ساحل أفريقيا الملتهب يُقلق واشنطن.. وتوغو تعرض التنسيق الاستخباراتي مع واشنطن ودول الساحل

كتب: محمود أحمد

بعد سحب الولايات المتحدة تدريجيا لمساعداتها العسكرية من منطقة الساحل الإفريقي نحو السواحل الأطلسية، اتسعت رقعة النفوذ لدى الجماعات المتطرفة، مما أطاح بالاستقرار داخل دول الساحل وخارجها، وهذا جعل توغو تعرض التنسيق الاستخباراتي بين واشنطن ودول الساحل، وتكمن التساؤلات هنا في: ما هي كواليس التهدئة، وما هو دور توغو الإقليمي؟وهل تتحرك كوسيط نزيه أم عندها طموحات إقليمية؟

ما هو دور توغو الإقليمي؟
في تصريحات خاصة لـ نافذة الشرق، أجابت الدكتورة نجلاء مرعي، أستاذة العلوم السياسية وخبيرة الشئون الإفريقية، على هذه التساؤلات، مؤكدة أن اقتراح توجو الجديد بالتنسيق الاستخباراتي بين واشنطن ودول الساحل طرح في ظل مرحلة حرجة تعاني فيها منطقة الساحل الإفريقي من فراغ أمني كبير فتح الباب لتوترات وعمليات إرهابية، مضيفة: «باتت هذه التواترات من وجهة نظري تهدد الاستقرار الإقليمي، وتثير أيضا مخاوف دولية وإقليمية واسعة، خاصة في ظل عدم قدرة دول الساحل الإفريقي على التصدي للتنظيمات المسلحة».

وأضافت الدكتورة نجلاء مرعي: «نحن شهدنا انسحاب فرنسا من النيجر في يوليو 2023، ومطالبة مغادرة القوات الأمريكية أيضا التي كان عددها أكثر من 1000 جندي وكانت متمركزة في قاعدة جنوب شرق أغادير، وتشاد أيضا طلبت من القوات الأمريكية مغادرة أراضيها في هذه المرحلة»، لافتة: «لذا نشهد فراغ أمني، انسحاب فرنسي انسحاب أمريكي».

هل توغو تتحرك كوسيط نزيه أم لديها طموحات إقليمية؟
وأشارت: «لذا أعتبر أن اقتراح توجو جاء أيضا لأن التدخل الأمريكي المباشر أصبح محدود»، مضيفة: «قيّد القانون الأمريكي بعض أشكال المساعدة المباشرة لدول الساحل كمالي وبوركينا فاسو والنيجر، وبالتالي تبادل المعلومات يبقى قانونا موجودا وحيويا.

وأوضحت خبيرة الشؤون الإفريقية، أن هذا الاقتراح أتى في ظل نشاط مكثف للجماعات المتطرفة التي تهدف للوصول إلى ساحل غرب إفريقيا، مشيرة إلى أن هذا المخطط لا يعرض الدول الإفريقية فقط للخطر، وإنما يعرض احتمال وصول التهديدات إلى سواحل الولايات المتحدة وهو ما يهدد الولايات المتحدة الأمريكية.

ما هي علاقات الولايات المتحدة بدول الساحل ومدى تأثير الوساطة عليها؟
وأكدت أستاذة العلوم السياسية أن مواجهة التطرف ودعوة الولايات المتحدة للتحرك سريعا بالتعاون مع شركاء موثوقون، كالتحرك مع توجو، هي خطوة مهمة ضرورية في هذه المرحلة، لافتة إلى أن توجو بالنسبة للولايات المتحدة شريك دفاعي مهم، شريك أمني، لديهم علاقات متينة فيما يخص الدفاع الأمني، لديهم اتفاقيات أمنية، تدريبات عسكرية مشتركة، لديهم دوريات بحرية في مكافحة الإرهاب».

وأضافت الدكتورة نجلاء مرعي: «لا ننسى مشاركة في مناورة فلينت لوك التي كانت خاصة بمكافحة التطرف في منطقة الساحل، موضحة: «فأعتقد أن هناك تنسيق سابق فبالتالي جاءت هذه الدعوة للولايات المتحدة، وأعتقد أن هذه خطوة مرحبة بها من الولايات المتحدة الأمريكية».

هل تسعى توغو لتعزيز دورها الإقليمي أم تحاول كسب ثقة الولايات المتحدة ؟
وأشارت إلى أن توجو تهدف من هذه الدعوة إلى تعزيز دورها الإقليمي، وكسب ثقة الولايات المتحدة، حيث تلعب دور مهم في أمن واستقرار منطقة الساحل الإفريقي، لأنها تعاونت مع أطراف إقليمية وأطراف دولية وقدمت مبادرات لتحقيق التنمية الاقتصادية ومكافحة الإرهاب، موضحا: «لا ننسى أن توجو الآن بتدرس إلى الانضمام لتحالف دول الساحل لمكافحة الإرهاب، وهذه خطوة أعلنت عنها في يناير 2025.

هل هناك بوادر تمدد للجماعات المتطرفة نحو سواحل الأطلسي؟
وأكدت أن هناك بوادر لتمدد واتساع نفوذ الجماعات الإرهابية المتطرفة في المناطق الجديدة، بما في ذلك سواحل ساحل شمال الأطلسي، مضيفة: «هذا التمدد ليس تمددا عسكريا فقط، بل من وجهة نظري هناك انتشار أيدولوجي وتكتيكي.. محاولة إنشاء مناطق نفوذ وشن هجمات بتستهدف البنيات التحتية الحوية في منطقة الساحل الإفريقي».

