كتبت : ضحى ناصر
على مدار عقود طويلة، كانت إيران ولازالت تحاول إختراق القارة السمراء للبحث عن موطئ قدم لها في منطقة القرن الإفريقي، و نيل شيء من ثرواته التي لا تخفى عن أحد، وكذلك لما تتمتع به من أهمية جيوسياسية وإستراتيجية إكتسبتها من قربها للعديد من المنافذ البحرية ذات الأهمية البالغة بالنسبة للمصالح الإيرانية.
ووفقاً للعديد من التقارير التي تناولت ملف الوجود الإيراني في الصومال فقد سعت طهران لسنوات إلى تكوين شبكة من الجماعات الدينية الإيرانية ووكالات الإستخبارات على مدى عقود طويلة، لتأسيس بؤر ذات تأثير في القارة الإفريقية ويشمل ذلك توفير فرص للدراسات الدينية في جميع أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ومنطقة القرن الإفريقي، واستخدمت في ذلك حوافز مالية كوسيلة لتجنيد عملائها من خلال شبكة وكلاء منتشرة بالمنطقة، وهي تسعى من وراء ذلك إلى تقويض التواجد العربي والخليجي ومواجهة عدوها الأكبر المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية.
وحازت الصومال على النصيب الأكبر من إهتمام إيران نظراً لموارده وثرواته بالإضافة إلى حدودها المميزة وسواحلها الطويلة التي تشرف على منافذ مائية إستراتيجية تعتبر إحدى أهم بوابات العبور للتجارة العالمية، مما يكسبها أهمية تجارية وإقتصادية كبرى.
دراسات وتقارير أممية تكشف ضلوع إيران في تكوين جماعات إرهابية في الصومال
و كان تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة، في عام 2018 قد كشف عن ضلوع إيران في تمويل وتسليح حركة “الشباب” الإرهابية ومخالفة العقوبات المفروضة على الحركة، وهو ما تأكد مجددا بواسطة تقارير حديثة كشفت عن قيام إيران بتهريب أسلحة لجماعات مسلحة في الصومال عبر خليج عدن.
كما أكدت وزارة الدفاع الصومالية، عن إشتباهها في تمويل إيران للهجمات التي شنتها «حركة الشباب» على القواعد العسكرية الأمركية في الصومال وشمال كينيا، بالإضافة إلى القافلة العسكرية للاتحاد الأوروبي في مقديشو بين عامي 2019 و2020.
فيما كشفت دراسة عن المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، لعام (2021)، عن إستخدام خليج عدن في تهريب أسلحة إيرانية بشكل ممنهج إلى الصومال.
واستندت تلك الدراسة إلى تشابه بيانات قطع السلاح التي تم العثور عليها في أنحاء مختلفة من الصومال، بالإضافة إلى ما تم العثور عليه داخل مخازن 13 قارباً تم اعتراضها بواسطة سفن عسكرية. كما أكد عسكريون صوماليون إدارة إيران لعمليات سرية، لتقويض جهود الولايات المتحدة الأمريكية في الصومال، وذلك من خلال تقديم أسلحة متطورة وأجهزة تفجير عن بعد، ومواد كيميائية تستخدم في صنع القنابل.
رئيس الصومال يتهم إيران بإتخاذ الأعمال الإنسانية كستار لأنشطتها الخاصة في البلاد
من جهته فقد إتهم الرئيس شيخ محمود في تصريحات له خلال مؤتمر علماء الصومال، عن وجود تحركات إيرانية لنشر التشيع والتي رصدتها الإستخبارات الصومالية، كما كشف عن أجندة تخريبية لإيران تحت ستار الأعمال الإنسانية وجهود الإغاثة.
كما زعم تورط دبلوماسيين إيرانيين ومسؤولين بمنظمات إغاثية في هذا الموضوع وهو ما كان سببا في اتخاذه القرار آنذاك بمنع الوجود الإيراني في البلاد، عبر إغلاق السفارة الإيرانية، وحظر أنشطة «الهلال الأحمر» الإيراني، ومؤسسة الخميني الخيرية.
تقارير دولية تكشف عن عمليات تنقيب إيرانية عن ثروات الصومال
كما كشف تقرير دولي عن قيام 192 سفينة إيرانية بعمليات صيد غير قانونية واسعة النطاق وهو ما أعتبرته الصومال بسرقة إيران لثروة سمكية قبالة السواحل الصومالية حيث، دون الحصول على تراخيص من الجهات الرسمية في الصومال.
