صلاة بن غفير العلنية في الأقصى استفزاز مدروس أم تمهيد للتقسيم المكاني؟

كتبت بسمة هانى

أدى وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير صلاة علنية داخل باحات المسجد الأقصى، في تصرف وصفه مراقبون بأنه تصعيد خطير واستفزاز مباشر لمشاعر الفلسطينيين والعرب والمسلمين، ما أعاد إلى الواجهة سيناريو التقسيم المكاني والزماني للحرم القدسي، على غرار ما حدث في الحرم الإبراهيمي بالخليل عام 1994.

توقيت محسوب ورسائل متعددة

قال الدكتور نزار نزال، المحلل السياسي والباحث في قضايا الصراع من جنين، في حديث خاص لموقع “نافذة الشرق”، إن توقيت صلاة بن غفير العلنية ليس عشوائيًا، بل يحمل أبعادًا سياسية داخلية وخارجية واضحة.
ولفت نزال إلى أن هذه الخطوة تأتي في ظل صراع داخلي على زعامة التيار اليميني المتطرف داخل إسرائيل، وتنافس محموم بين أقطاب الائتلاف الصهيوني الحاكم، ما يجعل هذه الزيارة رسالة داخلية موجهة للناخب الإسرائيلي المتشدد.

تصعيد يتجاوز الدوافع الدينية

وأشار نزال إلى أن الزيارة لا يمكن قراءتها فقط من منظور ديني، بل تحمل دلالات أيديولوجية وسياسية صريحة، في ظل محاولة فرض أمر واقع جديد في الأقصى.
وأكد أن إسرائيل تستغل الظروف الإقليمية والدولية الحالية، خصوصًا الدعم الغربي غير المحدود، لإحداث تغييرات جوهرية في معادلة السيطرة على المقدسات في القدس.

الأردن في مرمى الاستفزاز

ونوه نزال إلى أن الخطوة تحمل أيضًا رسالة تحدٍ صريحة للأردن، الذي يتولى الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، معتبرًا أن ما جرى خرق واضح للوضع القائم ومحاولة لتقويض الدور الأردني، في لحظة سياسية شديدة الحساسية على المستوى الإقليمي.

أوجه التشابه مع سيناريو الحرم الإبراهيمي

وعند سؤاله عن المقارنة بين ما يحدث في الأقصى وما جرى سابقًا في الحرم الإبراهيمي، أوضح نزال أن السياقين مختلفان جزئيًا، لكنه شدد على أن الهدف في الحالتين هو فرض تقسيم مكاني وزماني.
وقال نزال إن الحرم الإبراهيمي قُسّم بعد مجزرة عام 1994، أما في الأقصى، فإن التقسيم يُمرر بشكل تدريجي ومنهجي دون صدمة دموية مباشرة حتى الآن.

ردود أفعال خجولة أمام خطوات مدروسة

وأشار نزال إلى أن ردود الفعل الفلسطينية والعربية والإسلامية جاءت خجولة للغاية ولا ترقى لحجم الخطر القائم، مضيفًا أن الرد اقتصر على بيانات تنديد وشجب، دون تحركات فعلية على الأرض لمواجهة المخططات الإسرائيلية.

هل يشعل التصعيد انتفاضة جديدة؟

في هذا السياق، أكد نزال أن استمرار مثل هذه الخطوات الاستفزازية قد يشعل جولة جديدة من التصعيد في القدس والضفة الغربية، مشيرًا إلى أن الأوضاع الميدانية اليوم باتت أكثر هشاشة.

وقال: “الجندي في الشارع اليوم هو الحاكم، وهو من يمتلك الصلاحية لإطلاق النار على أي فلسطيني، حتى على من يرمش بعينه”، في إشارة إلى تفشي سياسة الإعدام الميداني وغياب المحاسبة.

تحذير من تكلفة التصعيد

وشدد نزال على أن اندلاع انتفاضة جديدة، مشابهة لانتفاضتي عام 1987 أو عام 2000، سيكون باهظ الثمن من حيث الدماء والمعاناة الفلسطينية، لكنه اعتبر في الوقت ذاته أن الواقع المتغير بسرعة قد يفرض مفاجآت ميدانية غير مسبوقة