رهانات اللقاء: هل يفتح باراك أبواب واشنطن أمام الشرع؟

كتبت : ضحى ناصر
في خطوة جديدة على طريق المساعي الأمريكية السورية لتدعيم العلاقات بين البلدين وبعد مُضي وقت ليس بالكثير على لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيس المرحلة الإنتقالية السورية أحمد الشرع، أعلن المبعوث الأمريكي لسوريا، توماس باراك، عن لقاء جمعه بالشرع، وذلك بمدينة إسطنبول التركية.
من جهته فقد أشاد توماس باراك، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى سوريا، بالرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، كما أشاد بالخطوات التي إتخذتها الإدارة السورية فيما يتعلق “بالمقاتلين الأجانب والعلاقات مع إسرائيل”.
و أوضح باراك في بيان رسمي: “في لقاء جمعني في مدينة إسطنبول التركية، بالرئيس السوري، أحمد الشرع، ووزير خارجيته، أسعد الشيباني، ناقشنا تنفيذ قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، برفع العقوبات عن سوريا، كخطوة لتمهيد الطريق نحو السلام والازدهار”.
وتابع: “أعرب الرئيس الشرع عن ترحيبه الحار بالتحرك الأمريكي السريع، مُثمّناً إعلان وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، بشأن إعفاء لمدة 180 يوما من العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر، وترخيص وزارة الخزانة الأمريكية العام رقم 25، وسلسلة إجراءات لتخفيف القيود الاقتصادية”
وأضاف باراك: “جددت خلال اللقاء التزام أمريكا بدعم الشعب السوري بعد سنوات من الحرب والمعاناة، وأكدت أن رفع العقوبات ضرورة حيوية لتمكين الدول المانحة من تقديم المساعدات الحيوية والطاقة، بما يعزز الاستقرار ويؤسس لمستقبل أفضل للسوريين”.
وكشف باراك: “كما أثنيت على الرئيس الشرع لاتخاذه خطوات فعّالة نحو تطبيق قرارات الرئيس ترامب بشأن المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وتدابير مكافحة تنظيم داعش الإرهابي المحظور في روسيا ودول أخرى)، والعلاقات مع إسرائيل، والمعسكرات ومراكز الاحتجاز في شمال شرق سوريا”.
وأختتم باراك، بيانه قأئلاً : “أعتبر هذا اللقاء نقطة تحول تاريخية في مسار العلاقات، إذ جرى الاتفاق على طيّ صفحة العقوبات، والانطلاق نحو مرحلة جديدة من التنمية الاقتصادية، بدعم من شركاء دوليين، في مقدمتهم تركيا ودول الخليج وأوروبا وأمريكا”.
نيويورك تايمز : تقارب ترامب مع الشرع يقوض من محاولات إسرائيل لفرض سيطرتها العسكرية في سوريا
من جهتها فقد لفتت صحيفة” نيويورك تايمز” الأمريكية في تقريرٍ لها إلى أن تقارب الإدارة الأمريكية مع نظام الشرع ، من شأنه أن يُعقّد سير الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، ويُعد مثالًا حديثًا على كيفية إعادة تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية للشرق الأوسط.
و أشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن إنعكاس ذلك التقارب على الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية بدى واضحًا بعد أن خفّت حدة الغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا، منذُ “احتضان الرئيس ترامب للشرع”، موضحةً أنه رغم من أن الولايات المتحدة لا تزال الحليف الأقوى لإسرائيل، فإن لقاء ترامب المفاجئ مع الشرع منح الرئيس السوري طوق نجاة غير متوقع، وقوّض أيضًا جهود الحكومة الإسرائيلية لإستغلال حالة عدم الإستقرار التي تمُر بها سوريا.
الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكبار مساعديه في إسرائيل كانوا، قبل إعلان ترامب ثقته بالرئيس السوري الجديد، مصممين على حرمان الشرع وحكومته الناشئة من الوصول إلى مجموعة واسعة من الأسلحة الثقيلة، التي خلفها نظام الأسد .
ويقول خبراء عسكريون إن جزءً من الدافع وراء الضربات الإسرائيلية كان رغبة نتنياهو في تأمين أجزاء جنوب غرب سوريا الأقرب إلى مرتفعات الجولان، وهي هضبة إستراتيجية إحتلتها إسرائيل خلال حرب عام 1967 وضمتها لاحقًا، بالإضافة إلى الحدّ من نفوذ تركيا، والذي يُعد أحد الأهداف الإسرائيلية الأخرى في سوريا، وفقًا لمسؤولين عسكريين سابقين ومحللين.

