الشرع: من ركام الحرب إلى عتبة التحالف مع أعداء الأمس… وسط تحركات أمريكية حثيثة بين تل أبيب ودمشق

كتبت : ضحى ناصر

” أنا وترامب تعرضنا لإطلاق النار من نفس العدو و أنا مستعد للتقارب مع حلفائه في المنطقة” هكذا بدء رئيس المرحلة الإنتقالية الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، حديثه عن العلاقات السورية الأمريكية خلال حديث أجرته معه مجلة “جويش جورنال” تناول خلاله العديد من الملفات من بينها إعادة إعمار سوريا، و التقارب مع الولايات المتحدة و الإتحاد الأوروبي وكذلك رغبته في إنهاء الخلافات مع إسرائيل .

كيف ستستقبل الجماعات المصلحة رغبة الشرع في التقارب مع الغرب وجعل سوريا دولة مدنية تعددية ذات خلفية مسلمة

و خلال اللقاء الذي نُشرت تفاصيله في مقال كتبه رجل الأعمال جوناثان باس بعنوان “حوار مع زعيم سوري: رحلة ما وراء الأنقاض”.

و أكد الشرع أن إعادة إعمار سوريا هي إرث ثقيل أكثر من مجرد خراب؛ بل صدمة، و إنعدام الثقة والتعب مضيفاً لكننا ورثنا أيضاً الأمل. هَشّ، نعم، لكنه حقيقي.

و أشار إلى أن رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا “يدعم حق العودة لجميع السوريين – اليهود والدروز والمسيحيين، وغيرهم من الذين جرى الاستيلاء على أملاكهم في ظل حكم عائلة الأسد”

و أضاف إذا كنتُ وحدي المتحدث، فسوريا لم تتعلم شيئاً. ندعو جميع الأصوات إلى طاولة الحوار العلمانية والدينية والقَبَلية والأكاديمية والريفية والحضرية، مضيفاً أنه على الدولة أن تُنصت الآن أكثر مما تُملي.

كما رحب الشرع بالتعاون مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال اللقاء، ووصفه بـ”رجل سلام”.

وأضاف الشرع: “تعرّض كِلانا لهجوم من نفس العدو، ترامب يُدرك جيدا أهمية النفوذ والقوة والنتائج.
لافتاً إلى أن سوريا بحاجة إلى وسيط نزيه يُعيد ضبط الحوار”.
وتابع الشرع: “إذا كانت هناك إمكانية لتوافق يُسهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة، والأمن للولايات المتحدة وحلفائها، فأنا مستعدّ لإجراء هذا الحوار. إنه الرجل الوحيد القادر على إصلاح هذه المنطقة، وجمع شملنا، خطوة بخطوة”.

و هو مايتطلب إحكام قبضة الدولة على تحركات الفصائل المسلحة، المناهضة لأوروبا و الولايات المتحدة و الأقليات و عن ذلك يقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية في تصريحات خاصة لنافذة الشرق : من المعروف أن كافة التنظيمات المتشددة هي أفرع لتنظيم الإخوان المسلمين والذي معروف عنه تعاونه مع عدد من أجهزة الإستخبارات لذا فمهما تظاهرت هذه الفصائل برفض تعاون الشرع مع الولايات المتحدة و أوروبا بل وحتى إسرائيل فإنها لن تتخذ تحرك مناوىء إلا في حال تقاطع ذلك التعاون مع مصالحهم الشخصية حينئذ قد تشتعل الخلافات بينهم وبين الإدارة السورية فتلك الفصائل لا يعنيها إلا مصالحها الخاصة.

