الوداد الصفري أهان سمعة أفريقيا في المونديال بعد انتدابات متواضعة فنيا

محمد صفوت

المقدمات توحي بالنهايات .. هذا ما يلخص حال الوداد المغربي الذي عاش موسم محلي مخيب تمثل في احتلاله المركز الثالث بالدوري المغربي ليغيب عن دوري ابطال افريقيا للموسم الثاني تواليا ، وكما احتل المركز الثالث محليا نال ثلاثة هزائم في المونديال ليوجه “ولاد الحمرة” كما يطلق على أنصار الوداد عبارات قاسية لرئيس النادي قائلين “أسم الوداد أكبر من فريق آيت منا “

انتدابات عشوائية وضعيفة فنيا:
انتدب الوداد في ميركاتو يونيو الاستثنائي اللاعب البوركينابي “ستيفان عزيز كي” بعد مفاوضات استمرت سنة تقريبا مع ناديه السابق يانج افريكانز التنزاني لكن مشاركة اللاعب في المونديال اقتصرت على دخوله كبديل في الدقيقة 84 من مباراة مانشستر سيتي، ثم الدقيقة 87 خلال مباراة يوفنتوس.

وقال عزيز كي في حديثه للقنوات العالمية في المنطقة المختلطة خلال مونديال الأندية: “قدمنا الشيء الكثير وأنا مقتنع باللعب الذي قدمناه، ومقتنع بالالتزام الذي قدمناه، رغم أن الفرص الحقيقية للتسجيل التي استطعنا خلقها خلال أول مباراتين لم تكن كثيرة لكن كان بإمكانها تغيير النتيجة ، على العموم نحتفظ بانطباع فني إيجابي لكن النتائج مخيبة».

عشوائية الأنتدابات شملت اللاعبين الأجانب الذين تواجدوا في القائمة دون خوض أية دقيقة وفي مقدمتهم البرازيلي آرثر الذي كلف خزينة النادي نحو مليونًا ونصف المليون دولار فضلا عن مواطنه بيدرينيو الذي لم يظهر في لمحاته الفنية قبل البطولة أي إضافة فنية تشبه أبناء السامبا.
وعرفت المواجهة ضالأولى للفريق أمام مانشستر سيتي مشاركة الفرنسي ميكائيل مالسا لنحو نصف ساعة فقط برغم انتدابه لتقوية وسط الميدان.
السوري عمر السومة شارك مع الفريق مباشرة في المونديال بعد حصة تدريبية واحدة دون توقيع عقد مكتمل ، وكان حاضرا باسمه فقط وبكونه الهداف التاريخي للدوري السعودي للمحترفين لكنه ظهر متأثرا معنويا وبدنيا بتأخر دخوله للولايات المتحدة الأمريكية بسبب مشكلة التأشيرة ، وخاض أسطورة الأهلي السعودي سابقا الشوط الثاني كاملًا أمام يوفنتوس و62 دقيقة أمام العين.
ارقام السومة خجولة لوضعه كمهاجم قدير إذ لعب 107 من الدقائق صنع خلالها ثلاثة فرص فقط والرقم المحبط أنه لم يسدد أي تسديدة على المرمى ولم يقوم بأية مراوغة وربح 6 التحامات من أصل 10.
واستغرب كافة المحللين استغلال مباريات المونديال لتسويق اللاعبين وهو ما حدث مع المهاجم التنزاني سليمان مواليمو الذي شارك لدقائق كثيرة بالرغم من غيابه عن أغلب مباريات الدوري المحلي.
نيران الغضب الجماهيري تجاه إدارة الوداد أثارها التعاقد مع لاعبين على سبيل الإعارة فقط لكأس العالم واغلبهم لم يقدم الإضافة مثل السوري عمر السومة والبرازيلي فيريرا والهولندي ماير والثنائي الجنوب أفريقي لورش ومايلولا لتنتهي أدوارهم سريعًا مع نهاية المشاركة.
في ملف اللاعبين المحليين حدث ولا حرج عن غياب اللاعب حمزة الساخي عن قائمة المونديال برغم كونه الاكثر مشاركة في المباريات خلال الموسم المنقضي ، فضلا عن استبعاد الجناح وليد ناسي رغم افتقار الفريق للاعبين لديهم السرعة والاختراق على الأجنحة ، ليظهر جدا اثناء البطولة القصور الواضح في الخط الأمامي خلال مباريات المونديال.
وكانت أم المفاجأت وضع اسم اللاعب أحمد غيلوف ضمن القائمة الرسمية للفريق في كأس العالم ، والأغرب أن هناك مسؤولين داخل محيط النادي لم يكونوا على دراية بتوقيع اللاعب من الأساس.
ووصلت إدارة الوداد إلى التخبط اللا مفهوم حينما تم إدراج إسماعيل بنقطيب ضمن اللائحة الرسمية للمونديال بعد عودته من الإعارة لنادي المغرب التطواني الذي ودع الدوري المغربي بعد إحتلال المركز ما قبل الأخير مما عجل بهبوطه إلى الدرجة الثانية واللافت للنظر أن بنقطيب لم يتألق مع المغرب التطواني خلال فترة الإعارة.
وظل بنقطيب حبيس دكة البدلاء في أول مباراتين أمام مانشستر سيتي ويوفنتوس قبل أن يُقحم خلال اللقاء الثالث أمام العين الإماراتي، حيث شارك قرابة 11 دقيقة وتلقى بطاقة صفراء في الوقت بدل الضائع.
وفي خط الدفاع تحمل المدافع عبد المنعم بوطويل أعباء الهزيمة أمام مانشستر سيتي ويوفنتوس قبل أن يتم استبعاده من المباراة الأخيرة أمام العين الإماراتي وربما يتم إنهاء التعاقد معه بشكل ودي أو بيعه برغم بقاء موسم كامل في عقده كونه أكثر من نال الإنتقاد اللاذع بين كافة المنتمين لزعيم الأندية المغربية.
أما في الخط الأمامي فكان من المستغرب فنيا مشاركة أسامة الزمراوي المحدود للغاية على صعيد الفعالية والنجاعة الهجومية.

