كتبت بسمة هاني
تشهد منطقة الشرق الأوسط مرحلة مفصلية من التصعيد السياسي والعسكري، في ظل الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران وما يُثار حول دور أميركي غير مباشر فيها. هذا التصعيد يفتح الباب أمام تساؤلات كبرى حول مستقبل التحالفات الإقليمية، وجدوى هذا التصعيد في ظل محادثات نووية وشيكة.
قال الدكتور عبدالله نعمة، دكتور العلاقات الدولية والباحث الاستراتيجي والمحلل السياسي اللبناني، في حديث خاص لموقع نافذة الشرق، إن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران لا يمكن النظر إليها كتحركات منعزلة أو طارئة، بل تأتي في سياق إقليمي واسع يُعيد رسم التحالفات ويوجه مسار المنطقة نحو واقع جديد.
تنسيق غير مباشر بين واشنطن وتل أبيب
وأوضح نعمة أن إسرائيل لا تتحرك بمفردها في هذا الملف الحساس، بل يُحتمل أن تكون هناك مظلة تنسيق غير مباشرة مع الولايات المتحدة. الهدف الظاهري هو ضرب البنية العسكرية الإيرانية وإضعاف قدرة طهران على التفاوض من موقع قوة في المحادثات النووية المرتقبة. لكن، وفق قوله، “الحقيقة الأعمق تكمن في مشروع سياسي وأمني أكبر تسعى من خلاله واشنطن وتل أبيب لإعادة هيكلة التوازنات في الشرق الأوسط”.
ضرب إيران تمهيدًا للتطبيع الخليجي
وأشار نعمة إلى أن السيناريو المطروح يشير إلى رغبة إسرائيلية–أميركية في تصفية القوة العسكرية الإيرانية تمهيدًا لتطبيع العلاقات مع دول الخليج، وعلى رأسها السعودية.
وشدد على أن “الكيان يهدف إلى الإعلان عن انتصار استراتيجي على إيران، يتمثل في ضرب قدراتها النووية والعسكرية، لتبدو إسرائيل الطرف المنتصر الذي أجبر طهران على التراجع”.
أمن الخليج مقابل المال والنفوذ
وأكد نعمة أن ما يجري حاليًا يتعدى البعد العسكري، إذ إن الهدف المزدوج هو ضمان أمن الخليج من جهة، وإعادة توزيع الموارد الاقتصادية في المنطقة لصالح واشنطن وتل أبيب من جهة أخرى. وقال: “بمجرد أن يُعلن أن إيران لم تعد تملك قدرة نووية، ستبدأ دول الخليج في دفع فاتورة الحرب غير المعلنة، سواء من خلال استثمارات ضخمة أو صفقات تسليح أو دعم اقتصادي مباشر”.
سيناريو محسوب: لا خطر حقيقي من إيران
ونوّه الدكتور نعمة إلى أن الولايات المتحدة تعلم جيدًا أن إيران لا تملك حاليًا القدرة العسكرية التي يمكن أن تهدد أمن الخليج أو الكيان الإسرائيلي، “لكن التهويل الإعلامي والسياسي يخدم هدفًا استراتيجيًا: خلق بيئة مناسبة لضرب إيران وتبرير ذلك أمام المجتمع الدولي، ثم العودة لاحقًا إلى طاولة المفاوضات لإعلان أن إيران لا تشكل خطرًا”.
مصر… خط أحمر لا يُمكن تجاوزه
وشدد الدكتور نعمة على أن الكيان الإسرائيلي يدرك حدود تحركه في المنطقة، “فمصر تبقى دولة لا يمكن تجاوزها، لا عسكريًا ولا سياسيًا”. وأكد أن إسرائيل تعلم جيدًا أن أي محاولة لتحدي القاهرة ستكون بمثابة انتحار سياسي وعسكري، “فمصر تملك جيشًا قويًا، وأجهزة أمنية واستخباراتية متقدمة، ومن يملك المعلومة يملك القرار”، بحسب قوله.
وفي نهايه حديثه الدكتور عبدالله نعمة صرح انه بالتأكيد على أن ما يحدث اليوم هو جزء من مشروع إقليمي جديد، تسعى من خلاله الولايات المتحدة وإسرائيل لتأمين مصالحهما الاستراتيجية في المنطقة، عبر بوابة أمن الخليج وتحت مظلة مواجهة إيران. واعتبر أن ما يجري الآن ليس إلا مقدمة لتحولات أعمق قد تشهدها خريطة التحالفات والصراعات في الشرق الأوسط خلال السنوات القليلة القادمة.
ومن جانبه، قال الدكتور أحمد يونس، الباحث والمحلل السياسي اللبناني، إن التصعيد الأخير يعكس صراعًا خفيًا على النفوذ في الشرق الأوسط، حيث تسعى واشنطن وتل أبيب لتطويع الخارطة الإقليمية بما يخدم مصالحهما الاستراتيجية.
وأضاف يونس أن “ما يجري هو توزيع أدوار مدروس بين القوة العسكرية الإسرائيلية والدبلوماسية الأميركية، في محاولة لخلق شرق أوسط جديد دون تهديد إيراني مباشر”.