صناعة التعهيد.. الحكومة تسعى للوصول إلى الرقم 13 بحلول 2030

السبكي: مصر الأولى عربيا وإفريقيا في صناعة التعهيد وتمتلك 150 منشأة تعهيد

صبحي: لدينا قدرات تنافس كبار الصناعة

كتب: محمد عبده

وقعت الحكومة في نهاية شهريناير الماضي اتفاقًا مع شركة كونسنتركس الأمريكية لضخ استثمار بقيمة مليار دولار  لتتوسع أعمال الشركة في مصر بما يوفر نحو 16 ألف فرصة عمل حتى عام 2028.

بموجب الاتفاقية؛ تُنفذ هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا) دورات تدريبية لتنمية مهارات الشباب الرقمية واللغوية والشخصية للشباب، بالإضافة إلى الترويج للمقومات المصرية عالميًا؛ وتقديم الدعم اللوجيستي للمستثمرين.

أكد رئيس الوزراء أن الحكومة تعمل على جذب نحو 13 مليار دولار بحلول 2030، كاستثمارات في صناعة التعهيد والاتفاقية الأخيرة تتناغم وتتوافق مع التعهدات الحكومية الخاصة بتنمية الاستثمارات عموما والتعهيد بشكل خاص باعتباره أحد القطاعات التي أثبتت مصر تفوقها به من خلال عدة مميزات على رأسها توافر الأيدي العاملة بتكلفة قليلة وتوافر العمالة.

لأن المفهوم يبدو غريبًا على البعض، فتبسيطًا يمكن توضيح وتفسير معنى صناعة التعهيد بأنها “صناعة الكول سنتر” أي أن الشركات والهيئات من جميع دول العالم توكل شركة أخرى في دولة أخرى للقيام بخدمة عملائها وتمتلك مصر العديد من الكيانات الكبيرة في هذه الصناعة على رأسها شركتي كونسنتركس وتيلي بيرفورمنس.

يوضح عمرو صبحي الرئيس التنفيذي لشركة كونسنتركس أن رغبة الحكومة في تحقيق عوائد تصل إلى 13 مليار دولار من صناعة التعهيد أمر ممكن عبر مضاعفة الاستثمارات والتي لا تحتاج سوى الدعم والتيسير للمستثمرين في القطاع.

ويضيف في تصريح خاص لـ«نافذة الشرق» أن الاستقرار وتذليل العقبات أمام المستثمرين، وزيادة كليات ومراكز تعليم للغات بشكل جيد يضمن نمو صناعة التعهيد ومراكز الاتصالات في مصر، لافتا أن لدينا قدرات تنافس كبار الصناعة كالفلبين والهند، بما لدينا من بنية تحتية تكنولوجية متطورة ومحدثة بشكل دوري علاوة على توافر كليات اللغات المختلفة من الإنجليزية للفرنسية والألمانية والروسية وغيرهم وزيادة عددها في السنوات الأخيرة، بينما دولة كالفلبين تعتمد على اللغة الإنجليزية فقط ويعمل لديها نحو مليون مواطن.

وعدد الرئيس التنفيذي لشركة كونسنترنس المميزات الأخرى التي تمتلكها مصر ومنها انخفاض تكلفة العمالة خاصة بعد تحرير سعر الصرف الأخير في مارس من العام الماضي، ما أعطى قدرة للمنافسة مع الدول الأخرى وعلى رأسها الهند.

ويقول صبحي إن عدد العاملين بصناعة التعهيد في مصر يقدر بأكثر من 220 ألف موظف متوقع، ومتوقع زيادتهم مع استمرار تحفيز الدولة لجلب المستثمرين في القطاع الواعد القادر على امتصاص الأيدي العاملة وتقليص البطالة، علاوة على توجه شركات التعهيد لإقامة مقرات لها بالمحافظات حيث تمتلك كونسنتركس نحو 11 مركزًا في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والغردقة وقريبا بالجيزة.

قال أحمد السبكي عضو غرفة الاتصالات باتحاد الصناعات، إن مصر حققت أرقامًا طيبة في قطاعات التكنولوجيا عموما والتعهيد خصوصا، حيث بلغ حجم الصادرات الرقمية في 2022 نحو 4.9 مليار دولار، وبحلول 2025 متوقع أن ترتفع إلى 9 مليارات، علاوة على ذلك مصر تحتل المرتبة الأولى عربيا وإفريقيا في صناعة التعهيد وتمتلك 150 منشأة تعهيد.

ويشير الدكتور صبحي عبد العزيز أستاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق إلى أن الحكومة لم تلتفت لصناعة التعهيد ونجاحها إلا بحلول 2022 بالتوازي مع إطلاق الإستراتيجية الرقمية، مؤكدًا أن مصر مؤهلة للمنافسة مع دول أخرى في ظل توافر عامل الأيدي العاملة المدربة والبنية التحتية التكولوجية.

الاتفاقية الأخيرة مع الشركة الأمريكية بمثابة صك جديد على قوة مصر في صناعة التعهيد التي بدأت كمهنة مؤقتة للطلبة قبل أن تتحول إلى مركز جذب بفضل دعم الدولة لتوطيدها من خلال توفير البنية التكنولوجية.  

صناعة التعهيد ولدت لتبقى

في مطلع الألفية ظهرت عدة شركات على استحياء تطلب مجموعات صغيرة من الشباب للعمل كموظفين خدمة عملاء، ولم تحقق المهنة الوليدة إقبالا إلا في أوساط الطلبة كعمل مؤقت غير دائم لا مستقبل له، فكل شهر يدخل ويخرج مئات الطلبة والعمل مستمر، إلا أن التغير الجوهري حدث منذ أن بدأت شركة فودافون مشروعها لتشغيل كول سنتر باللغة الإنجليزية لخدمة عملائها في عدة دول منها ايرلندا. المرتبات المجزية استقطبت الكثير من الطلبة بأقسام اللغة الإنجليزية بكليات الألسن والآداب والتربية.

وبعد مرور 10 سنوات من بدء صناعة التعهيد في مصر وتمددها عبر مستثمرين كبار وصغار وعلى أيدي مجموعات من الشباب استطاعوا جذب مئات العملاء من جميع أنحاء العالم أصبحت صناعة التعهيد جاذبة للراغبين في العمل في ظل مرتبات مناسبة مقارنة بغيرها وربما لا يعيبها سوى ساعات العمل الطويلة كما يقول محمد كمال موظف سابق بخدمة العملاء.

ويعلق محمد محمود أحد العاملين منذ 14 سنة بشركة تعهيد على ما وصلت إليه الصناعة بمصر أن لا أحد يتوقع ما حدث خلال السنوات العشر الأخيرة في القطاع فبعد أن كان العمل بمثابة مرحلة انتقالية للطلبة والخريجين لحين توافر فرصة عمل أخرى، فالأغلبية ظنت أن لا مستقبل لها إلا أن الواقع تغير بالكلية فأصبحت مهنة يتهافت عليها الكثير في ظل مرتبات جيدة وترقي وظيفي دائم وفي وقت قصير.