غرور باريس وانفجار تشيلسي: كيف قلب فخر لندن موازين نهائي مونديال الأندية؟

محمد صفوت

ساهم غرور ناصر الخليفي رئيس نادي باريس سان جيرمان في إلحاق الهزيمة الثلاثية الصريحة بفريقه إذ أكدت مصادرنا قبل المباراة النهائية بأن الخليفي كان يتحدث للاعبين قبل المباراة وكأنهم فازوا مقدما بالبطولة وأنهم ضمنوا مكافأت مالية ضخمة وساهم في تدليل ديمبيلي بتأكيده أنه يضمن له الفوز بالكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم من الآن ، وهو ما أنعكس سلبا على اللاعب وزملائه أثناء المباراة وظهر عليهم الثقة الزائدة التي جرعتهم هزيمة نكراء.
أما إنريكي فظهر متباهيا بنفسه بعد مباراة ريال مدريد وسخر من سؤال المحلل كلود ماكيليلي: كيف يمكن لأي شخص أن يوقف هذا الفريق؟
ليجيب إنريكي بتعليق ساخر: “لديك أطفال، أليس كذلك؟”.. وأكمل: “وهل أطفالك يتعبون من اللعب؟”
أستمرت “الأنا” العالية لدى المدرب بعد الهزيمة الثلاثية المهينة في النهائي ليقوم بالإمساك بالبرازيلي جواو بيدرو لاعب تشلسي من رقبته ثم دفعه اثناء المشاجرة التي حدثت بين الفريقين عقب نهاية المباراة وهو تصرف لا يدل على تمتع المدرب بالروح الرياضية ، وتنص مواد الإتحاد الدولي لكرة القدم على إمكانية معاقبة اللاعب أو المدرب بالإيقاف 3 مباريات كحد أدنى بسبب الاعتداء على المنافس باللكم أو الركل أو الضرب أو البصق أو النطح أو العض ، ولو تم إيقاف إنريكي كما هو متوقع فأنه سيغيب بصحبة جواو نيفيز المطرود خلال وقت المباراة عن مواجهة توتنهام في السوبر الأوروبي.
وبعد المباراة صرح جواو بيدرو تعقيبا عن هذه اللقطة “لا يعرفون كيف يخسرون” أما لويس إنريكي فقال “في نهاية المباراة، كان هناك موقف كان من الممكن تجنبه”.

أرقام سلبية لبطل اوروبا:
اللافت رقميا بأنه لم يتأخر باريس سان جيرمان بثلاثية نظيفة في الشوط الأول من المسابقات العالمية أو القارية منذ هزيمته على يد يوفنتوس برباعية في السوبر الأوروبي عام 1996 ، أيضا لم تستقبل شباك باريس سان جيرمان سوى هدف واحد في آخر 8 مباريات للفريق قبل مواجهة النهائي.

ترامب رئيس أميركا عاشق “اللقطة”:
في تصرف لا يليق ببرتوكول الرئاسة وخاصة على مستوى الدولة الأقوى عالميا الولايات المتحدة الأمريكية رفض دونالد ترامب مغادرة منصة التتويج وقرر الإحتفال مع لاعبي تشيلسي ، وطلب رئيس الفيفا من الرئيس الأمريكي ترامب مغادرة المنصة من أجل اعطاء لاعبي تشلسي فرصة الإحتفال باللقب، لكن عاشق الكاميرات والأموال رفض مصرًا على الإحتفال معهم في مشهد لم يحدث سابقا.

