بين الطموح والواقع.. هل تنجح الجبهة الوطنية في اختراق معادلة البرلمان؟

تسود حالة من الترقب في الأوساط السياسية المصرية مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث تتكثف التحركات الحزبية في محاولة لاقتناص الفرصة وتثبيت الأقدام على الأرض. وفي قلب هذا المشهد، يبرز اسم حزب “الجبهة الوطنية” كأحد الكيانات الصاعدة بقوة والتي تسعى إلى دخول البرلمان بقوة، وسط تساؤلات مشروعة: هل تمثل الجبهة الوطنية مشروعًا مؤقتًا، أم أنها بديل صاعد يسعى لإعادة رسم موازين القوى داخل الحياة النيابية؟ وهل النظام الانتخابي الحالي يسمح أصلًا بتغير جذري في المشهد الحزبي؟.

الجبهة الوطنية.. استعدادات مكثفة ورسائل مطمئنة

يقول سليمان وهدان، أمين أمانة الشؤون البرلمانية بحزب الجبهة الوطنية، إن”حزب الجبهة الوطنية يستعد بقوة لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، سواء على مقاعد مجلس النواب أو مجلس الشيوخ. الاستعدادات جارية على مستوى المقاعد الفردية والقوائم، وما زلنا ندرس بدقة كيفية المشاركة ضمن القوائم، ومنفتحون تمامًا على التنسيق مع كل القوى الوطنية”.

ويضيف وهدان في تصريحات خاصة لـ نافذة الشرق: “الجبهة الوطنية لم يأتِ لمجرد الظهور، بل ليخدم الوطن والمواطن بصدق، وسوف نعتمد على كوادر قوية، مميزة، وكفاءات قادرة على تمثيل الشعب تحت قبة البرلمان، وتكون على قدر المسؤولية الوطنية”.

وأكد أمين أمانة الشئون البرلمانية أن حزب الجبة الوطنية يحترم كل الأحزاب، معقبا: “مش جايين نزاحم حد، لكن جايين نقدم نموذج مختلف في العمل السياسي يكون عنوانه الشفافية والكفاءة وخدمة الناس”.

حسام الخولي: “مستقبل وطن يعمل على الأرض”

في المقابل، بدا حزب مستقبل وطن، صاحب الأغلبية البرلمانية، هادئًا في التعامل مع ظهور “الجبهة”. وفي هذا الصدد، قتل النائب حسام الخولي، نائب رئيس الحزب، إن”مستقبل وطن مستعد لخوض الانتخابات القادمة بثقة، معتمدًا على أدائه في البرلمان، وشبكة تواجده بالمحافظات، وقدرته على تقديم مرشحين يتمتعون بثقة المواطنين، لكن في النهاية، المعركة الانتخابية لها حسابات أخرى”.

وأضاف، في تصريح خاص لـ”نافذة الشرق”: “التجربة على الأرض والقدرة التنظيمية والانتشار الجماهيري هي العوامل الحاسمة في أي معركة انتخابية. الناخب هو الحكم في النهاية، ومَن يقدر يقنعه بكفاءته هو اللي هينجح، ومفيش حزب بيكسب بس بالمال السياسي”.

وكان حسام الخولي قد شدد على أن “مستقبل وطن لا يتعامل مع الأحزاب الجديدة كتهديد”، وقال ردًا على سؤال عن تأثير ظهور الجبهة الوطنية: “باصين في ورقتنا، ومش مرتبكين.. إحنا نشتغل على الأرض، مش من المكاتب، ومستقبل وطن أثبت نفسه بشغله الميداني”.

وأكد أن حزبه “يقدم تنازلات أحيانًا من أجل مصلحة الدولة”، وأنه “لا يسعى لاحتكار المشهد، بل يرى في التعدد الحزبي ظاهرة صحية”.

مشروع مؤقت أم بديل صاعد؟

يحاول المهتمون بالشأن السياسي والحزبي فك شفرة الجبهة الوطنية، خصوصًا مع عدم الكشف عن خارطة تحالفاتها حتى الآن، فالحزب الذي ظهر كحالة جديدة في المشهد السياسي، يطرح نفسه كقوة قادرة على تغيير الموازين، وفي انتظار أن يعلن عن أيديولوجيا واضحة أو برنامج سياسي محدد.

مشروع مؤقت أم بديل صاعد؟.. هذا السؤال يبقى معلقًا حتى تتضح التحركات القادمة للحزب، خصوصًا مع دخولنا في الشهور الحاسمة السابقة للانتخابات.

سيناريوهات ما قبل الانتخابات.. وتحالفات تحت الاختبار

من واقع ما أعلن عنه مستقبل وطن في وقت سابق، فإن التقديرات تشير إلى أن الشهور المقبلة ستشهد تحركات مكثفة لإعادة رسم التحالفات، وقد تظهر كيانات جديدة أو تندمج أحزاب قائمة لتشكيل قوائم انتخابية قوية قادرة على منافسة حزب مستقبل وطن. في هذا الإطار، يظهر الجبهة الوطنية في موقع المفاوض، لا المتفرج، وتؤكد أنها منفتحة على “كل القوى الوطنية”، بحسب تصريح سليمان وهدان.

هل يسمح النظام بتغيير حقيقي في موازين القوى؟

من واقع وسوابق النظام الانتخابي الحالي، سواء على مستوى التقسيمات أو النسب، فهو لا يفتح الباب واسعًا أمام المفاجآت، خصوصًا في ظل غلبة الدور التنفيذي للأحزاب الكبرى، وتكرار نفس الأسماء في الدوائر، وهو ما قد يقلل من فرص “البدائل الجديدة” مثل الجبهة الوطنية في إحداث اختراق مؤثر.

لكن على الجانب الآخر، لا يمكن تجاهل أن حالة “التكلس” السياسي التي يشعر بها بعض المواطنين قد تمثل فرصة حقيقية لأي حزب يمتلك خطابًا جديدًا وكوادر جاذبة، خصوصًا إذا اعتمد على الحملات الميدانية، واستطاع ملء الفراغات في المناطق الأقل حضورًا للأحزاب الكبرى.

البرلمان يقر قوانين الانتخابات وتقسيم الدوائر استعدادًا للاستحقاقات المقبلة

بينما تتحسس القوى السياسية “نصيبها” من مقاعد البرلمان المقبل، وافق مجلس النواب المصري، اليوم الأحد 25 مايو 2025، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، بشكل نهائي على مشروعي قانونين لتعديل بعض أحكام قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014، والقانون رقم 174 لسنة 2020 الخاص بتقسيم الدوائر الانتخابية، إلى جانب تعديلات مماثلة على قانون مجلس الشيوخ رقم 141 لسنة 2020، ما يعكس اقتراب العد التنازلي للمعركة الانتخابية.

ملامح التقسيم الجديد

أبرز التعديلات شملت تقسيم الجمهورية إلى أربع دوائر انتخابية بنظام القائمة المغلقة، بواقع 102 مقعد لكل من دائرتي “جنوب ووسط الدلتا” و”شمال ووسط وجنوب الصعيد”، و40 مقعدًا لكل من “قطاع شرق الدلتا” و”قطاع غرب الدلتا”. ولم يشهد القانون زيادة في إجمالي عدد مقاعد مجلس النواب، الذي ظل عند 586 مقعدًا، منها 284 بالنظام الفردي.

تعديلات داخلية وتغييرات تأمينية

وعلى مستوى الدوائر الفردية، أبقى المشروع على عددها عند 143 دائرة، مع بعض التعديلات الداخلية التي تضمنت إلغاء دائرتين واستحداث اثنتين بديلًا عنهما. في الوقت نفسه، شهدت المنظومة الانتخابية تعديلًا ماليًا تمثل في رفع قيمة التأمينات الانتخابية، لتصبح 30 ألف جنيه للمرشح الفردي بدلًا من 10 آلاف، و129 ألفًا للقائمة ذات الـ40 مقعدًا، و306 آلاف للقائمة ذات الـ102 مقعد.

مبررات الأغلبية واعتراض المعارضة

وفقًا للأغلبية البرلمانية، تهدف التعديلات إلى ضمان تمثيل عادل ومتوازن للسكان والمحافظات، بما يتماشى مع التغيرات الديموغرافية والإدارية التي شهدتها البلاد، وبالاستناد إلى بيانات حديثة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والهيئة الوطنية للانتخابات. وأكد مؤيدو المشروع أن التقسيم الجديد جاء بعد عمليات مراجعة دقيقة وشاملة لضمان أقصى قدر من العدالة.

اتهامات بتجميد الحياة الحزبية

في المقابل، أبدت بعض الأحزاب المعارضة تحفظاتها على التعديلات، معتبرة أنها تعمق الهيمنة السياسية وتُجمّد فرص التعددية داخل البرلمان، خاصة مع غياب توازن واضح في توزيع الدوائر، وارتفاع الكلفة المالية للترشح، وهو ما قد يُقصي بعض الكفاءات غير المدعومة حزبيًا أو ماليًا. ورأت هذه القوى أن القوانين الجديدة قد تقيّد المنافسة وتضعف الحراك الحزبي الحقيقي في البلاد.