هل الولايات المتحدة و الإتحاد الأوروبي بلغوا حد الثقة الذي قد يدفعهم لدعم الشرع في مواجهة الفصائل المسلحة ؟

و بهذا الصدد فقد أوضح الخبير في الشأن الأمريكي الدكتور مهدي عفيفي في تصريحات خاصة لنافذة الشرق أنه يمكن القول بأن الولايات المتحدة و الإتحاد الأوروبي قد رأوا أن نظام الشرع يخطو خطوات جيدة في سبيل تحقيق الإستقرار و الأمن في سبيل سوريا لذلك رأينا دعم الدول العربية، والذي أدى بشكل مباشر إلى رفع العقوبات عن سوريا من الولايات المتحدة الأمريكية.

وأضاف : كذلك رأينا التقارب بين النظام السوري و العديد من دول الإتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى جهود النظام السوري الجديد في التهدئة الداخلية للوصول إلى مرحلة إنتقالية يسمح فيها الوقت بأن تكون هناك حكومة متعددة الأعراق، مشيراً إلى أن تعددية الأعراق التي تتسم بها سوريا في حد ذاتها تثير المخاوف من إندلاع صراع مسلح.
لافتاً إلى أن الولايات المتحدة ستدعم الشرع في مواجهة الفصائل المسلحة، مشيراً إلى المفاوضات التي خاضها الشرع مع الأكراد برعاية أمريكية، إذ أن إحلال الإستقرار في المنطقة بشكل عام وسوريا بشكل خاص هو أحد أهداف الإدارة الأمريكية، كما أن دول الإتحاد الأوروبي تعتبر إستقرار سوريا ركيزة هامة لعودة اللاجئين والحيلولة دون تكرار نظام الشرع لأخطاء النظام السوري السابق.

وماموقف واشنطن والغرب من عداء إسرائيل الصريح لنظام الشرع ؟

كما دعى عفيفي إلى ضرورة الفصل بين موقف إسرائيل من إدارة الشرع و العلاقات الأمريكية الأوروبية مع سوريا .

و أوضح أن هذه الدول تستطيع أن تدير علاقاتها وفقاً لخطين متوازيين فدعمهم على سبيل المثال لإسرائيل في حربها على غزة يتوازى في الوقت نفسه مع محاولة دعمهم لنظام الشرع لذا فمن غير المتوقع أن يعيق عداء إسرائيل لنظام الشرع أو أي دولة أخرى واشنطن و الإتحاد الأوروبي من إقامة علاقات مع تلك الدول ومن بينها سوريا.

هل تقود الولايات المتحدة محاولات للتقارب بين تل أبيب و دمشق؟

فيما أكد مهدي على أن الإدارة الأمريكية تحاول بالفعل تقريب وجهات النظر بين نظام الشرع و إسرائيل، في إطار تعهدات إدارة ترامب بالمُضي قدماً في الإتفاقات الإبراهمية وفق تعهدات الرئيس الأمريكي أمام مواطنيه، لافتاً إلى أن تلك النقطة لها أهمية قصوى لدى الرئيس ترامب، وهو ماسيدفع الإدارة الأمريكية للسعي من أجل خلق علاقات بين سوريا و إسرائيل حتى و إن كان ذلك بشكل محدود لاسيما بعد أن دمرت إسرائيل كافة أسلحة النظام السابق التي كانت الحكومة الإسرائيلية تخشى وقوعها بأيادي المسلحين و عليه فإن الأسباب وراء مخاوف إسرائيل الأمنية قد إنتفت في الوقت الحالي.

ما المكاسب التي تحاول إسرائيل جنيها من وراء التهديدات والضغط العسكري ومهاجمة عدة مناطق في سوريا من آن لأخر على الرغم من أن الجميع بات يعلم أن إمكانياتها تأثرت بشكل كبير وكذلك الولايات المتحدة رفعت يدها إلى حد ما عن مساعدتها ؟

يجيب عن هذا التساؤل الباحث وخبير العلاقات الدولية نعمان توفيق في تصريحات خاصة لنافذة الشرق بأن الحكومة الإسرائيلية تتعامل وفقاً لأيدولوجيتها التوسعية الإستيطانية سواء في غزة أو جنوب لبنان أو سوريا، لذا فإنه في ظل عجز النظام السوري السابق والحالي عن الدفاع عن السيادة السورية فقد سعت إسرائيل لإستغلال التغيرات الإقليمية وسقوط نظام الأسد، بالإضافة إلى الثغرات العديدة التي يعاني منها النظام الجديد كإفتقاد الشرعية في بداية عهده و على الرغم من الإعترافات الدولية به فيما بعد لكن الجميع يعلم الخلفية التي جاء منها هذا النظام وهي نقطة ضعف تسغلها تل أبيب بلا شك .

