محمد صفوت
يقول المثل التونسي “المال ما يغلبش، والرضا يطول” ،هذا المثل يعني أن المال ليس كل شيء، وأن الرضا بما لديك هو ما يجلب السعادة ومن ثم تحقيق الأمال وفقا للإمكانيات المتاحة ، هذا ما يقيم مشاركة شيخ الأندية التونسية في كأس العالم للأندية الذي تعلم إدارته أن القيمة السوقية للفريق ككل 23.2 مليون يورو واغلى لاعب في الترجي هو البرازيلي يان ساس الذي لا تتجاوز قيمته السوقية 2 مليون دولار.
الواقعية شعار الإدارة الترجاوية :
إدارة النادي فكرت بواقعية شديدة ولذا كان الترجي النادي العربي الوحيد الذي لم يقم بأية تعاقدات قبل البطولة وجاء لأميركا بدون أحلام أسطورية وكان هدفه فقط زيادة الحصيلة المادية من المشاركة بالمونديال إستعدادا للموسم المقبل وهو ما تحقق بالحصول على 11 ونصف مليون دولار بما يوازي 35 مـلـيـون ديـنـار تونسي.
ماهر الكنزاري عراب الترجي في الأوقات الصعبة :
حجر الزاوية في تخطيط الترجي للمونديال بدأ بالتعاقد مع المدرب ماهر الكنزاري خلال مارس الماضي في وقت كان فيه الفريق يعاني من اضطرابات داخلية مع تراجع فني واضح ، وما صاحب ذلك من غضب إدارة نادي الملعب التونسي التي تقدمت حينها بشكوى ضد المدير الفني ماهر الكنزاري بعدما أخطر النادي رسميا بفسخ تعاقده لكي ينتقل لتدريب المكشخة.
قبل نهاية الدوري التونسي بخمس جولات فقط بدأ الكنزاري مشواره مع الترجي حينما كان ينافس على الصدارة مع الاتحاد المنستيري ، ونجح لاعب الترجي ومنتخب تونس سابقا في إعادة التوازن للكتيبة الترجاوية حينما قاده كمدرب محنك لتحقيق 4 انتصارات في الدوري التونسي وتعادل وحيد في الجولات الأخيرة، وهو ما أهل الفريق العاصمي للأنقضاض منفردا على الصدارة والتتويج بلقب الدوري التونسي دون خسارة تحت قيادة الكنزاري الذي قادهم ايضا لانتزاع كأس تونس بعد الفوز في النهائي على فريقه السابق الملعب التونسي وبذلك تحققت الثنائية المحلية وتخللها الخروج من ربع نهائي دوري أبطال أفريقيا أمام صن داونز .
وجاء الترجي إلى مونديال الأندية وهو الفريق الأكثر فوزًا محليًا بتسعة عشر انتصارًا والأقوى هجوميًا بسبعة وخمسن هدفًا.
القتال اهم من الأموال والواقعية لا تعرف الخيال:
الترجي دخل المونديال بعيدا عن الاحلام والخيال، بدون أي صفقات جديدة في خطوة وُصفت بالمجازفة غير المحسوبة واعتمد على مدرب محلي يمكنه خلق حالة من القتال الكروي داخل قلوب اللاعبين.
وقبيل المونديال كان تخطيط الإدارة الترجاوية رقميا يتلخص في أهمية الفوز على لوس انجلوس اف سي ومحاولة خطف التعادل في مباراتي تشلسي وفلامنجو أو أحدهما على الأقل.
في مباراة فلامنجو ظهرت الفوارق الفردية بين الفريقين والتفاصيل الفنية الدقيقة ليخسر غول أفريقيا بثنائية صريحة ثم كانت المباراة الفيصل أمام لوس أنجلوس وتمكن الجزائري يوسف البلايلي من خطف هدف الأنتصار ليدوّن اسمه كأول لاعب عربي يهز الشباك في النسخة الموسعة الجديدة لمونديال الأندية كما نال جائزة رجل المباراة، وبسبب تألقه مع الترجي كان اللاعب الوحيد الذي يتم اختياره في الفريق ضمن التشكيلة المثالية للاعبين العرب في مرحلة المجموعات لكأس العالم للأندية التي اختارتها منصة DAZN الناقلة الحصرية لمنافسات كأس العالم للأندية.
لكن الأمر المحبط أن اللاعب الجزائري نال أنذارين في أول مباراتين وحصل على الإنذار الثاني تحديدا أمام لوس أنجلوس حينما رأي الحكم أن البلايلي قام بإدعاء السقوط ، تراكم البطاقات تسبب للأسف في غياب افضل لاعب في افريقيا 2019 عن مباراة تشلسي.
