كتبت بسنت السيد
في تحليله للخطة العسكرية الممنهجة التى تتبعها إسرائيل في إبادة الشعب الفلسطيني قال الخبير العسكري العقيد حاتم كريم الفلاحي في تصريحات إعلامية متلفزة إن العملية العسكرية التى شنها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة تتكون من 3 مراحل، لافتاً إلى أن كل مرحلة تعد أكثر ضراوة من سابقتها.
3مراحل للعملية العسكرية
وأضاف الفلاحي أن المرحلة الأولى تتضمن عمليات قصف جوي متفرقة بهدف إجبار المدنيين على التهجير والنزوح من مناطقهم.
أما المرحلة الثانية -حسب الخبير العسكري- فتشمل قصفا جويا وبريا إسرائيليا مكثفا يتزامن مع تحركات برية إلى مناطق محددة لتهجير السكان من مناطقهم، ثم السماح لهم بالانتقال إلى مدينة رفح جنوبا
وتشمل المرحلة الثالثة من “عربات جدعون” اجتياحا بريا واسعا بهدف السيطرة والتفكيك العسكري لقدرات المقاومة وبنيتها التحتية في المناطق التي سيتم الدخول إليها بما فيها الأنفاق.
ولفت إلى أن هذه المراحل سبقتها مرحلة الاستعداد والتهيئة والدعم اللوجستي على غرار إقامة محاور داخل قطاع غزة مثل نتساريم، وتقسيم القطاع إلى مناطق متعددة، وإنشاء “منطقة إنسانية جديدة” في رفح.
إجبار الغزيين على النزوح
وأعرب الخبير العسكري عن قناعته بأن العملية العسكرية الجديدة تجاوزت مسألة الأسرى المحتجزين بغزة، إذ أن كل مرحلة ستكون أشد ضراوة وشدة، مما يعني أن عمليات القصف قد تطول مناطق احتجاز الأسرى مستهدفين من هذه المرحلة إجبار من تبقى من السكان على النزوح من أجل فصل المدنيين عن فصائل المقاومة.مشيرا إلى أن ما يحدث يندرج أيضا في سياق الضغط الإسرائيلي على فصائل المقاومة من أجل انتزاع تنازلات .
وقال الفلاحي إن 5 فرق عسكرية إسرائيلية تشارك في العملية الجديدة 3 منها ستعمل في المنطقة الجنوبية، وستكون تحت قيادة الفرقة 36 أو 162، في حين ستعمل فرقتان عسكريتان في شمال القطاع.
وعلى صعيد آخر ، ذكرت وسائل إعلام فلسطينية بأن دبابات الاحتلال تتجه نحو في محورين، باتجاه مخيم جباليا شمالي القطاع، وباتجاه بلدتي خزاعة والفخاري شرق خان يونس جنوبي القطاع، بالتزامن مع قصف مدفعي مكثف وغارات جوية.
وأوضحت مقاطع فيديو مصورة عن نزوح عائلات فلسطينية من مخيم جباليا وبيت لاهيا وتل الزعتر في شمال القطاع مع اشتداد القصف الإسرائيلي.
ومنذ يومين قال الجيش الإسرائيلي بحسب تصريحات إعلامية أنه بدأ عمليات برية واسعة في مناطق بشمال قطاع غزة وجنوبه، ضمن عملية “عربات جدعون”، وذلك رغم دخول مفاوضات وقف إطلاق النار مرحلة وُصفت بالحاسمة.
حصيلة القصف
وكانت حصيلة القصف وفقا لما ذكره الجيش الإسرائيلي أنه قصف 670 هدفا في قطاع غزة الأسبوع الماضي في إطار التمهيد للعملية البرية.
وبحسب بيانات طبية فقد استشهد وإصيب مئات المدنيين الفلسطينيين، جراء القصف المكثف الذي شمل المنازل وخيام النازحين والمستشفيات.
ردود أفعال منددة بعملية “عربات جدعون” الإسرائيلية في غزة
تصاعدت ردود الفعل المنددة على المستوى الدولي إعتراضا على عملية “عربات جدعون” في قطاع غزة، تزامنا بدء سماح محدود بإدخال المساعدات الإنسانية.
قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بأن الوضع في غزة “غير مقبول ولا يطاق”، مؤكدًا على ضرورة إيجاد حلول.
وفر سياق متصل اعتبر رئيس فنلندا ألكسندر ستوب أن التهجير القسري للغزيين هو جريمة حرب، داعيًا إسرائيل للوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
ومن جانبها أكدت وزيرة خارجية السويد ماريا مالمر ستينرغارد أن أي ضم للأراضي الفلسطينية يتعارض مع القانون الدولي، لافتة أن بلادها ترفض أي تغيير في مساحة غزة.
ومن جهته،أكد وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب أن إدخال حد أدنى من المساعدات يعد معيب وغير كاف مطالبا بالسماح بإدخال لإنهاء معاناة أهل غزة.
كما طالب رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا بضمان وصول المساعدات إلى غزة، وتحقيق وقف إطلاق النار، والإفراج عن المحتجزين، بينما دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى إنهاء الأزمة الإنسانية في غزة فورًا، والوقف عن استخدام الغذاء كسلاح سياسي.
تحذيرات أممية من تداعيات كارثية
وحذّر مكتب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أن التصعيد الإسرائيلي في غزة يجبر السكان على النزوح تحت القصف، مؤكدًا أن هذه الجهود “الواضحة” لإحداث تغيير ديموغرافي دائم في القطاع ترقى إلى مستوى التطهير العرقي.
وفي ذات الوقت، حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس من تزايد خطر المجاعة في غزة، حيث يعاني مليوني شخص من الجوع، بينما يتم احتجاز 116 ألف طن من الغذاء على الحدود.
البيانات ضجيج بلاطحن وغياب التنفيذ
وعلى الجانب الآخر يعلق الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي في حديثه لموقع نافذة الشرق :”إن البيانات الدولية التي تعرب عن القلق إزاء الوضع الإنساني المتردي في قطاع غزة المحاصر، والمطالبة بوصول المساعدات الإنسانية، تبقى مجرد “ضجيج بلا طحن” ما لم تصحبها إجراءات عملية وقانونية فعالة.
وتابع سلامة هذه البيانات، وإن كانت تعكس تمنيات وطموحات سياسية نبيلة، تظل قاصرة عن إحداث تغيير حقيقي على أرض الواقع ما دامت حبيسة أدراج المنظمات الدولية، غير مصحوبة بإرادة دولية حقيقية لإنفاذ القانون الدولي ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة.
المسؤولية الدولية غائبة
وحول دور ومسؤولية المجتمع الدولى يؤكد استاذ القانون الدولي: “إن مسؤولية المجتمع الدولي، ممثلاً بدوله ومنظماته، تتجاوز حدود إصدار البيانات الشكلية. فبموجب قواعد المسؤولية الدولية، يقع على عاتق الدول التزام قانوني باتخاذ تدابير مضادة فعالة لمواجهة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل بحق سكان غزة. لافتاً إلى أن هذه التدابير لا يجب أن تقتصر على مجرد الإدانة اللفظية، بل يتعين أن تتضمن خطوات عملية ملموسة، وعلى رأسها فرض جزاءات دولية شاملة تستهدف الضغط على إسرائيل لرفع الحصار غير القانوني والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
التقاعس عن تفعيل المساءلة القانونية يشجع على التمادى الاسرائيلي
وتابع بقوله :”إن التقاعس عن تفعيل آليات المساءلة الدولية يمثل إخلالاً صريحاً بالالتزامات القانونية للدول، ويشجع إسرائيل على التمادي في انتهاكاتها، ضاربة عرض الحائط بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. لقد آن الأوان للمجتمع الدولي أن يرتقي بمسؤولياته ويتجاوز مرحلة البيانات “غير الملزمة” إلى مرحلة الفعل القانوني المؤثر، فصرخات الاستغاثة من غزة تتطلب تحركاً دولياً حازماً لا يكتفي بسماع الضجيج، بل يسعى جاهداً لتحقيق العدل ورفع الظلم.