اشتباكات السويداء تشتعل.. والنظام يدخل بمهلة إسرائيلية لمدة 48 ساعة

كتب: محمود أحمد
مع استمرار اشتعال الاشتباكات في السويداء بجنوب سوريا، واندلاع الحرب الطائفية وزوال الأمن والهدوء في الداخل السوري، ودخول النظام السوري فيما عرف بالمهلة الإسرائيلية المقدرة بـ 48 ساعة، حيث ذكرت هيئة البث الإسرائيلية نقلا عن مصدر، أن إسرائيل ستسمح بدخول محدود للقوات السورية إلى محافظة السويداء بجنوب سوريا لمدة 48 ساعة نظرا لعدم الاستقرار في المنطقة، يبقى التساؤل عن مصير سوريا ووضع النظام السوري في الوقت الحالي، وموقف القوات الروسية، والتحدث عن سبل التهدئة هو حديث الساعة للجميع، خصوصا بعد ارتفاع عدد القتلى نتيجة الاشتباكات إلى 1120 قتيلا، وفقا لـ «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، منهم 427 مقاتلا و298 درزيا، و354 من عناصر وزارة الدفاع وجهاز الأمن العام، و21 من أبناء العشائر.
ولا يمكن تناسي مقتل 15 عنصرا من القوات الحكومية، جراء الغارات التي شنتها إسرائيل خلال التصعيد،

تشابك المصالح واختلال موازين النفوذ
أكد اللواء دكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر، وأستاذ العلوم السياسية، في تصريحات خاصة لـ «نافذة الشرق» أن تطورات الاشتباكات الجارية في محافظة السويداء جنوب سوريا تكشف عن تعقيدات المشهد السوري الداخلي، وتفتح الباب أمام تساؤلات خطيرة حول مستقبل الاستقرار في الجنوب السوري، لا سيما مع دخول قوات النظام بغطاء إقليمي ودولي بعد ما وصف بـ«مهلة إسرائيلية» تمتد لـ48 ساعة، وهو ما يشي بتشابك المصالح واختلال موازين النفوذ.

من هم أطراف الاشتباك في السويداء؟
وأوضح «فرحات» أن أطراف الاشتباك الرئيسي تتمثل في جماعات محلية درزية، وهي فصائل مسلحة ذات طابع مناطقي تشكلت لحماية السويداء في وجه تدخلات النظام و ميليشياته، مقابل قوات أمنية تابعة للنظام مدعومة أحيانا بعناصر من ميليشيات محلية أو مدعومة من إيران، وهو ما يرفع درجة الاحتقان نتيجة الممارسات الأمنية والاقتصادية التي تعاني منها المحافظة منذ سنوات.

خلفيات التصعيد في السويداء
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن التصعيد الأخير يأتي على خلفية تدهور الوضع الاقتصادي وتوسع النفوذ الإيراني في الجنوب، وهو ما تخشاه إسرائيل بشدة، ما دفعها – وفق تقارير متداولة – إلى منح مهلة مشروطة للنظام للتدخل واحتواء الوضع، خشية من تحول الجنوب السوري إلى منطقة فوضى تستغل من قبل إيران أو حزب الله لتهديد أمن الجولان المحتل.

ما هو موقف القوات الروسية من التصعيد في السويداء؟
وعن موقف القوات الروسية، أكد «فرحات» لـ «نافذة الشرق» أنها تتخذ موقع المراقب الحذر، دون تدخل مباشر، وتحاول إدارة التوازنات دون الاصطدام بأي طرف مشيرا إلى أن الوجود الروسي اليوم بات أضعف مما كان عليه، خصوصا بعد انشغال موسكو بالحرب في أوكرانيا، وهو ما يفسر الصمت الروسي أو “الحياد الموجه” تجاه التصعيد في السويداء.