بشير بن سعيد حامي عرين الترجي :
ارتدى قفاز الأجادة بشير بن سعيد حارس مرمى الترجي أمام لوس أنجلوس اف سي بالجولة الثانية من دور المجموعات و تمكن ببسالة فائقة من التصدي لركلة جزاء بوانجا في الدقيقة السابعة بعد التسعين ، وفضلا عن التصدي كانت ارقام الحارس السابق لمستقبل قابس والاتحاد المنستيري رائعة جدا خلال المباراة بتصديه لفرصتين حاسمتين، كما أنه خرج من مرماه بشكل صحيح في 3 مناسبات بنسبة تصل إلى 100٪، ونال استحسان وثناء كل المحللين والجماهير بعد المباراة.
حلم التأهل تبخر أمام تشلسي :
في مواجهة تشلسي كان الفوز وحده كفيل بتأهل أبناء الدم والذهب ، قدم الفريق مباراة جيدة حتى بداية الوقت بدل الضائع من الشوط الأول الذي تلقى فيه الفريق هدفين في ظرف ثلاثة دقائق ثم استقبل الفريق الهدف الثالث في الشوط الثاني ليودع المونديال بفوز وحيد وخسارتين.
تصريحات الكنزاري توضح أسباب الهزيمة:
قال ماهر الكنزاري مدرب الفريق بعد مباراة تشلسي عبر منصة DAZN: “كرة القدم تُلعب 90 دقيقة، بما في ذلك الوقت بدل من الضائع، لعبنا أول 45 دقيقة لكننا نسينا الوقت الضائع وفقدنا تركيزنا خاصة في الشوط الأول ، كنا جيدين جدا في المباراة بخلاف الوقت الضائع بالشوطين، لعبنا على الهجمات المرتدة جيدا وشكلنا خطورة على مرماهم ، بالطبع سنحت لهم فرصا أكبر بسبب فارق الجودة لكن كنا ممتازين من الناحية الخططية”.
وشدد مدرب الترجي على أخطاء فريقه واصفا “تلقينا الهدف الثاني سريعا عقب الهدف الأول بسبب قلة التركيز، ولم يحدث شيء مهم في الشوط الثاني ، لعبنا ضد أندية كبيرة واستفدنا من المشاركة في كأس العالم للأندية وهذا كان هدفنا قبل قدومنا، كان هدفنا تحقيق المفاجأة ضد تشيلسي ولكن بنسبة كبيرة الشيء المنطقي هو الذي يحدث في النهاية”
جمهور الترجي فخر العرب والمسلمين في المونديال:
استحوذ جمهور الترجي على الاحترام و الإشادة من الأمة العربية والإسلامية أجمع خلال مباراة تشلسي حينما رفعوا أعلام فلسطين حاملين عبارات تطالب بالحرية للشعب الفلسطيني الشقيق، ومرددين هتافات “فلسطين حرة”.
وفي هذه الجزئية تحديدا أشاد الإعلامي التونسي مالك الطرابلسي مقدم برنامج “ملا كورة” بجمهور الترجي قائلا : “كنت موجود في ملعب لينكولن فاينانشيل فيلد بمدينة فيلادلفيا وما فعله جمهور الترجي من دعمه لفلسطين جعلني افتخر بهذا الجمهور المتحمس لأكبر وأهم قضية عربية ، فعلا أنصار الترجي رفعوا رأس كل أبناء تونس الخضراء في كأس العالم للأندية”
الاتحاد الدولي يشيد بفريق الترجي وجمهوره:
صرح رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو للصفحة الرسمية للترجي قائلا : “الترجي الرياضي كتب صفحة مهمة في تاريخ كرة القدم، جماهير الترجي كانت استثنائية، حيث دعمت الفريق بالأغاني والأهازيج، وأظهرت حبا كبيرا لفريقها، الجمهور كان رائعا وشغوفا بفريقه، وقد اكتشف الأمريكيون جمهورا متحمسا للغاية، وهو ما يُعدّ نجاحا لجمهور الترجي بشكل خاص، ولتونس بشكل عام ، الفريق قدّم أداء مميزا على المستوى الرياضي، التأهل إلى كأس العالم للأندية، وتحقيق الانتصار، ومنافسة أندية كبرى، يُعد إنجازا تاريخيا”
وأضاف إنفانتينو أن كأس العالم للأندية شكّلت فرصة رائعة للترجي من أجل الترويج للكرة التونسية والأفريقية.