كول بالمر رجل المباريات الكبيرة:
في نهاية البطولة جمع كول بالمر بين جائزة رجل المباراة النهائية وجائزة أفضل لاعب في البطوله و لقب كأس العالم للأندية.
لاعب مان سيتي سابقا سدد في مناسبتين على المرمى وتحولا إلى هدفين، فيما سدد مثلهما خارج نطاق القائمين والعارضة وصنع الهدف الثالث الذي تسبب في وفاة امل باريس أكلينيكيا للعودة بالمباراة.
لمس نجم منتخب الأسود الثلاثة الكرة طوال المباراة النهائية 48 مرة مقدما 22 تمريرة بنسبة نجاح بلغت 81% ، كما أرسل كرة طولية واحدة ناجحة وقدم تمريرة مفتاحية واحدة أيضا،
ونال بالمر في ختام المباراة النهائية أعلى تقييم بين لاعبي الفريقين حينما منحته شبكة سوفا سكور 9.5 درجة من 10.
بالمر يستحق لقب “نجم النهائيات” لأنه سجل في نهائي السوبر الأوروبي كما صنع في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي فضلا عن تسجيله في نهائي اليورو مع منتخب بلاده إنجلترا ثم تجلى وتحلى في نهائي مونديال الأندية مسجلا هدفين وصانعا الثالث ، والمذهل إجمالا أنه تمكن من المساهمة في 7 أهداف خلال 6 نهائيات.
بات كول بالمر ثالث لاعب إنجليزي يسجل في نهائي مونديال الأندية بعد واين روني في نسخة 2008 وفيل فودين في 2023 ، وأصبح أول إنجليزي يسجل هدفين في نهائي البطولة وأضحى ثاني لاعبي الفريق المسمى بأسم “فخر لندن” مشاركة في 3 أهداف بإحدى المباريات النهائية بمختلف البطولات منذ موسم 2019/2018 حينما صنع البلجيكي إيدين هازارد نفس الإنجاز خلال نهائي الدوري الأوروبي.
عانى كول بالمر من تراجع كبير في مستواه خلال النصف الثاني من الدوري الأنكليزي الماضي فضلا عن اختفاء توهجه منذ يناير إلا في مباراة الدوري الأوروبي ضد ريال بيتيس وكان خارج دائرة الأداء المقنع خلال معظم مباريات تشيلسي في كأس العالم للأندية باستثناء مباراة النهائي.

ماريسكا أبدع وأقنع وأمتع بضربته التكتيكية القاضية:
فاجأ المدرب الإيطالي إنزو ماريسكا منافسه بتغيير تكتيكي كان أشبه بالضربة القاضية المربكة للمنافس حينما حول بالمر إلى جناح أيمن بدلا من وضعه أمام ثنائي الوسط الدفاعي في العمق ، وأضاف ريس جيمس لينضم كثلاثي دفاعي شرس ومساند لزميليه مويسيس كايسيدو وإنزو فيرنانديز.
بذلك أصبح وسط تشلسي هو الاقوى في الصراعات مع ثلاثي الوسط في العملاق الباريسي فضلا عن إيقاف إنطلاقات الظهير الأيسر البرتغالي نونو مينديز الشرس دفاعيا والمزعج هجوميا.
ارهق البلوز أبناء عاصمة النور بالضغط المكثف والعالي والتحولات القاتلة والأغرب أنه نفس السلاحين اللذان أستخدمهم أنريكي لقهر منافسيه في المباريات أمام الفرق الكبيرة خلال الموسم ومن قلة حيلة لاعبي بطل دوري ابطال اوروبا هتف مشجعين باريس خلال أحد دقائق الشوط الثاني “أولي” مع كل تمريرة يقوم بها تشيلسي بينما يعجز أبناء إنريكي باريس سان جيرمان عن استعادة الكرة.

لا شك في أن ماريسكا تمكن في غضون عام واحد فقط من تحويل تشلسي من فريق فاشل يصرف بجنون على صفقات متواضعة إلى فريق تكتيكي بلاعبين شباب وأصبح بطل المونديال في تحول أشبه بالخيال.
إنزو ماريسكا بات ثاني مدرب إيطالي يحصد كأس العالم للأندية بعد كارلو انشيلوتي.