وأوضحت أن هناك انتشارا وتزايدا للجماعات الإرهابية في منطقة ساحل شمال الأطلسي، لافتة إلى أنه هذا يتطلب استجابة إقليمية ودولية متكاملة، لا سيما أن هناك محاولة تجنيد لجماعات من الأفراد المحلية،

وأكدت خبيرة الشؤون الإفريقية أنه للتأثير على الرأي العام، تحاول هذه الجماعات أن تنشئ مناطق نفوذ خاصة بها، فتحاول تقوض سلطة الحكومات المحلية، وتسيطر على الموارد الطبيعية، وتجند المزيد من المقاتلين، لزيادة القدارت الخاصة بها، مضيفة: «من المتوقع أن يكون هناك تحالفات محتملة بين الجماعات المتطرفة، ده بيدي احتمالات أكبر انها تشن هجمات أكثر تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي».

وأشارت إلى أنه حتى الحكومات المحلية تواجه تحديا كبيرا في مكافحة هذا التمدد، وأنه يجب إجراء محاولات للعمل على تعزيز الأمن وتتطور الاستراتيجيات لمواجهة التطرف وما إلى ذلك.

وأكدت أستاذة العلوم السياسية أن دول الثلاث مالي والنيجر وبوركينا فاسو تجاه الولايات المتحدة، لافتة: «أرى أن هذا الاقتراح من الممكن أن يؤثر على مواقف دول الساحل تجاه الولايات المتحدة، ولكن هذا يعتمد على عدد من العوامل، أرى أن دول الساحل رافضة للوجود الغربي، وللوجود الأمريكي، ولكن في ظل ضعف قدرة هذه الدول على التصدي للجماعات المتطرفة، أعتقد أنه من الممكن دراسة هذا المقترح الذي يعتمد تأثيره على عدد من العوامل».

هل يُمكن أن يؤثر اقتراح توغو على مواقف دول الساحل مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو تجاه الولايات المتحدة؟
وعن العوامل المؤثرة لمقترح توجو، قالت الدكتورة نجلاء مرعي: « إن أول عامل متأثر بمقترح توجو هو:
أولا: طبيعة المقترح نفسه، هل سيكون مفيدا لدول الساحل؟ في تدعيم الأمن ومكافحة الإرهاب، هل سيحسّن العلاقات بين أمريكا ودول الساحل أما ماذا؟، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة لا يمكنها الدخول مباشرة في هذه المرحلة مع دول الساحل الثلاث، ولكنها تحاول تدخل بأسلوب غير مباشر، أهم شيء أن يكون هذا الاقتراح ليس به تدخل من الولايات المتحدة في الشؤون الداخلية لهذه الدول، لأن ذلك سيزيد التوتر مع الولايات المتحدة.

وأضافت: «العامل الثاني: «رد فعل دول الساحل نفسها، مواقفها قد تختلف، بناء على مصالحها الوطنية ومواقفها السياسية، فمن الممكن أ:ن ترحّب دول بالتعاون مع الولايات المتحدة، موضحة: « ومن الممكن أن تعتبر دول أخرى هذا المقترح فرصة جيدة تعتبر لتقويض لسيادتها لمصالحها الوطنية، الولايات المتحدة التي من الممكن أن تلعب دورا كبيرا في الاستجابة لهذا المقترح، لاسيما إن استطاعت أن تتجاوب مع دول الساحل، وأن يتم تنفيذ هذا المقترح وفقا للمصلحة الوطنية لدول الساحل,.

وأشارت: «نستطيع أن نقول أن هذا المقترح يعتمد على الولايات المتحدة، ودول الساحل، وتوجو أيضا باعتبارها صاحبة الخطوة الأولى، متابعة: «لا ننسى ان علاقات الولايات المتحدة توترت مع دول الساحل في المرحلة الأخيرة، ولكن قبل ذلك كان لديها علاقات معقدة ومتداخلة لأنها كانت تسعى فيها إلى تعزيز مصالحها الوطنية الأمنية، ومن ناحية أخرى إلى تقويض النفوذ الروسي والصيني المتنامي بشكل كبير في هذه المنطقة»،

وأكدت خبيرة الشؤون الإفريقية أن توجو من المفترض أن يكون لها دور في تحالف دول الساحل، خصوصا بعد إعلانها في يناير 2025 أن هناك إمكانية تحدثت أنها تدرس الانضمام لدول الساحل، وهذا قرار استراتيجي، يمكن أن يعزز التعاون الإقليمي، وأن يوفر لدول الساحل وصول بحري، وهي طبعا خطوة مهمة بعد الانقلابات العسكرية، التي حدثت في الدول الثلاث، مضيفة: «توجو دولة ساحلة دولة مهمة، تتيح للدول الغير ساحلية منفذ حيوي على البحر، هذا يساهم في تعزيز علاقاتها مع الدول الأخرى، ويسهل تمددها وتبادلها التجاري».

وأكدت أن الجماعات الإرهابية منتشرة جدا، موضحة أن هناك تنظيمين رئيسيين مهيمنتان بقوة على المشهد في الساحل الإفريقي جماعة نصرة الإسلامي والمسلمين، وتنظيم داعش الإرهابي في الساحل.

وأشارت إلى أن هناك تطورا تكنيكيا حتى استعمال الأسلحة المضادة الطيران، والطيارات بدون طيار، بتتجاوز قدرة المليشيات المحلية في القوة والسيطرة،

واختتمت الدكتورة نجلاء مرعي، حديثها لـ نافذة الشرق قائلة: «أؤكد لك أن هذا المقترح جاء في مرحلة حذرة، وحساسة ومهمة في ظل وجود فراغ أمني كبير، وأعتقد أنه يتم دراسته حاليا من قبل الدول الثلاث».