زيارة الرئيس السوري إلى الكويت: تحوّل استراتيجي في المشهد العربي(خاص)

كتبت بسمة هاني

في تطور لافت يعكس التحولات الجارية في المشهد العربي، جاءت زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الكويت كإشارة قوية على تقدم مسار إعادة بناء العلاقات العربية السورية.

وتزامن هذا الحدث مع مناخ إقليمي يشهد إعادة ترتيب للأولويات، لا سيما في ما يتعلق بالأمن والاستقرار. في هذا السياق، تحدث الدكتور أحمد يونس، الباحث السياسي، لموقع “نافذة الشرق” عن دلالات هذه الزيارة وأبعادها السياسية والاقتصادية، وما تحمله من مؤشرات على دور كويتي متزايد في دعم انخراط دمشق مجددًا في محيطها العربي.

قال الدكتور أحمد يونس، الباحث السياسي، في حديث خاص لموقع “نافذة الشرق” إن زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى دولة الكويت تحمل أبعادًا سياسية عميقة، تتجاوز كونها مجرد محطة بروتوكولية.

ولفت إلى أن هذه الزيارة تأتي في لحظة مفصلية تشهد فيها المنطقة إعادة رسم للعلاقات الإقليمية، خاصة بعد إعادة فتح السفارات بين البلدين في أواخر عام 2024، عقب قطيعة دامت أكثر من عشر سنوات. وأشار إلى أن هذا التقارب يمثل تتويجًا لمرحلة جديدة من الانفتاح العربي تجاه سوريا، وتجسيدًا لروح المصالحة التي بدأت تتبلور في الفضاء السياسي العرب.

استئناف الدور العربي: الكويت بوابة جديدة لدمشق

وأوضح الدكتور يونس أن استقبال أمير الكويت للرئيس الشرع، وما صاحبه من تصريحات تؤكد على وحدة سوريا وسيادتها، يعكس بوضوح نية الكويت في لعب دور داعم وربما وساطة في سبيل تعزيز موقع دمشق ضمن منظومة العمل العربي المشترك.

وأكد أن ذلك يتماشى مع توجهات مجلس التعاون الخليجي الذي يعيد ترتيب أولوياته بما يخدم الاستقرار والأمن الإقليمي، مشيرًا إلى أن الكويت بحكم سياستها المتزنة قادرة على تسهيل هذا التحوّل، لا سيما أنها حافظت على قنوات تواصل مفتوحة مع معظم أطراف النزاعات في المنطقة.

البعد الاقتصادي: دعم إنساني وتمهيد لإعادة الإعمار

ونوّه الدكتور يونس إلى أن الجانب الاقتصادي شكّل محورًا مهمًا في الزيارة، خاصة في ظل الحديث المتزايد عن مرحلة إعادة الإعمار في سوريا. وقال إن إطلاق جسر جوي إنساني من الكويت إلى سوريا، تزامنًا مع زيارة وزير الخارجية الكويتي إلى دمشق في ديسمبر الماضي، يدل على رغبة كويتية واضحة في المساهمة في الجهود الإنسانية والاقتصادية هناك.

وأشار إلى أن الكويت تمتلك خبرات طويلة في إدارة صناديق التنمية ومساعدات ما بعد الأزمات، وهو ما يؤهلها لأن تكون شريكًا رئيسيًا في إعادة تأهيل البنية التحتية السورية، وتقديم الدعم الفني والمالي في مشاريع تنموية مستقبلية.

ملفات إقليمية حاضرة: من غزة إلى الخليج

وفيما يخص القضايا الإقليمية

أشار الدكتور يونس إلى أن المباحثات الثنائية بين الرئيس الشرع وقيادة الكويت لم تخلُ من التطرق إلى الملفات الساخنة في المنطقة، وفي مقدمتها الوضع المأساوي في قطاع غزة، إلى جانب التوترات المتصاعدة في الخليج نتيجة الاحتكاكات بين إيران والولايات المتحدة.

ولفت إلى أن الكويت، بوصفها دولة ذات سياسة خارجية مرنة وعلاقات دبلوماسية متوازنة، قد تسعى إلى تنسيق المواقف مع دمشق، أو على الأقل فتح قنوات للتشاور الاستراتيجي معها، بما يتوافق مع التوجه العربي نحو بناء رؤية جماعية أكثر نضجًا في التعامل مع الأزمات.

الكويت ودورها المرجح في إعادة دمج سوريا

واختتم الدكتور يونس تصريحه بالتأكيد على أن زيارة الرئيس السوري إلى الكويت تمثل خطوة نوعية على طريق إعادة سوريا إلى المشهد الدبلوماسي العربي، وأن الكويت قد تلعب دورًا محوريًا في هذه العودة، سواء عبر تحركات سياسية أو من خلال بوابة التنمية والدعم الاقتصادي.

وقال إن التحولات الجارية تمنح دولًا مثل الكويت فرصة لتعزيز نفوذها الإقليمي عبر لعب أدوار توازنية تدعم الاستقرار، وتسهم في تجاوز مرحلة الانقسام، لصالح مرحلة جديدة من التعاون والشراكة داخل الإطار العربي.