ختامها “مسك” للحارس سانشيز:
توج روبرت سانشيز كأفضل حارس في كأس العالم للأندية لتألقه خلال المباريات الإقصائية وخاصة المباراة النهائية إذ تصدى لستة تصديدات صعبة جدا بين القائمين والعارضة من بطل اوروبا ولعب دورا بتمريرته الطويلة في تسجيل فريقه لهدف المباراة الافتتاحي.
خلال النسخة الأخيرة من الدوري الأنكليزي طالب جمهور البلوز علنا بالتعاقد مع حارس مرمى جديد بعد ارتكاب سانشيز أخطاء من العيار الثقيل لكنه استفاق في الوقت الحاسم من الموسم.

شهر تحقيق الاحلام:
شهر يوليو بمثابة شهر السعد للبرازيلي جواو بيدرو حينما سارت فيه الأمور معه بهذا السيناريو الخيالي في تتابعه:

  • 2 يوليو: تشيلسي تعاقد معه قادما من برايتون
  • 5 يوليو: يلعب أول مباراة مع تشيلسي
  • 8 يوليو: بيدرو يسجل لأول مرة مع تشيلسي محرزا ثنائية في نصف نهائي المونديال
  • 13 يوليو: يحقق أول بطولة رسمية في تاريخه وهي كأس العالم للأندية ويحرز هدفا في المباراة النهائية.

وقال الإعلامي المغربي القدير عبد الحي السباعي عن النهائي : “في ليلة كروية استثنائية جاء تتويج تشيلسي مستحقًا بعد أداء جماعي منظم، وانضباط تكتيكي عالٍ، وروح قتالية انعكست على مجريات اللقاء منذ بدايته وحتى صافرة النهاية ، منذ الدقائق الأولى، بدا واضحًا أن تشيلسي دخل المباراة بعقلية هجومية، حيث فرض ضغطًا عاليًا على لاعبي باريس سان جيرمان، مما أربك الفريق الفرنسي وقطع عنه الإمدادات الهجومية لينتهي الشوط الأول بتفوق واضح لتشيلسي … دخل باريس الشوط الثاني على أمل تقليص الفارق والعودة في اللقاء، لكن الفريق بدا متأثرًا نفسيًا بالثلاثية، وافتقد للتركيز في اللمسة الأخيرة برغم الاستحواذ النسبي على الكرة والفرص النادرة المفتقدة للخطورة في ظل تماسك دفاع تشيلسي الذي ظل صلبًا ومنظمًا ، في المقابل أدار تشيلسي مجريات اللعب بهدوء وثقة، معتمداً على تمريرات قصيرة واستحواذ آمن، دون الاندفاع نحو مرمى الخصم. وكاد أن يضيف هدفًا رابعًا في أكثر من مناسبة، لولا تألق دوناروما … الإنجاز يُحسب للمدرب إنزو ماريسكا، الذي نجح في توظيف المجموعة بشكل مثالي، وقيادة الفريق نحو المجد العالمي من خلال خلق منظومة متماسكة جمعت بين الانضباط التكتيكي والفعالية الهجومية”.

إنزو لا يخسر النهائيات:
اللافت رقميا أن الأرجنتيني إنزو فيرنانديز فاز بجميع النهائيات الدولية التي خاضها بمسيرته الإحترافية وهي :

  • كأس العالم للأندية
  • دوري المؤتمر الأوروبي
  • كوبا امريكا
  • كأس العالم
  • ريكوبا سودا امريكانا
  • كوبا سود امريكانا

