ترامب يشيد بتحولات المملكة ويعد بشراكة أقوى في منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي

اسلام ماجد

شهدت العاصمة السعودية الرياض انطلاق فعاليات منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي، في حدث اقتصادي وسياسي بارز، يتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة، في أول جولة خارجية له بعد فوزه بولاية ثانية.

واستهل المنتدى أعماله بكلمة لكل من وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، ووزير المالية السعودي محمد الجدعان، وسط حضور لافت من كبار المسؤولين، وصناع القرار، والرؤساء التنفيذيين من الجانبين السعودي والأمريكي.

وتضمنت فعاليات المنتدى جلسات حوارية وزارية، ونقاشات اقتصادية معمقة، بالإضافة إلى لقاءات مغلقة تستهدف تعزيز التعاون الاستثماري بين البلدين، في وقت تشهد فيه العلاقات السعودية الأمريكية تحولات استراتيجية في مختلف المجالات.

في كلمته خلال المنتدى، أكد سكوت بيسنت، وزير الخزانة الأمريكي، أن واشنطن تأمل في أن تشتري الصين كميات كبيرة من المنتجات الأمريكية لتحقيق التوازن التجاري بين البلدين، مشيرًا إلى أن اجتماع جنيف الأخير ساهم في رسم إطار جديد للعلاقات الاقتصادية مع بكين.

وأضاف بيسنت أن الولايات المتحدة ماضية في تعزيز شراكاتها مع الصين، ولكنها لن تعتمد عليها في القطاعات الحيوية، لافتًا إلى أن السعودية تظل في صدارة أولويات السياسة الاقتصادية الأمريكية.

وأوضح الوزير الأمريكي أن هناك فرصًا استثمارية واسعة النطاق في مختلف الولايات الأمريكية، مشددًا على أن الرئيس دونالد ترامب يسعى لأن تتحول كل الولايات إلى نماذج ناجحة مثل فلوريدا وتكساس.

وأشار إلى أن إدارة ترامب تعتزم تنفيذ حزمة من التخفيضات الضريبية في الصيف المقبل، الأمر الذي من شأنه تحفيز الاستثمارات الأجنبية في السوق الأمريكي.

من جانبه، عبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن سعادته بزيارته إلى المملكة العربية السعودية، واصفًا إياها بالزيارة التاريخية، ومؤكدًا على عمق العلاقة بين البلدين.

وقال ترامب: “شرف عظيم لي أن أعود للمملكة، وأن يتم الترحيب بي بهذه الطريقة. الفرق كبير في السعودية بين زيارتي الأولى وزيارتي هذه”.

وتحدث الرئيس الأمريكي بإيجابية عن التحولات التي تشهدها المملكة، معتبرًا أن رؤية القيادة السعودية، بقيادة الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تقود المنطقة نحو مزيد من الاستقرار والازدهار.

وأكد ترامب أن الشراكة الأمريكية السعودية اليوم أقوى من أي وقت مضى، مضيفًا: “سنتخذ خطوات جديدة لتقوية هذه العلاقة، وستظل في مسارها التصاعدي”.

وفيما يتعلق بالاتفاقيات الإبراهيمية، قال ترامب إن السعودية ستنضم قريبًا لهذه الاتفاقيات، معتبرًا أن هذا اليوم سيكون تاريخيًا للمنطقة والعالم.

وأضاف: “سيكرم الشعب السعودي كل من ناضل من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط، عندما تحين اللحظة المناسبة لتوقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل”.

وفي ملف غزة، شدد ترامب على أن “أهل غزة يستحقون مستقبلاً أفضل”، مشيرًا إلى نية إدارته العمل على إعادة مزيد من الرهائن، وتحسين الأوضاع الإنسانية هناك.

أما عن سوريا، فكشف ترامب عن توجهات جديدة في السياسة الأمريكية تجاه دمشق، معلنًا عن رفع العقوبات قريبًا، وعن اجتماع مرتقب بين وزيري خارجية البلدين، معربًا عن أمله في نجاح الحكومة السورية الجديدة.

اقتصاديًا، قال ترامب إن اقتصاد الولايات المتحدة في أفضل حالاته، مشيرًا إلى جذب أكثر من 10 تريليونات دولار من الاستثمارات، وتراجع معدلات البطالة، وارتفاع مؤشرات الأسواق المالية بشكل غير مسبوق.

كما أوضح أن إدارته استحدثت قرابة نصف مليون وظيفة خلال الفترة الماضية، وساهمت في خفض أسعار الطاقة والمواد الغذائية.

وفيما يخص العلاقات مع الصين، أعلن الرئيس الأمريكي عن إبرام اتفاق مهم معها، موضحًا أن الصين بدأت في الانفتاح تجاريًا على الولايات المتحدة بشكل ملحوظ.

أما عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فأكد ترامب على ضرورة إنهاء النزاع، مشيرًا إلى أن بلاده تعمل بجد لدعم المحادثات المرتقبة بين الطرفين في تركيا.

وفي ما يخص إيران، أعلن ترامب عزمه التوصل إلى اتفاق مع طهران، لكنه شدد على أن رفض إيران التفاوض سيدفع واشنطن إلى ممارسة أقصى درجات الضغط عليها، بما في ذلك تصفير صادراتها النفطية

وفي تصريح خاص لـ”نافذة الشرق”، قال الدكتور رامي عاشور، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إن أهداف الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب تصب أولاً وأخيرًا في خدمة الاقتصاد الأمريكي، موضحًا أن السعودية تمثل حاليًا أكبر حملة استثمار أمريكية، سواء في الولاية الأولى أو الثانية لترامب، بإجمالي استثمارات تقدر بنحو 600 مليار دولار، بالإضافة إلى 142 مليار دولار سيتم ضخها في استثمارات مشتركة بين السعودية والولايات المتحدة.

وأوضح عاشور أن هذه الشراكة الاقتصادية تقابلها طموحات سعودية واضحة، على رأسها تأسيس برنامج نووي لتخصيب اليورانيوم تحت إشراف أمريكي، إلى جانب تعزيز منظومة أمن الخليج من خلال قيادة سعودية فعّالة لمجلس التعاون الخليجي، خصوصًا فيما يتعلق بالملفات الأكثر سخونة في المنطقة، مثل الملف الإيراني والحرب في غزة.

وأشار إلى أن السعودية تتطلع حاليًا إلى التوصل لهدنة بين إسرائيل وحركة حماس، إلا أن تحقيق ذلك يبدو صعبًا في المرحلة الراهنة، في ظل تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي التي تؤكد استمرار العمليات العسكرية.

وأكد عاشور في ختام تصريحه أن التلاقي بين الطموحات الاقتصادية والعسكرية لدى الجانبين الأمريكي والسعودي من شأنه أن يعزز من مكانتهما الإقليمية والدولية، ويدعم مصالحهما المشتركة في منطقة الشرق الأوسط.

الدكتور رامي عاشور، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة