صراع مفتوح بين إيران وإسرائيل.. سيناريوهات التصعيد المحتملة والأستاذ الزائر بالناتو يكشف أبرز التوقعات (خاص)

كتب : إسلام ماجد

تشهد المنطقة واحدة من أخطر فصول التوتر الإقليمي، بعد الضربات الإسرائيلية غير المسبوقة على إيران، وتطور المشهد إلى مواجهة مفتوحة باتت تنذر بانفجار شامل، قد يعيد رسم خارطة القوى في الشرق الأوسط.

وفي خطاب موجه للشعب الإيراني، تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باللغة الإنجليزية، داعيًا الإيرانيين للانتفاض ضد ما وصفه بـ”نظام شرير وقمعي”، مؤكدًا أن العمليات العسكرية الإسرائيلية “تمهد الطريق لحريتهم”. وهي رسالة تحمل أبعادًا تتجاوز العمليات العسكرية إلى دعوة مبطنة لتغيير النظام في طهران.

وبينما تتسع رقعة التصعيد، ومع تواتر الضربات المتبادلة، يتزايد الغموض حول الأهداف الحقيقية لإسرائيل. فهل تسعى فقط إلى تحجيم قدرات إيران النووية؟ أم أن هناك خطة أوسع تشمل ضرب مفاوضات فيينا، وإسقاط النظام الإيراني من جذوره؟

سيناريوهات المواجهة.. من الضربات المحدودة إلى الحرب الشاملة

تعددت قراءات المحللين للمشهد المعقد الراهن، وانقسمت السيناريوهات المحتملة إلى مسارات ثلاثة رئيسية، أبرزها:

السيناريو الأول يتمثل في استمرار الضربات الإسرائيلية بوتيرة تصاعدية، مع احتوائها ضمن قواعد الاشتباك التقليدية، دون أن تتطور إلى حرب شاملة. ويعتمد هذا السيناريو على فرضية أن إيران لن تنجر إلى مواجهة مفتوحة، تدرك أنها قد تكون مدمرة، خاصة في ظل الوضع الداخلي المتأزم، والتراجع الشعبي النسبي في الداخل الإيراني بعد موجة الاحتجاجات الأخيرة.

أما السيناريو الثاني، فيتعلق بإمكانية تدخل الولايات المتحدة في حال استهدفت إيران المصالح الأميركية في المنطقة. إذ ترى طهران أن واشنطن ضالعة في الهجوم الإسرائيلي عبر دعم لوجستي من قواعدها الإقليمية، وهو ما نفاه الرئيس دونالد ترامب علنًا، لكنه لوّح في المقابل برد “غير مسبوق” إذا استهدفت قواته في أي مكان، مما يفتح الباب أمام احتمال توسع المعركة.

السيناريو الثالث، والأخطر بحسب صحيفة “لوتان” السويسرية، يتمثل في احتمال فشل إسرائيل في تدمير البرنامج النووي الإيراني كليًا، مما يدفع طهران لتسريع سباقها نحو امتلاك القنبلة النووية. إذ لم تنجح الهجمات في ضرب منشآت رئيسية كنطنز وفوردو، حيث تقع هذه المنشآت في عمق الأرض، وتحتاج لقنابل خارقة للتحصينات لا تملكها إسرائيل وحدها، بل تحتاج إلى الدعم الأميركي العسكري المباشر.

صراع إقليمي أم انفجار عالمي؟

تحذر العديد من التقارير الغربية من أن استمرار الحرب لأيام أو أسابيع سيخلق واقعًا جديدًا في المنطقة، خصوصًا إذا استخدمت إيران وكلاءها الإقليميين، كحزب الله والحوثيين، لمهاجمة القواعد والسفارات الأميركية أو الإسرائيلية. حيث أُطلقت بالفعل صواريخ على قواعد أميركية في العراق، وشارك الحوثيون في الرد على تل أبيب، مما يفتح المجال أمام تصعيد واسع قد يشمل عدة دول في الإقليم.

ويأتي ضمن هذه المخاطر احتمال إغلاق إيران لمضيق هرمز، أحد أهم الممرات البحرية لنقل النفط، وهو ما قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية عالمية. حيث سجل سعر برميل النفط قفزات حادة عقب الهجوم الإسرائيلي، ومن المرجح أن يستمر هذا الارتفاع إذا تصاعد الصراع العسكري.

أما أخطر السيناريوهات وأكثرها حساسية، فهو سقوط النظام الإيراني. وهو هدف غير معلن لإسرائيل، لكنه موجود في خطاب نتنياهو والعديد من الصقور في واشنطن. ومع أن هذا السيناريو قد يجد ترحيبًا من بعض الأوساط الإيرانية المعارضة، إلا أن سقوط مدنيين قد يُفقد الهجوم شرعيته دوليًا، ويدفع الشعب للالتفاف حول النظام، بدلًا من الإطاحة به.

روسيا تحذر أمريكا من دعم إسرائيل عسكريًا وتؤكد أن التصعيد يهدد استقرار الشرق الأوسط

في تطور لافت يعكس خطورة التصعيد المتواصل بين إيران وإسرائيل، وجهت روسيا تحذيرًا شديد اللهجة إلى الولايات المتحدة من تقديم أي دعم عسكري مباشر لتل أبيب، محذرة من أن هذا التدخل قد يؤدي إلى زعزعة شاملة لاستقرار الشرق الأوسط. نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف شدد على أن موسكو على تواصل مع الجانبين الإيراني والإسرائيلي لاحتواء الموقف. في المقابل، دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إجلاء سكان طهران، بينما يدرس خيارات عسكرية لدعم إسرائيل، بينها استهداف المنشآت النووية الإيرانية. يأتي ذلك وسط تبادل كثيف للضربات الصاروخية، وانفجارات عنيفة هزت تل أبيب وطهران خلال الساعات الأخيرة.

الأستاذ الزائر بالأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل يحلل السيناريوهات المحتملة في صراع الشرق الأوسط

في تصريحات خاصة لنافذة الشرق، توقع اللواء د. سيد غنيم، الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل، أن تشهد الأزمة بين إيران وإسرائيل واحدًا من أربعة سيناريوهات محتملة خلال الفترة المقبلة.

ورأى أن السيناريو الأول يتمثل في وقف الحرب، والانتقال إلى مسار تفاوضي بشروط مرنة أو بدون شروط على الجانب الإيراني.

أما السيناريو الثاني، فيقوم على قدرة إسرائيل على توجيه ضربة عسكرية حاسمة لإيران، منفردة أو بدعم أميركي مباشر، من خلال تدمير معظم القدرات العسكرية الإيرانية، واستهداف منشآت تخصيب اليورانيوم الأساسية، وعلى رأسها فوردو ونطنز، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات نوعية ضد قادة الحرس الثوري الإيراني.

وأشار إلى أن السيناريو الثالث قد يشهد نجاح إيران في قلب موازين المواجهة، عبر استخدام أسلحة وصواريخ نوعية، ترهق منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي، وتطيل أمد الاشتباكات، مما يعزز موقف النظام الإيراني داخليًا.

فيما رجّح في السيناريو الرابع، احتمال حدوث تغيير سياسي داخل طهران، من خلال تحرك يقوده الرئيس الإيراني الإصلاحي بازشكيان، أو بعض أعضاء حكومته، أو قوى معارضة، لعزل المرشد الأعلى، وتقييد سلطاته، بالتزامن مع مؤشرات على تراجع أو تفكك في بنية الحرس الثوري الإيراني.