الشرط الأميركي للانسحاب الإسرائيلي: ورقة ضغط على “حزب الله” أم تمهيد لتسوية إقليمية؟

كتبت بسمة هاني

مع تصاعد التوترات الإقليمية، أثار تصريح المبعوث الأميركي الخاص حول ربط الانسحاب الإسرائيلي من لبنان بنزع سلاح “حزب الله” جدلاً واسعًا. ويطرح هذا الموقف تساؤلات حول ما إذا كان مجرد شرط تعجيزي، أم خطوة لزجّ لبنان في تسوية إقليمية أكبر تتجاوز حدوده الداخلية

قال الدكتور نبيل ميخائيل، الخبير في الشؤون الأمريكية بواشنطن والمحلل السياسي الدولي، في حديث خاص لموقع نافذة الشرق، إن ربط الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية بنزع سلاح “حزب الله” يمثل طرحًا أمريكيًا يعكس توجه إدارة واشنطن لمنح الحكومة اللبنانية الشرعية والسيادة الكاملة، لكنه في الوقت نفسه يضعها أمام معادلة صعبة. وأوضح أن هذا الشرط قد يُنظر إليه كخطوة تعجيزية، لأنه يستهدف أحد أكثر الملفات حساسية في الداخل اللبناني، وهو سلاح المقاومة، مما قد يؤدي إلى فتح باب جديد من التجاذبات السياسية والأمنية في المنطقة
وأضاف ميخائيل أن الموقف الأمريكي، خاصة في ظل إدارة ترامب آنذاك، كان يقوم على دعم الحكومة اللبنانية كواجهة رسمية، وفي الوقت نفسه ممارسة ضغط غير مباشر على “حزب الله”، عبر وضعه أمام خيار الهدنة أو مواجهة عزلة سياسية.

وأشار إلى أن هذا الطرح يعكس رغبة واشنطن في تحويل لبنان إلى جزء من معادلة إقليمية أوسع تشمل سوريا وإيران، بحيث يصبح ملف الجنوب اللبناني ورقة مساومة في أي تسويات كبرى مقبلة.

حزب الله بين الضغوط الإقليمية والحسابات الداخلية

ومن جهة أخرى، وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور عبدالله نعمة، أستاذ العلاقات الدولية والباحث الاستراتيجي والمحلل السياسي اللبناني، أن تصريحات المبعوث الأميركي تكشف أن لبنان لم يعد بمعزل عن الصفقات الإقليمية الجارية، بل أصبح طرفًا مباشرًا فيها. وقال إن وضع شرط نزع سلاح “حزب الله” قبل أي انسحاب إسرائيلي هو في جوهره محاولة لإخضاع لبنان لشروط تفاوضية تتجاوز حدوده الداخلية، وتربطه مباشرة بالمواجهة الإيرانية الإسرائيلية.

ولفت نعمة إلى أن العلاقة بين “حزب الله” وإيران تمثل عنصرًا محوريًا في قراءة المشهد، لكن إيران في المرحلة الراهنة منشغلة باستعادة توازنها العسكري بعد الضربات الإسرائيلية المتكررة، مما قد يفرض على الحزب قبول نوع من التهدئة المرحلية، أو الدخول في هدنة محدودة تمنع انزلاق لبنان إلى مواجهة عسكرية شاملة.

وأشار إلى أن الحكومة اللبنانية قد تجد نفسها أمام فرصة لممارسة ضغوط داخلية على الحزب، لكنها في الوقت نفسه تدرك أن أي مساس مباشر بسلاحه قد يهدد الاستقرار الهش في البلاد.

تأثيرات مباشرة على الجنوب اللبناني

وشدد نعمة على أن أخطر ما في التصريح الأميركي هو انعكاسه على الوضع الأمني في الجنوب اللبناني، حيث قد يُقرأ في إسرائيل كإشارة خضراء لاستمرار الضغط العسكري والسياسي.

كما نوه إلى أن أي حديث عن نزع السلاح في الظروف الراهنة يظل بعيدًا عن التطبيق العملي، لكنه يفتح الباب أمام ضغوط دولية متصاعدة على لبنان.

وأكد ميخائيل أن المرحلة المقبلة ستشهد مراقبة دقيقة لعلاقة “حزب الله” بإيران، ومدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات، أو على الأقل القبول بوقف مؤقت للتصعيد.

وختم بالقول إن ما يجري هو اختبار لقدرة لبنان على التوفيق بين الضغوط الأمريكية والمصالح الوطنية، وبين حسابات الداخل وتشابكات الخارج.