و أوضحت الصحيفة أنه على الرُغم من عدم مهاجمة الإدارة الجديدة في سوريا، إسرائيل منذ توليها السلطة، حيث أعلن عدد من المسؤلين الجدد و على رأسهم الشرع أن بلادهم قد سئمت الحرب وتريد العيش بسلام مع الدول جميعها، لاسيما و أن الشرع، الذي يجتهد ليقدم نفسه بصورة مختلفة عما كان عليه حينما كانت تربطه صلة سابقة بتنظيم “القاعدة”، يُشدد بشكل دائم على رغبته في قيادة نظام مستقر وأن يكون شريكًا موثوقًا به للدول الغربية.

ومع ذلك فإن المسؤولين الإسرائيليين متشككون أن الإدارة السورية الجديدة من المرجح أن تتطور إلى حكومة متشددة معادية لإسرائيل.

لماذا إختار ترامب توماس باراك بالتحديد لتولي الملف السوري

يجيب عن هذ التساؤل في تصريحات خاصة لنافذة الشرق الأكاديمي والمحلل السياسي الأمريكي أدريان كالاميل قائلاً لا أرى سوى سببين لتولي توماس باراك الملف السوري، ولا علاقة لأي منهما بفهمه لبلاد الشام. بل لعلاقته الوثيقة بالرئيس ترامب، التي أوصلته إلى منصب السفير في تركيا، وربما كان هذا أحد أسباب تعيينه مبعوثًا خاصًا إلى سوريا.
و أضاف كالاميل توماس باراك، المبعوث الخاص للشرق الأوسط، مثل ستيف ويتكوف، رجل أعمال بلا خبرة حكومية أو عسكرية، ومع ذلك، فقد أبرم كلاهما صفقات تجارية مع قطر، وفي مرحلة ما، أنقذتهما هيئة الاستثمار القطرية ماليًا.
هذا هو كل مافي الأمر

السبب الثاني من الواضح أن الرئيس ترامب يعتقد أن المال يمكن أن يتغلب على الأيديولوجية، وأن قطر، بمساعدة تركيا، يمكن أن تُبعد الشرق الأوسط عن التطرف. آمل أن يطرح باراك الأسئلة ويستمع إلى الردود، وألا يُقدم أي تعليق مُحرج مثل ويتكوف ثم يُسلم الإجابات لترامب توماس باراك ليس الشخص الذي يُريده أن يُقدم نصائح حول مسار مُستقبل سوريا .

ما هي خلفيات ودوافع لقاء باراك والشرع؟

و أوضح كالاميل أن هذا اللقاء الذي جاء بعد جولة ترامب في الشرق الأوسط، والتي أدلى فيها بعدد من التصريحات بشأن سوريا، بما في ذلك رفع العقوبات، كان من المرجح أن تُسفر عن جولة من الاجتماعات.

و أضاف أن دافع الشرع هو مليارات الدولارات الأمريكية التي سيزعم أنها لإعادة إعمار سوريا، بينما لا يمكن للولايات المتحدة الوقوع في فخ إضفاء الشرعية على حكومته دون التحقق الكامل من هوية الجهادي “المُصلح”.

ما أهمية ذلك اللقاء

يشير هذا اللقاء بالإضافة إلى اللقاء الذي جمع بين ترامب والشرع في العاصمة السعودية الرياض إلى تخلي الإدارة الأمريكية شيئاً فشيئاً عن نهجها الذي يقوم على التحفظ المشوب بالترقب الذي إنتهجته إدارة ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض حيال إدارة الشرع .