أمرابط خذل ثقة الوداديين في مستواه الفني :
ظهرت حالة من التذمر الفنية لدى أغلب اللاعبين من الدولي نور الدين أمرابط الذي تم منحه شارة القيادة في بطولة العالم للأندية نظرا لخبرته الدولية الكبيرة وموقفه الشهير في كأس العالم 2018 ولعبه لفترة كبيرة في أندية شهيرة خارج المغرب.
هذه الشعبية الجماهيرية وضعت أمرابط تحت الضغط وتم تحميله كل الأعباء بأنه سيحمل الفريق فنيا وبدنيا على عاتقه لكن الواقع والتحليل الفني أكد أنه أكثر لاعب يحصل على الكرة ويفقدها سواء بالتمرير الخاطيء أو بالضغط من لاعبي الفريق المنافس إلى جانب تباطؤ واضح في سرعته واعتماده على الاندفاعات البدنية أكثر من التركيز الذهني مما يعرقل فنيا هجمات الفريق ، وما زاد الأمور سوءاً أن خط وسط وهجوم الفريق وجد نفسه يطبق خطة يكون فيها أمرابط محور اللعب ، لذا ظهرت حالة ضعف واضحة في المردود الهجومي للقلعة الحمراء.

وفي هذا الصدد أردنا الاستعانة برأي رشيد الداودي نجم الوداد ومنتخب المغرب في كأس العالم 1994 وصاحب القدم اليسرى التي لا تعرف الرحمة قائلا : “الوداد بعيد عن تقديم نفسه كما ينبغي محليا فكيف ننتظر منه التألق عالميا ، أجمل ما في الوداد جمهوره لكن التشكيل الحالي مجتهد نوعا ما ولكنه لا يقنعني في الأداء ، أتمنى أن يعود الفريق لمستواه في الدوري ويعود للمشاركة الأفريقية على الأقل ، أما بطولة العالم للأندية فنحن تأهلنا لها بفضل بطولة فزنا بها قبل 3 سنوات وليست بناءا على مستوانا الحالي”

انتقادات لاذعة لرئيس النادي اكبر المتسببين في سقطة الوداد:
اهتزت الأرض تحت قدمي هشام أيت منا رئيس نادي الوداد بعد براكين الغضب من “ولاد الحمرة” والأسباب متعددة اهمها تعاقده خلال موسم واحد مع عشرين لاعب أغلبهم لا يستحق ارتداء قميص الوداد علاوة على التوقيع مع المدرب رولاني موكوينا في أول الموسم وما صاحبه من عشوائية فنية وتراجع القوة الفنية المعروف بيها الوداد.
حتى المدرب الحالي محمد أمين بنهاشم صرّح بوضوح: “جئت لاختبار اللاعبين فقط”. وهكذا تحول الفريق من تمثيل المغرب وافريقيا إلى حقل تجارب.
وتتعاظم الضغوط على آيت منا مع استعداد “برلمان الوداد” لمساءلته عن جوانب صرب الإيرادات المالية للمشاركة التي بلغت قرابة 9 ونصف مليون دولار.