ما هو وضع الجولان إزاء هذا التصعيد؟
وفيما يخص الجولان، يرى فرحات أن هناك حالة من الاستنفار الأمني على الجبهة الشمالية لإسرائيل، تواكبها تحركات عسكرية محدودة، لكنها ترصد الميدان السوري بكل دقة، وتبعث برسائل غير مباشرة للنظام وحلفائه، تحذر من تجاوز «الخطوط الحمراء».

هل هناك وساطات دولية أو إقليمية للتهدئة؟
وعن مساعي التهدئة، أوضح أن هناك بالفعل محاولات من بعض القوى الإقليمية، منها الأردن ولبنان عبر القنوات الأمنية، إضافة إلى وساطات عشائرية محلية، إلا أن نجاح هذه المساعي يظل مرهونا بإرادة النظام وقدرته على تقديم تنازلات ملموسة، وهو أمر غير مضمون حتى الآن.

رسالة تحذير أخيرة للنظام السوري
وشدد أستاذ العلوم السياسية على أن ما يحدث في السويداء ليس مجرد اضطراب محلي، بل يعكس أزمات بنيوية في النظام السوري، وفقدان الثقة بين الدولة والمجتمع، خاصة في المناطق التي لم تكن في الأساس ساحة قتال منذ عام 2011 وهو ما يتطلب حوار وطنيا جادا يضع الجنوب السوري في قلب المعادلة، لا على هامشها لافتا إلى أن ما يجري في السويداء هو رسالة تحذير أخيرة للنظام، فإما الاستجابة الفعلية لمطالب الداخل والبدء بمصالحة وطنية شاملة، أو مواجهة مزيد من التآكل والانفجار الاجتماعي في مناطق أخرى.

جدير بالذكر أن ذروة التوترات في الشريط الحدودي في هضبة الجولان، أتت بعد قرار الجيش الإسرائيلي السماح لنحو 1000 مواطن إسرائيلي معظمهم من «الطائفة الدرزية» باجتياز السياج الحدودي إلى داخل الأراضي السورية، بعد تدافع كبير عند السياج العازل كاد أن يؤدي إلى وقوع إصابات خطيرة، وتلك كان حجة الجيش الإسرائيلي بفتح بوابة السياج العازل، فدخل الدروز بعدها إلى الأراضي السورية وبدأوا في الاقتتال مع عشائر البدو في سوريا، وأسروا عددا منهم، مما جعل البدو يحاولون تحرير أسراهم، ولكن لا يخفى أن الجيش الإسرائيلي متضامن مع أبناء الطائفة الدرزية، وينفذ عمليات عسكرية يهاجم فيها عشائر البدو، ويخدم بها مصالح الطائفة الدرزية.

ودفاعا عن الدروز وبحجة حماية أمنها، شنت إسرائيل غارات مكثفة على مناطق مختلفة في سوريا واستهدفت منشآت وبنى تحتية عسكرية سورية كان أبرزها مبنى هيئة الأركان وسط العاصمة وقصر الشعب المطل من الجبال المحيطة بدمشق.

وفي يوم الخميس الماضي، عقب الهجمات على سوريا، أكد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنه سيواصل التصرف حسب طبيعة الموقف، وأنه سيستمر في دعم الطائفة الدرزية.

أما في يوم السبت 19 يوليو، قال وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، جدعون ساعر، في تغريدة له على منصة «X» إن الأقليات في سوريا، سواء الكردية أو الدرزية أو العلوية أو المسيحية، معرضة «للخطر» تحت حكم الرئيس السوري، أحمد الشرع.

ويوم الأحد 20 يوليو، استهدفت طائرة إسرائيلية، تجمعا لمقاتلين من عشائر البدو قرب قرية عريقة في ريف بمحافظة السويداء، جنوب سوريا، ويرى المراقبون بأن ذلك رد على الاقتحام الذي بدأته قوات العشائر البدوية في قرية عريقة في السويداء لتحرير الأسرى البدو من يد المسلحين الدروز.