كتب/ محمد عبدالوهاب
في ختام واحدة من أكثر الأزمات إثارة في الموسم الكروي المصري 2024-2025، وبعد أكثر من شهرين على انسحاب النادي الأهلي من مباراة القمة أمام الزمالك، أصدرت لجنة التظلمات بالاتحاد المصري لكرة القدم قرارها النهائي، مُسديةً مجموعة من التوصيات التي سلطت الضوء على خلل واضح في اللوائح المنظمة للبطولة. التقرير المكون من 5 صفحات وأكثر من 3000 كلمة لم يقتصر على تبرير القرار بل احتوى على ست توصيات أثارت جدلاً واسعًا، أبرزها الدعوة لإلغاء مادتين أساسيتين من لائحة رابطة الأندية، وتعديل آلية خصم النقاط، وتنظيم قرعة البطولة.
- البداية بالأزمة.. انسحاب وتداعيات:
انسحاب الأهلي من القمة أمام الزمالك ضمن الجولة الأولى من مرحلة التتويج لم يكن حدثًا عابرًا. تردد صدى القرار في الأوساط الكروية لأسابيع طويلة، وسط تساؤلات حول العقوبات المنتظرة، وكيفية تعامل اتحاد الكرة ورابطة الأندية مع الحادثة. وبينما طُبقت لائحة العقوبات المعلنة، لجأ الأهلي إلى لجنة التظلمات لاستئناف القرار، ما فتح الباب لإعادة النظر في النصوص القانونية المنظمة للمسابقات المحلية.
- لجنة التظلمات ترد.. لوائح باطلة وتنظيم غائب:
في توصيتها الأولى، أوصت اللجنة بإلغاء المادتين 62 و63 من لائحة مسابقات رابطة الأندية بكافة فقراتهما، معتبرة أنهما تخالفان لوائح الاتحاد المصري المعتمدة من الاتحاد الدولي لكرة القدم. فالمادتان منحتا الرابطة صلاحيات مطلقة في تفسير اللوائح واتخاذ قرارات لا يمكن الطعن عليها، وهو ما اعتبرته اللجنة تعديًا على اختصاصاتها.
نص المادة 62 أكد على أن أي حكم سابق يخالف اللائحة يُعتبر لاغيًا، مع دمج لائحة العقوبات وضبط الجودة ضمن منظومة واحدة لا يمكن الطعن عليها. أما المادة 63، فقد منحت مجلس إدارة الرابطة صلاحيات مطلقة بشأن الحالات غير المنصوص عليها والظروف الطارئة، دون إتاحة أي وسيلة للاستئناف، وهو ما اعتُبر سحبًا لصلاحيات الاتحاد نفسه.
- تعديل آلية العقوبات.. الخصم الفوري للنقاط:
أما التوصية الثانية، فقد تناولت العقوبات المفروضة على الأندية المنسحبة من المباريات. دعت اللجنة إلى تعديل المادتين 51/2 من لائحة اتحاد الكرة و17/4 و17/8 من لائحة رابطة الأندية، بحيث يتم خصم ست نقاط مباشرة من رصيد الفريق المنسحب، دون انتظار نهاية الموسم، بجانب اعتبار المباراة خاسرة وتوقيع غرامات مالية على المتسببين في الانسحاب.
تعديل هذه المواد جاء تحت مبرر الحفاظ على انتظام المسابقات واحترامًا للجماهير، كما ربط القرار بالخسائر المالية الناتجة عن الإخلال بالتزامات البث والرعاية.
- ضبط العلاقة بين الرابطة والاتحاد:
في توصيتها الثالثة، شددت لجنة التظلمات على ضرورة أن تلتزم رابطة أندية الدوري الممتاز بلوائح الاتحاد المصري لكرة القدم المعتمدة من الفيفا، وألا تتعارض نصوصها مع النصوص الأم في الاتحاد. هذا التوصيف أوحى بوجود أزمة في العلاقة التنظيمية بين الرابطة والاتحاد، تحتاج لإعادة ضبط وهيكلة.
- قرعة البطولة.. الشفافية المفقودة:
واحدة من أكثر التوصيات إثارة جاءت في البند الرابع، حيث أوصت اللجنة بإجراء قرعة بطولتي الدوري في المرحلتين الأولى والثانية بشكل علني وبحضور مندوبي الأندية، كخطوة لدرء الشبهات.
اللائحة الحالية للرابطة لم تفرض حضور الأندية خلال القرعة، بل اكتفت بإجرائها إلكترونيًا. ورغم أن قرعة الدور الأول نُظمت بشكل علني عبر التلفزيون، إلا أن قرعة مرحلة التتويج (الدور الثاني) تمت في سرية تامة دون بث أو دعوة للأندية، ما أثار الشكوك حول نزاهة الترتيبات.
- التحكيم والمصلحة الوطنية:
في بندها الخامس، دعت اللجنة كل عناصر المنظومة الرياضية إلى منح الثقة للتحكيم المصري، مشيرة إلى أهمية دعمه من أجل تمثيل الكرة المصرية في المحافل الدولية والقارية. بينما اختتمت التوصيات بمناشدة الأندية نبذ الخلافات والعمل بروح تعاونية لخدمة المصلحة الوطنية وتعزيز صورة الكرة المصرية.
الجدير بالذكر أن قرارات لجنة التظلمات لم تكن مجرد حكم في قضية قمة منسحبة، بل كشفت عن أزمة أعمق تتعلق بتضارب اللوائح والصلاحيات داخل الكرة المصرية. وبينما تظل إمكانية لجوء المتضررين إلى المحكمة الرياضية الدولية قائمة، فإن الأهم الآن هو ما إذا كانت الأطراف المعنية ستلتزم بتنفيذ تلك التوصيات، أم أن الأمر سيتحول إلى مجرد توصيات أخرى تُضاف إلى أرشيف الخلافات الكروية المصرية.