ويقول فخر الدين رجحي اللاعب الأكثر تتويجًا في تاريخ الوداد بـ 17 لقبًا، وأكثر لاعب مشاركة بالفريق 569 مباراة : “الوداد خسر اول مباراة أمام مانشستر سيتي بثنائية نظيفة وهي نتيجة معقولة مقارنة بمستوى المنافس لكن المستوى تراجع في المباراة الثانية التي خسرناها بنتيجة 4 مقابل 1 أمام يوفنتوس ثم كانت الحادثة التي أصابت بنهاشم وأثرت على مردود الفريق في مباراة العين ، الفوز في تلك المواجهة كان من نصيب أشقائنا في الأمارات بهدفين لهدف ، البطولة بالنسبة لي حاليا وكأنها معسكر إستعدادي للموسم المقبل يجب أن نستفيد منه ، كنت أتعجب من أراء البعض بأن مباراة العين سنفوز بها لأنهم تلقوا اهداف أكثر منا في مباراتي مانشستر سيتي ويوفنتوس ، العين لديه لاعبين مغاربة يعرفون الوداد جيدا مثل نسيم الشاذلي ورحيمي ، والمباراة كانت قبل بدايتها بنسبة 50 بالمائة لكلا الفريقين ، ولهذا صدم جمهور الوداد بعد الهزيمة لأنهم تخيلوا سهولة مواجهة العين”
ويقول رجحي أسطورة الوداد ومدربه سابقا : ” ما استغربه الهدف الثاني للعين لأن الحكم توجه إلى تقنية الفيديو VAR واحتسب الهدف برغم مطالبة الوداد القانونية بإلغاءه بعد الخطأ الواضح على المدافع جمال حركاس الذي غادر مصابا بعدها ، ويبدو أن التوفيق ليس حليفنا في كأس العالم للأندية سواء بالشكل القديم أو الجديد لأن الوداد لعب 6 مباريات في 3 نسخ لكنه لم يحقق الفوز في أي مباراة”

بنهاشم يتعرض لحادث خطير :
وربما ما يجعلنا نلتمس العذر للوداد تعرض المدرب محمد أمين بنهاشم بالإضافة إلى عبد الرزاق هيفتي طبيب الفريق وعلي العمري المسؤول عن التنقيب عن المواهب ويوسف الدباغ المدير الرياضي لحادث سير خطير في العاصمة الأمريكية واشنطن في الفترة التي سبقت مباراة العين الحاسمة. وبعد نقل المصابين إلى المستشفى استعاد المدرب بنهاشم وعيه فور وصوله إلى غرفة الطوارئ، أما الدكتور هيفتي فقد خرج سالما من الحادث إلى جانب كل من العمري والدباغ ، وقدمت حينها سفارة المملكة المغربية بالولايات المتحدة الأمريكية كل الدعم لبعثة نادي الوداد الرياضي في هذا الحدث المؤسف.
ما يحسب للمدرب بنهاشم إصراره على الحضور في مباراة الوداد والعين وتم تخصيص كرسي متحرك للمدرب في دكة البدلاء.

