ارتباك استراتيجي بين أوكرانيا وبوتين.. قمة ألاسكا تكشف أزمة القيادة الغربية

كتب ـ أحمد خالد

أصبح من الواضح أن قمة ألاسكا لم تفضح فشل الغرب في وقف الحرب الأوكرانية فقط، بل كشفت غياب قيادة استراتيجية واضحة في الولايات المتحدة وأوروبا.

وأصبح السؤال الذي يطرح نفسه الان ” هل هذه القمة أثبتت ان الغرب ليس قادر على مواجهة روسيا وكيف أن غياب التخطيط الاستراتيجي يجعل بوتين هو الذي يرسم المعادلات على أرض أوروبا؟ وما هو تأثير ذلك على مستقبل أوكرانيا؟

أكد ألكسندر زاسبكين، المحلل السياسي، ان مشكلة الغرب ليست بغياب الاستراتيجية بل بتراجع استراتيجية العولمة الليبرالية التي كان حكام الولايات المتحدة و أوروبا يمارسونها خلال عشرات الأعوام والتي أدت إلى الفتن والانقلابات والحروب، وذلك لتأمين الهيمنة الغربية.

وأضاف زاسبكين، أن العولمة الليبرالية تواصل نفس النهج إلا أن الرئيس الأمريكي ترامب يبتعد عنه ويسعى الى تغييره اذ يدرك أنه أصبح غير فعالا، ويمارس استراتيجية أمريكا أولا يعني تامين المصالح الأمريكية بما في ذلك على حساب الدول الاخرى قدر الامكان، كما أن الدول العديدة خاصةً مجموعة بريكس تمارس استراتيجية سيادة القرار وتخلص من الهيمنة الغربية وبعبارة اخرى ممكن القول إن المرحلة الراهنة على الصعيد الدولي تتميز بصراع الاستراتيجيات عدة.

وتابع قائلا إن روسيا تتمسك بنظرة تقول إن العالم يعيش انتقالا من نظام قطب واحد الى نظام تعددية الأقطاب وهذا تطور موضوعي.

وأشار إلى أن النزاع الأوكراني الروسي يؤثر على مصير العلاقات الدولية وأصبح نظام كييف رأس الحربة للمعسكر الغربي ضد روسيا بسبب انهغا تقف في الصف الأمامي ضد هيمنة العولمة الليبرالية، مشيرا إلى أن ترامب لا يتفق معها ويريد إيقاف الحرب أو على الأقل تخلص أمريكا من أعبائها، في حين أن حكام أوروبا يريدون مواصلتها لاستنزاف روسيا، ويتم تمهيد أوروبا للتصادم المباشر معها في غضون عدة سنوات ويقدمون كل ما لديهم من السلاح إلى أوكرانيا ويطلبون وقف اطلاق النار لوضع حد للهجوم الروسي ومواصلة تجهيز الجيش الاوكراني بسلاح لاستئناف الحرب في الوقت المناسب.

وأكد أن هذه الاستراتيجية لن تنجح بسبب تفوق الجيش الروسي والصناعة العسكرية الروسية كما أن تلاحم المجتمع الروسي حول الرئيس بوتين يفشل كل محاولات خلق المشاكل داخل روسيا أو تخريب الاقتصاد الروسي من خلال فرض عقوبات.

وتطرق زاسبكين إلى اللقاء بين الرئيس الروسي بوتين ونظيره ترامب في ألاسكا، قائلا إنه تجسيدا لرغبة متبادلة في تطوير الحوار والتعامل لتجاوز على المشاكل المزعجة وبدرجة أولى وقف الحرب في أوكرانيا، وفي هذا السياق يجب الإشارة إلى أن الشروط الروسية الوصول الغى التسوية وحتى السيناريو المقترح لوقف اطلاق النار تبدو مقبولة للرئيس ترامب، وخاصة هو يعرف دورا أساسيا للعولمة الليبرالية بقيادة بايدن في اشعال نيران النزاع، كما أن ترامب يعرف كذلك ان بوتين لا ينوي استيلاء على كل أوكرانيا او غزو أوروبا كما يزعم حكامها بل يريد تحويل أوكرانيا الى دولة محايدة وازالة تهديد لأمن روسيا من أوكرانيا وتحقيق حق تقرير المصير للناس في المقاطعات الذين يرغبون الانضمام الى روسيا.

واعتبر المحلل السياسي إنه في ضوء نتائج اللقاء في ألاسكا يستمر الصراع بين السيناريو الروسي الذي تنص عليه وثيقة مقدمة إلى الوفد الأوكراني بالمفاوضات ومواقف أوروبا ونظام كييف التي تتميز بالتطرف وروسوفوبيا، قائلا: “وعلى ما يبدو وصل بوتين وترامب إلى تفاهمات معينة بخصوص اتخاذ الإجراءات الرامية إلى التسوية للنزاع إلا ان نهج أوروبا ونظام كييف لا يتغير، واذا لم يحدث ذلك نتيجة اتصالات الرئيس ترامب معها فلابد من مواصلة الضغط العسكري الروسي واحراز تقدم ميداني لاستكمال تحرير اراضي المقاطعات الروسية الجديدة واقامة المنطقة العازلة لمنع الهجمات والقصف من اوكرانيا ضد روسيا.

واستطرد قائلا: “دون شك أن بوتين وترامب يهتمان بتطوير الحوار الثنائي حول قضايا الأمن والاستقرار الاستراتيجي والتعاون الاقتصادي والاستثماري، واصبحت هذه القضايا موضوع النقاش في ألاسكا، وبكل تأكيد سوف يتواصل العمل في هذا المجال ويدرك الجانبان فائدة كبيرة متبادلة لهذا التعاون، ومن الواضح أن ترامب لا يتجاهل فرصة مفتوحة أمام شركات أمريكية”.