الوداد بعد الإمداد يسعى لموسم الحصاد

محمد صفوت

يحاول “نادي الأمة” القفز على هموم موسمه الصعب محليا وتجاوز مجموعته الأصعب في كأس العالم للأندية من خلال حماس لاعبيه وقدرتهم على صنع الفارق من خلال خلق الأنسجام التام ما بين الانتدابات الجديدة والقوام الذي خاض به اغلب مباريات الموسم الحالي محليا.
في نهاية موسم 2024/2023 أنهى “نادي المقاومة” الدوري المغربي في المركز السادس ليغيب عن المشاركات الإفريقية كليا وهي الكارثة التي لم يستوعبها أنصار الفريق كون عميد الأندية المغربية الأكثر تتويجا بالدوري في المغرب (22 لقبا).
جاءت تلك الهزة بالرئيس الجديد هشام أيت منا خليفة الرئيس القوي السابق سعيد الناصيري فكانت أولى قرارات الرئيس التعاقد مع موكوينا مدرب صن داونز الجنوب إفريقي من أجل إعادة النادي إلى سكة الألقاب وحينها أجرى المدرب تغيير شبه كامل على تشكيلة الفريق أملا في إعادة القلعة الحمراء للمشاركة في البطولات الأفريقية مرة أخرى ، ولكن برغم الانتدابات الهائلة ابتعد الوداد عن المنافسة على الصدارة في الدوري المغربي رويدا رويدا حتى أن نهضة بركان فاز باللقب قبل نهاية المسابقة بخمسة جولات.
هذه النتائج لم تتفق مع طموح الوداد فاضطر إلى الانفصال عن المدرب موكوينا بالتراضي وتعيين المحلي محمد أمين بنهاشم خلفا له في أبريل الماضي ، وقاد بنهاشم الفريق إلى الأنتصار في المباريات الثلاث الأخيرة من الدوري وبالتالي احتلال المركز الثالث بفارق 16 نقطة عن الصدارة وهو ما يعني غياب النادي عن المشاركة في دوري ابطال افريقيا للمرة الثانية تواليا والاكتفاء بالمشاركة في الكونفدرالية البطولة الأقل وهجا .
بعد زلزال النكسات الودادية كان لزاما عمل حركة انتقالات مدوية تشمل عديد المراكز وفي كافة الخطوط تقريبا.
من اكثر اللاعبين الذي نجح الوداد في جلبهم خلال شهر يونيو ويمتلك الكثير من الشعبية داخل المغرب هو الدولي المغربي السابق نور الدين أمرابط في صفقة انتقال حر ، أمرابط صاحب خبرة عريضة لمشاركته مع فرق قوية في دوريات إنجلترا وإسبانيا واليونان وهولندا والسعودية ، وأصبح له شعبية كبيرة في المغرب بعد موقفه البطولي مع منتخب اسود الأطلس في كأس العالم 2018 حينما لعب مع منتخب بلاده وهو يعاني من ارتجاج في المخ حتى يخدم منتخب بلاده ولو بأخر قطرة دم لديه وفقا لتعبيره حينها ، وكانت صورته المشتركة مع شقيقه الأصغر سفيان لاعب مانشستر يونايتد في بداية شهر يونيو الاكثر حصدا للتعليقات والإعجابات عبر كافة وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب حينما التقيا بالصدفة في مركز محمد السادس خلال حصة تدريبية مشتركة إذ كان نور الدين يُواصل التحضيرات مع الوداد استعدادًا لكأس العالم للأندية وسفيان يُركز على الوديتين اللتان لعبهما مع أسود الأطلس أمام تونس وبنين.
كما نجح الوداد في جلب البوركيني عزيز كي نجم هجوم يانج أفريكانز التنزاني وهي الصفقة التي سعى خلفها منذ عام كامل، وظل الوداد يراقب عزيز ويفاوض ناديه منذ صيف 2024 المنصرم وأعاد طلبه في الشتاء لكن التفاصيل المالية أوقفت الانتقال.
أما الصفقات التي انتدبها “فريق المقاومة” من داخل المغرب فشملت التعاقد مع حمزة الواسطي لاعب اتحاد طنجة في صفقة انتقال حر كما يحسب للفتح الرباطي فسخه عقد لاعب خط الوسط حمزة هنوري ليتيح له المشاركة رفقة الوداد في كأس العالم للأندية.
