كتب/ محمد عبدالوهاب
في تطور لافت، أعلنت إسرائيل عن تقليص كميات الغاز الطبيعي الموردة إلى مصر، مما أثار تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذا القرار، ومدى التنسيق المسبق مع الجانب المصري، بالإضافة إلى التأثيرات المحتملة على الاقتصاد المصري وقطاع الطاقة.
أسباب تقليص الإمدادات: صيانة أم ضغوط سياسية؟
أفادت تقارير إعلامية بأن إسرائيل أبلغت مصر بنيتها تنفيذ أعمال صيانة دورية في أحد خطوط تصدير الغاز لمدة 15 يومًا، مما سيؤدي إلى خفض الكميات الموردة إلى مصر خلال هذه الفترة.
أكد الدكتور نزار نزال، الباحث السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي، في تصريحات خاصة لموقع “نافذة الشرق”:
” أن هناك العديد من المبررات لمسألة الغاز في إسرائيل. فهناك مبررات كثيرة لهذه القضية. من بين هذه المبررات وجود حاجة كبيرة للغاز، بالإضافة إلى أعمال صيانة، وهناك تفاصيل أخرى.
حيث أكد نزال نزال: أن أقدّر أن القضية لها علاقة برفض مصر لمسألة التهجير. نعم، أقدّر ذلك.”
وأضاف نزار نزال: “لكن مصر لديها بدائل بالطبع، يمكنها أن تتحرك نحو أطراف أخرى. يمكن أن تعود إلى تركيا، ويمكن أن تعود إلى دول أخرى، وهذا لا يمثل مشكلة بالنسبة لمصر، في رأيي.”
وتابع نزال: “خاصة أن هناك نوعًا من الحساسية لدى القيادة الحالية، وهي تختلف عن الرؤساء السابقين الذين حاولوا تنويع المصادر. ولذلك، لا أعتقد أن الأمر سيكون مشكلة بالنسبة لمصر، لكنه قد يحتاج إلى بعض الوقت.”
وبحسب مصدر مطلع على ملف تصدير الغاز الإسرائيلي لمصر، فإن كميات الغاز الموردة انخفضت بداية من يوم الاثنين إلى 500 مليون قدم مكعبة يوميًا، مقارنة بمليار قدم مكعبة سابقاً
ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن هذا التخفيض قد يكون له أبعاد سياسية، خاصة في ظل التوترات القائمة بين مصر وإسرائيل على خلفية الحرب في غزة. فقد أشار عضو لجنة الطاقة بمجلس النواب المصري، محمد الجبلاوي، إلى أن قرار خفض إسرائيل لواردات الغاز إلى مصر قد يكون نوعًا من الضغط الإسرائيلي الأمريكي على القاهرة عبر إحداث مشكلة متعلقة بالكهرباء في الصيف لتأليب الرأي العام ضد الحكومة المصرية لتقبل الشروط الخاصة بتهجير الفلسطينيين من غزة.
التنسيق مع الجانب المصري: معلومات متضاربة
بينما تشير بعض المصادر إلى أن هناك تنسيقًا مسبقًا بين الجانبين المصري والإسرائيلي بشأن أعمال الصيانة وتأثيرها على كميات الغاز الموردة، فإن مصادر أخرى تؤكد أن مصر لم تتلقَ إخطارًا رسميًا بخصوص هذا التخفيض.
وفي هذا السياق، قال مصدر رسمي مصري إن “الشركات القائمة على تصدير الغاز من إسرائيل لمصر تعمل منذ 6 أشهر على زيادة سعة خطوط التصدير لترفع معدلات التصدير اليومية إلى مصر من مليار قدم مكعبة يوميًا إلى مليار و600 مليون، للاستفادة من زيادة حجم الطلب”.
التأثيرات على الاقتصاد المصري وقطاع الطاقة
يُعد الغاز الطبيعي أحد المصادر الرئيسية لتوليد الكهرباء في مصر، ويؤدي أي نقص في إمداداته إلى تأثيرات سلبية على قطاع الطاقة والاقتصاد بشكل عام. وقد أعلنت شركتا “أبو قير للأسمدة” و”مصر لإنتاج الأسمدة – موبكو” عن تلقيهما إخطارًا رسميًا بخفض إمدادات الغاز الطبيعي لمصانعهما بنسبة كبيرة لمدة أسبوعين، مما أدى إلى توقع انخفاض الإنتاج بنسبة 30% خلال هذه الفترة.
كما أن تراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي، الذي انخفض من 4.6 مليارات متر مكعب في يناير 2024 إلى 3.3 مليارات في فبراير 2025، يزيد من اعتماد البلاد على واردات الغاز، مما يضع ضغوطًا إضافية على الاقتصاد المصري.
البدائل المتاحة لمصر
في ظل هذا الوضع، تسعى مصر إلى تنويع مصادرها من الغاز الطبيعي لتقليل الاعتماد على إسرائيل. وقد بدأت مصر بالفعل في استيراد الغاز المسال من دول أخرى، مثل قطر والجزائر وروسيا، رغم أن هذه البدائل قد تكون أكثر تكلفة بسبب الحاجة إلى نقل الغاز عبر البحر.
كما تعمل الحكومة المصرية على زيادة كميات الغاز الطبيعي المنتج محليًا، بالإضافة إلى زيادة كميات الغاز المستورد لسد احتياجات السوق المحلي من الغاز خلال العام القادم.
يُظهر تقليص إسرائيل لإمدادات الغاز إلى مصر التحديات التي تواجهها القاهرة في تأمين احتياجاتها من الطاقة، خاصة في ظل التوترات السياسية والاقتصادية الإقليمية.
ويبرز هذا الحدث أهمية تنويع مصادر الطاقة وتعزيز الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الخارج وضمان استقرار قطاع الطاقة والاقتصاد المصري بشكل عام.
لدكتور نزار نزال، الباحث السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي