تاريخ المنافسة بين الأهلي والزمالك في كرة القدم

تعد المنافسة بين نادي الأهلي ونادي الزمالك واحدة من أعظم وأشهر المنافسات الرياضية في تاريخ كرة القدم، ليس فقط في مصر بل في العالم العربي بشكل عام. تعكس هذه المنافسة عمق العلاقة بين أكبر ناديين في مصر، حيث يتنافسان ليس فقط على البطولات المحلية والإقليمية، بل على مكانة كل منهما في قلوب الجماهير المصرية والعربية. نشأت هذه المنافسة منذ سنوات طويلة، وشهدت العديد من اللحظات التاريخية المثيرة التي كانت محط أنظار عشاق كرة القدم في مصر والخارج. في هذا المقال، سنتناول تاريخ هذه المنافسة، وأهم المباريات التي جمعت بين الفريقين، بالإضافة إلى تأثيراتها على الكرة المصرية والمجتمع .

البدايات المبكرة للمنافسة

تعود جذور المنافسة بين الأهلي والزمالك إلى بدايات القرن العشرين. تأسس نادي الأهلي في عام 1907 ، وكان هدفه الأول هو تمثيل أبناء الطبقة الأرستقراطية المصرية، بينما تأسس نادي الزمالك في عام 1911 تحت مسمى “نادي قصر النيل” من قبل مجموعة من الشبان المصريين. وفي عام 1941 ، تم تغيير اسم النادي إلى نادي الزمالك بعد أن شهد تغييرات تنظيمية وتوسعات.

في البداية، لم تكن المنافسة بين الفريقين بالمستوى الذي هي عليه الآن. كان الأهلي يُعتبرالنادي الأول في مصر من حيث الشعبية والإنجازات، بينما بدأ الزمالك يحقق نجاحات كبيرة في فترات لاحقة، مما خلق نوعا من التوتر بين جماهير الفريقين. ومع مرور الوقت، أصبحت المباريات بين الأهلي والزمالك محط أنظار الملايين من عشاق كرة القدم .

التحولات الكبرى في تاريخ المنافسة

شهدت المنافسة بين الفريقين تطوراً ملحوظا في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، حيث بدأت كرة القدم المصرية تأخذ منحى احترافيا.ً في هذه الحقبة، استمر الأهلي في هيمنته على الساحة المحلية، إلا أن الزمالك بدأ في تصعيد التحدي بشكل أكثر جدية، لاسيما بعد أن نجح في الفوز بالدوري المصري والكأس، مما جعل اللقاءات بين الفريقين أكثر إثارة .

في السبعينيات والثمانينيات، شهدت الكرة المصرية تطوراً كبيراً على مستوى اللاعبين والتكتيك. حيث دخلت فرق مثل الأهلي والزمالك إلى دائرة المنافسة في البطولات الإقليمية والدولية، مما أضاف بُعدًا جديدًا للمنافسة بينهما. الأهلي كان قد فاز بعدد من البطولات الإفريقية بينما سجل الزمالك أيضًا انتصارات كبيرة على المستوى القاري، خاصة في دوري أبطال إفريقيا .

المباريات الكبرى بين الأهلي والزمالك

منذ بداية المنافسة، كان لقاء الأهلي والزمالك في أي موسم يُعتبر من أهم المباريات في كرة

القدم المصرية. هناك العديد من المباريات التي أثرت بشكل كبير على تاريخ هذه المنافسة،

وأبرزها :مباراة نهائي كأس مصر 1958 : كان هذا اللقاء واحدًا من أولى المباريات التي أظهرت قوة التنافس بين الفريقين. كانت المباراة مثيرة للغاية وانتهت بفوز الزمالك 3 – 1، وهي من

المباريات التي تظل في ذاكرة الجماهير .

نهائي دوري أبطال إفريقيا 2005 : كانت المباراة بين الفريقين في نهائي دوري أبطال إفريقيا قد أحدثت ضجة كبيرة في ذلك الوقت. انتهت بفوز الأهلي، ولكنه لم يمنع جماهير الزمالك من الاحتفال بالفريق بشكل كبير نتيجة الأداء الذي قدمه الزمالك في البطولة مباراة كأس السوبر الإفريقي 1994 : جمعت هذه المباراة بين الفريقين في مواجهة نارية انتهت بفوز الأهلي، لكنها كانت تبرز دائمًا من خلال قوة الفريقين على المستوى الإفريقي .

