بعد بيانات البنك المركزي المصري اليوم
كتبت: بسنت السيد
كشف بيان صادر عن البنك المركزي المصري عن ارتفاع صافي الإحتياطيات الدولية إلى 48.144 مليار دولار بنهاية أبريل 2025، مقابل 47.757 مليار دولار بنهاية مارس 2025 بزيادة 386 مليون دولار.
مما يتكون الاحتياطى الأجنبي لمصر ؟
وجدير بالذكر فإن الاحتياطى الأجنبي لمصر يتكوز من سلة من العملات الدولية الرئيسية، والتى تشمل الدولار الأمريكى والعملة الأوروبية الموحدة اليورو، والجنيه الإسترلينى والين الياباني واليوان الصيني، وهى نسبة توزع حيازات مصر منها على أساس أسعار الصرف لتلك العملات ومدى استقرارها فى الأسواق الدولية، وتتغير حسب خطة موضوعة من قبل مسؤولي البنك المركزى المصرى.
وفي حديثه لموقع نافذة الشرق يقول الخبير الاقتصادي هانى أبو الفتوح :”بحسب بيان المركزى فقد سجّل احتياطي النقد الأجنبي في مصر أرقاما غير مسبوقة، وبلغ نحو 48.1 مليار دولار في نهاية أبريل 2025، وهو أعلى مستوى منذ عقود”
وأضاف أبو الفتوح: ” أن خلف هذا الرقم الكبير توجد تفاصيل تستحق التحليل بموضوعية، خاصة ما يتعلق بعلاقتها بالدين الخارجي، واستدامة هذا التحسن، وتأثيره الفعلي على الاقتصاد المصري”
ايرادات السياحة وتحويلات المصريين والاستثمارات في أدوات الدين الحكومى
وتابع قائلا: ” لا يمكن فهم هذا الرقم إلا بالنظر إلى مصادر الزيادة في الاحتياطي. فقد ساهمت بعض التدفقات الحقيقية مثل إيرادات السياحة، وتحويلات المصريين في الخارج، والاستثمارات في أدوات الدين الحكومية في رفع الاحتياطي”
وأوضح أن الجزء الأكبر من الزيادة جاء نتيجة تمويلات خارجية، سواء من قروض دولية أو ودائع من مؤسسات إقليمية، إلى جانب إصدارات سندات. وهذا يعني أن جانبًا كبيرًا من هذا التحسن يرتبط بزيادة في الدين الخارجي.
ويرى الخبير الاقتصادي هانى أبو الفتوح أنه من وجهة نظر اقتصادية، يجب أن تكون هناك توازنات لضمان استدامة هذا التحسن دون زيادة كبيرة في التزامات الدين.
نأتي الآن إلى سؤال جوهري: هل هذا الارتفاع في الاحتياطي النقدي يمثل تحسنًا حقيقيًا ومستدامًا؟
ويجيب الخبير الاقتصادي هانى أبو الفتوح عن هذا التساؤل قئلا :”الحقيقة أن الإجابة ليست واضحة تمامًا. نعم، هذا الرقم يبعث على بعض الطمأنينة، لكنه قد يكون مجرد حالة مؤقتة إذا لم تدعمه زيادة فعلية في الإنتاج والصادرات.
وتابع فإذا كان الاحتياطي يعتمد على قروض أو سندات، فسيعود إلى الانخفاض حين يحين موعد السداد.
،هل نجحنا في تقليص الفجوة الدولارية؟ هل ازدادت صادراتنا؟ هل وفرنا مصادر دائمة للعملة الصعبة ؟
واجاب قائلا : إن لم تكن الإجابة “نعم” لهذه الأسئلة، فقد يكون ما نراه الآن مجرد تحسن ظاهري.
ويؤكد ابو الفتوح أنه من ناحية أخرى، يمنح ارتفاع الاحتياطي الدولة قدرة أفضل على سداد التزاماتها الخارجية في المدى القريب، وهذا أمر إيجابي، خاصة مع تزايد أقساط وفوائد الدين الخارجي في السنوات القادمة.
ويتابع ،لكن أعتقد أن الاعتماد على الاحتياطي وحده في مواجهة هذه الالتزامات ليس كافيًا، بل يجب أن يكون هناك ضبط حقيقي لوتيرة الاقتراض، وترشيد للاستخدامات، والتوجّه نحو توجيه القروض للمشروعات الإنتاجية بدلًا من تغطية فجوات الاستيراد.
كيف يمكن أن ينعكس مستوى الاحتياطي إيجابًا على النظرة الدولية لمصر
، حيث أن مؤسسات التصنيف الائتماني تهتم كثيرًا بحجم الاحتياطي، وقد ترفع تقييمها إذا شاهدت استقرارًا ماليًا. لكن التجارب السابقة تقول لنا إن المستثمرين لا يهتمون بالأرقام وحدها، بل يبحثون عن الإصلاحات الحقيقية والاستقرار السياسي والأمنى .
هل يعزز هذا الاحتياطي الكبير موقف مصر التفاوضي ويمنحها مرونة أكبر مع الدائنين؟
واجاب الخبير الاقتصادي هانى ابو الفتوح قائلا: “نعم، قد يكون ذلك صحيحا على المدى القصير. لكن، لو كان هذا الارتفاع مؤقتاً ولا يعتمد على موارد منتجة، فسيصبح عبئاً مستقبلاً، لأن سداد الدين يحتاج موارد حقيقية، لا مجرد أرقام دفترية
توجيه الاحتياطى النقدى لتحفيز الاقتصاد الحقيقي
واختتم هانى أبو الفتوح حديثه قائلا: “برأيي الشخصي، الرقم مهم، لكنه يجب ألا يخدعنا. ما نحتاجه الآن هو أن نستخدم هذا الاحتياطي بشكل ذكي. لا يكفي أن نحافظ عليه، بل يجب أن نوجهه لتحفيز الاقتصاد الحقيقي، وتشجيع التصدير، ودعم الصناعة، وليس فقط لتوفير الدولارات في البنوك. النجاح لا يكون في الأرقام وحدها، بل في الطريقة التي نُدير بها هذه الأرقام لخدمة المواطن والاقتصاد الوطني” .