و تحدث الكابتن أحمد عبد الفتاح لاعب الأهلي سابقا والمدرب العام السابق لنادي الهلال السوداني عن النهائي : “لو سألت أي شخص رياضي أو محلل أو متابع قبل النهائي عن النتيجة كانت التوقعات تقريبا بنسبة 90 بالمائة في صالح باريس سان جيرمان ، الفريق الباريسي قدم موسم رائع مع مدرب ممتاز بعد فوزهم بكل البطولات الثلاثية المحلية الدوري والكأس والسوبر فضلا عن دوري ابطال اوروبا وكان يحلم الفريق بالفوز بتلك البطولة بعد تحقيقهم نتائج كبيرة في البطولة واهم نتيجة بالطبع كانت الفوز الكبير برباعية نظيفة على ريال مدريد ، وذهبت التوقعات أدراج الرياح لأن تشلسي فريق كبير وعنيد ومدربهم درس باريس سان جيرمان ولعب على التحولات الهجومية والهجمات المرتدة وضغط على باريس سان جيرمان بقوة وفاز بنتيجة ثلاثية ساحقة ماحقة خلال الشوط الأول ، نسخة جميلة وقوية من كأس العالم للأندية في نسختها الأولى بالشكل الجديد ، هذا هو الجمال الحقيقي للمباراة النهائية لأنه يمكن أن تقوم ببطولة كبيرة ولكن لا يكون التوفيق لصالحك في خطوة النهاية وهذا سر الإثارة الكبيرة في مباراة النهائي”.

أرقام تشلسي قادته للمجد :
تشلسي وصل للإنتصار رقم 41 في موسم واحد لأول مرة في تاريخ النادي.
البلوز فازوا بكافة النهائيات الأوروبية الستة التي خاضوها منذ عام 2013 دون إحتساب كأس السوبر ، وسجلوا خلالها 16 هدفا فيما استقبلوا 4 فقط.
فخر لندن حصل على 125 مليون دولار بعد الفوز بكأس العالم للأندية كما سيتم وضع شعار البطوله على قميص النادي حتى النسخة القادمة.

عضو مجلس إدارة النادي المصري سابقا والإعلامي البورسعيدي المخضرم والناقد طارق هاشم أدلى برأيه في النهائي قائلا “المباراة النهائية كانت من طرف واحد ، تشلسي أستحوذ على المباراة كليا وبثلاثة أهداف في الشوط الأول وبالطبع هي مفاجأة كبيرة جدا ، فوز باريس سان جيرمان برباعية صريحة على ريال مدريد في نصف النهائي جعل الفريق الباريسي ينزل لمباراة تشلسي وهو ضامن الفوز قبل البداية ولم يحترموا تشلسي فنيا ولم يهتموا بدراستهم جيدا من الناحية الفنية ، ولذا خرج النهائي في شكل جميل جدا وغير متوقع لأنه جاء عكس التوقعات”.

تشيلسي هو النادي الوحيد في كرة القدم الذي حقق جميع الألقاب القارية والعالمية كالتالي :

  • دوري ابطال اوروبا
  • كأس العالم للأنديه بالنظام القديم
  • كأس العالم للأنديه بالنظام الجديد
  • السوبر الأوروبي
  • الدوري الأوروبي
  • دوري المؤتمر الأوروبي.

شُلت كل مفاتيح القوة الباريسية و تمت السيطرة كليا على الكتيبة الفرنسية من خلال المدفعية الانجليزية الثقيلة بقيادة قائد قوات المدفعية الزرقاء كول بالمر.
لا أجد ختام أفضل من التغريدة التي قام تود بويلي مالك تشلسي باعادة نشردها لمشجع البلوز: “اللعب ضد تشيلسي في النهائيات عندما لا يكونوا هم المرشحين للبطوله هو أكثر شيء مرعب في كرة القدم” ، وفعلا صدق لأن تشلسي فاز بلقب دوري ابطال اوروبا لأول مرة في تاريخه خلال موسم 2012/2011 حينما قهر بايرن ميونيخ برغم استضافة ملعب آليانز أرينا معقل العملاق البافاري للمباراة النهائية وحينها كانت كل الترشيحات تصب بالطبع في صالح صاحب الارض بايرن ميونيخ ، وبعدها بثلاثة عشر عاما أَذَلَّ البلوز منافسهم باريس سان جيرمان خلال نهائي كأس العالم للأندية في نسختها الأولى بشكلها الجديد ليؤكد فخر لندن مقولة “من رحم الغرور والاستهتار بالمنافس يولد الأمل ويصنع المستحيل”.