كما نجح عميد الأندية المغربية في الحصول على خدمات المدافع الهولندي بارت مايرز الذي يشغل مركز قلب الدفاع قادما من فريق بوراتس بانيا لوكا البوسني.
ونجح الوداديون في الظفر بتوقيعين إضافيين في الساعات الأخيرة قبيل إغلاق موعد القيد لمونديال الأندية في العاشر من يونيو ، الصفقة الأهم كانت الحصول على توقيع الهداف التاريخي للدوري السعودي للمحترفين برصيد 155 هدفا ، وهو النجم السوري المخضرم عمر السومة الذي انتقل للوداد مجانا بعدما أنهى بنفسه كل التزاماته التعاقدية مع فريق العروبة السعودي ، وأضحى السومة أول لاعب سوري يدافع عن ألوان الوداد.
كما استعار الوداد المدافع البرازيلي جيليرمي فيريرا لاعب فريق فيلجويراس البرتغالي الناشط في الدرجة الثانية بعقد إعارة لمدة شهر واحد مع إمكانية الشراء.
ويُعتبر فيريرا ثالث لاعب برازيلي ضمن قائمة الوداد، بعد بيدرينيو وأرثور وينديروسكي.
اللافت للنظر أن محمد أمين بنهاشم مدرب الوداد كان قد ابلغ سابقا رئيس النادي هشام أيت منا بعدم اقتناعه ببقاء الثنائي البرازيلي أرثور وبيدرينهو لكنهم استمروا مع الفريق نظرا لعدم القدرة على انتداب لاعبين افضل منهم من قبل الإدارة وتعهدهم ببذل الكثير من الجهد لزيادة منسوب الثقة بينهم وبين المدرب.
وكانت صفقة أرثور قد كلفت الوداد أكثر من مليون دولار كرقم لا يتناسب مع المردود الذي قدمه اللاعب في الملعب.
ووضح الإعلامي المغربي عبد الحي السباعي وجهة نظره في كيفية تعامل الوداد مع مبارياته في المونديال : “يخوض الوداد الرياضي تحديًا كبيرًا في كأس العالم للأندية، بعد أن وُضع في مجموعة نارية تضم مانشستر سيتي، يوفنتوس، والعين الإماراتي ، بقيادة المدرب المغربي أمين بنهاشم ، حتما سيدخل الفريق المنافسات بعزيمة قوية رغم صعوبة الخصوم ، أولى المباريات ستكون في ملعب فاينشل فيلد أمام العملاق الإنجليزي مانشستر سيتي، في مواجهة صعبة على الورق، لكنها تحمل في طياتها فرصة لإبراز شخصية الفريق المغربي أمام العالم ، النهج التكتيكي المنتظر سيكون حذرًا، مع التركيز على المرتدات واللعب على التفاصيل الصغيرة ، وبعد ذلك سيواجه الوداد يوفنتوس الإيطالي، في مباراة قد تُشكل منعطفًا مهمًا، خاصة إن ظهر الفريق بتنظيم جيد وانضباط تكتيكي عالٍ. ورغم أن وداد السنوات الأخيرة لم يعد ذلك الفريق القوي كما عهدناه سابقًا، إلا أن قوة الوداد تكمن في تاريخه وجمهوره، وفي قدرته على النهوض في أصعب اللحظات”
ويكمل السباعي حديثه : “نتمنى أن تُعطي التعاقدات الأخيرة مفعولها في هذا المحك العالمي، ولعل أبرزها ضم الدولي المغربي نور الدين أمرابط، الذي يملك خبرة كبيرة في مثل هذه التظاهرات. لأمرابط ذكريات خاصة مع كأس العالم، حيث قدّم أداءً لافتًا رفقة أسود الأطلس في مونديال روسيا 2018، وتجربته الغنية ستُفيد الفريق كثيرًا، سواء داخل الملعب أو خارجه، من خلال تحفيز زملائه ونقل ثقافة التنافس العالي ، اللقاء الأخير أمام العين الإماراتي قد يكون فاصلاً في حسابات التأهل، ما يجعل ضرورة دخول كل مباراة وكأنها نهائيًا ، كل المعطيات تشير إلى أن الوداد قادر على خلق المفاجأة، إن شاء الله. هذه النسخة قد تحمل الكثير من المفاجآت، والوداد مؤهل ليكون أحد صناعها بفضل تاريخه، طموحه، وجمهوره الوفي”

