توترات متصاعدة على الحدود السودانية الليبية :الدعم السريع يتحدى الجيش السوداني “

كتب : الهادي العجيمي

حرب السودان تتخذ منعطفًا جديدًا ،مع دخول قوات الدعم السريع، الي المنطقة الحدودية مع ليبيا هذا التطور يطرح تساؤلات حول مستقبل الصراع وتأثيراته على الإستقرار الإقليمي.
حيث اندلعت مواجهات قرب المثلث الحدودي مع ليبيا ومصر، هذا التصعيد يفتح جبهة جديدة تنذر بتعقيدات إقليمية في منطقة حساسة واستراتيجية. يأتي ذلك بعد إتهامات وجهها الجيش السوداني لقوات خليفة حفتر بالتوغل داخل الأراضي السودانية، وشن هجمات ضد قواته، وهو ما نفته القيادة الليبية شرق البلاد.

هذا التطور الذي يعكس تحولًا استراتيجيًا في موازين القوى على الحدود الغربية للسودان، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة على “المثلث الحدودي” بين السودان ومصر وليبيا، بعد انسحاب مفاجئ للجيش السوداني من المنطقة.

هذا التحرك، الذي جاء في بيان رسمي لقوات الدعم السريع، وصفته القيادة بأنه “اختراق نوعي”، في وقت اتهم فيه الجيش السوداني قوات موالية للجنرال الليبي خليفة حفتر بالتورط في الهجوم، وهو ما يفتح بابًا واسعًا لاحتمالات تدويل الحرب السودانية.

ما الذي حدث؟

في بيان بثته قنوات إعلامية موالية، أعلنت قوات الدعم السريع أنها “حررت منطقة المثلث الاستراتيجية صباح اليوم، والتي تُعد نقطة التقاء محورية بين السودان وليبيا ومصر، في خطوة سيكون لها ما بعدها.”

في المقابل، علّق المتحدث باسم الجيش السوداني بالقول: “ضمن خطة إعادة الانتشار الدفاعي، أخلت قواتنا اليوم منطقة المثلث الحدودية.”

أهمية المثلث الحدودي

يقع شمال غرب السودان، بالقرب من مدينة الفاشر نقطة التقاء نادرة بين ثلاث دول: مصر، السودان، ليبيا يُعرف بنشاط تهريب السلاح والذهب والبشر، ويُعد منطقة استراتيجية لأي طرف يسيطر عليه.

تهديد الأمن المصري مع هذه التطورات الحدودية :

وصرح خبراء أمنين مصرين ، أن هذه التطورات تعزز المخاوف من انزلاق النزاع السوداني نحو الداخل الليبي، واقترابه جغرافيًا من مصر، بما يحتم على القاهرة مراقبة التطورات بحذر بالغ وربما إعادة النظر في ترتيباتها الأمنية جنوبًا.
وأفادت تصريحاتهم :أن هذا التطور العسكري خطير يضع مصر على مشارف أزمة حدودية متعددة الأطراف،
كما قال صحفيون مصريون الحدود المصرية: ساحة مفتوحة لاحتمالات التصعيد
رغم أن المواجهات وقعت داخل الأراضي السودانية، فإن خط التماس يقع على مسافة قريبة جدًا من الحدود الجنوبية الغربية لمصر، ما يجعل القاهرة طرفًا مهددًا وإن لم تكن طرفًا معلنًا. فالمثلث الحدودي الذي شهد الاشتباكات يمتد بين محافظة الوادي الجديد المصرية ومنطقة العوينات السودانية ومدينة الكفرة الليبية، ما يجعل أمن مصر الحدودي عرضة للاختراق أو الاستغلال من قبل أطراف مسلحة غير نظامية.

إتهام بتدخل عسكري ليبي في عمق السودان

ووفقًا لبيان صادر عن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، فإن “مليشيا آل دقلو” شنت هجومًا مباغتًا على مواقع للجيش السوداني في المثلث الحدودي، بمساندة من كتيبة السلفية التابعة للقيادة العامة الليبية بقيادة حفتر. وقد أدى الهجوم إلى اندلاع مواجهات عنيفة أسفرت عن مقتل عنصرين وأسر اثنين آخرين من القوات الليبية، إلى جانب الاستيلاء على عربات قتالية.

وأشار البيان إلى أن “ما جرى يمثل انتهاكًا سافرًا للقانون الدولي وتعديًا مباشرًا على أراضي السودان وشعبه”، محذرًا من أن هذا الهجوم ليس مجرد إشتباك حدودي، بل “امتداد لمؤامرة دولية تقودها أطراف إقليمية”

الخارجية السودانية تتهم :

وفي بيان ناري، إتهمت وزارة الخارجية السودانية الدعم السريع وقوات حفتر بتنفيذ “اعتداء سافر” على سيادة السودان، معتبرة أن التدخل المباشر للقوات الليبية لصالح الميليشيا المتمردة يُعد تصعيدًا خطيرًا تقف وراءه أبوظبي.

وقال البيان إن “حدود السودان مع ليبيا تحوّلت إلى ممر للأسلحة والمرتزقة بتمويل دولي وإقليمي وتنسيق مباشر مع قوات حفتر والجماعات المتطرفة التابعة له”، لافتًا إلى أن قاعدة “معطن السارة” الليبية باتت مركزًا رئيسيًا لتدريب ودعم قوات الدعم السريع، وتجميع الإمدادات القادمة من الإمارات.

