كتب ـ أحمد خالد
بعد إعلان كوريا الشمالية عن عودة أكثر من 12 قائدًا عسكريًا من روسيا، بينهم جنرالات بارزون، أصبح هناك سؤالًا طرح نفسه حول طبيعة دورها في الحرب الأوكرانية وانعكاسات ذلك على المفاوضات الجارية، ولماذا سحبت كوريا الشمالية قادتها فجأة من روسيا؟
كما تساءل البعض هل سحب كوريا الشمالية قادتها العسكريين من روسيا معناه إن دورها في الحرب الأوكرانية سيتراجع؟ وهل موسكو ليست في حاجة لوجودهم العسكري بعد سيطرتها على منطقة كورسك؟
أكد الدكتور رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، أن إعلان كوريا الشمالية عودة أكثر من 12 قائدا عسكريا بارزا من روسيا، من بينهم جنرالات، يعد تطورا لافتا يحمل رسائل سياسية متعددة، ويعكس حسابات دقيقة في مسار الحرب الأوكرانية والمفاوضات الجارية بشأن مستقبلها.
وأوضح أن هذه الخطوة لا تعني بالضرورة تراجع دور بيونج يانج في دعم موسكو، لكنها قد تشير إلى إعادة ترتيب للأدوار، خصوصا بعد أن تمكنت روسيا من تحقيق تقدم عسكري ملحوظ في بعض الجبهات مثل منطقة كورسك، وهو ما جعل الحاجة إلى وجود قيادات عسكرية أجنبية على الأرض أقل إلحاحا كما يمكن أن يكون الانسحاب مرتبطا برغبة روسيا في إظهار استقلالية قرارها العسكري أمام الغرب، بحيث لا تعطي انطباعا بأن الحرب تعتمد على دعم مباشر من حلفاء مثل كوريا الشمالية.
وأضاف فرحات أن هذه العودة قد تحمل أيضا رسائل تفاوضية غير مباشرة، سواء في إطار المفاوضات بين موسكو والغرب أو حتى في ضوء التحركات الجارية لفتح مسارات سلام مشروطة وربما تريد كوريا الشمالية أن تبقي نفسها في وضع يتيح لها المناورة، فلا تبدو منغمسة بشكل كامل في الصراع، وفي الوقت ذاته تحتفظ بعلاقاتها الاستراتيجية مع روسيا.
وفيما يتعلق بإمكانية وجود خلاف خفي بين موسكو وبيونج يانج، أشار فرحات إلى أن الأمر لا يبدو في سياق صدام أو خلاف، بل هو أقرب إلى تنسيق سياسي – عسكري يسمح لكل طرف بإدارة ملفاته الداخلية والخارجية دون ضغوط إضافية و بيونج يانج تدرك أن استمرار وجود قيادات عسكرية كبيرة في جبهات القتال قد يزيد من حدة المواجهة مع الغرب، خصوصا الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، وهو ما لا ترغب في إظهاره حاليا.
أما عن حجم المشاركة الفعلية للقوات الكورية الشمالية في الحرب الأوكرانية، أوضح فرحات أن المعلومات الدقيقة تظل محدودة بسبب الطابع السري لهذه الترتيبات، لكن المؤشرات المتاحة تؤكد أن الأعداد كانت رمزية ومحدودة للغاية، تتركز بالأساس في الخبراء والمستشارين العسكريين وبعض الوحدات الفنية، وليس قوات قتالية واسعة النطاق ومن المرجح أن بعض العناصر ما زالت موجودة في روسيا لدعم مهام محددة، بينما عودة القادة الكبار تعكس فقط تغييرا في مستوى الانخراط.
وأكد أستاذ العلوم السياسية على أن هذه الخطوة يجب أن تقرأ في إطار إدارة التحالفات الدولية بدقة، حيث تحرص كوريا الشمالية على استمرار تحالفها الاستراتيجي مع روسيا، دون أن تتحول إلى طرف مباشر في الحرب، في حين تسعى موسكو إلى توظيف هذا الدعم بشكل محسوب لا يضر بمسارات التفاوض الجارية وبالتالي، فإن الانسحاب ليس تراجعا بقدر ما هو إعادة تموضع تكتيكي يخدم الطرفين في هذه المرحلة الدقيقة.