تعديلات قانون الرياضة وبند الـ 8 سنوات: بين الإصلاح والمواجهة

محمد عبد الوهاب
يشهد الشارع الرياضي المصري حالة من الجدل المتصاعد بشأن تعديلات قانون الرياضة، وبشكل خاص حول ما يُعرف بـ”بند الثمان سنوات”، والذي أثار انقسامًا حادًا بين مؤيديه باعتباره خطوة إصلاحية، ومعارضيه الذين يرونه اعتداءً على الخبرات واستقرار المؤسسات الرياضية.

في هذا التقرير يستعرض لكم موقع “نافذة الشرق” أبعاد القضية، وخلفيات البند، والإشكاليات التي يثيرها، ومدى توافقه مع الاتجاهات الدولية وقيم السيادة الوطنية.

ما هو بند الثمان سنوات؟

“بند الثمان سنوات” هو نص قانوني يُدرج ضمن تعديلات قانون الرياضة، ويقضي بوضع حد أقصى لمدة بقاء أعضاء مجالس إدارات الهيئات الرياضية – مثل الأندية والاتحادات – بحيث لا يجوز لأي عضو أن يستمر في موقعه لأكثر من دورتين متتاليتين، بإجمالي ثماني سنوات. ويشمل ذلك رؤساء وأعضاء مجلس الإدارة، مع إمكانية العودة بعد دورة غياب.

ما هي فائدة هذا البند؟

من وجهة نظر المؤيدين، يهدف هذا البند إلى:

ضخ دماء جديدة في الإدارات الرياضية، وتشجيع الكفاءات الشابة على المشاركة.

منع التكلّس الإداري الناتج عن بقاء نفس الأشخاص لفترات طويلة، ما قد يفتح الباب أمام المحسوبية والفساد.

تعزيز الشفافية والحوكمة، وجعل المناصب القيادية في الهيئات الرياضية قابلة للتداول بشكل منظم.

تحقيق العدالة التنافسية، إذ لا يعقل أن تُحتكر المناصب لعقود من قبل أشخاص بعينهم.

علاقته بالأحداث الجارية: إخفاق أولمبي ونهضة مُعلّقة

ارتبط الجدل حول البند مؤخرًا بالإخفاق المصري في دورة الألعاب الأولمبية (باريس 2024)، حيث فشل عدد من الاتحادات الرياضية في تحقيق النتائج المرجوة رغم الإنفاق الكبير والاستعدادات المعلنة. وجاء ذلك بالتوازي مع حالة من الجمود الإداري في بعض الاتحادات، التي يُديرها مسؤولون مستمرون في مواقعهم منذ سنوات طويلة، دون نتائج نوعية تبرر بقائهم.

من جهة أخرى، تتحدث الدولة عن مشروع نهضة رياضية شاملة، تعتمد على التطوير المؤسسي، وتنظيم البنية الإدارية للرياضة، وهي أهداف يصعب تحقيقها مع استمرار نفس الوجوه القديمة، وفق آراء مؤيدي التعديلات.

الإشكاليات المثارة حول البند

في المقابل، يرى معارضو البند – ومنهم رؤساء أندية واتحادات كبيرة – أن تطبيقه يحمل عدة مشكلات:

حرمان الهيئات من الكفاءات التي أثبتت نجاحها، فقط لمجرد إكمالها 8 سنوات.

مصادرة حق الجمعيات العمومية في اختيار من تراه مناسبًا لقيادتها.

تسييس الرياضة، من خلال فرض قيود إدارية ليست موجودة في القوانين الدولية.

إمكانية الالتفاف على البند بترشيح أفراد تابعين للقيادات القديمة أو إدارتهم من خلف الستار.

ويرى البعض أن معيار الاستمرار يجب أن يكون الأداء والإنجاز، لا عدد السنوات، وأن الإصلاح الحقيقي يتم من خلال الرقابة والمحاسبة لا الاستبعاد.

الاتجاه العالمي: كيف تتعامل الدول مع بند المدد المحددة؟

في السياق الدولي، لا يوجد اتفاق موحّد أو ملزم بخصوص بند تحديد المدد الزمنية للقيادات الرياضية. اللجنة الأولمبية الدولية لا تفرض قاعدة “8 سنوات”، بل تترك الأمر للجمعيات العمومية وفق مبادئ الديمقراطية والاستقلال.

ومع ذلك، تتبنى بعض الدول – خاصة الأوروبية – هذا النهج كجزء من قوانين الحوكمة والشفافية، لا سيما في المؤسسات ذات الطابع العام أو شبه الحكومي. على سبيل المثال، تحدد بعض اتحادات كرة القدم الأوروبية مددًا قصوى لرؤسائها، فيما لا تطبق ذلك في اتحادات الألعاب الفردية.

هل الاتجاه العالمي ملزم لمصر؟

قانونًا، لا يُلزم أي اتجاه عالمي مصر بتطبيق بند الثمان سنوات. السيادة الوطنية تخوّل لكل دولة وضع القوانين التي تراها مناسبة لتنظيم شؤونها الرياضية، ما دام ذلك لا يتعارض مع المواثيق الدولية الكبرى، مثل الميثاق الأولمبي.

وبالتالي، فإن تطبيق البند هو شأن داخلي بحت، يخضع لموافقة البرلمان المصري والجمعيات العمومية للهيئات الرياضية، دون إلزام خارجي مباشر.

هل يتعارض الاتجاه العالمي مع سيادة الدول؟

بعض المعارضين للبند يستندون إلى ما يُعرف بـ”استقلالية الرياضة” ورفض تدخل الحكومات في الشؤون الرياضية، وهو مبدأ تحرص عليه اللجنة الأولمبية الدولية. إلا أن هذا المبدأ لا يمنع الدولة من سنّ قوانين تنظيمية، طالما أنها لا تُقصي الاتحادات أو تعيّن مجالس بالإجبار.

وبالتالي، فإن البند لا يمثل مساسًا حقيقيًا بالسيادة، بل يُفترض أنه يُعززها إذا جاء عبر نقاش مجتمعي وموافقة برلمانية، وضمن رؤية واضحة للإصلاح.

المشهد اليوم.. وبند الـ 8سنوات

الجدل حول “بند الثمان سنوات” يعكس صراعًا بين منطق التجديد والتداول، ومنطق الخبرة والاستمرار. ولكل من الطرفين حججه المشروعة، لكن يبقى الهدف الأسمى هو تطوير الرياضة المصرية، وضمان أنها تُدار بأعلى معايير الكفاءة والنزاهة.