خدعة تحمل شعار البريد.. تحذيرات من الروابط الوهمية لسرقة حسابات العملاء

اتصالات النواب لـ نافذة الشرق: الأمر معقد ولا يمكن مواجهته إلا بالتوعية

كتب: عبد الرحمن السيد

في ظل التطور المستمر في أدوات الاحتيال الإلكتروني وازدياد ضحايا الروابط المزيفة التي تنتحل صفة جهات رسمية، دقت لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب ناقوس الخطر، محذرة من روابط تحمل لوجو البريد المصري وتستهدف المواطنين للنصب والسرقة. التحذير جاء مدعومًا ببيانات رسمية وتصريحات نيابية، مؤكدًا ضرورة اليقظة المجتمعية، ومشدّدًا على أن الحل الوحيد هو التوعية والتنسيق الأمني.

تحذير برلماني ورسمي

في بيانها الصادر عقب اجتماع موسع، شددت لجنة الاتصالات بمجلس النواب برئاسة النائب أحمد بدوي على خطورة التفاعل مع روابط أو “لينكات” تنتحل اسم وشعار البريد المصري، مؤكدة أنها ليست سوى أدوات احتيال إلكتروني هدفها سرقة بيانات وأموال المواطنين.
وقال بدوي إن اللجنة تلقت شكاوى متعددة من مواطنين وقعوا ضحية لروابط مزيفة استغلت ثقة الجمهور في مؤسسة وطنية كالبريد المصري، مستغلة تقنيات الذكاء الاصطناعي في تصميم صفحات احتيالية دقيقة تشبه الرسمية.

وأضاف أن هذه الممارسات الاحتيالية تمثل خطرًا على الأمن السيبراني وتحتاج إلى تدخل سريع، مشيرًا إلى أنه تواصل مع قيادات البريد المصري والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، الذين أكدوا بدورهم أن البريد لا يرسل أي روابط أو يطلب بيانات عبر الإنترنت.

تقنيات احتيال مستحدثة

اللجنة كشفت أن الطرق المستخدمة حديثة، وبعضها يُدار من خارج مصر، حيث يتم إرسال رسائل مزيفة تتضمن روابط تؤدي إلى صفحات تطلب بيانات بنكية أو رموزًا سرية أو تحديثًا للمعلومات، مدعية وجود مشكلات في الشحن أو العنوان، وهو ما يجعلها تبدو طبيعية للمواطن غير المدرب على تمييز الخداع الرقمي.

وطالب رئيس اللجنة بتنسيق عاجل مع الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية، ومع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، لتحديد مصدر تلك الروابط ومعرفة إن كانت تُدار من الداخل أم الخارج، ودعا إلى حملة توعية واسعة من البريد عبر رسائل رسمية.

تصريحات برلمانية: الحل في وعي المواطن

من جهتها، قالت النائبة مها عبد الناصر، عضو لجنة الاتصالات وتكنولجيا المعلومات، في تصريحات خاصة لـ”نافذة الشرق”، إن النصب الإلكتروني ظاهرة عالمية لا يمكن القضاء عليها بالكامل، مؤكدة أن المواطنين هم خط الدفاع الأول عبر وعيهم وحذرهم.

وأضافت: “النصابين موجودين في كل الدنيا وفي كل الأوقات، والطرق بتتغير. الحل الوحيد إن الناس تاخد بالها، متفتحش روابط مش معروفة، وما تديش أي بيانات لأي جهة غير موثوقة”.
وأكدت أن الجهات الرسمية مثل البريد أو البنوك دائمًا ما تحذر المواطنين بعدم الضغط على أي روابط مجهولة أو إرسال بيانات شخصية عبر الرسائل.

وأوضحت أن الحل الأمني الكامل غير متاح: “لو حد دخل على رابط وتم اختراقه، مفيش وسيلة حماية ممكن توقف ده. البنك أو البريد مش هيعرف يميز إذا كان المستخدم الأصلي هو اللي بيستخدم الحساب أم شخص محتال”.

تحذير رسمي من البريد المصري

وفي بيان رسمي، حذر البريد المصري المواطنين من حملات تصيّد إلكترونية جديدة تستهدف سرقة البيانات الشخصية والمالية، مؤكدًا أنه لا يطلب من عملائه تحديث بياناتهم أو دفع رسوم عبر روابط أو رسائل نصية أو بريد إلكتروني غير رسمي.

وأكد البريد أن الرسائل الاحتيالية تأتي من أرقام محلية ودولية، وتطلب من المستخدمين معلومات حساسة مثل أرقام البطاقات البنكية، الرقم السري، أو دفع رسوم مزعومة، في حين أن جميع تعاملات البريد تتم عبر قنواته الرسمية فقط.

وأشار البيان إلى أن إدارة الأمن السيبراني بالبريد رصدت العديد من هذه المحاولات، وأنه تم إطلاق تحذيرات مستمرة للمواطنين عبر الخط الساخن 16789، مع إتاحة الموقع الرسمي وتطبيق البريد لتتبع الشحنات والاستفسارات.

الجدير بالذكر أن البريد المصري كان قد أصدر تحذيرات سابقة من الحملات الاحتيالية، حيث لاحظ تطوراً في أساليب المحتالين الذين أصبحوا يستخدمون شعارات وشكلاً مشابهاً للرسائل الرسمية في محاولة لخداع المواطنين.

ودعا البريد المصري جميع المواطنين والعملاء إلى توخي الحذر وعدم الانسياق وراء هذه المحاولات الاحتيالية، مع التأكيد على استمرار الهيئة في تطوير أنظمتها الأمنية لحماية عملائها، واتخاذ كافة التدابير القانونية اللازمة حيال هؤلاء الأشخاص لقيامهم بالنصب والاحتيال على المواطنين واختراق حساباتهم المالية وانتحالهم صفة مؤسسة حكومية والتحدث باسمها.

العقوبات القانونية الرادعة

وفي سياق متصل، نص قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية رقم 175 لسنة 2018 على عقوبات صارمة لمثل هذه الجرائم.
فبحسب المادة 23 من القانون، يُعاقب بالحبس من 3 إلى 12 شهرًا، وغرامة قد تصل إلى 200 ألف جنيه، كل من استخدم الشبكات الإلكترونية في الحصول دون وجه حق على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني.

وتتدرج العقوبات تبعًا لمدى الضرر:

استخدام البيانات فقط: حبس لا يقل عن 3 أشهر وغرامة من 30 إلى 50 ألف جنيه.

إذا اقترنت بالاحتيال وسرقة أموال: حبس لا يقل عن 6 أشهر وغرامة من 50 إلى 100 ألف جنيه.

وإذا ترتب عليها الاستيلاء على المال: حبس لا يقل عن سنة وغرامة من 100 إلى 200 ألف جنيه.

لا تكن الضحية القادمة

الرسالة الأساسية التي تتكرر في كل التصريحات والتحذيرات، أن المواطنين عليهم أن يتحملوا مسؤوليتهم في الحذر والوعي، فالتكنولوجيا رغم تسهيلها للحياة، باتت أيضًا ساحة واسعة للاحتيال المتطور.

ورغم ما تبذله الجهات المختصة من جهود تنسيقية وتشريعية وتوعوية، إلا أن السبيل الأول للحماية يبدأ من المستخدم نفسه: لا تضغط على روابط غير رسمية، لا ترسل بياناتك عبر الرسائل، ولا تثق في رسائل تطلب منك تحديث أو دفع أو تأكيد دون الرجوع للجهة الرسمية. وفي زمن الذكاء الاصطناعي والمحتالين الرقميين.. القاعدة الذهبية هي: “تحقق قبل أن تضغط.. قد تكون الضحية التالية!”.