ولم ينجح الوداد في التعاقد مع الدولي المغربي حكيم زياش بعد رحيله عن نادي الدحيل القطري وأصبح لاعبا حرا ، وحاول أمرابط إقناع وكيل حكم زياش لكن القصة لم تنتهي بالنهاية السعيدة.
كما وقف الشباب السعودي ضد رغبة الوداد المغربي في الاستعانة بخدمات لاعبه عبد الرزاق حمد الله في كأس العالم للأندية برغم الترحيب الشديد من اللاعب وتعهده بتغيير وجهة أجازته إلى أميركا من أجل دعم الوداد حتى لو لم يكن لاعبا فيه.
واستمرت إخفاقات الوداد الرياضي خلال ميركاتو يونيو في حسم صفقة استعارة اللاعب المغربي مروان سعدان من نادي الفتح السعودي حتى آخر يوم من فترة الانتقالات الاستثنائية الخاصة بكأس العالم للأندية، بسبب التأخر في استكمال الموافقات الإدارية.

وقال محمد أمين بنهاشم المدير الفني للوداد المغربي بخصوص الهدف من المشاركة في العرس العالمي بحلته الجديدة :
“هدفنا تشريف كرة القدم الوطنية أولا والدفاع عن تاريخ النادي في المحافل القارية والدولية ، الوداد يملك تاريخا مشرفا سواء محليا أو قاريا وهذا ما سندافع عنه في الولايات المتحدة مع الوضع في الاعتبار صعوبة المهمة أمام فرق عريقة خصوصا مانشستر سيتي بتشكيلته المدججة بالنجوم ومدربه الكبير بيب جوارديولا”
واضاف المدرب بنهاشم عبارات تحفيزية لكافة العناصر الودادية :
“هدفنا هو استعادة التوازن ومحاولة إرضاء جماهير الوداد، وحتى جماهير المغرب ، تماما كما فعل المنتخب الوطني الذي وصل إلى نصف نهائي كأس العالم 2022 ، لمَ لا نحلم؟”.

افضل شيء قام به الوداد التحضير الجيد للمونديال من خلال لعب مواجهتين وديتين في المغرب ولكنه خسرهما بنفس النتيجة الأولى أمام إشبيلية الإسباني في 27 مايو الماضي والثانية بعدها بأربعة ايام أمام بورتو البرتغالي.
تلا ذلك دخول الفريق في معسكر مغلق بمركب محمد السادس والذي وفّره الاتحاد المغربي لكرة القدم كعادته على دعم الفرق المغربية عند مشاركتها في المحافل القارية والعالمية.
يوم الثلاثاء العاشر من يونيو سافرت بعثة الوداد صوب الولايات المتحدة ليلعب نادي الأمة يوم الخميس آخر مبارياته الودية محققا فوزًا كاسحًا بسباعية نظيفة على فريق سان لوران الكندي ، وأجمل ما في اللقاء ثلاثية اللاعب الغاني أوبينج بينما سجل بقية الأهداف عزيز كي ومواليمو ورايحي والمترجي.
منذ وصول الوداد الرياضي إلى الولايات المتحدة الأمريكية حرص المدرب أمين بنهاشم على زيادة إيقاع تدريبات المجموعة داخل مركز تدريب “مدرسة لندن “.
ابرز الاوراق الرابحة في صفوف الوداد عبر الموسم كان محمد الرايحي المنضم لصفوف الوداد البيضاوي في صيف 2024 من الجبلين السعودي بعد مشاركته مع الفحلي في صدارة هدافي ترتيب الدوري المغربي بنهاية موسم 2025/2024 برصيد 11 هدفًا.
يمتلك الوداد الجناح الأيسر ولاعب جنوب افريقيا كاسيوس مايلولا الذي تمكن الوداد من شراء عقده إذ كان يلعب للوداد طيلة الموسم معارًا من ناديه الكندي تورنتو ، وقدم مايلولا قدرات هجومية متميزة لكن ما زال في حاجة لتحسين سجله التهديفي المتواضع البالغ خمسة أهداف فقط.
ولا يمكن نسيان أهمية الثنائي أسامة زمراوي وإسماعيل مترجي في التحكم بإيقاع اللعب، والتفوق في المواجهات الثنائية الشرسة وتحديدا في مناطق الخطورة ، ومحاولة إيجاد الحلول تحت الضغط.

ويقول هشام الميان الصحفي والمحلل الرياضي عن الفريق البيضاوي : “الوداد شد الرحال إلى الولايات المتحدة لإعادة كتابة مجد الكرة المغربية، على غرار سيناريو المنتخب الوطني المغربي في مونديال بقطر ، مشاركة الوداد لا تمثل النادي فقط، بل تمثل طموحات شعب بأكمله، ما يضع عليه مسؤولية مضاعفة لتشريف الراية الوطنية ، المباراة التحضيرية أمام سانت لورين الكندي كانت محطة حاسمة للمدرب بنهاشم قبل الصدام مع العملاق مانشستر سيتي”.