فيما كشف تقرير أممي صدر في أكتوبر 2018 بشأن انتهاك طهران للعقوبات الأممية المفروضة على حركة الشباب منذ عام 2012 بحظر تجارة الفحم لتجفيف منابع تمويلها، بمساعدة الحركة على استغلال الأراضي الإيرانية كنقطة تجمع لوجستية لشحنات من الفحم الصومالي بهدف تصديره لعدد من الدول باستخدام علامة تجارية إيرانية، وهو ما أسهم في حرمان الشعب الصومالي من حوالي 150 مليون دولار سنويا، هي القيمة الإجمالية التقريبية لتجارة الفحم غير المشروعة في الصومال.
إتهامات صومالية لإيران بسرق اليورانيوم الصومالي
هذا وكانت تقارير صومالية قد إتهمت إيران بسرقة اليورانيوم الصومالي بحسب تصريحات معلنة لمسؤولين صوماليين ففي عام 2017 نقلت قناة “فوكس نيوز” تصريحات عن السفير الصومالي في واشنطن، أحمد عوض، كشف فيها عن قيام جماعة تابعة لتنظيم القاعدة في إشارة إلى حركة “الشباب” بإرسال اليورانيوم إلى إيران، بعد أن استولت على إحدى الشركات العاملة في مناجم اليورانيوم بإفريقيا.
كما حذرت السلطات الصومالية في عام 2020 من الخطر الإيراني داخلياً وخارجياً لاستغلال ثروات البلاد أو لتوظيف الجماعات المسلحة لخدمة أهداف أجنداتها السرية بالمنطقة، ما يعني استمرار النهج الإيراني الخطير وعدم توقفه.
وهو ما أسفر عن توترات وجفاء في العلاقات الصومالية الإيرانية عديدة إنتهت بقطع العلاقات الديبلوماسية عام 2016 بعد موافقة مجلس الوزراء الصومالي وذلك على خلفية الهجوم على السفارة السعودية في طهران، تضامناً مع المملكة العربية السعودية. وأمهلت الحكومة الصومالية السفير الإيراني في الصومال 72 ساعة لمغادرة البلاد.
ما الذي يمثله التدخل الإيراني في الصومال
و توضح الباحثة المتخصصة في الشئون الأفريقية بمركز رع للدراسات عبير مجدي في تصريحات خاصة لنافذة الشرق أن التدخل الإيراني في الصومال ملفاً حساساً ومعقداً، حيث تتداخل فيه الأبعاد الجيوسياسية مع العوامل الطائفية والاقتصادية، ويتأثر بموازين التحالفات الإقليمية والدولية. ويتجلي هذا التدخل في سعي طهران إلى توسيع نفوذها ضمن منطقة القرن الإفريقي، مستغلة هشاشة الوضع الداخلي الصومالي.
وأضافت أنه من المعروف أن الصومال يتمتع بموقع استراتيجي مميز في خليج عدن، الذي يعد مركز مهم لعبور الأسلحة، لذلك قامت طهران بتدريب وتسليح حركة الشباب الإرهابية، بهدف إحباط الأهداف الغربية لا سيما الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب في القرن الإفريقي، وتستمر إيران في تقديم الدعم المادي والمالي واللوجيستي للحركة، كما تعمل إيران علي نشر الشيعة في البلاد، الأمر الذي أدي إلي تعقيد العلاقات الإيرانية-الصومالية.
وأشارت إلى أن إيران تسعى إلى تعزيز حضورها في الصومال لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية وأمنية ودينية، مستغلة هشاشة الوضع الداخلي الصومالي وغياب الدور العربي الفاعل.
وتركز طهران على التوسع في القرن الإفريقي عبر بوابة الصومال، مستهدفة السيطرة على الممرات البحرية الحيوية، وبناء قواعد عسكرية، وتشكيل تحالفات مناهضة للغرب بهدف تقليص النفوذ الأمريكي والدولي، وكسر عزلتها المفروضة نتيجة برنامجها النووي.
ومن الناحية الاقتصادية، تستغل إيران الموارد الطبيعية الصومالية، خصوصًا الثروة السمكية والفحم، وتفيد تقارير بسرقة كميات من اليورانيوم الصومالي إلى طهران لتعزيز برنامجها النووي. كما تلعب المؤسسات الإيرانية الثقافية والدينية دورًا في التغلغل داخل المجتمع، من خلال نشر المذهب الشيعي وتقديم منح دراسية، ودعم الطرق الصوفية، في ظل تراجع دور المؤسسات الدينية المحلية وانتشار الفقر والجهل.