أموال المونديال تجهز الترجي للموسم المقبل:
حمدي المدّب رئيس نادي الترجي التونسي أعتبر المونديال معسكر إعداد قوي الموسم المقبل ، وربح النادي من كأس العالم للأندية 11.5 مليون دولار ، بعد البطولة مباشرة بدأ استثمار الإيرادات بأفضل شكل ممكن ليحسم الفريق 3 صفقات تتعلق بصانع الألعاب يونس راشد والمهاجمين جاك ديارا وأحمد بوعصيدة ، كما يتوقف الاتفاق بين الترجي و الظهير كايتا لاعب فريق مازيمبي على جزئيات بسيطة فقط لإمضاء العقد.
واهم خطوة قامت بها إدارة الفريق الاتفاق الشفهي مع يوسف بلايلي نجم الفريق وهدافه على البقاء في الموسم المقبل ويبقى التوقيع الرسمي مسألة وقت لا غير خاصة وأن البلايلي رفض الكثير من العروض الأخرى رغبة في استكمال مشواره مع الترجي الذي عاش معه اجمل فترات مسيرته الكروية.
وربما يعيب الكثيرين على إدارة الترجي عدم تمكنها حتى الآن من تجديد عقد نجمه الجزائري محمد أمين توغاي الذي سيصبح لاعبا حرا انطلاقا من يوم 1 يوليو المقبل ، وخاصة أن مدافع محاربي الصحراء يحظى باهتمام عدة فرق عربية تتطلع للتعاقد معه مجانا بعد أيام قليلة ومن أهمها الأهلي المصري.
يحسب لأدارة الترجي فسخ عقد التوجولي روجي أهولو بالتراضي بعد المونديال.
وينتظر أن تشمل تعاقدات الترجي عدة مراكز من بينها الظهير الأيمن والوسط المدافع والجناح والمهاجم المتقدم.
وقال العيادي الحمروني أسطورة الترجي ونجم منتخب تونس في التسعينات : “الترجي صاحب أول انتصار عربي في المونديال ، وكان تفكير إدارة الفريق واقعيا بعدم الصرف من أجل إنتداب لاعبين كبار خلال كأس العالم للأندية بمبالغ عالية وتوفير تلك الأموال لما بعد البطولة لأن الواقع يقول بأنه من المستحيل نستطيع الفوز بمونديال الأندية وعبورنا للدور الاول أمر شديد الصعوبة ولا اقول مستحيل ، لذا فكرت إدارة الترجي في المستقبل ولم تشغل بالها بالذهاب بعيدا في كأس العالم للأندية”
حدد الاتحاد التونسي لكرة القدم تاريخ 9 أغسطس المقبل موعدا لانطلاق النسخة الجديدة من الدوري المحلي ، وخلق هذا الموعد القلق الجم لنادي الترجي خوفا من عدم وجود الوقت الكافي للتحضير للموسم الجديد كأفضل ما يكون.
وعبر نجم نادي الترجي ومنتخب تونس سابقا رياض الجلاصي عن قلقه من الأموال المهدرة في كرة القدم العربية بدون طائل قائلا : “بالطبع سعيد معنويا لفوز الترجي خاصة وأن الترجي لم يصرف أية أموال لأي تدعيمات ، الترجي لا يمكن مقارنته بالهلال صاحب الإمكانيات المادية الكبيرة التي جلبت له أفضل اللاعبين ، لكن الأهم بالنسبة لي ان كرة القدم يجب تطويرها في الوطن العربي لأن كرة القدم تتعلق بالسرعة والمساحة فالسرعة يجب أن تزيد في الكرة العربية على صعيد التمرير والتحكم في الكرة وطلب الكرة ، لا يجب أن ننظر أن ما حققته الفرق العربية بأستثناء الهلال بأنه غاية المراد، ولهذا أطلب من كل الفرق العربية ان تصرف الأموال في مكانها الصحيح لأنه يوجد حالة صرف ببذخ على كرة القدم في الفرق العربية دون تطور وبالتأكيد يجب محاسبة إدارات الفرق العربية على هذا الصرف المبالغ فيه دون جدوى”
دون تدعيمات رحل الترجي لبلاد العم سام متسلحًا بروح جماعية عالية معروفة عن غول أفريقيا وبتشكيلة تجمع ما بين عناصر الخبرة والشباب تحت قيادة فنية محفزة للاعبين، و في ظل وجود دعم جماهيري استثنائي يقال عنه مجازا “يشعل الحجر”.
حقق الترجي مكاسب مالية ضخمة قُدرت بنحو 11.5 مليون دولار دون صرف عملا بمبدأ “لا تصرف ما في الجيب وفكر دائما في الغيب أو المستقبل”