حوار حسن الشحات
في ظل حالة الإضطراب التي يشهدها الاقتصاد العالمي، ومع استمرار ارتفاع أسعار الذهب وتراجع قيمة العملات المحلية، يبحث المواطن المصري عن ملاذ آمن يحفظ أمواله من التآكل ، وبينما يتأرجح سعر الدولار وتتسع هوة الفجوة بين السوق المحلي والعالمي، تتداخل عوامل عدة تشكل المشهد الاقتصادي ، من بينها الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، وخروج رؤوس أموال عربية، أبرزها السورية، من السوق المصري.
في هذا السياق، التقت “نافذة الشرق” بالخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل والاستثمار ورئيس القسم بجامعة القاهرة د. حسن الصادي ، في حوار خاص تناول فيه العلاقة المتقلبة بين الدولار والذهب، وتداعيات الرسوم الأمريكية، إلى جانب تأثير خروج بعض المستثمرين السوريين على بنية الاقتصاد المحلي.
في ظل التغيرات العالمية الأخيرة، خاصة الرسوم الجمركية الأمريكية وتقلبات سعر الدولار… كيف ترى واقع الذهب في السوق المصري اليوم؟
إن تذبذب سعر الدولار يرجع إلى تذبذب سعر الذهب، وهناك علاقة عكسية بين الاثنين؛ فعند زيادة سعر الذهب يقل سعر الدولار والعكس صحيح
في نظرك، هل السوق المصري يطبق السعر العالمي بشكل عادل تجاه الصاغة والتجار؟
قد يبدو لأي شخص أنه عادل، لكن التعامل على الذهب في مصر ليس له علاقة حقيقية بالسوق العالمي، لأن هناك عوامل أخرى تتحكم في سعر الذهب المحلي منها سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، بجانب الضرائب والرسوم والجمارك المفروضة وأرباح الصاغة، وكذلك القوى الشرائية والطلب داخل السوق المصري.
الذهب يمثل ملاذا عموما للناس.. في ظل رؤيتك أنه ليس له علاقة مباشرة بالسوق العالمي؟
الذهب يمثل استثمارا، فالناس عموما فى خوف من تدهور سعر الجنيه المصري أكثر وأكثر ومن أجل دلك يلجؤون إلى ثلاث وسائل أساسية للاستثمار وحفظ قيمة أموالهم، وهي الذهب والعقارات والدولار / ويعتبر الذهب وسيلة آمنة للتخزين والاستثمار على المدى البعيد، بجانب سهولة بيعه مقارنة بالعقارات أو تحويل الأموال إلى الدولار في أوقات الأزمات.
من الأكثر فيهم إقبال الناس عليه للاستثمار؟
العقارات لها متخصصوها لأنها تحتاج إلى أموال ضخمة ورأس مال كبير وهناك كثير من المتخصصين فيها، وبالتالي يلجأ الكثيرون إلى الدولار أو الذهب، ويقوم البعض بشراء جرام أو اثنين أو أكثر وفقًا للسيولة المالية المتوفرة لديهم، فيتعاملون على الاثنين ليس باعتبارهم مستثمرين ولكن هروبًا من انهيار الجنيه المصري وخوفًا من المستقبل الاقتصادي غير المستقر، لذلك الذهب والدولار يعدان مخزنًا للقيمة بالنسبة للمواطنين العاديين وليس فقط للمستثمرين الكبار.
هل ترى حضرتك تأثير الرسوم الأمريكية على أسعار الأصول في مصر غير الذهب؟
الرسوم الأمريكية التي تم فرضها مؤخرًا من المفترض أن يكون تأثيرها إيجابيًا على الاقتصاد المصري وليس سلبيًا، لأنها تفتح المجال أمام الصادرات المصرية في الأسواق العالمية وخاصة السوق الأمريكي، مما يدعم الصناعة الوطنية ويحسن موارد الدولة من العملة الصعبة.
ولماذا يكون تأثير الرسوم إيجابيًا على مصر؟
لأن مصر ضمن فئة الدول التي تم فرض عليها رسوم جمركية بنسبة قليلة وهي عشرة بالمائة فقط، بينما هناك بعض الدول تم فرض رسوم عليها بنسبة ثلاثين بالمائة أو أكثر مثل الصين وغيرها، وهذا يخلق ميزة نسبية للمنتج المصري ويعطيه تنافسية عالية ويزيد من فرص دخوله السوق الأمريكي الذي يُعد من أكبر أسواق العالم الاستهلاكية.
ما مميزات ذلك على السوق المصري؟
الدول التي تم فرض رسوم جمركية عالية على منتجاتها لن تتمكن من تصدير منتجاتها للسوق الأمريكي مثل السابق، لكن مصر لديها ميزة كبيرة في التصدير للسوق الأمريكي، لأن المنتج المصري أيضًا له سمعة جيدة في الخارج حتى وإن تأثرت قليلًا في الفترات السابقة بسبب ارتفاع التكاليف وقيمة الدولار، لذلك ستساعد هذه الرسوم المنخفضة على عودة التنافسية للمنتجات المصرية مرة أخرى وفتح مجالات أوسع للمصانع المصرية والشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة لتحقيق أرباح والنهوض بالصناعة والتجارة معا.
هل هناك علاقة بين تحرير سوريا وعودة السوريين لمصر على الاقتصاد المصري؟
نعم، لأنه عند تحرير سوريا وعودة شعبها، قام كثير من أصحاب المصانع السوريين بفك مصانعهم من مصر والعودة بها إلى بلدهم، وهذا أثر بكل تأكيد على الاقتصاد المصري، لأن رؤوس أموال كبيرة خرجت من السوق المصري، بجانب غلق بعض الورش والمصانع الصغيرة المرتبطة بالصناعات السورية، وهذا خلق فراغًا في بعض الصناعات والأنشطة التجارية، لكنه أيضًا فتح المجال لمصريين آخرين لشغل هذه الأماكن رغم قلة الخبرة ونقص جودة المنتجات في بعض القطاعات التي كان يسيطر عليها السوريون سابقًا.