لافتاً إلى أن نظرة إسرائيل إلى سوريا هي نظرة توسعية تغطيها إسرائيل من خلال التحركات العسكرية وإحتلال مناطق بعينها وإعتبارها مناطق عازلة و إقامة قواعد عسكرية لتحويلها فيما بعد إلى بؤر إستياطنية زاعمة وجود مخاطر أمنية تحدق بها من سوريا .

مادلالات تصريحات يسرائيل كاتس الأخيرة حول الشرع ؟

لا يمكن لوزير جيش الإحتلال الإسرائيلي إلا أن يحمل الرئيس،أحمد الشرع، مسؤولية ما حدث بغض النظر عن الجهة التي قامت بإطلاق الصواريخ بإتجاه إسرائيل ولكن إسرائيل لديها مشروع بإتجاه سوريا ،هذا المشروع تراجعت الكثير من مركباته وعناصره وتحديداً قضية التقسيم بناءً على إستغلال وتوظيف الأقليات سواء الدرزيه او الأكراد أو العلوية وما شابه، ولكن الآن ينصب المشروع بإتجاه إضعاف الدولة السورية و إحكام القبضة الاسرائيلية على سوريا و إقتطاع الجولان المحتل من الحسابات والنقاش السوري و إدخال السوريين في مفاوضات مباشره مع اسرائيل لترتيب الوجود الاسرائيلي هناك مع محاولة فرض الاسرائيلي كلاعب مهم داخل الساحة السورية

ما أبرز كواليس الزيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا في إسرائيل وماهي أبرز الملفات التي قد يتم بحثها خلال تلك الزيارة ؟

وأضاف شديد وبخصوص زيارة المبعوث واضح تماماً انها تسير بإتجاه تطوير المفاوضات غير المباشره ما بين الطرفين السوري و الإسرائيلي لتصبح مفاوضات مباشرة ما بين النظام السوري الجديد وحكومة نتنياهو وذلك لنقل سوريا بإتجاه المكان الاخر المناهض والمقابل لمحور ايران وحزب الله وكل قوى المقاومة بالمنطقة.

وصل المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، وسفير واشنطن في أنقرة، توماس باراك، إلى تل أبيب، لبحث سبل منع الصدام بين تركيا وإسرائيل حول النفوذ في سوريا. وتخلّلت الزيارة جولة أجراها باراك على مرتفعات الجولان السوري المحتل، والذي اعترف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بـ«السيادة» الإسرائيلية عليه خلال ولايته السابقة، عام 2019.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الزيارة تناولت الأوضاع في سوريا، أنه وفي ظل تقارب الإدارة الأميركية على حكومة الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، وما تبع ذلك من موافقة واشنطن على ضم مقاتلين متشدّدين إلى صفوف الجيش السوري الناشئ.

كما جرى التباحث حول الأوضاع في الجنوب السوري خصوصاً، والذي تحتل إسرائيل جزءاً كبيراً منه، وتحكم سيطرتها نارياً على ما تبقّى منه عبر سيطرتها على قمة جبل الشيخ والمرتفعات الاستراتيجية في ريف درعا.

مايعنى أن الشرع قد ينجح عبر مواقفه الجريئة في إعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة، في حال قدرته على الإستمرار في كبح الجماعات المسلحة وكسب ثقة الغرب، في معركة لم تنتهِ بعد.