و تابعت أنه وعلى الصعيد الأمني، فقد أكدت على أنه بالفعل هناك العديد من التقارير التي تشير إلى دعم طهران لحركة الشباب الصومالية، من خلال التمويل والتسليح، في انتهاك واضح للعقوبات الدولية، وهو ما يمنحها نفوذًا مقلقًا في مناطق الجنوب.
كما تسهم إيران في تسهيل تهريب الفحم الصومالي عبر شبكات غير قانونية. كما تعتمد طهران على أدوات ناعمة مثل المساعدات الإنسانية والنشاط الدبلوماسي والثقافي، إلى جانب دعمها لحركات موالية، بهدف توسيع رقعة نفوذها الشيعي، ومواجهة التيارات السلفية والوهابية في المنطقة. وتسعى إلى فرض وجودها في مواقع استراتيجية مثل مضيق باب المندب وجنوب الصومال، بما يخدم مصالحها الإقليمية، ويوفر لها منفذًا آمنًا نحو البحر الأحمر والخليج العربي، ضمن مشروع أوسع يتضمن توسع نفوذها عبر إفريقيا والشرق الأوسط.
ما الذي تعتمد عليه إيران لتعزيز نفوذها في الصومال
توضح الباحثة عبير مجدي أن إيران تعتمد على عدة عوامل رئيسية في هذا الصدد وهي كما يلي:
1-الدعم المالي والعسكري: تقدم إيران دعمًا عسكريًا وماليًا لحركة الشباب الصومالية، من خلال توفير أسلحة ودعم لوجستي، وهو ما يعزز وجودها العسكري في المنطقة.
2-تقديم المساعدات الاجتماعية والإغاثية: تنفذ إيران جهودًا إغاثية وإنسانية لقيت ترحيبًا محليًا، خاصة في ظل ظروف المجاعة والجفاف، وهو ما يساعد على بناء علاقات ودية ويكسبها شعبية داخل الصومال.
3-الاستيراد والاقتصاد: تستورد إيران المنتجات الصومالية مثل الفاكهة والموز، وتقوم بعمليات سرية لتهريب المحروقات بأسعار منخفضة، والاستيلاء على موارد الصومال بطريقة تتنافى مع القانون، وهو ما يساهم في توسيع وجودها الاقتصادي في المنطقة.
4-العمل مع الحركات الإسلامية المدعومة من إيران: تلعب إيران على إرث الطرق الصوفية والحركات الإسلامية المدعومة، التي تساعد على التمدد النفوذ الإيراني، حيث يستفيدون من التعاطف الشعبي لعلاقاتهم مع تلك الحركات والقضايا الإسلامية، وهو ما يعزز حضورهم في المشهد الصومالي ومتدهور في القرن الإفريقي.
5-الاستغلال الجغرافي وعدم وجود نفوذ عربي كبير: تستفيد إيران من غياب النفوذ العربي في المشهد الصومالي، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث تركز على استغلال الموقع الجغرافي المهم للمنطقة، بهدف وضع قواعد عسكرية والتمدد في المنطقة.
6-السياسات الأمنية والتآمر: تتواطأ مع مجموعات مسلحة مثل الحوثيين وحركة الشباب، بهدف توفير أسلحة لهم، مما يساعدها على توسيع نفوذها وأهدافها الإقليمية، مثل استهداف النفوذ الغربي وتحقيق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة .
هذه الوسائل مجتمعة تُمكن إيران من تحقيق أهدافها في الصومال، خاصة من خلال التغلغل العسكري، الاقتصادي، والاجتماعي، إلى جانب تفعيل علاقاتها مع الحركات المتمردة والإثارة للفتن والنزاعات على أسس ثورية شيعية.
كيف توازن الصومال بين إيران والداعمين الخليجيين والغربيين
وعن ذلك السؤال تجيب الباحثة عبير مجدي بأن الصومال نهجاً دقيقاً في إدارة علاقاته الخارجية، ساعياً إلى تحقيق توازن بين محاور إقليمية ودولية متنافسة، لاسيما بين إيران من جهة، والدول الخليجية والغربية من جهة أخرى. وترتكز السياسة الخارجية الصومالية على حماية المصالح الوطنية وتعزيز الأمن الداخلي، ما يفرض عليها الحذر في التعاطي مع النفوذ الإيراني، الذي غالباً ما يُربط بدعم الجكاعات الإرهابية التي قد تسهم في زعزعة الاستقرار. في المقابل، تلعب الدول الخليجية والعربية دوراً فاعلاً من خلال مشاريع تنموية وإغاثية تُوظف لتعزيز الحضور الإقليمي وكسب القبول المحلي، فيما تركز القوى الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة، على دعم الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة، مما يزيد من تعقيد البيئة الدبلوماسية التي تتحرك ضمنها الصومال.
