المحلل والكاتب ياسر الهواري في تصريحه لموقع نافذة الشرق : الحركة المدنية أدت دورها ولم تعد المعبر الوحيد عن المعارضة المصرية

حوار خاص لنافذة الشرق
محمد صفوت

قبيل أي إنتخابات تدور الأسئلة المعتادة حول تحالفات الأحزاب وقانون الأنتخابات لذا كان الشغل الشاغل لاغلب الأوساط السياسية ماذا يدور في أروقة الحركة المدنية الديمقراطية والخلاف الواضح في تصورها للانتخابات مع حزبي العدل والمصري الديمقراطي وكيفية إعادة دور الحركة وهيكلها التنظيمي ، لذا تم توجيه المشهد بكل ما فيه من أسئلة محيرة نحو ضيفنا الكاتب والمحلل السياسي ياسر الهواري.

  • هل حزبا العدل والمصري الديمقراطي تجميد عضويتهما في الحركة، استعدادا للانتخابات البرلمانية المقررة في 2025، والتي قد تشهد تحالفا جديدا بين الحزبين وأحزاب موالية للسلطة ؟

في وجهة نظري تجميد عضوية حزب العدل والمصري الديمقراطي بمثابة تمهيد لدخول القائمة المطلقة في حالة إقرار قانون الإنتخابات بنظام القائمة المطلقة كما حدث في إنتخابات برلمان 2020 وهذا اعتقد انه موقف مختلف عن باقي الأحزاب المكونة للحركة المدنية لأن الحركة المدنية أعلنت سابقا أنها لن تشارك إذا لم يتم تعديل الإنتخابات و إعطاء فرصة للقائمة النسبية.

  • هل الحركة ستشارك في أي تحالف انتخابي تديره السلطة أو أجهزتها أو الأحزاب الموالية لها؟

الشواهد تؤكد أن الحركة المدنية الديمقراطية لن تشارك في الإنتخابات إذا لم يكون هناك في القانون هامش للقائمة النسبية ، هذا هو الموقف المعلن حتى الآن.
وربما اختلف مع جملة “تحالف إنتخابي تديره السلطة” كون الجملة ستظهر في هيئة اتهام ، الوضع المفترض في التحالفات الإنتخابية أنها تدار من خلال مكوناتها وليس من خلال أجهزة أو السلطة التنفيذية لأنها في النهاية إنتخابات لسلطة تشريعية ، وربما تشوب صيغة السؤال بعض الإشارات الغير محمودة ولهذا أفضل أن نقول إنه تحالف إنتخابي قريب من الأحزاب الموالية للسلطة مثل مستقبل وطن أو الجبهة الوطنية أو حماة الوطن أو الشعب الجمهوري ولا تديره السلطة أو أجهزتها ، وبالتالي فأن أي حزب يقوم بعمل تحالف إنتخابي مع هذه الأحزاب المقاربة للسلطة فإنه سيكون قد دخل ضمن تحالف تكتيكي مؤقت في حال عدم تغيير نظام الإنتخابات من خلال إقرار نظام القائمة المطلقة.

  • ما الأسباب الحقيقية وراء تجميد حزبي العدل والمصري الديمقراطي عضويتهما في الحركة المدنية الديمقراطية؟ هل هي خطوة تكتيكية أم تعبير عن خلافات داخلية؟
    كمراقب للمشهد العام يظهر وجود خلافات قوية بين الحركة المدنية على الموقف من الأنتخابات المقبلة فهناك بعض الأحزاب الراغبة في دخول الإنتخابات وتعلم أن فرصتها قد تضيع لو تم التصويت بالإجماع أو الاغلبية على مقاطعة الانتخابات كما هو متوقع.
    بالطبع موقف حزبي العدل والمصري الديمقراطي مختلف لأنهم سيكونوا بين خيارين إما تجميد العضوية والخروج من تحالف الحركة المدنية أو الاستمرار مع التحالف وفرض موقف على عكس رغبتهم.
    أنا أؤيد بشدة موقف حزبي العدل والمصري الديمقراطي في دخول الإنتخابات لأن المشاركة الإنتخابية افضل كثيرا من المقاطعة والجلوس في مقعد المتفرجين على المشهد العام.
    تجميد عضويتهم هو بمثابة إعطاءهم استقلالية في الحركة وطبعا هو تعبير جلي عن خلافات داخلية حادة جدا في تحالف الحركة المدنية.
  • هل هناك تنسيق فعلي بين حزبي العدل والمصري الديمقراطي لتشكيل تحالف انتخابي مستقل، أم أن هناك نية للتقارب مع أحزاب موالية للسلطة؟

الأحزاب الثلاثة وهي حزب العدل وحزب المصري الديمقراطي وحزب الإصلاح والتنمية الذي يرأسه الأستاذ محمد أنور عصمت السادات كونوا تحالف إنتخابي عبروا عنه بأسم “الحيز المتاح” وهو ما يوضح التباين الواضح في المواقف السياسية داخل الأحزاب المكونة لتحالف الحركة الوطنية ، وبالطبع هو أعلان عن النية الواضحة بالمشاركة في الانتخابات ، وربما لم يظهر حتى هذه اللحظة هل سيقتصر الأمر على تلك الأحزاب فقط أم سيشاركهم أحزاب أخرى.