الوراد يضع يده على أسباب النكسة الودادية:
قال عبد الصمد الوراد مساعد مدرب الوداد في المؤتمر الصحفي عقب مباراة العين: “كانت خيبة أمل كبيرة بالنسبة لنا. كنا نطمح للذهاب إلى أبعد نقطة في هذه التظاهرة، لكن للأسف لم نُوفّق، ووقعنا في مجموعة صعبة تضم أندية كبيرة ، نأمل أن تكون هذه التجربة بروفة حقيقية لما هو قادم، حتى نكون في كامل الجاهزية للاستحقاقات المحلية والقارية المقبلة ، دخلنا مباراة العين بأسلوبنا المعتاد وتمكنا من التسجيل مبكراً، لكن مشكلة إهدار الفرص ما زال يلاحقنا، وهو مرتبط أساساً بقلة الانسجام في التنشيط الهجومي ، عدد من المهاجمين التحقوا بالفريق حديثاً، ولم نصل بعد إلى ذلك التجانس المطلوب لإنجاح التنشيط الهجومي. ما زلنا نبحث عن التركيبة المثالية التي تمنحنا فعالية أكبر في المستقبل”.
وختم الوراد حديثه بتسليط الضوء على الوضع الصحي لمحمد أمين بنهاشم، مدرب الفريق “المدرب يتماثل للشفاء ويُواصل التعافي بوتيرة جيدة. الجهاز الطبي نصحه بالراحة، لكنه رفض الغياب وقال: ‘جئت لقيادة الوداد في كأس العالم، وليس للبقاء في الفندق’”.

بنت المغرب أدركت المليون:
نالت رشيدة العماري شرف أن تصبح المشجعة رقم مليون من الجماهير التي تابعت كأس العالم للأندية لكرة القدم من المدرجات.
اللافت أن رشيدة هي شابة تعيش في ولاية فرجينيا الأمريكية، ولم يسبق لها اطلاقا أن شاهدت مباراة من المدرجات قبل مواجهة الوداد ضد يوفنتوس الإيطالي.
وقالت رشيدة : “البطولة أتاحت لي فرصة مشاهدة فريقي المفضل وهو يلعب لأول مرة، وكنت أنتظر هذه اللحظة منذ تأهل الوداد إلى مونديال الأندية ، أنا هنا في فيلاديلفيا لأن وَالِدَيَّ أخبراني، قبل عامين، أن الوداد سيلعب في الولايات المتحدة، وكنت متحمسة للغاية، لأنني أردت مشاهدة فريقي يلعب، وإنها ستكون أول مرة أذهب فيها إلى الملعب. وأود أن أشجع فريقي بكل قوتي».

أسباب الصفر الودادي:
تعود أسباب الهزائم الثلاثة لنادي المقاومة المغربية في التظاهرة العالمية إلى مجموعة من العوامل أهمها الصفقات العشوائية غير المدروسة فنيا في أول الموسم ثم التعاقدات المتأخرة في ميركاتو يونيو وغياب التجانس بين العناصر الودادية الجديدة فضلا عن مدرب لا يرتقي فنيا لتدريب فريق الوداد في بطولة بحجم كأس العالم للأندية ويهمه إرضاء الإدارة أكثر من مصلحة النادي ، والأهم من ذلك كله رئيس النادي الذي وعد الجمهور وأخلف وعده في بناء فريق قوي يليق بأسم وداد الأمة.
وساهم نقص عامل الخبرة وغياب التركيز الذهني و دهشة البدايات في تأثر لاعبي الوداد في المواجهتين الأصعب مع مانشستر سيتي ويوفنتوس ، تلا ذلك الأداء المتراجع أمام العين الذي تأثر بتشتت الفريق فنيا ومعنويا بعد حادثة المدرب.
كل ما سبق عوامل وضعت مشاركة الوداد في كأس العالم للأندية تحت أسهم الانتقادات، وطرحت سؤالًا عريضًا في منظومة الوداد، حول من يتحكم حرفيا في اختيارات الفريق الفنية؟؟؟ وكيف تم إعداد قائمة الوداد لبطولة العالم للأندية في نسختها الأولى بحلتها الجديدة؟؟؟؟؟
سؤال أثار حفيظة عشاق وداد الأمة، لكنه في نظر الاغلبية يعكس الواقع المرتبك الذي يعيشه بطل دوري أبطال أفريقيا لسنة 2022، ويؤكد أن أزمة الوداد اليوم تتجاوز حدود المستطيل الأخضر.
بداية موسم خاطئة واستمرت الأخطاء خلال الموسم لينتهي الموسم المحلي للوداد بعيدا عن الأهداف الموضوعة ثم خلال المونديال خرج بصفر نقطة وسجل هدفين فقط مقابل تلقيه 8 أهداف لينطبق على القلعة الحمراء المثل المغربي الشهير «من الخيمة خرج مايل».