ولتفادي الانحياز الكامل لأي طرف، تعتمد الصومال على ثلاث ركائز استراتيجية: أولاً، تعزيز الشراكة مع تركيا، باعتبارها فاعلاً إقليمياً يتمتع بعلاقات متوازنة مع الأطراف المتنافسة؛ ثانياً، الحفاظ على تعاون أمني واستخباراتي مع الدول الخليجية والولايات المتحدة، بما يحدّ من احتمالات التمدد الإيراني في الملفات الحساسة؛ وثالثاً، اعتماد مقاربة براغماتية تسمح بالاستفادة من الدعم الإيراني في مجالات تنموية غير مثيرة للجدل، كالصحة والتعليم، دون المساس بتحالفاتها الاستراتيجية القائمة.
ما الهدف النهائي الذي تسعى طهران إلى تحقيقه في الصومال يوضح مهدی عقبائی عضو مجلس الوطنی لمقاومة الایرانیة في تصريحات خاصة لنافذة الشرق أن طهران تسعى إلى إنشاء موطئ قدم استراتيجي جديد لها في منطقة القرن الأفريقي، مستخدمة الصومال كنقطة ارتكاز تمكّنها من ممارسة الضغط على خصومها الإقليميين، لا سيما المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. ويشكّل موقع الصومال الاستراتيجي بالقرب من خليج عدن فرصة لإيران للسيطرة غير المباشرة على طرق التجارة البحرية الحيوية، ولتفعيل أذرعها بالوكالة في المنطقة. الهدف الأعمق للنظام الإيراني، وتحديداً المرشد الأعلى علي خامنئي، هو توسيع “الهلال الشيعي” ليصل إلى البحر الأحمر، وبناء حزام جيوسياسي يمتد من طهران حتى شواطئ أفريقيا الشرقية.
٢. ما هي الأدوات والأساليب التي تستخدمها إيران لتعزيز وجودها هناك؟ ولفت مهدي إلى أن نهج إيران في الصومال هو تماماً كما تفعل في السودان وبلدان أخرى، تعتمد إيران على مزيج من الدبلوماسية السرية، وتقديم المساعدات “الإنسانية” الظاهرية، ودعم الجماعات الإسلامية المتشددة، وإنشاء شبكات تهريب غير قانونية. وتقوم قوة القدس التابعة للحرس الثوري بالتغلغل عبر واجهات دينية وخيرية، مستهدفة زعماء العشائر الصومالية. وتشمل الوسائل كذلك تهريب الأسلحة، ونشر أيديولوجيا “ولاية الفقيه” عبر التعليم الديني والنشاطات الثقافية.
ما أهمية الصومال الاستراتيجية بالنسبة لإيران؟ و أوضح مهدي أن الأهمية الاستراتيجية للصومال تكمُن في موقعها عند مدخل خليج عدن، مما يمنح إيران فرصة للنفاذ إلى أحد أهم ممرات الشحن العالمية. كما يمكن أن تشكل الصومال حلقة وصل لوجستية بين طهران وحلفائها أو وكلائها في اليمن وشرق أفريقيا.
ما هي أبرز مؤشرات النفوذ الإيراني داخل الصومال؟ يشير مهدي إلى أنه من أبرز المؤشرات على النفوذ الإيراني في الصومال هى تصاعد النشاطات الدينية الشيعية، وجود مؤسسات خيرية مشبوهة الصلة بطهران، ضبط شحنات أسلحة في المسارات البحرية، ووجود علاقات غير رسمية بين عناصر إيرانية وشيوخ محليين. كما تشير بعض التقارير إلى تورّط طهران في تجارة الفحم غير القانونية من الصومال إلى إيران، وهو مصدر تمويل رئيسي للأنشطة المشبوهة.
كيف هو موقف الأطراف الإقليمية والدولية من هذا الدور الإيراني؟ ولفت مهدي إلى أن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات، تعتبر أن التمدد الإيراني في الصومال تهديداً مباشراً لأمنها البحري ولنطاق نفوذها التقليدي في المنطقة. من جهتها، تبدي الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية قلقاً متزايداً من تحوّل الصومال إلى قاعدة لأنشطة إرهابية مدعومة من إيران، رغم أن ردودهم حتى الآن اقتصرت على المراقبة والتحذير.
