كتبت بسنت السيد
استطاعت الهجمات الإيرانية أن تغير دفة الصراع بعدما نالت من منشآت قريبة من ميناء حيفا الإسرائيلي مما يكشف عجزا أمنيا وهشاشة البنية التحتية الاقتصادية في شمال إسرائيل، بالتزامن مع تصاعد وتيرة التوتر العسكري، أصبحت مدينة حيفا، في مرمى النيران الإيرانية إذ تضم أهم المواني الاستراتيجية في إسرائيل، وهو ميناء حيفا الذى أصبح استهدافه وشيكا بعد ضرب أهداف قريبة منه ،مماكبدالاقتصاد الإسرائيلي خسائر فادحةشملت قطاعات عدة ،مثل الشحن والطاقة والاستثمار.
فماهو حجم الخسائر الاقتصادية التى منيت بها إسرائيل ؟وكيف تضررت البنية التحتيةبها ؟
وكيف انعكس ذلك على ثقة المستثمرين وقطاع شركات الشحن ؟
وما دلالات تعليق ميرسك جميع أنشطتها فى ميناء حيفا؟وماذا بعد توقف مصفاة بازان ؟
يقول الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي في حديث خاص وحصرى لموقع نافذة الشرق ، في تحليله للمشهد وتأثير الضربات الموجعة لإسرائيل على اقتصادها بشكل عام حيث يقول “بلا جدال الحرب الإسرائيلية الإيرانية هى حرب مكلفة جدا وتلك هى طبيعة الحروب تكون فاتورتها باهظة على كل الأطراف.
وتابع رشاد :” لكن فاتورة الحرب على إسرائيل مكلفة بشكل أكبر بكثير ،لماذا ؟لأن إسرائيل في وسط مجموعة من الدول الضعيفة عسكريا نسبيا ،ممايشكل قلقا كبيرٱ عليها ،خاصة وأن إسرائيل لديها ميزة ،وهى اعتمادها على أمريكا في التمويل من خلال ما تمنحه من دعم مالى وإمكانيات عسكرية.
وأوضح، عبده أن إسرائيل ليس لديها مشكلة إذا امتدت الحرب لمدى بعيد ،على عكس جيرانها ،لأنهم لا يستطيعون تحمل ضغوط مالية جراء الحرب على مدى زمنى طويل .
تأثر القطاع الإنتاج باستدعاء جنود الاحتياط
وأشار الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده أن إسرائيل لاتعتمد على الجيش بشكل مباشر وإنما تعتمد على قوات الاحتياط ،لذا فعند استدعاؤهم من مناصبهم فيتركون مواقع ومناصب إنتاجية وعندها يتأثر الإنتاج في مصانع والمزارع.
إهتزاز ثقة المستثمرين
أما عن الانعكاسات السلبية على الاقتصاد الإسرائيلي يقول الدكتور رشاد عبده اهتزت ثقة المستثمرين وتحديدا في قطاع السياحة عقب الضربات الإيرانية المتتالية ،والتى أثبتت أن إيران قادرة على المواجهة إذ فوجىء العالم ولم يكن أحد يتوقع القدرات العسكرية والتكتيكية لإيران ،مشيرا إلى الصورايخ البالستية التى أظهرت قوة عسكرية.
وأكد عبده في حديثه لموقع نافذة الشرق أن إسرائيل عدو “مقزز” لا يراعى البعد الإنساني فعندما يدمر البنية التحتية لعدوه هو يعلم جيداً أنه سيعانى على المدى الطويل حتى يستطيع بناءها من جديد.
ولفت الخبير الاقتصادي قائلا “” لذلك جاء الرد الإيراني بنفس الأسلوب ،فالمسألة أصبحت مكلفة لإسرائيل لأن اقتصادها بدأ يتأثر بعدة مؤشرات مثل عمليات التجارة والاستثمار والنقد الأجنبى وتكلفة الطاقة والشحن والتفريغ .
رأس المال جبان
واستكمل الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي حديثه للموقع قائلا :” ميناء حيفا لم يضرب بشكل مباشر وانما ضربت المواقع المتاخمة له وأردف “رأس المال جبان” فالكثير من المستثمرين الاسرائيلين وحتى الأجانب انتباههم القلق والخوف على استثماراتهم بعدما شاهدوه من دمار وضربات صاروخية أصبحت وشيكة جدا من ميناء حيفا وإيلات ،ولاسيما الشركة التى تدير هذا المرفق التى أصابها القلق والرعب ،وتوقفت فيها حركة الميناء وبالتالي أسهمها بالبورصة تأثرت وانخفضت بشكل كبير و ملحوظ .