ومن الأمور اللافتة للنظر سماح المدرب محمد أمين بنهاشم للحكم الدولي المتقاعد إسماعيل الفاتح بمرافقة النادي في رحلته إلى أمريكا ، وسيتولى الفاتح مهمة استشارية مع اللاعبين بهدف إحاطتهم بتفاصيل قوانين التحكيم لتجنب تكرار ما حدث في مشاركات الفريق السابقة في البطولة، مثل حالات طرد إبراهيم النقاش، ويحيى جبران.

قائمة فريق الوداد :
حراسة المرمى: مهدي بنعبيد، عمر أكزداو، يوسف مطيع.

خط الدفاع: جمال حركاس، فهد موفي، أيوب بوشتة، بارت مايرز، عبدالمنعم بوطويل، محمد مفيد، غيليرمي فيريرا.

خط الوسط: اسماعيل المترجي، أسامة الزمراوي، المهدي مبارك، ميكايل رامون مالسا، عزيز كي، بيدرينهو، إسماعيل بنقطيب، أرتور فيندروسكي.

خط الهجوم: سليمان مواليمو، كاسيوس ميلولا، نور الدين أمرابط، محمد رايحي، صامويل أوبينج، حمزة هنوري، أحمد غيلوف، ثيمبينكوسي لورش، عمر السومة.
غابت عن قائمة الوداد 8 لاعبين لأسباب فنية من قبل المدرب، وهم “وليد ناسي، حمزة الساخي، محمد الجديدي، منير الهباش، أيمن الديراني، سيف الدين بوهرة، زكرياء ناسيك، وياسين بناني”.
توج زعيم الأندية المغربية بلقبين من ألقابه الثلاثة في دوري أبطال إفريقيا في الأعوام الثمانية الأخيرة (2017 و2022) كما خاض خلال الفترة ذاتها أربع مباريات نهائية في دوري ابطال افريقيا (خسر 2019 و2023)، والتتويج ببطولة 2022 هو الذي منحه المشاركة في المونديال الأمريكي.
تسمية نادي الوداد بهذا الأسم يحمل قصة طريفة ، في خلال عام 1937 وأثناء الاجتماع الذى كان مقررا للجنة المؤسسة للنادي لاختيار الاسم، تأخر أحد الأعضاء وقال وقتها إن سبب تأخره متابعته لفيلم “وداد” لكوكب الشرق أم كلثوم ولذا جاءت تسمية أشهر فريق بالمغرب.

ويقول الصحفي المخضرم كيناني مصطفى عن وضعية الوداد : “الوداد الرياضي هو نادي رياضي مغربي من مدينة الدار البيضاء تأسس في 8 مايو 1937 كأول ناد رياضي مغربي يضم عدة فروع رياضية من بينها فرع كرة القدم ، عرف نادي الوداد الرياضي على الصعيد المغربي وكذلك القاري حيث أنه أحرز مجموعة من الألقاب الوطنية وكذلك القارية، فمثلا نال دوري أبطال افريقيا 3 مرات، كأس السوبر الأفريقي مرة واحدة ، كأس العرش 9 مرات وأيضا ألقاب أخرى.
كل آمال وتطلعات الشعب المغربي وكذا الشعوب الأخرى المحبة لهذا الفريق تنتظر وتأمل حصول الفريق على الفوز بكأس العالم للأندية أو على الأقل الوصول إلى النصف أو النهائي ، يبقى الترقب والشغف هو سيد الموقف لجميع فئات محبي كرة القدم المغربية عامة وأنصار ومشجعي الفريق خاصة ، كل جماهير الوداد متشوقة لما ستؤول إليه هذه التظاهرة حيث أنه سيواجه فرقا قوية من الطراز العالمي المخضرم ، أمثال مانشيستر سيتي ، وكما لا ننسى الدعامة الأساسية ألا وهو جمهور الوداد وبالأخص Ultras Winners والذين يعتبرون جيشا ومحركا قويا لمنح فريقه حماسة أكثر بالأناشيد والشعارات وكذا شحنة وطاقة إيجابية تدفع نحو تحقيق الانتصارات”.

شرف منتخب المغرب الكرة العربية والإفريقية باحتلاله المركز الرابع في كأس العالم الأخيرة كأفضل إنجاز عربي وأفريقي في تاريخ كأس العالم فهل يسير الوداد على ذات المنوال في مونديال الأندية؟ ، سؤال صعب يحتاج إلى تفكير عميق من المدرب محمد الأمين بنهاشم في وضع تشكيلة مناسبة ستكون مزيجا بين الوافدين الجدد واللاعبين الذين اختتموا موسم محلي متوسط الحال على صعيد المردود الفني أما أنصار الوداد كعادتهم دائما يوجهون عبارتهم الشهيرة لتحفيز لاعبيهم قائلين : “شدوا العزائم .. تصغر في أعينكم العظائم”.