هل يشكل هذا التمدد جزءاً من استراتيجية أوسع لطهران لفرض نفوذها في أفريقيا؟ كما أكد مهدي على إنّ المشروع الإيراني في أفريقيا يتجاوز الصومال وحدها فطهران تسعى إلى استغلال الفراغات السياسية والأمنية في العديد من الدول الأفريقية، لا سيما نيجيريا وإريتريا والسودان، من أجل تأسيس قواعد للنفوذ العقائدي والسياسي والعسكري. وتُعدّ الصومال إحدى الحلقات المهمة في هذه السلسلة التوسعية.
ما هي المخاطر المحتملة والسيناريوهات المستقبلية لهذا التورط؟
إن استمرار التدخل الإيراني قد يؤدي إلى تعميق النزاعات الطائفية، وزيادة نشاط شبكات التهريب والإرهاب، وتعقيد التنافسات العسكرية في البحر الأحمر. في المقابل، يمكن احتواء هذا النفوذ عبر دعم القوى الإقليمية المعتدلة، وتفعيل أدوات القوة الناعمة، وتنمية الاقتصاد المحلي، مما قد يحول دون تحويل الصومال إلى ساحة صراع بالوكالة للنظام الإيراني.
و أضاف أنه وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى ما يلي:
لقد أصبح النظام الإيراني في الوقت الراهن أكثر ضعفاً من أي وقت مضى؛ فهو فقد كثيراً من قدراته الإقليمية، ولم يعد يملك الزخم نفسه الذي كان يتمتع به في سوريا أو عبر حزب الله في لبنان.
غير أن خطورة هذا النظام لا تزال قائمة، فهو جريح وخطير في الوقت ذاته، وإذا لم يواجهه المجتمع الدولي بحزم، فقد يلجأ إلى تصعيد تهديداته تجاه بلدان مثل الصومال وسواها للحفاظ على بقائه، مما يجعله لا يزال يشكل تهديداً جدياً للسلم والأمن الإقليمي والدولي.
في ضوء ما سبق، يتضح أن الوجود الإيراني في الصومال ليس مجرد تفاعل عابر مع دولة إفريقية تعاني من هشاشة داخلية، بل هو جزء من استراتيجية إيرانية أوسع تهدف إلى توسيع النفوذ الجيوسياسي، ومواجهة الخصوم الإقليميين والدوليين، عبر أدوات ناعمة وخشنة في آن واحد. وتوظف طهران في هذا الإطار مزيجًا من الدعم العسكري والاقتصادي والديني، مغلفةً ذلك بأنشطة إنسانية ظاهرها الرحمة وباطنها الأجندات الخاصة.
ومع استمرار هذا التمدد، تبقى الصومال ساحة مفتوحة لصراع النفوذ بين القوى الإقليمية والدولية، في ظل غياب الدور العربي المؤثر، وهو ما يفرض على المجتمع الدولي، والدول العربية خصوصًا، إعادة تقييم تعاملها مع الملف الصومالي بشكل أكثر جدية وتنسيقًا، حفاظًا على استقرار المنطقة ومنع تحوّل القرن الإفريقي إلى منصة متقدمة لمشاريع توسعية تهدد الأمن الإقليمي والدولي على حد سواء.
وفي ضوء ما سبق، يتضح أن الوجود الإيراني في الصومال ليس مجرد تفاعل عابر مع دولة إفريقية تعاني من هشاشة داخلية، بل هو جزء من استراتيجية إيرانية أوسع تهدف إلى توسيع النفوذ الجيوسياسي، ومواجهة الخصوم الإقليميين والدوليين، عبر أدوات ناعمة وخشنة في آن واحد. وتوظف طهران في هذا الإطار مزيجًا من الدعم العسكري والاقتصادي والديني، مغلفةً ذلك بأنشطة إنسانية ظاهرها الرحمة وباطنها الأجندات الخاصة.
ومع استمرار هذا التمدد، تبقى الصومال ساحة مفتوحة لصراع النفوذ بين القوى الإقليمية والدولية، في ظل غياب الدور العربي المؤثر، وهو ما يفرض على المجتمع الدولي، والدول العربية خصوصًا، إعادة تقييم تعاملها مع الملف الصومالي بشكل أكثر جدية وتنسيقًا، حفاظًا على استقرار المنطقة ومنع تحوّل القرن الإفريقي إلى منصة متقدمة لمشاريع توسعية تهدد الأمن الإقليمي والدولي على حد سواء.