أما عن تأثر قطاع الطاقة بالضربات الإيرانية يشير الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده أن مصفاة “بازان”تأثرت وتوقفت عن العمل مما يؤثر على احتياجات المواطن الإسرائيلي ،مؤكدا وهذا ما شهدناه من طوابير على محطات الوقود والسولار كل هذه التداعيات مما أغفلتها وعتم عليها وتكتمتها وسائل الإعلام الإسرائيلية لاتخفى حقيقة أن إسرائيل في أزمة اقتصادية.
هروب المستثمرين من اسرائيل
وتطرق الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده إلى أن معظم المستثمرين الاسرائيلين يخرجون من إسرائيل وبخاصة بعد دمار البنية التحتية الاقتصادية التى يقام عليها أى إقتصاد فمن سيستثمر في هذا الخراب والدمار ؟
وعلى صعيد آخر تأثرت شركات الشحن والنقل البحري بالتأكيد ،فناهيك عن توقف حركة الشحن في الموانىء ،نجد إرتفاع فاتورة وتكاليف النقل وبالتالى تكاليف التأمين والشحن وأكبر مثال على ذلك “شركة ميرسك” والتى تعد واحدة من أهم بل والأهم على مستوى العالم.
وأشار الخبير الاقتصادي رشاد عبده إلى أن رغم الخسائر التي لحقت بإسرائيل اقتصاديا إلا أنها لا تعترف لاعتمادها على السند وهى” أمريكا “بما تقدمه من دعم مالى وعسكرى ولوجيستي ،إلا أن الضربات الإيرانية في العمق الإسرائيلي أثبتت مدى الهشاشة الأمنية والاقتصادية لإسرائيل والتى لا تتحمل الضغوط القوية وتتأثر سلبا بشكل كبير
وفي السياق ذاته قال الخبير الاقتصادي هانى أبو الفتوح في حديثه لموقع نافذة الشرق أن الهجمات الإيرانية الأخيرة على ميناء حيفا ومنشآت الطاقة تمثّل تطورًا مقلقًا ستكون له تداعيات اقتصادية ملموسة على المدى القريب.
وتابع أبو الفتوح ،قائلا: ” إن تعليق شركة “ميرسك”، والتى تعد واحدة من أكبر شركات الشحن في العالم، لرحلاتها إلى الميناء تسبب في تعطّل جزئي لحركة التجارة الخارجية، ورفع أقساط التأمين البحري إلى 0.7-1% من قيمة السفن والبضائع، وهو ما يضغط مباشرة على كلفة الاستيراد والتصدير بالنسبة للشركات الإسرائيلية.
خسائر في قطاع الطاقة
أما في قطاع الطاقة، فقد أدى توقف مصفاة “بازان”، التي تُعد من أهم مصافي التكرير في إسرائيل، إلى خسائر تُقدَّر بنحو 3 ملايين دولار يوميًا (حسب تقديرات فاينانشال تايمز). مشيراً إلى استمرار توقف المصفاة مما يعني نقصًا في الوقود محليًا، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة، مع انعكاسات سريعة على قطاع النقل والصناعات المعتمدة على الوقود.
وأوضح الخبير الاقتصادي هانى أبو الفتوح قائلا :”من زاوية أوسع، فإن استهداف موانئ مثل حيفا، والمنشآت الحيوية للطاقة، لا يُحدث فقط ضررًا ماديًا، بل يوجّه ضربة واضحة لثقة المستثمرين، كما ظهر في تراجع سهم “آداني بورتس”، المالكة لحصة تشغيلية في الميناء، بنسبة 3%. مثل هذا التراجع يعكس حالة من القلق بين المستثمرين الدوليين حيال استقرار بيئة الأعمال في إسرائيل.
وأضاف ، أما عن الأثر التجاري فهو مرشّح للتفاقم، خاصة مع إحتمال تحوّل جزء من حركة الشحن إلى موانئ بديلة أكثر أمنًا مثل بورسعيد أو الموانئ القبرصية، وهو ما قد يُفقد ميناء حيفا جزءًا من تنافسيته كمركز لوجيستي في شرق المتوسط.
اختتم الخبير الاقتصادي هانى أبو الفتوح حديثه لموقع نافذة الشرق قائلا: أعتقد أن الأزمة تكشف هشاشة بعض جوانب الاقتصاد الإسرائيلي أمام الضغوط الجيوسياسية، لا سيما في ظل اعتماد قطاعات حيوية على استقرار الأوضاع الأمنية. استمرار التصعيد قد يدفع بموجة تضخمية جديدة، ويزيد من كلفة المعيشة على المستهلك الإسرائيلي في الفترة المقبلة.