ويوضح الإعلامي السوري والخبير في شؤون الشرق الأوسط يمان الشواف خلال تصريحات خاصة لنافذة الشرق المزيد عن أهميك ذلك اللقاء الذي وصفه بالمهم بين الرئيس السوري أحمد الشرع والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، في إسطنبول، لقاء يُعد الأول من نوعه منذ تولي الشرع رئاسة المرحلة الانتقالية بعد سقوط نظام الأسد، وتكمن أهمية ذلك اللقاء فيما تم مناقشته من الملفات السياسية والأمنية والإنسانية ورفع العقوبات عن سوريا بعد القمة التي جمعت الشرع وترامب برعاية سعودية في الرياض.

و كشف الشواف أن الشرع أكد خلال اللقاء على تمسكه بوحدة الأراضي السورية ورفضه لأي محاولات للتقسيم، مشدداً على أن السيادة السورية غير قابلة للتفاوض. هذه رسالة واضحة بأن الحكومة السورية ماضية في محاولة السيطرة على كل الأراضي السورية وضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي.

أيضا ً تم التطرق خلال اللقاء لأهمية تطبيق اتفاق فصل القوات لعام 1974 بين سوريا وإسرائيل لضمان الاستقرار في الجنوب السوري.
وناقش اللقاء قرار الولايات المتحدة رفع العقوبات عن سوريا، وأكد الشرع أن هذه الخطوة تدعم الاستقرار في البلاد.

أبرز الملفات التي تمت مناقشتها خلال لقاء الشرع بمبعوث ترامب

من جهته فقد كشف الصحفي السوري وليد النوفل في تصريحات خاصة لنافذة الشرق أن هناك عدد كبير من الملفات التي تم تسليط الضوء عليها خلال ذلك اللقاء التاريخي من بين أبرزها: إعادة بناء العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، مناقشة متابعة رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وآثار العقوبات على سوريا، مناقشة الوضع في جنوب سوريا والتدخل الإسرائيلي، ملف الأسلحة الكيماوية، التعاون الأمني بين البلدين، محاربة الإرهاب، والاستثمارات الأجنبية في سوريا، بما فيها الأميركية، وملف شمال شرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد).

و أضاف النوفل برأيي أن واحد من أهم الملفات التي نوقشت هو ملف “قسد”، والذي تحاول دمشق وأنقرة حلحلة عقده وتفكيك الوضع الراهن في شرق سوريا، ودمج قوات “قسد” في وزارة الدفاع وبسط الدولة السورية سيطرتها.

ماهي إنعكاسات ذلك اللقاء على المشهد السياسي السوري

كما أكد يمان الشواف على أن إنعكاسات هذا اللقاء على المشهد السوري السياسي والأمني تكمن في كونه خطوة مهمة في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة السورية لتوحيد الأراضي السوري وفرض السيطرة الأمنية على كامل الأراضي السورية، والمضي قدماً في عملية إعادة الإعمار من خلال دعم الاستثمار الأجنبي في سوريا، لا سيما في قطاعي الطاقة والبنية التحتية، الحكومة السورية أكدت مراراً استعداده لتقديم التسهيلات اللازمة لجذب المستثمرين والمساهمة في جهود إعادة الإعمار.

ولفت إلى أن هذا اللقاء يعكس تحولاً في العلاقات بين دمشق وواشنطن، ويُعد مؤشراً على انفتاح الإدارة السورية الجديدة على التعاون مع المجتمع الدولي. من المتوقع أن يسهم هذا التقارب في تعزيز الاستقرار السياسي والأمني في سوريا، خاصة في دمشق والمناطق المحيطة، من خلال دعم جهود إعادة الإعمار وتحسين الوضع الاقتصادي، معتبراً أن لقاء الرئيس أحمد الشرع بالمبعوث الأميركي توماس باراك تطوراً مهماً في العلاقات السورية-الأميركية، ويُبشر بمرحلة جديدة من التعاون تهدف إلى تعزيز الاستقرار السياسي والأمني في سوريا، ودعم جهود إعادة الإعمار، وفتح آفاق جديدة للعملية السياسية نحو حل شامل للأزمة السورية.