دعوة للتدخل الدولي

ودعت الخارجية السودانية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية إلى إدانة هذا التدخل وفرض عقوبات رادعة على الجهات الداعمة له، مشددة على أن الخرطوم تحتفظ بحقها الكامل في الرد عسكريًا على أي تهديد لأمنها القومي.

وأضاف البيان أن “تراخي مجلس الأمن والقوى الدولية إزاء هذا العدوان هو ما شجع الإمارات وتوابعها على التمادي في دعم الجماعات الخارجة عن القانون”، محذرًا من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى انفجار إقليمي واسع.

حفتر ينفي

من جهته، نفى الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر ما وصفه بمزاعم مهاجمته للأراضي السودانية، واعتبرها محاولة مفضوحة لتصدير الأزمة الداخلية السودانية وخلق عدو خارجي افتراضي.

وقال بيان حفتر: مزاعم الاستيلاء على الأراضي السودانية والانحياز لأحد أطراف النزاع رواية مكررة لا تمت للواقع بأي صلةوشدد على أنه لم نكن يوما مصدر تهديد للجيران، بل نحرص على إستقراره وضبط الحدود ومكافحة الإرهاب والهجرة بتنسيق أمني صارم ومحكم مع الجوار.

وأضاف: أن القوات السودانية كررت مؤخرا اعتداءاتها على الحدود الليبية، وهو أمر آثرنا معالجته بهدوء حفاظا على حسن الجوار، وتابع: نحتفظ بحق الرد على أي خرق كما حدث الأيام الماضية واليوم، بعد اعتداء قوة تتبع القوات المسلحة السودانية على دوريات عسكرية تتبعنا.

وفي تصريحات ” لنفافذة الشرق ” يقول الخبير الأمني : خليل محمد الصائم لـ(نافذة الشرق ): إن “دولة مصر لن تفرط في أمنها القومي مهما كانت الحسابات، إذ يمثل توغل قوات الدعم السريع إلى المثلث الحدودي تهديداً مباشراً لها

وتحدث إلى أن تدخلات خليفة حفتر في الحرب السودانية ومساندة قوات الدعم السريع ليست بالمسألة الجديدة وهي قديمة، ولا يتوقع أن تتحول منطقة المثلث الحدودي إلى صراع بين دول الإقليم. وقال: إن “الغرض من هذه الهجمات هو محاولة لشغل الجيش السوداني بجبهات بعيدة، من أجل تحقيق أهداف عسكرية في عمق البلاد، وهو تكتيك معروف في الحروب، ولا أعتقد أن القوات المسلحة السودانية ستكون غافلة عنه، وأضاف لا تخلو الهجمات على المثلث الحدودي من محاولة قوات الدعم السريع من الاقتراب من الولاية الشمالية، حيث لوح قائدها مؤخرا أنه بصدد اجتياحها كما قام بقصف مدينة الدبة من قبل بطائرات مسيرة.
كما قال الصائم،من المرجح أن هدف قوات الدعم السريع من معارك الصحراء هو تأمين خطوط إمدادها البري، وذلك بعدما تمكن الجيش من ضرب مطار نيالا وتهديد استمرار الامداد الجوي.

ويقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محي الدين محمد في تصريحاته الخاصة (لنافذة الشرق)أن الحرب أخدت منحي وأضح بتدخل خارجي، وأضح من فاعلين من دول الجوار وهذا يؤثر على الأوضاع في المنطقة وربما إنتاج سيناريوهات مشابهه للذيِ رأيناه في ليبيا خلال الفترة الماضية بوجود مجموعة تدعم مشروعات في بعض الدول الإقليمية، في مسعاها الي تفكيك المنطقة كما أضاف محي الدين، أعتقد أن هذا التطور من ناحية سياسية، يخدم أغراض الجهات التي تريد تفكيك السودان أو حتى تعيد ضبط علاقاته الخارجية بما يحقق مصالحها الإقتصادية والجيو إستراتيجية في المنطقة وربط منطقة الساحل بالعمق الأفريقي ويعتقد محي الدين دخول المليشيا بدعم خليفة حفتر الي الحدود هي محاولة لإرباك أطراف اقليمية وهذا يدخل في التصور الأمريكي ودعوتها لبعض الدول بتعتبر إنها دول مهمة وعندها مصالح في السودان وهي مصر والسعودية والإمارات، مايوضح هذا إنه ضغط لمصر من الإتجاه الجنوبي لأنها تحاصرها مشكلات من الشرق إتجاه فلسطين والحديث عن نقل الفلسطينين ليعيشو في سينا وهذا في إطار مايسمى بصفقة القرن.

هذا ويعيش الشارع السوداني خاصةً الولاية الشمالية التي تحد وتواجه هذا النزاع حالة من القلق والتوتر وتراغب دول حليفة للسودان هذا التطور بحالة من عدم الرضاء، ومابين هذا وذاك عقد مجلس الأمن السوداني، إجتماعات حاسمة طمئن فيه الرأي العام بأن الجيش السودان قادر على حسم هذه التفلتات ،كما دفع الجيش السوداني بتعزيزات عسكرية واسعة الي الولاية الشمالية كما أفادت القيادة العسكرية السودانية أنها كلفت العدو خسائر كبيرة وأنها ماضية في حسمه.