انفراد لنافذة الشرق | مأساة البحر في العريش.. غرق شاب يفتح ملف غياب فرق الإنقاذ

سيناء – محمود الشوربجي
كانت 15 ساعة قاسية مرّت على أسرة سيناوية فقدت ابنها غريقًا في البحر المتوسط قبالة منطقتي الخلفاء الراشدين وحديقة مكسيم بمدينة العريش في شمال سيناء.

وتجمع المئات من الأهالي، الإثنين الماضي، في المنطقة التي شهدت حادث غرق الشاب محمد رامي شهوان، يبلغ من العمر 15 عامًا، مقيم في حي الصفا بالعريش، إذ شوهدت جثته في البحر لثوان معدودة ثم اختفت بعد ساعات من غرقه حسبما أفاد شهود عيان.

ووفقًا لمصادر طبية، أن سيارات الإسعاف والأجهزة المختصة انتشرت بطول الشاطيء عقب حادث غرق الشاب في محاولة للعثور عليه، واستمرت عمليات البحث عن جثمانه أكثر من 15 ساعة بجهود تطوعية من فرق الإنقاذ البحري.

وأضافت المصادر أنه جرى نقل جثمانه إلى ثلاجة مستشفى العريش العام تحت تصرف النيابة.

وذكر شهود عيان إن شابًا تعرض للغرق في مياه البحر المتوسط قبالة منطقة الخلفاء الراشدين واختفت جثته نتيجة التيارات البحرية، ثم جرى العثور عليه بعد ساعات من البحث، إذ عثروا عليه ظهر اليوم التالي.

من جانبه حذر مجلس مدينة العريش بشمال سيناء، المواطنين من نزول البحر بسبب ارتفاع الأمواج ووجود تيارات، ما نتج عنه غرق شاب وانتشال جثمانه؛ وقال: «نناشدكم الالتزام حفاظا على أرواح المواطنين».

هشام العزب أحد أبرز المتطوعين في الإنقاذ البحري حذر المواطنين بضرورة توخي الحذر من ارتفاع أمواج البحر وقال أنه لا يوجد فرق إنقاذ بحري على طول الشاطيء بخلاف المتطوعين من الشباب أو العاملين في الكافيهات الذين لديهم القدرة في الإنقاذ التطوعي.

وأوضح العزب، خلال تمشيط شاطيء البحر عقب اختفاء جثمان الغريق الشاب، أن شخصين تعرضوا للغرق في نفس المكان إذ جرى إنقاذ واحد والآخر لم يتمكنوا من العثور على جثمانه، إلا في اليوم التالي.

لم تكن حالة الشاب هذه هي الأولى، بل شهدت شواطئ مدينتي العريش والشيخ زويد 5 حالات غرق خلال الشهر الجاري منذ بدء فصل الصيف، وسط مطالبات من الأهالي بضرورة توفير فرق إنقاذ مكلفة تعمل بشكل منتظم حفاظًا على الأرواح.

وفي ذات السياق واصل مجلس مدينة العريش رفع أكمة الرمال من الشاطيء استعدادًا لفصل الصيف، وبدأ بمتابعة خطة إنارة الكورنيش، وشهدت مدينة العريش خلال الأسبوع الماضي نشاطًا وإقبالًا مكثفًا من الأهالي للاستمتاع بالجو الهادئ على شاطيء المدينة في وجود عدد كبير من الكافيتريات والمطاعم.

شاطيء النوارس والنخيل

وتعرف مدينة العريش بـ شاطيء «النوارس والنخيل» وهي حاضرة شبه جزيرة سيناء، حيث تختط لنفسها مساحة في عمر الزمان؛ فعلى أرضها نشأت الحضارات منذ أقدم العصور، وكانت معبرًا للجيوش، والطريق الديني الشهير لرحلة العائلة المقدسة، كما كانت تمثل مرتكزًا أساسيًا لطريق الحج المصري القديم.

وقد عبرها نابليون والبريطانيون، كما عبرها المتنبي في رحلة فراره من كافور الإخشيدي؛ وسيف الدولة الحمداني؛ كما كانت تمثل حاضرة سيناء، وتتجسد بها المدنية والبداوة معًا، والعريش عاصمة محافظة شمال سيناء، وكبرى المدن الحضرية في شبه جزيرة سيناء، ويصل عدد سكانها إلى نحو نصف مليون نسمة تقريبًا؛ وهي تطل على ساحل البحر المتوسط، على بعد (334 كم) شمال شرقي القاهرة. وتتميز بمياهها الزرقاء الصافية، و بانتشار أشجار النخيل المثمرة على امتداد الشاطئ، وعلى رمالها الناعمة البيضاء.

حاضرة شبه جزيرة سيناء

ويخترق العريش مجرى وادي العريش الذي يصب مياهه في البحر عند شاطيء العريش حين هطول الأمطار الموسمية على جبال وسـط سـيناء شتاءً، وبعد إقامة سد (الروافعة) وتعليته جنوبي المدينة انحسر خطر تدفق السيول على المدينة. كما يحدها شمالاً البحر الأبيض المتوسط، وشرقاً الشيخ زويد ورفح، وغرباً بئر العبد، وجنوباً حدود مدن وسط سيناء، وتقع المدينة على الطريق البري الذي يربط بين مدينة القنطرة ومدينة رفح، وتبلغ مساحة المدينة (762 كم2)، وتتميز مدينة العريش بطقس شبه صحراوي مداري، وتميل الحرارة للارتفاع في فصل الصيف، والدفء في الشتاء وتتعرض المدينة إلى رياح شمالية غربية ممطرة شتاءً.

تشتهر المدينة بزراعة النخيل (نخيل البلح)، ولذلك فإن رمز مدينة العريش هو النخلة تحوطها دائرة ترمز إلى الشمس، دليل على صفاء السماء وسطوع الشمس وأسفل الرمز مياه البحر وتحته سمكه تمسك في فمها غصن الزيتون، الذي يرمز إلى السلام، وكذلك جودة إنتاج الزيتون في المدينة.

وكانت العريش ميناء مهمًا منذ أقدم العصور، كما كانت موقعا استراتيجياً علي الطريق الحربي الكبير (طريق حورس)، وكانت تمر بها الجيوش دائماً. وفي العصور الوسطي، احتلت العريش أهمية خاصة خلال فتح العرب لمصر، وقد ذكرت (المساعيد) في أحاديث (عمرو بن العاص) حين جاءه خطاب عمر بن الخطاب ليرجع بالجيوش إن لم يدخل مصر، فسأل: أين نحن الآن؟ فقالوا بلغنا أرض مصر، فقال: إذاً فهذا (المساء عيد) وسُميت المساعيد نسبة لذلك الحدث إلى اليوم؛ وتوالت الجيوش لفتح مصر آنذاك.. وفي الوقت الحاضر فإن مدينة العريش مركز النشاط الثقافي والاجتماعي والوفود العربية والغربية ونالت أهمية كبيرة بسبب موقعها الاستراتيجي.