000 حالة في عام 2024 وحده (بما في ذلك أكثر من 9,000 حالة مؤكدة) وأكثر من 500 حالة وفاة.

بينما تُسجل أوغندا الآن أعلى عدد من الحالات الأسبوعية عالميًا (200-300 حالة أسبوعيًا

و على المستوى الإقليمي فقد تم تأكيد استمرار انتقال العدوى المجتمعية في 11 دولة أفريقية، بما في ذلك رواندا وكينيا وزامبيا وزيمبابوي كما أن هناك توسع جغرافي خارج المناطق الموبوءة
خاصةً حالات الإصابة الناجمة عن الدول الموبوءة تم اكتشاف حالات في أكثر من 20 دولة غير موبوءة منذ عام 2024، بما في ذلك المملكة المتحدة والسويد وألمانيا وتايلاند والهند والولايات المتحدة. ارتبطت معظمها بالسفر من المناطق الأفريقية المتأثرة بالفيروس.

هل من المتوقع ظهور حالات جدري القرود في مصر أو المنطقة
وبهذا الصدد يؤكد الدكتور أحمد سمير مصر خالية من الحالات حتى الآن

وأشار إلى أن وزارة الصحة المصرية لم ترصد أي حالات إصابة محلية أو بين القادمين من الخارج، مع تشديد إجراءات الترصد في المطارات والموانئ البرية والبحرية، فيما تم تحديث الدليل الإرشادي للتعامل مع المرض وتوزيعه على المستشفيات، بما يشمل بروتوكولات التشخيص والعزل

لكنه حذر في الوقت نفسه مع استمرار تدفق اللاجئين السودانيين إلى مصر (مليون لاجئ منذ 2023) وارتباط السودان بدول أفريقية موبوءة مثل الكونغو، تزداد فرص تسلل حالات غير مشخصة.

ماهي البروتكولات العلاجية المعتمدة في مصر للتعامل مع جدري القرود

و أوضح البهواشي أن البروتكولات العلاجية لمكافحة جدري القرود بمصر للتعامل مع جدري القرود هي بروتكولات متكاملة تركز على:

  1. الكشف المبكر عبر تعريف واضح للحالات.
  2. العزل الصارم في مستشفيات الحميات.
  3. العلاج الداعم مع ترصد المضاعفات.
  4. الوقاية المجتمعية بتطعيم الفئات عالية الخطورة.

هل هناك إحتمال أن يتحول فيروس جدري القرود الى وباء واسع الانتشار كما حدث مع كورونا؟

أشار إلى أن الاحتمال ضعيف لكنه ليس مستحيلاً لعدة أسباب من بينها :

أن هناك اختلاف جوهري في سرعة الانتشار والعدوى، الكوڤيد أسرع و أسهل في الانتشار بخلاف فيروس جدري القرود والذي يعتبر محدود التحور الفيروسي مقارنة بكوفيد-19 وكذلك توفر أدوات مكافحة من لقاحات فعالة و علاجات مؤثرة.

وهو مايؤكده أنه وعلى الرغم من تصاعد أعداد الإصابات في بعض المناطق، لا توجد حتى الآن توصيات من منظمة الصحة العالمية بإعادة فرض قيود السفر أو الإغلاق، حيث تركز الجهود على التوعية والعزل المبكر وتعزيز الاستجابة المحلية.

من هم الفئات الأكثر عرضة للإصابة
وحدد الدكتور أحمد سمير البهواشي كلا من كبار السن و أصحاب المناعة الضعيفة (مرضى الإيدز، السرطان، متلقي زرع الأعضاء) و الحوامل كأكثر الفئات عرضة للإصابة .

هل هناك انماط موسمية أو بيئية تزيد احتمالات ظهوره

كما كشف البهواشي عن أن نشاط جدري القرود يزداد في أنماط موسمية أو بيئية معينة ولعل أبرز تلك الأنماط هو موسم الأمطار في أفريقيا، حيث يزداد الانتشار في دول مثل الكونغو خلال مواسم الأمطار (يوليو-أكتوبر)، حيث تزداد حركة القوارض الناقلة للفيروس وتتفاقم الأوضاع المعيشية .
البيئات الحضرية والاكتظاظ حيث ينتشر الفيروس عبر المخالطة المباشرة للجلد أو الأسطح الملوثة.

طرق الوقاية

ماهي الإجراءات الوقائية اليومية
يشير البهواشي إلى أن أبسط قواعد الوقاية من جدري القرود هي تجنب ملامسةالحيوانات البرية أو لحومها غير المطبوخة، وكذلك تحنب التلامس مع الأشخاص المصابين أو المشتبه بإصابتهم.

الحرص على غسل اليدين بالماء والصابون أو معقم كحولي (تركيز 60%) بعد لمس أسطح مشبوهة .

وعدم مشاركة الأدوات الشخصية (مناشف، ملابس، أواني طعام) مع المصابين.

وفي ضوء استمرار تفشي جدري القرود وتزايد حالات الإصابة والوفيات في مناطق متعددة، خاصة في القارة الأفريقية، تبقى المخاوف الدولية في محلها رغم التحسن النسبي في آليات الاستجابة والاحتواء. وبينما تؤكد السلطات الصحية في مصر خلو البلاد من المرض حتى الآن، تظل الحاجة ملحة إلى اليقظة المشددة والتأهب المستمر، خصوصًا في ظل التحركات السكانية الإقليمية وتغير الأنماط البيئية. وفي وقت أصبح فيه العالم أكثر وعيًا بأهمية الاستعداد المبكر، يبقى الالتزام المجتمعي بالإجراءات الوقائية والتوعية الصحية هو خط الدفاع الأول في مواجهة أي تهديد وبائي جديد.