  • كيف تقيّم الحركة المدنية الديمقراطية موقف الحزبين؟ وهل تعتبر انسحابهما نوعاً من الانشقاق أم ترتيباً مرحلياً؟

لم يظهر حتى هذه اللحظة أي رد فعل من الحركة المدنية حول المجموعة التي قررت انها تعلن موقفها بشكل مستقل عن باقي مكونات الحركة المدنية.
الأمر لا يعد إنسحاب أو إنشقاق ولكنه ترتيب مستقل عن الحركة.
في النهاية لا تعد الحركة تنظيم يتبعه إلتزام حزبي مثل غيرهم، ولكن الحركة المدنية تعتبر تحالف مؤقت وليست بالضرورة تحالف استراتيجي ويجوز وجود اختلاف في بعض المواقف.
انا مثلا أعلنت مشاركتي في الحوار الوطني بمعزل عن الحركة المدنية ، لم أكن عضوا في يوم من الايام في الحركة الوطنية لأني اؤمن ان الحركة المدنية ليست المعبر الوحيد عن المعارضة المصرية و إنما هي أحد أهم المعبرين عن المعارضة المصرية و أراها ليست الوكيل الحصري لصوت المعارضة فيوجد مثلا العديد من أصوات المعارضة من الوارد أن يحدث تقارب أو تباعد بينهم وبين الحركة المدنية فهم تحالف مؤقت وبالتالي الخروج عن النص المكتوب من قبل الحركة المدنية لا يعد عيبا.

  • في حال ما لم تشارك الحركة المدنية الديمقراطية في الإنتخابات ما هي البدائل المتاحة لديها؟

الأمر واضح ولا توجد بدائل حتى الآن ، في حال عدم وجود القائمة النسبية ستقوم الحركة المدنية بمقاطعة الانتخابات ، الشواهد تدل على ذلك والأمر تكرر عدة مرات وأتوقع أن يتكرر هذه المرة.

  • هل ترى في الانتخابات المقبلة فرصة للتغيير أم مجرد إعادة إنتاج للواقع القائم؟

الأنتخابات القادمة صعب أن تكون إعادة إنتاج للوضع القائم لأن المكون السياسي الموجود في الإنتخابات القادمة يختلف عن المكون السياسي الموجود في إنتخابات 2020 حتى على مستوى المناخ العام.
المناخ العام حاليا أكثر انفتاحاً من المناخ العام في 2020، الشخصيات المتصدرة للمشهد العام في السياسة مختلفة وأكثر تنوعا من انتخابات 2020 وبالتالي لن تكون انتخابات 2025 مشابهة لانتخابات 2020 لأسباب لها علاقة بالمعطيات التي تؤدي نحو إنتخابات 2025 من حيث الشخصيات والخطاب العام والمناخ العام.
المعطيات حتى اختلفت في تناول السلطة للمجال العام ، الأحزاب حاليا تصدر بيانات وتقوم باجتماعات والوجوه المعارضة تخرج للإعلام.
أيضا لا يمكن إغفال دور الحوار الوطني سواء اتفقنا أم اختلفنا عليه لكنه شهد إجتماعات ذات حوار متحضر ، وانا شخصيا شاركت في الحوار الوطني واشهد أنه شهد نقاشات متنوعة ثرية وراقية.

  • كيف تنوي الحركة التعامل مع الانقسامات أو الاختلافات بين مكوناتها بشأن المشاركة في الانتخابات أو التحالفات؟

بواقع أني متابع للمشهد فاني اعتقد ان الحركة المدنية ستحاول غض البصر عن الأداء النوعي المختلف من أحزاب “الحيز المتاح” الثلاثة لأنها لو اخذت موقف عنيف معهم ربما يتسبب ذلك في انهيار الحركة لأن هذه الأحزاب هي أهم الأحزاب المكونة للحركة المدنية.

  • هل هناك نية لإعادة تقييم دور الحركة أو هيكلها التنظيمي استعداداً للمرحلة المقبلة؟

حدث فعليا إعادة هيكلة التنظيم وأصبح هناك مجموعة تسمى (شباب الحركة المدنية) لم تكن موجودة سابقا. بالتأكيد هو تغير نوعي في هيكلة الحركة من خلال إعطاء الشباب دورا أكبر لم يكن موجودا في السابق ، وهذا هو الأمر الوحيد المتغير في الهيكل التنظيمي وشكل الحركة المدنية لأن الحركة المدنية أدت دورها في الفترة التي كانت فيها الأمور شبه مغلقة للمجال العام.
الأمور تغيرت حاليا وأصبح المؤشر السياسي يشير إلى انفتاح في المجال العام فضلا عن ظهور وجوه قديمة من التي تواجدت بعد ثورة يناير أو ظهور وجوه جديدة تماما مما أثرى المشهد العام ولم تعد الحركة المدنية المعبر الوحيد عن المعارضة في مصر .

بعد تلك الاجابات الشافية من الكاتب والمحلل السياسي ياسر الهواري يظهر جليا وجود خلافات حادة في الحركة المدنية الديمقراطية فضلا عن ظهور تحالف انتخابي تحت مسمى “الحيز المتاح” لتصبح الحركة المدنية الديمقراطية بين مطرقة قوانين الإنتخابات المقبلة وسندان تحالف “الحيز المتاح”.