مباراة 2010 في الدوري المصري: انتهت المباراة بفوز الأهلي 2 – 0 في واحدة من أكثر المباريات إثارة في تاريخ الدوري المصري. كانت هذه المباراة بمثابة تأكيد على تفوق الأهلي في العديد من المواسم .

مباراة نهائي دوري أبطال إفريقيا 2020 : تعد هذه المباراة من المباريات الفارقة في تاريخ المنافسة بين الفريقين. حيث التقى الأهلي والزمالك في نهائي دوري أبطال إفريقيا لأول مرة في تاريخهما. انتهت المباراة بفوز الأهلي 2 – 1 ، ليحقق اللقب التاسع في تاريخه .

الإنجازات والبطولا ت

تعد البطولات المحلية والقارية هي المقياس الأساسي للنجاح بين الفريقين. الأهلي يُعتبر النادي الأكثر تتويجًا بالبطولات في مصر، وله العديد من الإنجازات على الصعيدين المحلي والدولي. فاز الأهلي ب 42 بطولة دوري مصري، بالإضافة إلى 37 كأس مصر و 10 بطولات دوري أبطال إفريقيا .

من جهة أخرى، يمتلك الزمالك أيضًا تاريخًا حافلًا من البطولات. فقد فاز الفريق ب 14 بطولة دوري مصري و 27 كأس مصر و 5 دوري أبطال إفريقيا. وعلى الرغم من الفجوة الكبيرة بين الفريقين في عدد البطولات، إلا أن الزمالك ظل منافسًا شرسًا في كل الأوقات، وقادرًا على إحداث المفاجآت .

الجانب الجماهيري

تعتبر الجماهير أحد أهم جوانب هذه المنافسة التاريخية. يمتلك كل من الأهلي والزمالك جماهيرية ضخمة تتجاوز الحدود المصرية، إذ يشكل مشجعو كل فريق جزءًا أساسيًا من هوية النادي. تتفاوت درجات العاطفة والولاء بين جماهير الفريقين، وقد تتسبب بعض المباريات في اندلاع توترات بين المشجعين، وهو ما يعكس شدة المنافسة وتاريخها الطويل التي لا تقتصر على مباريات الدوري فقط، بل » الديربي « تجسد هذه المنافسة في مباريات تمتد لتشمل البطولات الأخرى مثل كأس مصر والسوبر المحلي. تتميز جماهير الفريقين بوجود تقاليد متجذرة في التشجيع، مما يجعل المباريات بينهما أكثر إثارة من أي لقاء آخر في البطولة المصرية .

تأثير المنافسة على الكرة المصرية والمجتمع

تمثل المنافسة بين الأهلي والزمالك أكثر من مجرد صراع رياضي. فهي تُعتبر جزءًا من الثقافة المصرية وتمثل تعبيرًا عن التنافس الاجتماعي والسياسي. على مر العصور، كان لكل فريق قاعدة جماهيرية تتبنى مختلف الأيديولوجيات. فقد ارتبط نادي الأهلي تاريخيًا بالطبقات العليا والمثقفة في المجتمع المصري، في حين ارتبط الزمالك بالطبقات الشعبية .

هذه التنافسات لا تتوقف عند حدود الملاعب، بل تمتد إلى السياسة والمجتمع. وقد شهدت مصر عدة فترات من التوتر السياسي والاجتماعي التي كان فيها التنافس بين الفريقين يشكل جزءًا من هويات أفراد المجتمع المصري .

إن المنافسة بين الأهلي والزمالك في كرة القدم لا تقتصر فقط على البطولات والمباريات التاريخية، بل تمتد لتشمل تأثيراتها الثقافية والاجتماعية في المجتمع المصري. على الرغم من أن الأهلي يظل متفوقًا في عدد البطولات، فإن الزمالك يظل منافسًا قويًا ويعتبر أحد أعرق الأندية في القارة الإفريقية. هذه المنافسة مستمرة، وسيظل كل فريق يسعى للهيمنة على الساحة الرياضية في مصر. وتظل مباراة “الديربي” بين الأهلي والزمالك واحدة من أكثر المباريات التي ينتظرها عشاق كرة القدم في مصر وفي جميع أنحاء العالم العربي.

الكاتبة/دينا الوتيدي