ويوافقه الرأي الصحفي وليد النوفل الذي أكد على أن أصداء هذا اللقاء تنعكس بلا شك بشكل إيجابي على المشهد السياسي والأمني في سوريا، بما يعزز المزيد من الاستقرار وسيطرة الإدارة الجديدة على الأراضي السورية.
و أشار أيضاً إلى أن تصريحات المبعوث الأميركي التي تلت لقاءه بالشرع، كانت مثيرة للاهتمام، والذي إنتقد فيها اتفاقية سايكس-بيكو، وما نتج عنها من تقسيم للمنطقة، وصراعات تأثر بها أجيال من أبناء المنطقة، منتقداً التدخل الغربي، و مؤكداً على أن المستقبل سوف يبنى على حلول إقليمية وشراكات دبلوماسية وسياسية.

و أعتبر النوفل أن هذه التصريحات أطلقت رصاصة الرحمة على المشاريع الانفصالية ودعوات الحماية الدولية، ومشاريع التقسيم في سوريا، وهو ما يعني أن الموقف الأميركي صار واضحاً لا مزيد من التقسيم والحروب والصراعات في المنطقة.

و أختتم النوفل تصريحاته قائلاً اعتقد أن هذا اللقاء سيكون مقدمة لمزيد من اللقاء بين المسؤولين السوريين والأميركيين، ووفق ما رشح عن اللقاء فإن الطرفين عبرا عن نظرة إيجابية تجاه اللقاء، ويبدو أن دمشق تقوم فعلاً بخطوات إيجابية تجاه المطالب الأميركية، في ملف البحث عن المفقودين الأميركيين في سوريا، الأسلحة الكيماوية، استلام سجون “داعش”، ومحاربة الإرهاب.

هل سيستطيع الشرع الفصل بين ماضيه وحاضره

مع حالة الجدل التي تُثار عادةً في مختلف الأوساط العالمية حول إيدولوجيات الشرع بين الماضي والحاضر و التساؤل الدائر حول مدى قدرته على أن يثبت للولايات المتحدة والمجتمع الدولي أنه أصبح أحمد الشرع فقط و أنه رئيساً لكل السوريين يرى أدريان كالاميل أن الشرع سيستمر في المجادلة والتأكيد على أنه قادر على جعل سوريا آمنة للجميع بغض النظر عن العرق أو الدين أو الأصل العرقي ثم ستبدأ المساعدات الإنسانية بالوصول، مما سيساعد هيئة تحرير الشام على ترسيخ سيطرتها السياسية على حد قوله .

ما الهدف الذي ستحققه أنقرة من استضافة هذه المحادثات

وبهذا الصدد يوضح كالاميل أن أنقرة تواصل حملتها الرامية إلى تحميل العالم أجمع ثمن أجندتها العثمانية الجديدة، الأمر بهذه البساطة. ساهم أردوغان في تدمير البلاد بين عامي ٢٠١١ و٢٠١٨ حتى دحر وكلائه إلى إدلب، ثم سيطر على سوريا بمساعدة هيئة تحرير الشام، وعلى هذا الرجل أن يدفع ثمن كل ذلك على حد قوله .

ليبقى التساؤل مطروحاً هل سيستطيع رئيس الإدارة السورية الجديدة التغلب على التنظيمات الإرهابية ودحرها والقضاء عليها وهو أبرز المطالب التي شددت عليها إدارة ترامب و الإتحاد الأوروبي كذلك بل ووضعتها كضمانة هامة لتقديم الدعم لإدارة الشرع و كيف ستساعد الولايات المتحدة الشرع عبر توفير الحماية للأراضي السورية ضد هجمات حليفتها المقربة إسرائيل هل يصمد الشرع مستنداً إلى الدعم الأوروبي و الأمريكي الضخم المقدم له أم سيتراجع في منتصف الطريق .